شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   منتدى السيرة النبوية (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=451)
-   -   التعريف بأسرة ابن بُخَيْخ الحَرَّانيَّة، ونصرتهم لشيخ الإسلام ابن تيمية (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=228215)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 02-01-2016 03:34 PM

التعريف بأسرة ابن بُخَيْخ الحَرَّانيَّة، ونصرتهم لشيخ الإسلام ابن تيمية
 
التعريف بأسرة ابن بُخَيْخ الحَرَّانيَّة، ونصرتهم لشيخ الإسلام ابن تيمية

بعد خراب حرّان أقام الشيخ سعدُ الله بن عبدِ الأحد بن سعدِ الله بن عبدِ القادر بن بُخَيْخ (1) الحرانيُّ، الحنبليُّ، سعدُ الدين، التاجرُ (647 - 721هـ) بماردين ورأس العين وحماة، ثم استقر مع أُسرته بدمشق؛ شأنه شأن الشيخ عبد الحليم ابن تيمية - قاضي حران وخطيبها - الذي خرج من حرّان واستقرّ مع أسرتِه في دمشق عند ظهور جَور التتار. أسرة الشيخ سعد الله أيضًا أسرة علمية، كأسرة الشيخ عبد الحليم، فقد كان له ولأبنائه مُحمَّد، وأبي بكر، وعمر، وعبد الأحد (2)، اشتغالٌ بالعلوم الشرعيّة. والأسرتان أيضًا أسرتان سلفِيَّتان، فقد كان للشيخ سعد ولأبنائه اتصال بابن الشيخ عبد الحليم؛ شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية، وعندما نالَ ابنَ تيمية ما ناله من أذى الخصوم؛ وقف الشيخ سعد الله وأبناؤه معه مُناصرين مُؤيِّدين.

-الشيخ سعد الله: سماعه للحديث، وتحديثه به، ونصرته لابن تيمية بِشِعرِه:
قال مؤرخ الشام الإمام علم الدين البرزالي في (معجمه) في ترجمة الشيخ سعد الله: ( رجلٌ جيِّد، سَمِع كثيرًا، وسمع أولادُه، ودخل بغداد، وكانت فيه مُروءةٌ، وسعيٌ في قضاء حوائِجِ النَّاس، وأقام بعد خراب حَرَّان بماردين ورأس العين وحماة، ثُمَّ استقرَّ بدمشق، وحدَّث) . نقله ابن حجر في (الدرر الكامنة) (2/133).
وقال ابن حجر: (قرأتُ بخطِّ ابنِ المُحبّ في وصفه: أديبٌ، صالحٌ، أمينٌ، عدلٌ). (الدرر الكامنة) (2/133).
وقال الإمام الذهبي في (المُشتبه) (ص24): (وله شعرٌ رائق). ووصفه في (تاريخ الإسلام) (14/590) بالأديب.
وقد وظَّفَ الشيخ سعد الله ملكته الأدبيَّة وشعره الرائق في نصرة شيخ الإسلام ابن تيمية، وأكثَر في كتابة القصائد في مدحه، وذكر مناقبه وفضائله، وذمَّ خصومه. يقول في بعضها في بيان كثرة ما كتبه في مدح الشيخ:
يا من أبى مِقولي إلا مدائحَهُ ... ولو مدحتُ سواه كنتُ أعنيهِ
ومن حداني إلى أنِّي أخاطِبُه ... بالمدح، حتى كأني لا أُناجِيهِ
إلا مخافة ذي جهل وذي حسد ... يلحى، فيُعرب عمَّا فيه من فيهِ
وإن تعرَّض ذو ضغن تلوت له: ... (فذلكُنَّ الذي لُمتنَّني فيه) !
(العقود الدُّريَّة) (ص563).
ولا يضاهي الشيخ سعد الله في عدد ما كتبه من القصائد في مدح شيخ الإسلام أحدٌ. وقد ذكر ابنُ عبد الهادي في (العقود الدُّريَّة) مجموعةً حَسَنةً من تلك القصائد (ص558-573).

