|
08-20-2015, 06:10 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,634
|
|
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 93)
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 92)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=355354
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ
فِيهَا افْتَتَحَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حُصُونًا كَثِيرَةً مِنْ بِلَادِ الرُّومِ , مِنْهَا : حِصْنُ الْحَدِيدِ , وَغَزَالَةُ , وَمَاسَةُ , وَغَيْرُ ذَلِكَ .
وَفِيهَا غَزَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْن عَبْدِ الْمَلِكِ , فَفَتَحَ سَبَسْطِيَةَ .
وَفِيهَا غَزَا مَرْوَانُ بْنُ الْوَلِيدِ بْن عَبْدِ الْمَلِكِ الرُّومَ حَتَّى بَلَغَ خَنْجَرَةَ .
وَفِيهَا كَتَبَ خَوَارِزْمُ شَاهْ إِلَى قُتَيْبَةَ يَدْعُوهُ إِلَى الصُّلْحِ , وَأَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ بِلَادِهِ مَدَائِنَ , وَأَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ أَمْوَالًا وَرَقِيقًا كَثِيرًا عَلَى أَنْ يُقَاتِلَ أَخَاهُ وَيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِ , فَإِنَّهُ قَدْ أَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ ، وَبَغَى عَلَى النَّاسِ وَعَسَفَهُمْ
وَكَانَ أَخُوهُ هَذَا لَا يَسْمَعُ بِشَيْءٍ حَسَنٍ عِنْدَ أَحَدٍ إِلَّا بَعَثَ إِلَيْهِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ , سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ نِسَاءً أَوْ صِبْيَانًا أَوْ دَوَابَّ أَوْ غَيْرَهُ
فَأَقْبَلَ قُتَيْبَةُ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي الْجُيُوشِ
فَسَلَّمَ إِلَيْهِ خَوَارِزْمُ شَاهْ مَا صَالَحَهُ عَلَيْهِ
وَبَعَثَ قُتَيْبَةُ إِلَى بِلَادِ أَخِي خَوَارِزْمَ شَاهْ جَيْشًا , فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا ، وَأَسَرُوا أَخَاهُ وَمَعَهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ أَسِيرٍ , فَدَفَعَ أَخَاهُ إِلَيْهِ , وَأَمَرَ قُتَيْبَةُ بِالْأُسَارَى فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ بِحَضْرَتِهِ , قَتَلَ أَلْفًا بَيْنَ يَدَيْهِ , وَأَلْفًا عَنْ يَمِينِهِ , وَأَلْفًا عَنْ شِمَالِهِ , وَأَلْفًا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ , لِيُرْهِبَ بِذَلِكَ الْأَعْدَاءَ مِنَ الْأَتْرَاكِ وَغَيْرِهِمْ .
فَتْحُ سَمَرْقَنْدَ
وَذَلِكَ أَنَّ قُتَيْبَةَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ , وَعَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى بِلَادِهِ , قَالَ لَهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ : إِنَّ أَهْلَ الصُّغْدِ قَدْ أَمِنُوكَ عَامَكَ هَذَا , فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَعْدِلَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ , فَإِنَّكَ مَتَى فَعَلْتَ ذَلِكَ أَخَذْتَهَا إِنْ كُنْتَ تُرِيدُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ .
فَقَالَ قُتَيْبَةُ لِذَلِكَ الْأَمِيرِ : هَلْ قُلْتَ هَذَا لِأَحَدٍ ؟ , قَالَ : لَا .
قَالَ : فَلَئِنْ يَسْمَعْهُ مِنْكَ أَحَدٌ أَضْرِبْ عُنُقَكَ , ثُمَّ بَعَثَ قُتَيْبَةُ أَخَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُسْلِمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا
فَسَبَقَهُ إِلَى سَمَرْقَنْدَ
وَلَحِقَهُ قُتَيْبَةُ فِي بَقِيَّةِ الْجَيْشِ
فَلَمَّا سَمِعَتِ الْأَتْرَاكُ بِقُدُومِهِمْ إِلَيْهِمُ انْتَخَبُوا مِنْ بَيْنِهِمْ كُلَّ شَدِيدِ السَّطْوَةِ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ , وَأَمَرُوهُمْ أَنْ يَسِيرُوا إِلَى قُتَيْبَةَ فِي اللَّيْلِ , فَيَكْبِسُوا جَيْشَ الْمُسْلِمِينَ
وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ إِلَى قُتَيْبَةَ بِذَلِكَ , فَجَرَّدَ أَخَاهُ صَالِحًا فِي سِتِّمِائَةِ فَارِسٍ مِنَ الْأَبْطَالِ الَّذِينَ لَا يُطَاقُونَ , وَقَالَ : خُذُوا عَلَيْهِمُ الطَّرِيقَ .
فَسَارُوا فَوَقَفُوا لَهُمْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ , وَتَفَرَّقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ , فَلَمَّا اجْتَازُوا بِهِمْ فِي اللَّيْلِ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ بِأَمْرِهِمْ ثَارُوا عَلَيْهِمْ , فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَإِيَّاهُمْ , فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْ أُولَئِكَ الْأَتْرَاكِ إِلَّا النَّفَرُ الْيَسِيرُ , وَاحْتَزُّوا رُءُوسَهُمْ , وَغَنِمُوا مَا كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْأَسْلِحَةِ الْمُحَلَّاةِ بِالذَّهَبِ وَالْأَمْتِعَةِ .
وَقَالَ بَعْضُ أُولَئِكَ الْأَتْرَاكِ لجنود قتيبة : تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ لَمْ تَقْتُلُوا فِي مَقَامِكُمْ هَذَا إِلَّا ابْنَ مَلِكٍ , أَوْ بَطَلًا مِنَ الْأَبْطَالِ الْمَعْدُودِينَ بِمِائَةِ فَارِسٍ , أَوْ بِأَلْفِ فَارِسٍ
فَنَفَّلَهُمْ قُتَيْبَةُ ( منح القوات الخاصة التي نفذت المهمة ) جَمِيعَ مَا غَنِمُوهُ مِنْهُمْ مِنْ ذَهَبٍ وَسِلَاحٍ .
وَاقْتَرَبَ قُتَيْبَةُ مِنَ الْمَدِينَةِ الْعُظْمَى الَّتِي بِالصُّغْدِ , وَهِيَ سَمَرْقَنْدُ , فَنَصَبَ عَلَيْهَا الْمَجَانِيقَ , فَرَمَاهَا بِهَا , وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُقَاتِلُهُمْ لَا يُقْلِعُ عَنْهُمْ
وَنَاصَحَهُ ( أعانه ) مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بُخَارَى وَخَوَارِزْمَ , فَقَاتَلُوا أَهْلَ الصُّغْدِ قِتَالًا شَدِيدًا .
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ غَوْزَكُ مَلِكُ الصُّغْدِ : إِنَّمَا تُقَاتِلُنِي بِإِخْوَتِي وَأَهْلِ بَيْتِي , فَأَخْرِجْ إِلَيَّ الْعَرَبَ .
فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ قُتَيْبَةُ , وَمَيَّزَ الْعَرَبَ مِنَ الْعَجَمِ , وَأَمَرَ الْعَجَمَ بِاعْتِزَالِهِمْ , وَقَدَّمَ الشُّجْعَانَ مِنَ الْعَرَبِ , وَأَعْطَاهُمْ جَيِّدَ السِّلَاحِ , وَانْتَزَعَهُ مِنْ أَيْدِي الْجُبَنَاءِ , وَزَحَفَ بِالْأَبْطَالِ عَلَى الْمَدِينَةِ , وَرَمَاهَا بِالْمَجَانِيقِ , فَثَلَمَ فِيهَا ثُلْمَةً
فَسَدَّهَا التُّرْكُ بِغَرَائِرِ الدُّخْنِ , وَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَوْقَهَا , فَجَعَلَ يَشْتُمُ قُتَيْبَةَ
فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِسَهْمٍ فَقَلَعَ عَيْنَهُ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ قَفَاهُ , فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ قَبَّحَهُ اللَّهُ
فَأَعْطَى قُتَيْبَةُ الَّذِي رَمَاهُ عَشَرَةَ آلَافٍ , ثُمَّ دَخَلَ اللَّيْلُ , فَلَمَّا أَصْبَحُوا رَمَاهُمْ بِالْمَجَانِيقِ ، فَثَلَمَ أَيْضًا ثُلْمَةً , وَصَعِدَ الْمُسْلِمُونَ فَوْقَهَا , وَتَرَامَوْا هُمْ وَأَهْلُ الْبَلَدِ بِالنُّشَّابِ
فَقَالَتِ التَّرْكُ لِقُتَيْبَةَ : ارْجِعْ عَنَّا يَوْمَكَ هَذَا , وَنَحْنُ نُصَالِحُكَ غَدًا .
