|
07-07-2015, 12:04 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,634
|
|
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 79)
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 78)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...01#post2176201
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ
فِيهَا وَقَعَ طَاعُونٌ عَظِيمٌ بِالشَّامِ , حَتَّى كَادُوا يَفْنُونَ مَنْ شِدَّتِهُ , وَلَمْ يَغْزُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لِضَعْفِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ
وَوَصَلَتِ الرُّومُ فِيهَا أَنْطَاكِيَّةَ , فَأَصَابُوا خَلْقًا مِنْ أَهْلِهَا ; لِعِلْمِهِمْ بِضَعْفِ الْجُنُودِ وَالْمُقَاتِلَةِ .
وَفِيهَا قَتَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الْحَارِثَ بْنَ سَعِيدٍ الْمُتَنَبِّئَ الْكَذَّابَ
عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ : كَانَ الْحَارِثُ الْكَذَّابُ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ , وَكَانَ مَوْلًى لِأَبِي الْجُلَاسِ , وَكَانَ رَجُلًا مُتَعَبِّدًا زَاهِدًا , لَوْ لَبِسَ جُبَّةً مِنْ ذَهَبٍ لَرُئِيَتْ عَلَيْهِ الزَّهَادَةُ وَالْعِبَادَةُ , وَكَانَ إِذَا أَخَذَ فِي التَّحْمِيدِ لَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُونَ مِثْلَ تَحْمِيدِهِ , وَلَا أَحْسَنَ مِنْ كَلَامِهِ , فَعَرَضَ لَهُ إِبْلِيسُ , فَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ , وَكَانَ بِالْحُولَةِ ( بحيرة صغيرة قرب طبرية ): يَا أَبَتَاهُ , أَعْجِلْ عَلَيَّ , فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَشْيَاءَ أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْطَانُ قَدْ عَرَضَ لِي .
قَالَ : فَزَادَهُ أَبُوهُ غَيًّا عَلَى غَيِّهِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُوهُ : يَا بُنَيَّ , أَقْبِلْ عَلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ , فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } وَلَسْتَ بِأَفَّاكٍ وَلَا أَثِيمٍ , فَامْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ .
فَكَانَ يَجِيءُ إِلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ رَجُلًا رَجُلًا فُيُذَاكِرُهُمْ أَمْرَهُ , وَيَأْخُذُ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ , إِنْ هُوَ يَرَى مَا يَرْضَى قَبِلَ ، وَإِلَّا كَتَمَ عَلَيْهِ .
قَالَ : وَكَانَ يُرِيهِمُ الْأَعَاجِيبَ ; كَانَ يَأْتِي إِلَى رُخَامَةٍ فِي الْمَسْجِدِ , فَيَنْقُرُهَا بِيَدِهِ ، فَتُسَبِّحُ تَسْبِيحًا بَلِيغًا , حَتَّى يَضِجَّ مِنْ ذَلِكَ الْحَاضِرُونَ .
وَكَانَ الْحَارِثُ يُطْعِمُهُمْ فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ , وَفَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ
وَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ : اخْرُجُوا حَتَّى أُرِيَكُمُ الْمَلَائِكَةَ . فَيَخْرُجُ بِهِمْ إِلَى دَيْرِ الْمُرَّانِ , فَيُرِيهِمْ رِجَالًا عَلَى خَيْلٍ .
فَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ بِشْرٌ كَثِيرٌ , وَفَشَا أَمَرُهُ فِي الْمَسْجِدِ , وَكَثُرَ أَصْحَابُهُ وَأَتْبَاعُهُ , حَتَّى وَصَلَ الْأَمْرُ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ , فَعَرَضَ عَلَى الْقَاسِمِ أَمْرَهُ , وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ ; إِنْ هُوَ رَضِيَ أَمْرًا قَبِلَهُ , وَإِنْ كَرِهَهُ كَتَمَهُ عَلَيْهِ . فَقَالَ لَهُ : إِنِّي نَبِيٌّ .
