06-06-2016, 06:46 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 377,285
|
|
على هذه الرواية بنى البخاري تأليف كتابه فقدم الحج على الصيام
قال الشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله في شرح بلوغ المرام:
حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان))[الحديث متفق عليه].
وأجمع المسلمون على أنه ركن من أركان الإسلام.
في حديث ابن عمر الرواية المتفق عليها في تقديم الحج على الصيام، وعلى هذه الرواية بنى البخاري تأليف كتابه فقدم الحج على الصيام ولعل ذلك لما جاء في الحج بخصوصه من النصوص الشديدة مما لم يأت نظيره في الصيام.
في آية آل عمران {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}[(97) سورة آل عمران]، ثم قال: {وَمَن كَفَرَ}هذا أمر عظيم {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} وجاء عن عمر وغيره أنهم يرسلون إلى عمالهم في الأقاليم أن ينظروا من كانت له جِدَة ولم يخرج فليفرضوا عليه الجزية، ما هم بمسلمين؟ ما هم بمسلمين، جاء مثل هذه النصوص التي تجعل بعض العلماء لا سيما الإمام البخاري يجعل الحج آكد من الصيام والرواية المتفق عليها بتقديم الحج على الصيام،
وفي صحيح مسلم من حديث ابن عمر بعض روايات الحديث عند مسلم قال: ((وصوم رمضان والحج)) فقدم الصيام على الحج،
فقال رجل: الحج وصوم رمضان،
فقال ابن عمر: لا، صوم رمضان والحج،
إنكار ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- على هذا المستدرك لا شك أنه مشكل مع أنه ثبت عن ابن عمر أنه قدم الحج على الصيام، يشكل عليك، كيف ترد عليه وقد ثبت عنك أنك قدمت الحج على الصيام، والحديث في الصحيحين،
فأهل العلم لهم كلام في السبب الذي من أجله رد ابن عمر على هذا المستدرك،
ومن ذلك ما قاله النووي -رحمه الله-، قال:
لعل ابن عمر روى الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على الوجهين، مرة بتقديم الحج ومرة بتقديم الصوم، فرواه كذلك على وجهين، ثم لما رد عليه هذا المستدرك أراد أن يؤدبه، فقال: لا تستدرك ولا تعترض بما لا علم لك به،
وهذا أسلوب من أساليب تربية بعض الطلاب الذين يتعجلون بحضور الأكابر، فيردون عليهم ويستدركون عليهم، يعني من السهل جداً أن تجد طالب صغير والشيخ يتكلم يقول: لا يا شيخ، كذا، أمر سهل جداً أن أتقدم بسؤال فإذا أجيب قال: لا يا شيخ الشيخ فلان يقول كذا، مثل هذا يحتاج إلى تأديب مثل تأديب ابن عمر لهذا المستدرك، وإلا فالحديث ثابت على الوجهين.
جوز النووي -رحمه الله تعالى- أن يكون ابن عمر يروي الحديث على الوجهين، ثم لما رواه بتقديم الصيام على الحج نسي الوجه الأول، الذي فيه تقديم الحج على الصيام فلما استدرك عليه المستدرك قال: لا، صوم رمضان والحج.
الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يرى أن هذا الاختلاف من الرواة عن ابن عمر، أو من الراوي عن ابن عمر وحنظلة، يقول إن نسبة الرواية بالمعنى إذا قيل أن ابن عمر يروي الحديث على وجه واحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لتقديم الصيام على الحج، بدليل أنه أنكره على الرجل الذي استدرك عليه، يقول ابن عمر يرويه هكذا جزماً ثم الراوي عنه رواه بالمعنى، فمرة قدم الحج ومرة قدم الصيام. ويقول: هذا التصرف ينسب إلى التابعي أولى من أن ينسب إلى الصحابي؟
افترضنا أن الراوي نسي فقدم وأخر، هل نسبة هذا النسيان للصحابي أولى من نسبته إلى التابعي أو العكس؟
يقول: إلى التابعي نسبته، نسبة هذا التقديم والتأخير إلى التابعي والرواية جائزة بالمعنى والعطف بالواو لا يقتضي الترتيب سواء قدم أو أخر ما يضر؛ بدليل أنه جاء في بعض الروايات تقديم الحج على الزكاة، فهل يقال أن عمر رواه على ثلاثة أوجه؟
على كل حال المسألة سهلة يعني، الصيام والحج كلاهما ركن من أركان الإسلام. وسواء قدم الحج على الصوم، والصوم على الحج فالأمر سهل، لكن عامة أهل العلم على تقديم الصيام على الحج، والبخاري رحمه الله تعالى اعتماداً على الرواية المتفق عليها قدم الحج على الصيام.
بالنسبة للأركان الخمسة الركن الأول: الشهادتان، من لم يأت بهما لم يدخل الإسلام أصلاً؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) فلا إسلام دون التلفظ بالشهادتين،
وأما بالنسبة للركن الثاني فجاء فيها النصوص الشديدة ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) أما من ترك أحد الأركان الخمسة جحوداً فهذا يكفر اتفاقاً، فالمسألة مفترضة من تركها تهاوناً وكسلاً لا جحوداً، وجاء في الصلاة ما يخصها من مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) ((بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) ولذا يفتي جمع من أهل التحقيق أن تارك الصلاة كافر، ولو اعترف بوجوبها وهذه رواية عند الإمام أحمد ينصرها شيخ الإسلام وابن القيم وجمع من أهل التحقيق، وهو المفتى به الآن.
ونقل اتفاق الصحابة على أنهم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، وأما بالنسبة لبقية الأركان الزكاة والحج والصيام فقيل بكفر تاركها، وهي رواية عن الإمام أحمد نصرها جمع من أصحابه وهي قول عند المالكية، ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان، والجمهور على عدم كفر تارك هذه الأركان مع الاعتراف بوجوبها، لكنه على خطر عظيم. أي بناء تهدمت أركانه لا يقال له شيء والركن جانب الشيء الأقوى، فإذا هدم أي ركن من أركانه يكاد أن يزول.
http://shkhudheir.com/scientific-lesson/33199417
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|