09-23-2014, 01:00 AM
|
عضو مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 6,624
|
|
تأملات حاج
تأملات حاج
د أحمد الموسى
لكل زائر هاتيك البقاع والمعالم عند البيت الحرام ... عبر وتأملات في تجليات التوحيد ، واتقاد البصيرة والإلهام .. لنشهد منافع الوجود ، ونطوف ونسعى ونعفر الجباه بالسجود لمن أبدع هذا الوجود .
1- تأملات في الزمن
أما الزمان فهو ذلك المتحول مع دورات القمر المتجددة ، يحمل معه المواسم من فصل إلى فصل ، لتدور مواسمه على مدار الأيام والشهور القمرية ، من صيف إلى خريف ، فشتاء لطيف ، فربيع وخريف ، ونحن في الحج كل هذه الفصول المتحولة لانلبس إلا لباس الإحرام البسيط النظيف ..
فماذا لوكان الحج في شهر ثابت من شهور السنة الشمسية ؟؟
وإذا أحسسنا بنعمة الزمن المتحول الأرحم على الأجساد المتجردة من الخيط والمحيط ، فالأهم أن نحس بقيم الأشهر الحرم التي جعلها الله سبحانه وتعالى واحات أمن وأمان ومواسم للتدريب على نشر السلام .
إنها دورة على التحمل والتصبر والتعاون والتراحم . قال سبحانه وتعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ? ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ? فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ..)[التوبة :36].
ولأجل الحج ينضاف بعد رمضان مباشرة شهر شوال ، وهو من أشهر الحج وليس من الأشهر الحرم فتكون أشهر الحج ثلاثة : شوال وذا القعدة وذا الحجة .
أجل : ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) ، وهل النهي عن الظلم فيهن فقط ؟ أم هن محفزات تدعو كل مؤمن ومؤمنة إلى التخلي عن الظلم مدى الحياة لأن الظلم ظلمات يوم القيامة !!
فالحج حُجة على النظام العالمي ، فها هو ذا أكبر تجمع بشري من مختلف الأجناس والألوان والدول والأنظمة والتيارات ، يجتمع على الإيمان في بلد آمن ، هو أمرنا أن نجعله بأخلاقنا والتزاماتنا آمناً ، فكان كما أراد وأردنا .. ( أول بيت وضع للناس ) .. لاللعرب وحدهم ، ولالزمان دون زمان .. ( فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً ) آل عمران /97
قال الإمام الماوردي : ( العدل أقوى جيش ، والأمن أهنأ عيش ) .
2- تأملات في المكان
قبل آلاف السنين كان نبي الله إبراهيم عليه السلام يتردد مراراً ، قادماً من الشام إلى وادٍ غير ذي زرع بين مئات الجبال ، كما يفيدنا القرآن الكريم ، فلماذا يتجشم عناء هذه الرحلات الصحراوية إلى مجاهل الحجاز ؟ يقطع لذلك نحو خمسة آلاف كيلو متر ذهاباً وإياباً !!
في مرة يبحث عن أول بيت وضع للناس ببكة ، لعله يهتدي إلى مكان البيت الذي هو سُرة الكرة الأرضية كماقرره في أَخَرةٍ علماء الأرض ، وسط الجبال والأودية الفقراء .
وفي مرة أخرى يهتدي إلى المكان ، يرشده إليه من أوحى إليه وكلفه بالتشريع ، (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) الحج 26
وفي أخرى وبعد أن عرف مكان البيت ولم يكن يومئذٍ هناك حسيس ولاأنيس ، لابلدة ولاسكان ، لاأحد من العرب العاربة ولاالمستعربة ، دعا إبراهيم ربه : (رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) البقرة 126 . وهكذا جاء اسم الإشارة إلى (بَلَدَ) نكرة لم يكن موجوداً أصلاً . وسيوجد بأمر من ألهم إبراهيم هذا الدعاء .
فلما تحقق لإبراهيم مارجاه دعا ربه مستخدماً اسم الإشارة إلى ( البلد ) المعرف بأل التعريف . قال : (رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ) إبراهيم :35، وهنا أمره ربه سبحانه وتعالى : (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ ..) الحج 27 ، وهنا أيضاً ناجى إبراهيم مولاه : (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ) إبراهيم :37 . وما أكثر في هذا الدعاء من القيم والدلالات !!
3- تأملات في المناسك
لعل أبرز حِكم الحج قاطبة هو نيل الشرف بالاستجابة لدعوة إبراهيم ومحمد عليهما صلوات الله وسلامه : (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) الحج 27 ، فماجزاء من استجاب لدعوة هذين النبيين الكريمين ؟ ذلك مابشرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : (( مامن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإن الله ليدنو ثم يباهي بهم ملائكته ( رواه مسلم ).
وفي الحق أن الحج هو أوبة النفس المكدودة من أعباء الحياة إلى بساط الفطرة ، ونقاء السريرة ، في اللباس والمأكل والمشرب وتوسد صعيد عرفات ومزدلفة ومنى .
وفي السعي نترسم الحنان والبر والوفاء بالعهد ، تخليداً لمكانة الأم وتذكيراً بحنانها ، أسوة بهاجر أم إسماعيل عليهما السلام .
وفي كل منسك من المناسك عبرة واعتبار لمن حج واعتمر لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً
منقول للفائدة ....وشكرا ِِ
jHlghj ph[ ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|