فَقَالَ الْقَاسِمُ : كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ , مَا أَنْتَ نَبِيٌّ , وَلَكِنَّكَ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ الدَّجَّالِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلَاثُونَ , دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ , كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ» , وَأَنْتَ أَحَدُهُمْ , وَلَا عَهْدَ لَكَ . ثُمَّ قَامَ الْقَاسِمُ بْن مُخَيْمِرَةَ فَخَرَجَ إِلَى أَبِي إِدْرِيسَ - وَكَانَ عَلَى الْقَضَاءِ بِدِمَشْقَ - فَأَعْلَمَهُ بِمَا سَمِعَ مِنَ الْحَارِثِ
فَقَالَ أَبُو إِدْرِيسَ : نَعْرِفُهُ . ثُمَّ أَعْلَمَ أَبُو إِدْرِيسَ عَبْدَ الْمَلِكِ بِذَلِكَ .
فَتَطَلَّبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ طَلَبًا حَثِيثًا
وَاخْتَفَى الْحَارِثُ , وَصَارَ إِلَى دَارٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ , يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ سِرًّا
وَاهْتَمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بِشَأْنِهِ , حَتَّى رَكِبَ إِلَى الصِّنَّبْرَةِ فَنَزَلَهَا
فَوَرَدَ عَلَيْهِ هُنَاكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ , مِمَّنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْحَارِثِ وَهُوَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ , فَأَعْلَمَهُ بِأَمْرِهِ وَأَيْنَ هُوَ , وَسَأَلَ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُ بِطَائِفَةٍ مِنَ الْجُنْدِ الْأَتْرَاكِ لِيَحْتَاطَ عَلَيْهِ
فَأَرْسَلَ مَعَهُ طَائِفَةً , وَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى نَائِبِ الْقُدْسِ لِيَكُونَ فِي طَاعَةِ هَذَا الرَّجُلِ , وَيَفْعَلَ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ
فَلَمَّا وَصَلَ الرَّجُلُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِمَنْ مَعَهُ ، انْتَدَبَ نَائِبُ الْقُدْسِ لِخِدْمَتِهِ
فَأَمْرَهُ البصري أَنْ يَجْمَعَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الشُّمُوعِ , وَيَجْعَلُ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ شَمْعَةً , فَإِذَا أَمَرَهُمْ بِإِشْعَالِهَا فِي اللَّيْلِ ، أَشْعَلُوهَا كُلُّهُمْ فِي سَائِرِ الطُّرُقِ وَالْأَزِقَّةِ , حَتَّى لَا يَخْفَى أَمْرُهُ
وَذَهَبَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ فَدَخَلَ الدَّارَ الَّتِي فِيهَا الْحَارِثُ , فَقَالَ لِبَوَّابِهِ : اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ .
فَقَالَ : فِي هَذِهِ السَّاعَةِ لَا يُؤْذَنُ عَلَيْهِ حَتَّى يُصْبِحَ .
فَصَاحَ الْبَصْرِيُّ : أَسْرِجُوا .
فَأَسْرَجَ النَّاسُ شُمُوعَهُمْ حَتَّى صَارَ اللَّيْلُ كَأَنَّهُ النَّهَارُ , وَهَجَمَ الْبَصْرِيُّ عَلَى الْحَارِثِ
فَاخْتَفَى مِنْهُ فِي سِرْبٍ هُنَاكَ
فَقَالَ أَصْحَابُهُ : هَيْهَاتَ , تُرِيدُونَ أَنْ تَصِلُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ , إِنَّهُ قَدْ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ .
قَالَ : فَأَدْخَلَ الْبَصْرِيُّ يَدَهُ فِي ذَلِكَ السِّرْبِ فَإِذَا بِثَوْبِهِ , فَاجْتَرَّهُ فَأَخْرَجَهُ , ثُمَّ قَالَ لِلْفَرْغَانِيِّينَ مِنْ أَتْرَاكِ الْخَلِيفَةِ : تَسَلَّمُوا .
