شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   تفريغ المحاضرات و الدروس و الخطب ---------- مكتوبة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=350)
-   -   صاحب الهدي القويم والخلق العظيم (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=261781)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 03-30-2016 02:04 PM

صاحب الهدي القويم والخلق العظيم
 
صاحب الهدي القويم والخلق العظيم


د. محمد أكجيم





الحمد لله، أرسل إلينا رسولا ًكريماً، وهدانا به صراطاً مستقيماً..

أما بعد:
فكلما تجددت ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم تجدد معها التذكير بشكر الله تعالى على هذه النعمة المسداة، والرحمة المهداة، ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].

كلما تجددت هذه الذكرى، تجدد معها التذكير بسيرته ومكارمه، وأخلاقه وخصاله.

افترض الله على العباد محبته، وأوجب عليهم توقيره وطاعته، يقول تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]. وقال سبحانه: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80]. لا سبيل للهداية والسعادة إلا على يديه، يقول تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

شرح الله له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره.

أشرف الناس نسبا، وأكملهم تربية ومنشأ، لم يزل بالصدق معروفا، وبمكارم الأخلاق ومجانبة السوء موصوفا.

جمل الله خلقته، وأتم صورته، من رآه هابه، ومن خالطه أحبه، أفصح الناس لسانا، وأوضحهم بيانا، خصه الله بخصائص، وفضله على جميع الخلائق بفضائل.

أرسله الله إلى الناس كافة وختم به النبيئين، هو أول شافع وأول مشفع، نصر بالرعب وأوتي جوامع الكلم، ليس له من خصائص الربوبية والألوهية شيء.

لم يكن للنبوة منتظرًا، ولا للرسالة مترقبًا، يقول تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ [القصص: 86]حتى نزل عليه جبريل بالوحي في غار حراء، فقال له: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1] فرجع بها يرجف فؤاده، حتى دخل على خديجة رضي الله عنها وأخبرها الخبر قائلا لها: (لقد خشيت على نفسي) فهدأت من روعه قائلة له: " كلا والله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق).

دعا قومه إلى الله، لا لجاه يرجوه، ولا لمال يدخره، فصدقه المؤمنون، وآذاه وكذبه المكذبون.

لاقى من المحن والشدائد أشقها؛ نشأ يتيما وأُخرج من بلده، وحوصر في الشعب ثلاث سنين، واختفى في الغار، ومات له ستة من الولد، وتبعه قومه في مهاجره وقاتلوه، ومكر به المنافقون، وكان يقول: (أخفت في الله وما يخاف أحد، وأوذيت في الله وما يؤذى أحد).

لقي من قومه أذى كثيرا فصبر، فلما أمكنه الله منهم خاطبهم قائلا: (ما تدرون أني فاعل بكم؟ قالوا أخ كريم، وابن أخ كريم، إن تعف فذاك الظن بك، وإن تنتقم فقد أسأنا، فقال: بل أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء).

لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً، ولا صخابا في الأسواق، يعطي من رحمه، ويصل من قطعه، ويعفو عمن ظلمه، ويحسن إلى من أساء إليه.

ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة من حرمات الله، يقول أنس رضي الله عنه خدمت رسول الله عشر سنين، والله، ما قال لي أف قط.

يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعين أهله، يمشي في الأسواق، يخالط أصحابه، فلا يتميز عنهم إلا بإطراقه وحيائه.

أشد الناس تواضعا في رفعة قدر، يقول أنس: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لنا صغير: (يا عمير، ما فعل النغَير).

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم؛ إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله).

أجود الناس بالخير من الريح المرسلة، لا يمنع شيئا يسأله، حتى جاد بكل موجود ومحبوب، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي على آصع من شعير لطعام أهله.

كان في الدنيا زاهدا، ومن متاعها متقللا، تقول عائشة رضي الله عنها: إن كان ليمر بنا الهلال، ما نوقد نارا، إنما هما الأسودان، التمر والماء.

أرحم الناس بالناس، بكى لفراق ولده إبراهيم وقال: (إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا) وقال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) وقال: (استوصوا بالنساء خيرا).

وكان يقول: (أنا أولى المؤمنين بأنفسهم، فمن ترك دينا أو ضياعا فعلي، ومن ترك مالا فلورثته) دعا لأمته أن لا يهلكها الله بالسنين، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سواهم يستأصلهم.

ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.

يصلي حتى تتفطر قدماه، فتقول له عائشة رضي الله عنها: رفقا بك، فقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيقول لها: (أفلا أكون عبدا شكوا).

أشد الناس لله خشية، كان يسمع لصدره في الصلاة أزيز كأزيز المرجل من البكاء، استقرأ عبد الله بن مسعود مرة، فقرأ عليه من سورة النساء حتى بلغ (وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال: فرأيت عيني رسول الله تذرفان بالدموع.

فهذا غيض من فيض من بحر محامده وخصاله، مما لا أبلغ في وصفها من قوله تعالى مخاطبا نبيه: (وإنك لعلى خلق عظيم).

ولو لم يكن له معجزة غير سيرته صلى الله عليه وسلم لكفى بها معجزة.

الخطبة الثانية
الحمد لله...
واجبنا تجاه نبينا: أن نحبه فوق محبتنا لأنفسنا وأهلينا وأموالنا والناس أجمعين.
واجبنا: أن نتبع هديه، ونقتفي أثره.
واجبنا: أن نكثر من الصلاة والسلام عليه.
واجبنا: أن نتدارس سيرته وهديه وشمائله.



﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [التوبة: 128، 129].







المصدر...


الساعة الآن 09:24 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM