بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلا الله محمد رسول الله
معنى الشهادتين
قولي: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله" يعني أعلم علما يقينيا أنه لا معبود بحق إلا الله وأعلم علما يقينيا أنه لا متبوع بحق إلا محمد. و لهما شروط و أركان.
فضائل الشهادتين
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَهْلًا، لِمَ تَبْكِي؟ فَوَاللهِ لَئِنْ اسْتُشْهِدْتُ لَأَشْهَدَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ شُفِّعْتُ لَأَشْفَعَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ اسْتَطَعْتُ لَأَنْفَعَنَّكَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلَّا حَدَّثْتُكُمُوهُ، إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا وَسَوْفَ أُحَدِّثُكُمُوهُ الْيَوْمَ، وَقَدِ اُحِيطَ بِنَفْسِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ النَّارَ» (صحيح مسلم)
وعن عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ "(مسلم)
شروط الشهادتين:
1- علم اليقين
قال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ( محمد 19)
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ ، قَالَ : فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ ، قَالَ : حَتَّى هَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ ، فَدَعَوْتَ اللَّهَ عَلَيْهَا ، قَالَ : فَفَعَلَ ، قَالَ : فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ ، وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ ، قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِدٌ : وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاهُ ، قُلْتُ : وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى ؟ قَالَ : كَانُوا يَمُصُّونَهُ وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ، قَالَ : فَدَعَا عَلَيْهَا حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ ، قَالَ : فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ : " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ " . (مسلم)
وبعض المؤلفين يذكرون العلم كشرط واليقين كشرط والصحيح ذكرهما مع بعض لأن العلم قد يكون صحيحا وقد يكون باطلا أما علم اليقين فهو العلم الصحيح الذي لا ريب فيه، الذي لو علمه المكثر من شهوات الدنيا لأصبح من المتقين قال تعالى: ألْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) التكاثر. والناس في علم اليقين على قسمين مؤمن وكافر وعلى مراتب عالم وجاهل. والمهم أن يعلم أنه لا معبود بحق إلا الله وأنه لا متبوع بحق إلا محمد.
2- قولهما بصدق وإخلاص:
عَنْ قَتَادَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنَ مَالِكٍ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ ، قَالَ : يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ، قَالَ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ، قَالَ : يَا مُعَاذُ ، قَالَ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلَاثًا ، قَالَ : " مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا ، قَالَ : إِذًا يَتَّكِلُوا " ، وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا .(بخاري)
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» ( معجم الكبير للطبراني)
3- قبول الإنقياد لما إقتدته هذه الشهادتين
إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37).
فملخص هذه الشروط تقتضي نفي الألوهية عما سوى الله وإثباتها لله تعالى بعلم وصدق وإخلاص مع قبول الإنقياد. ونفي الإتباعيَّة عما سوى رسول الله وإثباتها له بعلم وصدق وإخلاص مع قبول الإتباع . وهذا هو الشرط الأول من الإسلام "الإستسلام".
أركان الشهادتين:
قلت للشهادتين شروط وأركان لأنه:
أولا من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله بعلم وصدق وإخلاص وبقبول الإنقياد دخل الإسلام وصار مسلما ثم ينظر إلى عمله وصحة إيمانه فإن جحد شيئا من العبادات في الإسلام أو شيئا من الإيمانيات بعد بيان الحجج والأدلة أصبح حكمه حكم المرتد فلذلك هناك شروط وأركان. وأذكّر أن الشرط مثل الركن إلا أن الشرط خارج عن الماهية وأما الركن فهو منها، مثل النية، هي شرط لصحة الصلاة أما السجود فهو ركن في الصلاة وكلاهما شرط لصحة الصلاة. وكذلك في الشهادتين من قالهما بعلم وصدق وقبول دخل في الإسلام كالنية للصلاة، ثم ينظر إلى عبادته وإيمانه.
وثانيا لحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه عن حذيفة قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : " يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ ، لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا نُسُكٌ ، وَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ ، وَيَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ : الشَّيْخُ الْكَبِيرُ ، وَالْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ ، يَقُولُونَ : أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا " . فَقَالَ صِلَةُ : فَمَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا يَدْرُونَ مَا صِيَامٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا نُسُكٌ ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَدَّدَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا ، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ ، فَقَالَ : " يَا صِلَةُ ، تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ ، تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ ، تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ . قال الحاكم هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ . وهذا في أهل الفترة أي الذين لم تبلغهم الرسالة ولا الدعوة فهؤلاء إن قالوا لا إله إلا الله بصدق وإخلاص فإنها عسى أن تنجيهم من النار. وهذا دليل أن هناك شروط وأركان.
أما الأركان فهي:
1- العبادة
والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال، والأعمال الظاهرة والباطنة كالخوف، والخشية، والتوكل، والصلاة، والزكاة، والصيام، وغير ذلك من شرائع الإسلام.
وشروط قبولها :
أ) الإخلاص قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110).
ب) أن يعبد الله كما عبده رسوله: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي". (السنة لإبن أبي عاصم وقال الألباني إسناده صحيح رجاله ثقات على شرط مسلم.)
وأركانها :
أ) المحبة: قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) البقرة.
وقال تعالى :قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)
وبعض المؤلفين يذكرون هذا الشرط كشرط للشهادة وهذا خطأ لسببين :أولا: لأنه من تدبر الآيتين فإن الأولى لإتخاذ الأنداد أي كل ما يعبد ! من دون الله والثانية لكل من يُتبع من دون رسول الله. وثانيا لأنه ليس كل من دخل الإسلام يكون محبا لله ولرسول الله لأن ذلك من أعلى مراتب الإيمان ومن حلاوته وقال تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( الحجرات 14).
ب) الخوف من عذاب الله ورجاء رحمته: قال تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) السجدة.
والدعاء هو العبادة كما في الحديث.
2- الإيمان بكل ما أخبره الله في كتابه وبكل ما صح عن رسوله
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ( النساء 136)
ونواقض التوحيد متفرعة عن هذين الركنين.
وهذه الأركان هي الطاعة، أي الطاعة بالتصديق والعبادة وهذا هو الشرط الثاني للإسلام.
فبالخلاصة الإسلام له شرطين الإستسلام والطاعة وتفصيل الشرط الأول، الإستسلام، هو نفي الألوهية عما سوى الله وإثباتها لله تعالى بعلم وصدق وإخلاص مع قبول الإنقياد لأمر الله، ونفي الإتباعيَّة عما سوى رسول الله وإثباتها له بعلم وصدق وإخلاص مع قبول الإتباع. وتفصيل الشرط الثاني، الطاعة، فهو التصديق والعبادة.
والله أعلم. والحمد لله.
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك