|
02-09-2016, 07:05 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,532
|
|
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 147)
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 146)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=362567
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ
فِيهَا أَغَارَ إِسْتَرْخَانَ الْخَوَارِزْمِيُّ فِي جَيْشٍ مِنَ الْأَتْرَاكِ عَلَى نَاحِيَةِ أَرْمِينِيَّةَ , فَدَخَلُوا تَفْلِيسَ , وَقَتَلُوا خَلْقًا , وَأَسَرُوا كَثِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ , وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ : حَرْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّاوَنْدِيُّ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْحَرْبِيَّةُ بِبَغْدَادَ , وَكَانَ مُقِيمًا بِالْمَوْصِلِ فِي أَلْفَيْنِ لِمُقَابَلَةِ الْخَوَارِجِ
فَسَيَّرَهُ أَبو جَعْفَرَ لِمُسَاعِدَةِ الْمُسْلِمِينَ بِبِلَادِ أَرْمِينِيَّةَ
فَكَانَ فِي جَيْشِ جَبْرَئِيلَ بْنِ يَحْيَى , فَهُزِمَ جَبْرَئِيلُ , وَقُتِلَ حَرْبٌ , رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ مَهْلِكُ عَمِّ أَبي جَعْفَرَ , عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ , الَّذِي أَخَذَ الشَّامَ مِنْ أَيْدِي بَنِي أُمَيَّةَ , ثُمَّ كَانَ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ السَّفَّاحُ , فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ , فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبو جَعْفَرَ أَبَا مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيَّ , فَهَزَمَهُ , وَهَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى عِنْدِ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ بِالْبَصْرَةِ , فَاخْتَفَى عِنْدَهُ مُدَّةً , ثُمَّ ظَهَرَ أَبو جَعْفَرَ عَلَى أَمْرِهِ , فَاسْتَدْعَاهُ وَسَجَنَهُ , فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَمَ أَبو جَعْفَرَ عَلَى الْحَجِّ , فَطَلَبَ ابْنَ عَمِّهِ عِيسَى بْنَ مُوسَى - وَكَانَ وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِ أَبي جَعْفَرَ عَنْ وَصِيَّةِ السَّفَّاحِ - وَسَلَّمَ إِلَيْهِ عَمَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ , وَقَالَ لَهُ : إِنَّ هَذَا عَدُوِّي وَعَدُوُّكَ , فَاقْتُلْهُ فِي غَيْبَتِي عَنْكَ وَلَا تَتَوَانَ . ( دهاء سياسي )
وَسَارَ أَبو جَعْفَرَ إِلَى الْحَجِّ , وَجَعَلَ يَكْتُبُ إِلَيْهِ مِنَ الطَّرِيقِ يَسْتَحِثُّهُ فِي ذَلِكَ وَيَقُولُ لَهُ : مَاذَا صَنَعْتَ فِيمَا أَوْعَزْتُ إِلَيْكَ فِيهِ ؟ , مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ .
وَأَمَّا عِيسَى بْنُ مُوسَى , فَإِنَّهُ لَمَّا تَسَلَّمَ عَمَّهُ حَارَ فِي أَمْرِهِ , وَشَاوَرَ بَعْضَ أَهْلِهِ
فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ مِمَّنْ لَهُ رَأْيٌ أَنَّ الْمُصْلِحَةَ تَقْتَضِي أَنْ لَا تَقْتُلَهُ , وَأَخْفِهِ عِنْدَكَ , وَأَظْهِرْ قَتْلَهُ , فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يُطَالِبَكَ بِهِ جَهْرَةً , فَتَقُولَ : قَتَلْتُهُ . فَيَأْمُرُ أَبو جَعْفَرَ بِالْقَوَدِ ( القصاص ) فَتَدَّعِي أَنَّهُ أَمَرَكَ بِقَتْلِهِ فِي السِّرِّ , فَتَعْجِزُ عَنْ إِثْبَاتِ ذَلِكَ , فَيَقْتُلُكَ بِهِ , وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَبو جَعْفَرَ قَتْلَهُ وَقَتْلَكَ , لِيَسْتَرِيحَ مِنْكُمَا مَعًا .
فَتَبَصَّرَ عِيسَى بْنُ مُوسَى عِنْدَ ذَلِكَ , وَأَخْفَى عَمَّهُ , وَأَظْهَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ
فَلَمَّا رَجَعَ أَبو جَعْفَرَ مِنَ الْحَجِّ , أَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ وَيَشْفَعُوا فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ
فَجَاءُوا كُلُّهُمْ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ , وَشَفَعُوا فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ , وَأَلَحُّوا فِي ذَلِكَ
فَأَجَابَهُمْ أَبو جَعْفَرَ إِلَيْهِ , وَاسْتَدْعَى بعِيسَى بْنَ مُوسَى وَقَالَ لَهُ : إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ شَفَعُوا عَلَيَّ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ , وَقَدْ أَجَبْتُهُمْ إِلَى مَا طَلَبُوا , فَسَلِّمْهُ إِلَيْهِمْ .
فَقَالَ عِيسَى : وَأَيْنَ عَبْدُ اللَّهِ ؟ , ذَاكَ قَتَلْتُهُ مُنْذُ أَمَرْتَنِي .
فَقَالَ أَبو جَعْفَرَ : لَمْ آمُرْكَ بِذَلِكَ . وَجَحَدَ أَبو جَعْفَرَ أَنْ يَكُونَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ مِنْهُ أَمْرٌ فِي ذَلِكَ
فَأَحْضَرَ عِيسَى الْكُتُبَ بِاسْتِحْثَاثِهِ فِي ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ
فَأَنْكَرَ أَبو جَعْفَرَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ ذَلِكَ , وَصَمَّمَ عَلَى الْإِنْكَارِ
وَصَمَّمَ عِيسَى بْنُ مُوسَى أَنَّهُ قَدْ قَتَلَهُ
فَأَمَرَ أَبو جَعْفَرَ عِنْدَ ذَلِكَ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا بِعَبْدِ اللَّهِ بن علي
فَخَرَجَ بِهِ بَنُو هَاشِمٍ لِيَقْتُلُوهُ , فَلَمَّا جَاءُوا بِالسَّيْفِ قَالَ : رَدُّونِي إِلَى الْخَلِيفَةِ .
فَرَدُّوهُ إِلَيْهِ
فَقَالَ لَهُ : إِنَّ عَمَّكَ حَاضِرٌ , وَلَمْ أَقْتُلْهُ .
فَقَالَ : هَلُمَّ بِهِ .
فَأَحْضَرَهُ عِيسَى بْنُ مُوسَى
فَسُقِطَ فِي يَدِ الْخَلِيفَةِ , وَأَمَرَ بِسَجْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن علي فِي دَارٍ جُدْرَانُهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى مِلْحٍ , فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ , أُرْسِلَ عَلَى جُدْرَانِهَا الْمَاءُ , فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ فَهَلَكَ .
ثُمَّ إِنَّ أَبا جَعْفَرَ خَلَعَ عِيسَى بْنَ مُوسَى عَنْ وِلَايَةِ الْعَهْدِ , وَقَدَّمَ عَلَيْهِ ابْنَهُ الْمَهْدِيَّ , فَكَانَ يُجْلِسُهُ فَوْقَ عِيسَى عَنْ يَمِينِهِ , ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى , وَيُهِينُهُ فِي الْإِذْنِ وَالْمَشُورَةِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ , وَالْخُرُوجِ مِنْ عِنْدِهِ , بَعْدَمَا كَانَ حَظِيًّا عِنْدَهُ قَبْلَ ذَلِكَ جِدًّا , ثُمَّ مَا زَالَ يُقْصِيهِ وَيُبْعِدُهُ وَيَتَهَدَّدُهُ وَيَتَوَعَّدُهُ , حَتَّى خَلَعَ عِيسَى بْنُ مُوسَى نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ , وَبَايَعَ لِمُحَمَّدٍ المهدي بْنِ أَبي جَعْفَرَ
وَأَعْطَاهُ أَبو جَعْفَرَ عَلَى ذَلِكَ نَحْوًا مِنَ اثَّنَى عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ , وَانْصَلَحَ أَمْرُ عِيسَى بْنِ مُوسَى وَبَنِيهِ عِنْدَ أَبي جَعْفَرَ , وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ بَعْدَمَا كَانَ قَدْ أَعْرَضَ عَنْهُ , وَكَانَ قَدْ جَرَتْ بَيْنَهُمَا مُكَاتَبَاتٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا , وَمُرَاوَضَاتٌ فِي تَمْهِيدِ الْبَيْعَةِ لِابْنِهِ الْمَهْدِيِّ , وَخَلْعِ عِيسَى نَفْسَهُ , وَأَنَّ الْعَامَّةَ لَا يَعْدِلُونَ بِالْمَهْدِيِّ أَحَدًا , وَكَذَلِكَ الْأُمَرَاءُ وَالْخَوَاصُّ , وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَجَابَ إِلَى ذَلِكَ مُكْرَهًا , فَعَوَّضَهُ أَبو جَعْفَرَ عَنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا .
وَسَارَتْ بَيْعَةُ الْمَهْدِيِّ فِي الْآفَاقِ شَرْقًا وَغَرْبًا , وَبُعْدًا وَقُرْبًا
وَفَرِحَ أَبو جَعْفَرَ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا , وَاسْتَقَرَّتِ الْخِلَافَةُ فِي ذُرِّيَّتِهِ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا , فَلَمْ يَكُنْ خَلِيفَةٌ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَّا مِنْ سُلَالَتِهِ , ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ .
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|
|
|