قَالَ : فَأَخَذُوهُ فَرَبَطُوهُ فَقَيَّدُوهُ , فَيُقَالُ : إِنَّ الْقُيُودَ سَقَطَتْ مِنْ عُنُقِهِ مِرَارًا , وَيُعِيدُونَهَا , وَجَعَلَ يَقْرَأُ : { قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } سبأ : 50 , وَقَالَ لِأُولَئِكَ الْأَتْرَاكِ : { أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ } غافر : 28 ( انظر كيف يستخدم الدجالون كلام الله ليوهموا الناس أنهم على حق )
فَقَالُوا لَهُ بِلِسَانِهِمْ وَلُغَتِهِمْ : هَذَا كُرَانُنَا فَهَاتِ كُرَانَكَ . أَيْ : هَذَا قُرْآنُنَا فَهَاتِ قُرْآنَكَ .
فَلَمَّا انْتَهَوْا بِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ ، أَمَرَ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ أَنْ يَعِظُوهُ وَيُعْلِمُوهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي بِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ
فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ
فَأَمَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِصَلْبِهِ عَلَى خَشَبَةٍ , وَأَمَرَ رَجُلًا فَطَعَنَهُ بِحَرْبَةٍ , فَانْثَنَتْ فِي ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِهِ
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ : وَيْحَكَ , أَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ حِينَ طَعَنْتَهُ ؟
فَقَالَ : نَسِيتُ .
فَقَالَ : وَيْحَكَ , سَمِّ اللَّهَ , ثُمَّ اطْعَنْهُ .
فَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ طَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ .
وَفِيهَا غَزَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ رُتْبِيلَ , مَلِكَ التُّرْكِ الْأَعْظَمَ فِيهِمْ ( أبو بكْرة هو نفيع بن الحارث الثقفي صاحب النبي صصص )
وَقَدْ كَانَ رُتْبِيلُ هذا يُصَانِعُ ( يجامل ) الْمُسْلِمِينَ تَارَةً , وَيَتَمَرَّدُ أُخْرَى
فَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَنْ نَاجِزْهُ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَسْتَبِيحَ أَرْضَهُ , وَتَهْدِمَ قِلَاعَهُ , وَتَقْتُلَ مُقَاتِلَتَهُ .
فَخَرَجَ فِي جَمْعٍ مِنَ الْجُنُودِ مِنْ بِلَادِهِ ( سجستان ، واليوم اسمها : سِستان ) وَخَلْقٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ , ثُمَّ الْتَقَى مَعَ رُتْبِيلَ مَلِكِ التُّرْكِ فَكَسَرَهُ , وَهَدَمَ أَرْكَانَهُ , وَجَاسَ ابْنُ أَبِي بَكْرَةَ وَجُنْدُهُ خِلَالَ دِيَارِهِمْ , وَاسْتَحْوَذَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَقَالِيمِهِ وَمُدُنِهِ وَأَمْصَارِهِ , وَتَبَّرَ مَا هُنَالِكَ تَتْبِيرًا
ثُمَّ إِنَّ رُتْبِيلَ تَقَهْقَرَ مِنْهُ مُنْشَمِرًا , وَمَا زَالَ يَتْبَعُهُ ابْنُ أَبِي بَكْرَةَ حَتَّى اقْتَرَبَ مِنْ مَدِينَتِهِ الْعُظْمَى , حَتَّى كَانُوا مِنْهَا عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَرْسَخًا
وَخَافَتِ الْأَتْرَاكُ مِنْهُمْ خَوْفًا شَدِيدًا , ثُمَّ إِنَّ التُّرْكَ أَخَذَتْ عَلَى المسلمين الطُّرُقَ وَالشِّعَابَ , وَضَيَّقُوا عَلَيْهِمُ الْمَسَالِكَ
حَتَّى ظَنَّ كُلٌّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا مَحَالَةَ هَالِكٌ
فَعِنْدَ ذَلِكَ طَلَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْ يُصَالِحَ رُتْبِيلَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ سَبْعَمِائَةِ أَلْفٍ , وَيَفْتَحُوا لِلْمُسْلِمِينَ طَرِيقًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ , وَيَرْجِعُونَ عَنْهُمْ إِلَى بِلَادِهِمْ
فَانْتَدَبَ شُرَيْحَ بْنَ هَانِئٍ الْحَارِثِيَّ - وَكَانَ صَحَابِيًّا , وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ أَصْحَابِ عَلَيٍّ , وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ - فَنَدَبَ النَّاسَ إِلَى الْقِتَالِ وَالْمُصَابَرَةِ , وَالنِّزَالِ وَالْجِلَادِ بِالسُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ وَالنِّبَالِ
فَنَهَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ
فَلَمْ يَنْتَهِ
وَأَجَابَهُ شِرْذِمَةٌ مِنَ النَّاسِ مِنَ الشُّجْعَانِ وَأَهْلِ الْحَفَائِظِ
فَمَا زَالَ شُرَيْحٌ يُقَاتِلُ بِهِمِ التَّرْكَ حَتَّى فَنِيَ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ
وَقِيلَ : إِنَّهُ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ ثَلَاثُونَ أَلْفًا , وَابْتِيعَ الرَّغِيفُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ بِدِينَارٍ , وَقَاسَوْا شَدَائِدَ , وَمَاتَ بِسَبَبِ الْجُوعِ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ أَيْضًا , فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]
وَقَدْ قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ التُّرْكِ خَلْقًا كَثِيرًا أَيْضًا , قَتَلُوا أَضْعَافَهَمْ .
