07-12-2015, 06:41 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,634
|
|
التسرع انسان جديد – الحلقة 25– مصطفى حسنى
مركب في الإنسان مجموعة من الغرائز، الحكمة منها مصلحة الإنسان والاختيار في يد الإنسان إذا كان يستخدمه في الخير أو الشر. حال اليوم هو التسرع، وهو الاستعجال في قرارات دون دراسة العواقب.
صور التسرع
- التسرع في الحكم على الآخرين: كم من مرة قال الشخص فيها كلمة آذت به آخر؟
- التسرع في الإختيار: بداية من الملبس الذي يتم اختياره حتى اختيار شريك الحياة.
- التسرع في إعطاء الوعود: في وقت مزاجي لم تدره، ثم أدركته بعد ذلك؟
العبء النفسي
هو أقصر طريق للخسارة، قال صلى الله عليه وسلم: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، قيل وكيف يعجل يا رسول الله، قال يقول دعوت الله فلم يستجب الله لي". والعبء النفسي الثاني للتسرع هو الندم، تقول إحدى الدراسات أن نصف حالات الطلاق يكون بسبب التسرع.
والندم الأكبر هو ندم الآخرة، قال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحوا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا} (الإسراء: 18 - 19)، والمقصود هنا بالعاجلة هي الدنيا.
من هو الإنسان الجديد؟
الله يريد من تعبده أن يكون متأني، قال صلى الله عليه وسلم: "التأني من الله والعجلة من الشيطان وما أحد أكثر معاذير من الله وما من شيء أحب إلى الله من الحمد"، وقال تعالى: {وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعدًا لن يجدوا من دونه موئلا} (الكهف: 58).
كيف يصبح الإنسان إنسانًا جديدًا متأنيًا؟
- نظرية السيناريو الأسوأ: انظر للقرار الذي ستأخذه وما هي عواقبه، وإذا كان مقدورك تحمل هذا الأسوأ ونظرت للإيجابيات والسلبيات وقيمت الموقف، وفي نفس الوقت وهو شيء غير مؤذ؛ فاتخذ القرار.
- افصل المشاعر: أي لا تهجم بمشاعرك حتى لا تندم بعد ذلك، كلفظ كلمة الطلاق، والعلماء نصحوا بعدم إعطاء الوعود وأنت فرح، وعدم اتخاذ القرارات وأنت غضبان، وعدم العتاب وأنت حزين
منتدى مصطفى حسنى
......................................
فوائد التَّأنِّي
إن الإنسان بطبعه عجول يود لو أدرك كل شيء بسرعة (وكان الإنسان عجولاً ) { الإسراء :11}ولما كانت هذه العجلة تجلب على صاحبها المتاعب وتوقعه في الإشكالات؛ ندب الشرع إلى تربية النفس على التأني في أمور الدنيا ، ونقصد بالتأني هنا : عدم العجلة في طلب الأشياء والتمهل في تحصيلها .
إذا كان الله سبحانه وتعالى قد خلَق الإنسان من عجَلٍ، فإنه أيضًا قد أودَع فيه العقل والبصر؛ ليَميز الخبيث من الطيِّب، والضار من النافع، وليَأْمَن عاقبة الأمر وغائلته، وهذا رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم كان لا يُقدم على أمرٍ إلا بعد طول أَناةٍ وتفكيرٍ، مع أنه مكتمل العقل، مؤيَّد بالوحي، معصوم من الزَّلل.
وفي قصة أسامة بن زيد رضي الله عنه ما يَجعلنا نُطيل التفكير، ونقلِّب الأمور على وجوهها؛ حتى يَتبيَّن وجه الصواب فيها قبل أن نُقدم عليها. أرسَل عليه الصلاة والسلام غالب بن عبد الله الليثي إلى أهل الحُرقة من جُهينة (مكان ناحيةَ نجدٍ) في مائة وثلاثين رجلاً، فساروا حتى دهَموهم وقتَلوا بعضًا، وأسَروا آخرين، وفي أثناء القتال طارَد أسامة رجلاً من المشركين، ولَمَّا رأى المُشرك أنه هالِك لا مَحالة، نطَق بالشهادتين، ولكن أسامة ظنَّ أنه ما نطَق بها إلا تخلُّصًا من القتل بدافع الإبقاء على النفس، فقتَله، ولَمَّا رجَع القوم وأُخبِر الرسول بما فعَل أسامة، قال: «أقتَلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟ فكيف تَصنع بلا إله إلا الله؟!»، قال أسامة يدافع عن فَعْلته: يا رسول الله، إنما قالها متعوِّذًا من القتل، قال عليه الصلاة والسلام: «فهلاَّ شقَقت عن قلبه، فتَعلم أصادقٌ هو أم كاذب». فقال: يا رسول الله، استغفر لي، قال عليه الصلاة والسلام: «فكيف بلا إله إلا الله»، فما زال يُكرِّرها، حتى تمنَّى أسامة أن لم يُسلِم قبل اليوم من شِدة ما وجَد من غضب رسول الله، وأنزل الله في ذلك الآية الكريمة: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} [النساء: 94].
ثم أمَر رسول الله أسامة أن يعتق رَقبة؛ كفَّارة للقتل الخطأ، ولو لم يتعجَّل أسامة، لسلِمت للرجل نفسه، ولبقِي لأسامة ماله، ولكنها العجلة، ما أقبَحها! وما أخطرها! وما أبعَدَ آثارَها! وها هو كتاب الله بين أيدينا فيه من الآيات البيِّنات ما يُرشدنا إلى أن نتأنَّى في أمورنا كلها، وأن نَحذَر العجلة والطيش؛ يقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].