فَرَجَعَ عَنْهُمْ , وَصَالَحُوهُ مِنَ الْغَدِ عَلَى أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَةِ أَلْفٍ يَحْمِلُونَهَا إِلَيْهِ فِي كُلِّ عَامٍ
وَعَلَى أَنْ يُعْطُوهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ثَلَاثِينَ أَلْفَ رَأْسٍ مِنَ الرَّقِيقِ , لَيْسَ فِيهِمْ صَغِيرٌ وَلَا شَيْخٌ وَلَا عَيْبٌ
وَعَلَى أَنْ يَأْخُذَ حِلْيَةَ الْأَصْنَامِ , وَمَا فِي بُيُوتِ النِّيرَانِ
وَعَلَى أَنْ يُخْلُوا الْمَدِينَةَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ حَتَّى يَبْنِيَ فِيهَا قُتَيْبَةُ مَسْجِدًا , وَيُوضَعُ لَهُ فِيهِ مِنْبَرٌ يَخْطُبُ عَلَيْهِ , وَيَتَغَدَّى وَيَخْرُجُ .
فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ
فَلَمَّا دَخَلَهَا قُتَيْبَةُ , دَخَلَهَا وَمَعَهُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ مِنَ الْأَبْطَالِ , وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بُنِيَ الْمَسْجِدُ , وَوُضِعَ فِيهِ الْمِنْبَرُ , فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ، وَخَطَبَ وَتَغَدَّى , وَأُتِيَ بِالْأَصْنَامِ الَّتِي لَهُمْ فَسُلِبَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ , وَأُلْقِيَتْ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ , حَتَّى صَارَتْ كَالْقَصْرِ الْعَظِيمِ , ثُمَّ أَمَرَ بِتَحْرِيقِهَا
فَقَالَ الْمَجُوسُ : إِنَّ فِيهَا أَصْنَامًا قَدِيمَةً ، مَنْ أَحْرَقَهَا هَلَكَ .
وَجَاءَ الْمَلِكُ غَوْزَكُ فَنَهَى قُتَيْبَةَ عَنْ ذَلِكَ , وَقَالَ لَهُ : إِنِّي لَكَ نَاصِحٌ .
فَقَالَ قُتَيْبَةُ : أَنَا أُحَرِّقُهَا بِيَدِي , ثُمَّ أَخَذَ شُعْلَةً مِنْ نَارٍ , ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا وَهُوَ يُكَبِّرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , وَأَلْقَى فِيهَا النَّارَ فَاحْتَرَقَتْ , فَوَجَدَ مِنْ بَقَايَا مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الذَّهَبِ خَمْسِينَ أَلْفَ مِثْقَالٍ مِنْ ذَهَبٍ .
وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَصَابَ قُتَيْبَةُ فِي السَّبْيِ جَارِيَةً مِنْ وَلَدِ يَزْدَجِرْدَ , فَأَهْدَاهَا إِلَى الْحَجَّاجِ
فَأَهْدَاهَا إِلَى الْوَلِيدِ , فَوَلَدَتْ لَهُ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ .
ثُمَّ اسْتَدْعَى قُتَيْبَةُ بِأَهْلِ سَمَرْقَنْدَ فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي لَا أُرِيدُ مِنْكُمْ أَكْثَرَ مِمَّا صَالَحْتُكُمْ عَلَيْهِ , وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ جُنْدٍ يُقِيمُونَ عِنْدَكُمْ مِنْ جِهَتِنَا
فَانْتَقَلَ غَوْزَكُ خَانَ مَلِكُ سَمَرْقَنْدَ عَنْهَا
فَتَلَا قُتَيْبَةُ : { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى } (النَّجْمِ : 50 , 51)
ثُمَّ ارْتَحَلَ قُتَيْبَةُ عَنْ سَمَرْقَنْدَ إِلَى بِلَادِ مَرْوَ , وَاسْتَخْلَفَ عَلَى سَمَرْقَنْدَ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُسْلِمٍ , وَقَالَ لَهُ : لَا تَدَعَنَّ مُشْرِكًا يَدْخُلُ بَابَ سَمَرْقَنْدَ إِلَّا مَخْتُومَ الْيَدِ , ثُمَّ لَا تَدَعْهُ بِهَا إِلَّا مِقْدَارَ مَا تَجِفُّ طِينَةُ خَتْمِهِ , فَإِنْ جَفَّتْ وَهُوَ بِهَا فَاقْتُلْهُ , وَمَنْ رَأَيْتَهُ مِنْهُمْ وَمَعَهُ حَدِيدَةٌ أَوْ سِكِّينَةٌ فَاقْتُلْهُ بِهَا , وَإِذَا أَغْلَقْتَ الْبَابَ فَوَجَدْتَ بِهَا أَحَدًا مِنْهُمْ فَاقْتُلْهُ .
وَفِيهَا افْتَتَحَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ مَدِينَةَ الدَّيْبَلِ وَغَيْرَهَا مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ , وَكَانَ قَدْ وَلَّاهُ الْحَجَّاجُ غَزْوَ الْهِنْدِ , وَعُمْرُهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً , فَسَارَ فِي الْجُيُوشِ ، فَلَقُوا الْمَلِكَ دَاهِرَ وَهُوَ مَلِكُ الْهِنْدِ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ , وَمَعَهُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ فِيلًا مُنْتَخَبَةً , فَاقْتَتَلُوا فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ
وَهَرَبَ الْمَلِكُ دَاهِرُ , فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَقْبَلَ الْمَلِكُ وَمَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ جِدًّا , فَأَحَاطُوا بِالْمُسْلِمِينَ , فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا , فَقُتِلَ الْمَلِكُ دَاهِرُ وَغَالِبُ مَنْ مَعَهُ , وَتَبِعَ الْمُسْلِمُونَ مَنِ انْهَزَمَ مِنَ الْهُنُودِ فَقَتَلُوهُ
ثُمَّ سَارَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ فَافْتَتَحَ مَدِينَةَ الْكَيْرَجِ وَبَرَّهَا , وَرَجَعَ بِغَنَائِمَ كَثِيرَةٍ وَأَمْوَالٍ لَا تُحْصَى كَثْرَةً , مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالذَّهَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَلَ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ نَائِبَ بِلَادِ الْمَغْرِبِ مَوْلَاهُ طَارِقًا عَنِ الْأَنْدَلُسِ , وَكَانَ قَدْ بَعَثَهُ إِلَى مَدِينَةِ طُلَيْطِلَةَ فَفَتَحَهَا , فَوَجَدَ فِيهَا مَائِدَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ , وَفِيهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْجَوَاهِرِ شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا , فَبَعَثُوا بِهَا إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ , فَمَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ حَتَّى مَاتَ
فَقَدِمَ بِهَا موسى بْنُ نُصَيْرٍ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، كمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ .
( طليطلة هذه من أحصن مدن الأندلس ، ولذلك لمَّا ضعف المسلمون من أهل الأندلس بعد ذلك بقرون , وسلموها للإسبان , لم يستطع المرابطون أن يستعيدوها من الإسبان , وذلك لشدة تحصينها ، واسمها اليوم : توليدو )
وَفِيهَا قَحَطَ أَهْلُ إِفْرِيقِيَّةَ وَأَجْدَبُوا جَدْبًا شَدِيدًا , فَخَرَجَ بِهِمْ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ يَسْتَسْقِي بِهِمْ , فَمَا زَالَ يَدْعُو حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ , فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْزِلَ عَنِ الْمِنْبَرِ قِيلَ لَهُ : أَلَا تَدْعُو لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ ,
قَالَ : لَيْسَ هَذَا الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ ذَاكَ .
فَسَقَاهُمُ اللَّهُ مَطَرًا غَزِيرًا .