ثُمَّ خَرَجَ مَنْ خَرَجَ مِنَ النَّاسِ صُحْبَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ مِنْ أَرْضِ رُتْبِيلَ , وَهُمْ قَلِيلٌ .
وَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَجَّاجَ , فَأَخْذَهُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ , وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ , وَيَسْتَشِيرُهُ فِي بَعْثِ جَيْشٍ كَثِيفٍ إِلَى بِلَادِ رُتْبِيلَ ; لِيَنْتَقِمُوا مِنْهُ بِسَبَبِ مَا حَلَّ بِالْمُسْلِمِينَ فِي بِلَادِهِ
فَحِينَ وَصَلَ الْبَرِيدُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ ، كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ بِالْمُوَافَقَةِ عَلَى مَا رَأَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ , وَأَنْ يُعَجِّلَ ذَلِكَ سَرِيعًا
فَحِينَ وَصَلَ الْبَرِيدُ إِلَى الْحَجَّاجِ بِذَلِكَ ، أَخَذَ فِي جَمْعِ الْجُيُوشِ , فَجَهَّزَ جَيْشًا كَثِيفًا لِذَلِكَ , عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا .
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ .
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ قَطَرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ التَّمِيمِيُّ , أَبُو نَعَامَةَ الْخَارِجِيُّ
وَيُقَالُ : إِنَّهُ مَكَثَ عِشْرِينَ سَنَةً يُسَلِّمُ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ بِالْخِلَافَةِ
وَكَانَ خُرُوجُهُ فِي زَمَنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ , وَتَغَلَّبَ عَلَى قِلَاعٍ كَثِيرَةٍ وَأَقَالِيمَ وَغَيْرِهَا , وَوَقَائِعُهُ مَشْهُورَةٌ
وَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ جُيُوشًا كَثِيرَةً ، فَهَزَمَهَا .
ثُمَّ إِنَّهُ فِي آخِرِ أَمْرِهِ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ بْنُ الْأَبْرَدِ الْكَلْبِيُّ فِي جَيْشٍ , فَاقْتَتَلُوا بِطَبَرِسْتَانَ , فَعَثَرَ بِقَطَرِيٍّ فَرَسُهُ فَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ , فَتَكَاثَرُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ , وَحَمَلُوا رَأْسَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَهُوَ أَمِيرُ الْجَيْشِ الَّذِي دَخَلَ بِلَادَ التُّرْكِ , وَقَاتَلُوا رُتْبِيلَ مَلِكَ التُّرْكِ , وَقَدْ قُتِلَ مِنْ جَيْشِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مَعَ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ .
وَقَدْ دَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ عَلَى الْحَجَّاجِ مَرَّةً وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ
فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : كَمْ خَتَمْتَ بِخَاتَمِكَ هَذَا ؟
قَالَ : عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ .
قَالَ : فَفِيمَ أَنْفَقْتَهَا ؟
قَالَ : فِي اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ , وَرَدِّ الْمَلْهُوفِ , وَالْمُكَافَأَةِ بِالصَّنَائِعِ , وَتَزْوِيجِ الْعَقَائِلِ .
تُوُفِّيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ بِبُسْتَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|
|
|