التَّأنِّي كلُّه خيرٌ ومحمود العاقبة في الدُّنْيا والآخرة. صيانة للإنسان مِن الأخلاق المذمومة
قال ابن عثيمين: (الأناة: التَّأنِّي في الأمور وعدم التَّسرُّع، وما أكثر ما يهلك الإنسان ويزلُّ بسبب التَّعجُّل في الأمور، وسواء في نقل الأخبار، أو في الحكم على ما سمع، أو في غير ذلك. فمِن النَّاس -مثلًا- مَن يتخطَّف الأخبار بمجرَّد ما يسمع الخبر يحدِّث به، ينقله،.. ومِن النَّاس مَن يتسرَّع في الحكم، سمع عن شخص شيئًا مِن الأشياء، ويتأكَّد أنَّه قاله، أو أنَّه فعله ثمَّ يتسرَّع في الحكم عليه، أنَّه أخطأ أو ضلَّ أو ما أشبه ذلك، وهذا غلط، التَّأنِّي في الأمور كلُّه خيرٌ)
قال ابن القيِّم: (إذا انحرفت عن خُلُق الأناة والرِّفق انحرفت: إمَّا إلى عَجَلة وطيش وعنف، وإمَّا إلى تفريط وإضاعة، والرِّفق والأناة بينهما)
.
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشجِّ -أشجِّ عبد القيس-: ((إنَّ فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم، والأناة)) .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((التَّأنِّي مِن الله، والعَجَلة مِن الشَّيطان))
. قال المناوي: (التَّأنِّي مِن الله تعالى أي: ممَّا يرضاه ويثيب عليه، والعَجَلَة مِن الشَّيطان أي: هو الحامل عليها بوسوسته؛ لأنَّ العَجَلَة تمنع مِن التَّثبُّت، والنَّظر في العواقب) . وقال ابن القيِّم: (العَجَلَة مِن الشَّيطان فإنَّها خفَّةٌ وطيشٌ وحدَّةٌ في العبد تمنعه مِن التَّثبُّت والوقار والحِلْم، وتوجب له وضع الأشياء في غير مواضعها، وتجلب عليه أنواعًا من الشُّرور، وتمنع عنه أنواعًا من الخير)
قال الغزالي: (الأعمال ينبغي أن تكون بعد التَّبصرة والمعرفة، والتَّبصرة تحتاج إلى تأمُّل وتمهُّل، والعَجَلَة تمنع مِن ذلك، وعند الاستعجال يروِّج الشَّيطان شرَّه على الإنسان مِن حيث لا يدري) ) .
عواقب التسرع
الطلاق بسبب التسرع فى زواج البنات خشية العنوسة ومن اخطرها زواج الغربة:
بعد أن يجئ عريس يعتبرونة "لقطة"، وفرصة لا تعوض، كونه يعيش في إحدى الدول الخليجية، . أن التسرع من قبل الفتاة وأهلها، هو السبب في هذه المشكلة؛ إذ يُفترض أن ينظر إلى هذا "الغريب" كما يُنظر إلى ابن البلد، وأن يُعامل كما يعامل ابن البلد، وألا ينظر إليه على أنه "فرصة العمر"؛ إذ ينبغي أن يعرف أهل الفتاة عنه تفاصيل حياته، بل ويجب أن يعطوا الموضوع أهمية أكثر مما لو كان هذا الرجل من داخل البلد، بالإضافة إلى التأكد من سيرته السابقة، والسؤال عنه بشكل جيد. والنتيجة فشل كثير من الزيجات بعد التعرض فى الغربة للإذلال والمهانة
القطيعة بين الناس هناك كثيرا من الخلافات التي تقع بين أخوين وزوجين وصديقين كان سببها التسرع في الحكم أو عدم التثبت، وكم من صلة قطعت وجماعة فرقت لعدم التعامل مع الخبر المنقول وفق الأساليب الصحيحة في التثبت. المسلم مطالب بوجوب التثبت من الأخبار , وبخاصة الأخبار الكاذبة التي لا يعلم مصدرها , أو تكون من مصادر غير موثوقة , قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} سورة الحجرات.
جروح لا تندمل بسبب كلمات جارحة الكلمة احيانا تكون أقوى من الرصاص الكلمة التي تنطلق من أفواهنا أحياناً تقتل كما تقتل الرصاصة المنطلقة من فوهة مسدس هل نفكر قبل أن نتحدث مع الاخرين؟
يجب أن حذر حتى لانقتل أحدا ً ما أو نتسبب له بضرر بالغ أو إعاقة نفسية مزمنةتحطم قلب وتؤذي نفس وتترك بصمة مؤلمة بالذاكرة ومخزون قاسي من الذكريات الحزينة نخسر إنسان ربما لن تعوضه لنا الحياة في الأيام القادمةعلينا أن نتمهل قبل الشروع بالقتل بكلماتنا علينا أن نتمهل قبل أن نشهر سيوف حروفنا
من أقوال الشعراء في التأني :
انطق مصيباً لا تكـن هـذراًَ عيابة ناطقـاً بالفحش والريب
وكن رزينا طويل الصمت ذا فكر فإن نطقت فلا تكثر من الخطب
ولا تجب سائلاً من غير تروية وبالـذي مثـله تسال فلا تجب
وقال آخر :
لا تعجـلن فربمـا عجل الفتى فيما يضره
ولربما كره الفتى أمــراً عـواقـبـه تسـره
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|