02-01-2016, 03:34 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 377,285
|
|
منهج {وأعدوا}
منهج {وأعدوا} (1/ 2)
عمار سليمان
إنَّ النَّاظر إلى واقع أمَّتنا يكاد ينفطِر قلبُه ممَّا وصلت إليه حال أمَّتنا اليوم؛ إذ إنَّها ذلَّت بعد عزَّة، وجهلت بعد علم، واجتمعتْ عليْها الأمم، فاستباحت أعْراضَها، ومزَّقت أشلاءَها، وأثارتِ النَّعرات بين أطْرافِها؛ لتترُكَها في مستنقع الجهْل، وتغرق في وحل اليأس والذل.
ومع كلِّ هذا الألم إذ إنَّه من القصور عرض المشكِلة فقط، بل لا بدَّ من طرْح الحلول والاستيقاظ من مرحلة النَّوم والخمول؛ ولكي تعود الأمة إلى أمْجادها لا بدَّ لها من العوْدة إلى القرآن، والسَّير على خطى الرَّحمن، واتِّباع سيرة وهدي النبي العدْنان، عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام.
نبدأ بعون الله:
قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [الأنفال:60].
الإعداد، هذه الكلمة التي لو تدبَّرناها لعلِمنا ما لَها من أهمِّية في حياة المسلِم كفرد، وما لها من أهمِّية على المسلمين كمجتمع؛ إذ إنَّ كلمة الإعداد كلمة عامَّة جامعة لجميع أصناف الإعداد، وهذا المجمل، وإليْك التَّفصيلَ:
نبدأ بتفسير العلامة السَّعدي، ومنه ننطلِق لنحلِّق في بحر هذه الكلِمة؛ لما لها من الأهمِّيَّة بمكان لحلِّ ما نحن فيه من ضعف وهوان، يقول - رحمه الله - في تفسير الآية: {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}؛ أي: كل ما تقدِرون عليه، من القوَّة العقليَّة والبدنيَّة، وأنواع الأسلحة ونحو ذلك، ممَّا يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصِّناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات، من المدافع، والرشَّاشات، والبنادق، والطيَّارات الجويَّة، والمراكب البريَّة والبحريَّة، والقلاع، والخنادق، وآلات الدفاع، والرَّأي والسياسة التي بها يتقدَّم المسلمون ويندفع عنهم به شرُّ أعدائهم، وتعلُّم الرَّمْي، والشَّجاعة والتدبير.
{وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}: وهذه العلَّة موجودة فيها في ذلك الزَّمان، وهي إرْهاب الأعداء، والحكم يدور مع علَّته، فإذا كان شيءٌ موْجودًا أكثر إرهابًا منها، كالسَّيَّارات البريَّة والهوائيَّة، المعدَّة للقتال التي تكون النكاية فيها أشدَّ، كانت مأمورًا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها، حتَّى إنَّها إذا لم توجد إلاَّ بتعلم الصناعة، وجب ذلك؛ لأنَّ ما لا يتم الواجب إلاَّ به، فهو واجب.
بعد هذا التفسير الماتع نذكُر ونفصِّل أنواع الإعداد ترتيبًا؛ لنربط كلَّ إعداد بالذي يليه.
- الإعداد العلمي.
- الإعداد الاعتقادي.
- الإعداد الإعلامي.
- الإعداد الاقتصادي.
- الإعداد النفسي.
- الإعداد السياسي.
- الإعداد العسكري.
الإعداد العلمي:
نبدأ بالإعداد العلمي: وهنا لا بدَّ من ذكر: لماذا ذكرت الإعداد العلمي قبل الاعتقادي؟
والجواب بكل بساطة: لأنه لا اعتقاد من دون علم، والدَّليل كما بوَّب البُخاريُّ: باب العلم قبل العمل، ما أرْوع هذا التأصيل! ولو لَم أذْكر غيرَه لكفى؛ ولهذا نبدأ بالتَّفصيل في هذه النقطة.