- الفقيهُ شرفُ الدين محمد ابن الشيخ سعد الله (؟؟ - 723هـ): ملازمته لابن تيمية ونصرته له بنفسه:
صدَّر ترجمَتَه الإمام البِرزالِي في (تاريخه): بـ(الفقيه، الإمام، العالِم)، وقال: (كان فقيهًا فاضلا، صَحِب التقيَّ ابن تيمية، وتفقَّه عليه، ولازمَه، وخدَمَه، وتوجَّه معَه إلى الدِّيار المِصريَّة، وحُبِس بسببه، وسعى في إخراجه بكل طريق، ولم يَزَل في خدمته إلى آخر وقت.
وله عقلٌ وافرٌ، وذهنٌ صحيح، وفيه مودَّة ومروَّة تامَّة، سمع من ابن البخاري وابن مكي وجماعة، وحدَّث). نقله السخاوي في (التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة) (2/479).
وذكره الذهبي في (معجمِه المُختصّ) (ص230)، وقال: (صاحِبِي رحمه الله، روى لنا عن الفخر عليّ، وقرأَ، وطَلَب الحديث قليلًا، وكان صحيحَ الذهن عاقلًا، من خيارِ الناس، صحبَ ابن تيمية).
وذكره ابن ناصر الدين الدمشقي في (الرد الوفر) (ص45)، وصدَّر ترجمته بـ(الشيخ، العالم، الفقيه، العابد، الناسك)، وقال: (وتفقَّه بجماعةٍ منهُم الشيخ تقيُّ الدين، وأَذِنَ له في الإفتاء فأفتى.. وكان للشيخ تقي الدين من جملة مُلازميه والخُدَّام، وكان يُترجِمُه فيما ننقلُه عنه ويحكيه بشيخ الاسلام).
وقد ذكر المقريزي في (المقفى الكبير) (1/463) سعيَ الشيخ شرف الدين عند الأمراء لإخراج ابن تيمية من الحبس في محنته الأولى في مصر، ذلك السعي الذي لم يُكتب له النجاح، بل اعتُقل الشيخ شرفُ الدِّين أيضًا! قال المقريزي : (وفي أوائل شهر ربيع الأول سنة ست وسبعمائة، اعتُقل شرف الدين محمد بن بخيخ الحراني، أحد أصحاب ابن تيمية، بقلعة الجبل، بعد أن اجتمع بالأمير سلار والأمير بيبرس، وتكلَّم عندهما كلامًا طويلًا، واستمرَّ في الحبس إلى سادس شعبان فأطلقه الأمير سلار).
ويصفُ ابنُ كثير في (تاريخه) (18/237) دورَ الشيخ شرف الدين العظيم في مناصرة ابن تيمية، فيقول: (وقد كان شرف الدين ابن بخيخ هذا قد صحِبَ شيخنا العلامة تقي الدين ابن تيمية، وكان معه في مواطن كبار صعبَة، لا يستطيع الإقدام عليها إلا الأبطالُ الخُلَّصُ الخواص، وسُجِن معه، وكان من خُدَّامه وخواصّ أصحابه، ينال فيه الأذى، وأوذي بسببه مرات، وكل ما له في ازدياد ومحبة فيه، وصبرٍ على أذى أعدائه).
والشيخ شرف الدين في قيامه بنصرة شيخ الإسلام؛ عاملٌ بمقتضى دينه وأخلاقه ومروته، عامل بما أوصاه به المشايخ الكبار من أصحاب ابن تيمية، فهو أحد الذين سماهم الشيخ أحمد بن إبراهيم الواسطي المعروف بابن شيخ الحزاميين في رسالته لأصحاب ابن تيمية، وخاطبه فيها بقوله : (الأخ العزيز الصالح، الطالب لطريق ربِّه، والراغب في مرضاته وحُبّه، العالم، الفاضل، الولد، شرف الدين محمد بن سعد الدين سعد الله ابن بخيخ). العقود الدرية (ص358). وهذه الرسالة المسماة (التذكرة والاعتبار والانتصار للأبرار) ذكر فيها الواسطي ما اختصّ الله به ابن تيمية في زمانه عن سائر الناس، وحثَّ أصحاب ابن تيمية على نصرته والقيام بحقه.
كانت هذه الأسرة المباركة صادقة المحبَّة لابن تيميَّة، فالشيخ شرف الدين في قيامه بنصرة ابن تيمية بنفسه في المواطن الصعبة؛ أظهر صدق محبَّته لابن تيمية، بخلاف من أظهر محبَّتَه في السراء وخذله في الضراء. هذا الصنف من الأصحاب كان الشيخ سعد الله والد الشيخ شرف الدين قد شكى منه وعابَه في بعض قصائده، قال ابن عبد الهادي في (العقود الدُّريَّة) (ص573):
(وله – للشيخ سعد الله - أيضًا في تبيين عدم قيام الأصحاب مع الشيخ حين يعظم الخطب ويقع الحرب:
سبرتُ خلال الأصفياء تدبُّرًا ... وميَّزتُ أحوال الصحاب تأملا
فشاهدتهم في السلم من تلقَ منهم ... تجده مُحبًّا يدعى صحة الولا
وعند نزول الخطب حاولتُ أن أرى ... أخا ثقة إن أدبر الحظُّ أقبلا
فلم ألق إلا لائمًا مُتبرِّمًا ... ولم أر إلا شاتمًا متعقلا
فلما تحققت التخلُّفَ منهم ... شطبتُ عليهم شطبةَ الضب (لا، إلى)
وقد ختم الله تعالى للشيخ شرف الدين بخاتمة حسنة، فقد توفي بوادي بني سالم في رجوعه من الحج، وحُمِل إلى المدينة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم - على أعناق الرجال، وصلي عليه في المسجد النبوي، ودفن في البقيع، قال ابن كثير في (تاريخه) (14/127): (فخُتِم له بصالح عمله، وقد كان كثيرٌ من السلف يتمنَّى أن يموت عقيب عملٍ صالح يعملُه، وكان له جنازة حافلة رحمه الله تعالى).
وقال الإمام البِرزالي في (تاريخه) : (وتأسَّفَ الناسُ لفقده، وذكروه لمَّا جاء خبرُه بكُلِّ خيرٍ، ووصفُوه بالصِّفات الجميلة، والآخلاق الحسنة، والفضل، والدِّين، والعقل). نقله السخاوي في (التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة) (2/478-479).