وَفِيهَا ضَرَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ خُبَيْبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ خَمْسِينَ سَوْطًا بِأَمْرِ الْوَلِيدِ لَهُ بِذَلِكَ , وَصَبَّ فَوْقَ رَأْسِهِ قِرْبَةً مِنْ مَاءٍ بَارِدٍ فِي يَوْمٍ شَاتٍ , وَأَقَامَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَوْمَهُ ذَلِكَ , فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
فَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ مَوْتِ خُبَيْبٍ شَدِيدَ الْخَوْفِ لَا يَأْمَنُ , وَكَانَ إِذَا بُشِّرَ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ يَقُولُ : كَيْفَ وَخُبَيْبٌ لِي بِالطَّرِيقِ ؟ , ثُمَّ يَصِيحُ صِيَاحَ الْمَرْأَةِ الثَّكْلَى
وَكَانَ إِذَا أُثْنِيَ عَلَيْهِ يَقُولُ : خُبَيْبٌ وَمَا خُبَيْبٌ ! إِنْ نَجَوْتُ مِنْهُ فَأَنَا بِخَيْرٍ .
وَمَا زَالَ عَلَى الْمَدِينَةِ إِلَى أَنْ ضَرَبَ خُبَيْبًا فَمَاتَ , فَاسْتَقَالَ ، وَرَكِبَهُ الْحُزْنُ وَالْخَوْفُ مِنْ حِينِئِذٍ , وَأَخَذَ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْبُكَاءِ , وَكَانَتْ تِلْكَ هَفْوَةً مِنْهُ وَزَلَّةً , وَلَكِنْ حَصَلَ لَهُ بِسَبَبِهَا خَيْرٌ كَثِيرٌ , مِنْ عِبَادَةٍ وَبُكَاءٍ وَحُزْنٍ وَخَوْفٍ وَإِحْسَانٍ وَعَدْلٍ وَصَدَقَةٍ وَبِرٍّ وَعِتْقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي شَوَّالٍ فَنَزَلَ السُّوَيْدَاءَ ,
وَقَدِمَ عُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ ( واليا على ) الْمَدِينَةَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ .
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ .
مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ :
أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ النَّجَّارِ , أَبُو حَمْزَةَ ررر
خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ
وَأُمُّهُ أُمُّ حَرَامٍ ، مُلَيْكَةُ بِنْتُ مِلْحَانَ بْنِ خَالِدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامٍ , زَوْجَةُ أَبِي طَلْحَةَ زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيِّ .
( الراجح أن أمه هي أم سليم ، كما وردت تسميتها في الصحيح ، وهي هند بنت ملحان ، وأما أم حرام فهي خالته ، وكانت تحت عبادة بن الصامت )
رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ جَمَّةً , وَأَخْبَرَ بِعُلُومٍ مُهِمَّةٍ , وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ
وَحَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ مِنَ التَّابِعِينَ .
قَالَ أَنَسٌ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ , وَتُوُفِّيَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً .
وَقِيلَ لِأَنَسٍ : أَشَهِدْتَ بَدْرًا ؟ ,
فَقَالَ : وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْ بَدْرٍ لَا أُمَّ لَكَ ؟
قَالَ الْأَنْصَارِيُّ : شَهِدَهَا يَخْدِمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ : لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمَغَازِي .
قُلْتُ : الظَّاهِرُ أَنَّهُ إِنَّمَا شَهِدَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْمَغَازِي . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أُمَّهُ أَتَتْ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صصص فقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَذَا أَنَسٌ خَادِمٌ لَبِيبٌ يَخْدِمُكَ . فَوَهَبَتْهُ لَهُ , فَقَبِلَهُ , وَسَأَلَتْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فَقَالَ : «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ , وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ "
قَالَ أَنَسٌ : فَوَاللَّهِ إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ حَتَّى نَخْلِي وَكَرْمِي لَيُثْمِرُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ , وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ الْمِائَةِ .
قَالَ أَنَسٌ : وَأَخْبَرَتْنِي ابْنَتِي أَمِينَةُ : أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي ( مات من ذريته ) إِلَى حِينِ مَقْدَمِ الْحَجَّاجِ عِشْرُونَ وَمِائَةٌ .
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ أَبُو بَكْرٍ , ثُمَّ عُمَرُ عَلَى عِمَالَةِ الْبَحْرَيْنِ ، وَشَكَرَاهُ فِي ذَلِكَ .
وَكَانَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْعِبَادَةِ .
وَقَدِ انْتَقَلَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَكَنَ الْبَصْرَةَ , وَكَانَ لَهُ بِهَا أَرْبَعُ دُورٍ , وَقَدْ نَالَهُ أَذًى مِنْ جِهَةِ الْحَجَّاجِ , وَذَلِكَ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ , تَوَهَّمَ الْحَجَّاجُ مِنْهُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْأَمْرِ , وَأَنَّهُ أَفْتَى فِيهِ .
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ أَنَّ أَنَسًا بَعَثَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَشْكُو إِلَيْهِ الْحَجَّاجَ , وَيَقُولُ فِي كِتَابِهِ : إِنِّي خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ , وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَدْرَكُوا رَجُلًا خَدَمَ نَبِيَّهُمْ لَأَكْرَمُوهُ . وَذَكَرَ لَهُ أَذِيَّةَ الْحَجَّاجِ لَهُ .
فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ كِتَابَهُ حَصَلَ عِنْدَهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ , فَبَعَثَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ - وَكَانَ مُصَادِقًا لِلْحَجَّاجِ - فَقَالَ لَهُ : دُونَكَ كِتَابَيَّ هَذَيْنِ فَخُذْهُمَا , وَارْكَبِ الْبَرِيدَ إِلَى الْعِرَاقِ , وَابْدَأْ بِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَادْفَعْ كِتَابِي إِلَيْهِ , وَأَبْلِغْهُ مِنِّي السَّلَامَ , وَقُلْ لَهُ : يَا أَبَا حَمْزَةَ , قَدْ كَتَبْتُ إِلَى الْحَجَّاجِ الْمَلْعُونِ كِتَابًا , إِذَا قَرَأَهُ كَانَ أَطْوَعَ لَكَ مِنْ أَمَتِكَ .
وَكَانَ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ , إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَمَّا بَعْدُ , فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ , وَفَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ مِنْ شِكَايَتِكَ الْحَجَّاجَ , وَمَا سَلَّطْتُهُ عَلَيْكَ , وَلَا أَمَرْتُهُ بِالْإِسَاءَةِ إِلَيْكَ , فَإِنْ عَادَ لِمِثْلِهَا اكْتُبْ إِلَيَّ بِذَلِكَ أُنْزِلْ بِهِ عُقُوبَتِي , وَتَحْسُنْ لَكَ مَعُونَتِي , وَالسَّلَامُ .
فَلَمَّا قَرَأَ أَنَسٌ كِتَابَهُ وَأُخْبِرَ بِرِسَالَتِهِ قَالَ : جَزَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنِّي خَيْرًا , وَعَافَاهُ وَكَفَاهُ , وَكَافَأَهُ بِالْجَنَّةِ , فَهَذَا كَانَ ظَنِّي بِهِ وَالرَّجَاءَ مِنْهُ .
فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ لِأَنَسٍ : يَا أَبَا حَمْزَةَ , إِنَّ الْحَجَّاجَ عَامِلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , وَلَيْسَ بِكَ عَنْهُ غِنًى , وَلَا بِأَهْلِ بَيْتِكَ , وَلَوْ جُعِلَ لَكَ فِي جَامِعَةٍ ثُمَّ دُفِعَ إِلَيْكَ , لَقَدَرَ أَنْ يَضُرَّ وَيَنْفَعَ , فَقَارِبْهُ وَدَارِهِ , تَعِشْ مَعَهُ بِخَيْرٍ وَسَلَامٍ .
فَقَالَ أَنَسٌ : أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
فَجَاءَ أَنَسٌ إلى الحجاج
فَقَامَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَتَلَقَّاهُ , وَقَالَ : إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكَ , كَمَا قِيلَ : إِيَّاكِ أَعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَةُ . أَرَدْتُ أَنْ لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ عَلَيَّ مَنْطِقٌ .
وَقَدْ وَفَدَ أَنَسٌ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ , سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَهُوَ يَبْنِي جَامِعَ دِمَشْقَ .
قَالَ مَكْحُولٌ : رَأَيْتُ أَنَسًا يَمْشِي فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ , فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْوُضُوءِ مِنَ الْجِنَازَةِ ,
فَقَالَ : لَا وُضُوءَ .
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : قَدِمَ أَنَسٌ عَلَى الْوَلِيدِ , فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ : مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ بِهِ السَّاعَةَ ؟
فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : «أَنْتُمْ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ " .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ : دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي , فَقُلْتُ : مَا يُبْكِيكَ ؟
قَالَ : لَا أَعْرِفُ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ , وَقَدْ صَنَعْتُمْ فِيهَا مَا صَنَعْتُمْ .
يَعْنِي مَا كَانَ يَفْعَلُهُ خُلَفَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا الْمُوَسَّعِ , كَانُوا يُوَاظِبُونَ عَلَى التَّأْخِيرِ , إِلَّا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ , كَمَا سَيَأْتِي .
وَقَالَ ثَابِتٌ لِأَنَسٍ : هَلْ مَسَّتْ يَدُكَ كَفَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ , قَالَ : نَعَمْ .
قَالَ : فَأَعْطِنِيهَا أُقَبِّلْهَا .
وَعَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ الذَّارِعِ قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : مَا مِنْ لَيْلَةٍ إِلَّا وَأَنَا أَرَى فِيهَا حَبِيبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ يَبْكِي .
وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ : إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , خُوَيْدِمُكَ .
وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ : «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ , قَالَ : أَنَا فَاعِلٌ
قُلْتُ : فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ؟
قَالَ : اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ .
قُلْتُ : فَإِذَا لَمْ أَلْقَكَ ؟
قَالَ : فَأَنَا عِنْدَ الْمِيزَانِ .
قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ ؟
قَالَ : فَأَنَا عِنْدَ الْحَوْضِ , لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ مَوَاطِنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .
وَقَالَ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ : كَانَ أَنَسٌ أَحْسَنَ النَّاسِ صَلَاةً فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ .
وَقَالَ أَنَسٌ : يَا ثَابِتُ خُذْ مِنِّي , فَإِنِّي أَخَذْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَلَسْتَ تَجِدُ أَوْثَقَ مِنِّي .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : كَانَ أَنَسٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَفَرَغَ مِنْهُ قَالَ : أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِيهِ : سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ : مَا بَقِيَ أَحَدٌ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ غَيْرِي .
وَقَالَ الْجُرَيرِيَّ : أَحْرَمَ أَنَسٌ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ , فَمَا سَمِعْنَاهُ مُتَكَلِّمًا إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى أَحَلَّ .
فَقَالَ لِي : يَا ابْنَ أَخِي , هَكَذَا الْإِحْرَامُ .
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ : لَمْ يُبْتَلَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا رَجُلَيْنِ : مُعَيْقِيبٌ كَانَ بِهِ الْجُذَامُ , وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ , كَانَ بِهِ وَضَحٌ ( برص ) .
وَروى الْحُمَيْدِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ : رَأَيْتُ أَنَسًا يَأْكُلُ , فَرَأَيْتُهُ يَلْقَمُ لُقَمًا عِظَامًا , وَرَأَيْتُ بِهِ وَضَحًا شَدِيدًا .
وَروى شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى السُّنْبُلَانِيِّ , قَالَ : قُلْتُ لِأَنَسٍ : أَنْتَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
قَالَ : قَدْ بَقِيَ قَوْمٌ مِنَ الْأَعْرَابِ , فَأَمَّا مِنْ أَصْحَابِهِ , فَأَنَا آخِرُ مَنْ بَقِيَ .
قَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ : مَاتَ وَلَهُ مِائَةٌ وَسَبْعُ سِنِينَ .
وَروى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ حُمَيْدٍ الطويل , أَنَّ أَنَسًا عُمِّرَ مِائَةَ سَنَةٍ غَيْرَ سَنَةٍ .
وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْبَصْرَةِ .
الصور المصغرة للصور المرفقة
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|
|
|