إن الأمَّة لن تضع لها قدمًا في ظل النِّظام العالمي الحديث إلا بالعلم والجهد والصَّبر على الطلب، وأنا أقولها وللأسف: نَحتاج إلى أطبَّاء ملتزمين، وكيميائيين متديِّنين، وعلماء مخلصين في شتَّى الميادين؛ ليكون الإعداد بكل ما تحمله كلمة الإعداد من معنى، ولنعطِ مثلاً للتقريب:
إذا الأمَّة هبَّت للإعداد العسكري، فلا بد لها من العلم في الأسلحة وخبراء سلاح؛ إذ إن الإعداد العلمي أصبح شريكًا للإعداد العسكري؛ لذلك واجب على كل مسلم أن يعد، كل في مجاله، وأن نضع على عاتقِنا تربية أولادِنا على هذا المفهوم؛ المعنى: أن أربي ابني ليصبح طبيبًا متديِّنًا وآخَر ليُفيد الأمَّة في المجال الزِّراعي؛ إذ إنه لا نستطيع الإعداد ونَحن لا نأْكُل إلا مِن أيدي الآخرين، وهكذا كما قال الشاعر:
العِلْمُ يَبْنِي بُيُوتًا لا عِمَادَ لَهَا وَالجَهْلُ يَهْدِمُ بَيْتَ العِزِّ وَالكَرَمِ
الإعداد الاعتقادي:
ننتقل إلى الإعداد الاعتقادي، وهنا لنذهب إلى إسرائيل، عندما صرَّح رئيس الوزراء السَّابق الحالي نتنياهو وقال: "وأخيرًا صوَّت الإسرائيليُّون للتوراة"، ولن ننسى ما صرَّح به بوش وأعاد إلى الأذهان مصطلح (هي حرب صليبيَّة).
يا مسلمون، أفيقوا هي حرب عقديَّة بحتة، وليست إيران عنَّا ببعيد، بعقيدة الإماميَّة الفاسدة، وعندما ذكر الشَّيخ أبو منتصر البلوشي على قناة المستقلَّة في (برنامج الحوار الصَّريح حول دعْوة الإمام المجدِّد محمَّد بن عبدالوهاب): أنَّه في مدينة قُم الإيرانيَّة يشتغلون على ثلاث شفتات لنشْر التشيُّع في كل العالم، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله!
ما واجِبنا؟
يجب أن نعدَّ أبناءَنا على الاعتقاد السَّليم لأهل السنَّة والجماعة، نربِّيهم على عقيدة التَّوحيد، وعلى عقيدة الولاء والبراء، وأن نجيِّش كلَّ طاقتنا لنعيد النَّاس إلى العقيدة السَّليمة، ولنعيد زمن البطولات زمن التَّضحيات، وكلّنا يعرف قصَّة سيدنا بلال وهو يردِّد: أحَد أحد، انظر إلى الاعتقاد الرَّاسخ الذي يفتِّت الجبال الشَّامخة؛ ولِهذا إخواني وجب عليْنا أن نُحْيي عقيدة التَّوحيد في قلوبِنا، ونبذل الغاليَ والنَّفيس لنشْرِها بالمال والنَّفس والوقت والجهد، بكل ما آتاني الرَّحمن من قُوى لنشْر هذا النور الَّذي - والله - سنُسْأل عنه يوم القيامة.
وأخيرًا وليس آخرًا، أدعو الله أن يَجعلَنا من جنود التَّوحيد، اللهم آمين.
الإعداد الإعلامي:
من أخطر الإعدادات الَّتي غفَل عنْها المسلِمون - للأسف - ولكن الحمد لله، هناك صحوة إعلاميَّة في هذا المجال، واستوْقفني خبرٌ قبل مدَّة أنَّ إسرائيل تَخاف من قناة المجْد وقناة النَّاس (جريدة المدينة)، هل وعَيْنا مدى خطر الإعلام؟ إذ إنَّ الصِّهيونيَّة تسيْطِر على إعلام العالم، وهنا لا بدَّ لنا أن نزيد الوعي بهذا الخطر، ونطوِّر البديل الإسلامي تحت مظلَّة الشَّريعة الربَّانيَّة، آه لو أنَّا نستغلّ السِّينما إسلاميًّا! ونربي أبناءنا على بطولات صلاح الدين وعدْل عمر بن عبدالعزيز ونشيد للأطفال أفلامًا كرتونية هادفة، تربي أطفالنا على الفضيلة لا على الرَّذيلة، وبهذا نزرع البذور لننتظر أن تثمر، ونَحن عليْنا الأسباب وعلى الرَّحمن النتائج.
يتبع.....
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|