- الشيخ شمس الدين عبد الأحد ابن الشيخ سعد الله (668-735هـ): سماعه للحديث، وتحديثه به، وتفقُّهه على مذهب الإمام الشافعي:
أما الشيخ شمس الدين عبد الأحد، فقد رحل إلى عدة بلدان لسماع الحديث من المشايخ، فسمع ببغداد ودمشق وحماة وحلب والإسكندرية، ذكره الإمام البِرزالي في (معجم شيوخه) وقال: (خرَّجتُ له جزءاً عن البغداديين، وجزءاً عن الشاميين، وحدَّث بهما فيهما عن أكثر من مئة شيخ). نقله الصفدي في (أعيان العصر) (3/10) .
وهو أيضًا فقيه شافعي، ذكر البرزالي اشتغاله بالفقه فقال: (اشتغل بالفقه، وتميَّز صار من نبهاء الطلبة، وطريقته حسنة). نقله ابن حجر في (الدرر الكامنة).
وذكره الإمام الذهبي أيضًا في (معجم شيوخه)، وقال (1/344-345): (قرأ الفقه، وعرَف مذهب الشافعي، وفيه سكونٌ ودين).
وقال الصفدي في ترجمته في (أعيان العصر) (3/10) : (كان فقيهاً فاضلاً، كثيرَ التنفُّل، يستحضرُ الكثيرَ من المذهب).

- الشيخ سيف الدين أبو بكر ابن الشيخ سعد الله (682-749 هـ): سماعُه للحديث وتحديثه به:
ذكره الشيخ تاج الدين السُّبكي في (معجمه) (ص530) فقال: (سمع منه الشيخ شمس الدين الذهبي، وذكره في (معجمه)، وقال البرزالي في (الشيوخ): رجلٌ جيِّد). ثم ذكر السُّبكي مسموعاتِه عليه.

- القاضي زين الدين عمر ابن الشيخ سعد الله (685 - 749هـ): سماعُه للحديث، وتحديثه به، وتخرُّجه بابن تيمية، وانتصاره لآرائه:
صدَّر الإمام الذهبي في (معجمه المُختصّ) (ص181) ترجمَتَه بقوله : (الإمام المفتي المُتفنِّن). وقال: ( عالم زكي خير وقور متواضع بصير بالفقه والعربية، .. سمع الكثير، وولي مشيخة الضيائية فألقى دروسًا محررة، تخرَّج بابن تيمية وبغيره، وناب في الحُكم، وحُمِد).
وقال الإمام ابن رجب الحنبلي في ترجمته من (ذيل طبقات الحنابلة) (ذيل طبقات الحنابلة) (5/143-144): (تفقَّه، وبرَع في الفقه والفرائض، ولازمَ الشيخ تقي الدين وغيره، وكتبَ بخطِّه الكثير من كُتب المَذهب، وولي نيابة الحكم عن ابن المنجا، وكان خيِّرًا، ديِّنًا، حسنَ الأخلاق، متواضعًا، بَشُوش الوجه، فقيهًا، فرضيًّا، فاضلًا، منبتًا، سديدًا في الأقضية والأحكام.
وحدثني الإمام العلامة عز الدين حمزة بن شيخ السلامية عنه: أنه قال له: لم أقضِ قضيّةً إلا وقد أعددتُ لها الجوابَ بين يدي الله تعالى.
وقد خرَّجُوا له جُزءًا عن شيوخه، وحدَّث به، وبغيره).
وقد ظهر تأثُّر الشيخ زين الدين عمر باختيارات ابن تيمية الفقهية في الأقضية التي كان يقضي بها في ولايته لمنصب نيابة قاضي القضاة الحنبلي في دمشق، مما أثار عليه حفيظة قاضي القضاة تقيِّ الدين السُّبكي، الذي كان بينه وبين ابن تيمية ما بينهما. قال الصفدي في ترجمته في (الوافي في الوفيات) (22/296-297): (وكان يرى رأيَ الشيخِ تقيِّ الدِّين بن تيمية في المسائل التي تفرَّدَ بها، ويحكمُ بها، فكان قاضي القضاة تقي الدين السبكي يتألَّم من ذلك، وما ينفذ ما يحكم به، ونازعه في ذلك مراتٍ، ولم يرجِع، فقال: يومًا لقاضي القضاة علاء الدين بن المُنجَّا: إن كُنتَ تقول لي: إن هذه الأحكام التي يحكم بها نائبُك مذهبَ الإمام أحمد رضي الله عنه فأنا أنفذها، فقال: لا! إلا إذا حكم بها هذَا - يعني نائبه الشيخ عمر-، حكمتُ بصحَّتِها.
وطال التنازع في ذلك ولم يرجع هذَا، ولا نفذ هذا له حُكمًا!)
كان اشتهار القاضي زين الدين عمر بعلاقته بابن تيمية يحمل محبي ابن تيمية على إقامة الصلة به، فهذا الشيخ عبد الله بن حامد الشافعي، وهو شيخٌ عراقي، وصلَتْهُ كتب ابن تيمية في ردوده على أهل الكلام، فأُعجب بها إعجابًا شديدًا، وحرص على لقاء ابن تيمية فلم يُقدَّر له، لموته، فتألَّم لذلك ألمًا شديدًا، وأراد تعويض ما فاته من لقاء ابن تيمية بالاتصال بأصحابه، ولذا كتب رسالة غاية في الأدب والرقة للشيخ عمر زين الدين، الذي رأى فيه ( اختصاصًا عظيمًا بإمام الدنيا رحمه الله تعالى -)، يعبّر فيها عن محبَّتِه وودِّه له. وهي مثبتة في (تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية) للدكتور علي العمران (ص55-69).
توفي الشيخ زين الدين عمر بالطاعون الذي أصاب ديار الإسلام سنة (749هـ). ولذا وصف ابن رجب ميتته بالشهادة.
وقد خلفته ابنته أم محمد زينب في الاشتغال بالسماع، والتحديث بكتب العقيدة السلفية، قال ابن ناصر الدين في (توضيح المشتبه) (1 /370) : (وآخر من حدث من بني بخيخ فيما أعلم: أمُّ مُحمَّد زينب بنت عمر بن سعد الله، حدَّثت بكتاب (الردِّ على الجهمية) لعثمان بن سعيد الدارمي عن أبيها وعمِّها أبي بكر وغيرهما، عن محمد بن عبد المؤمن الصوري).

____________
(1) في كثير من كتب التراجم تصحفت كلمة (بُخيخ) إلى (نجيح)، وقد أصلحت ذلك حيث وردت هذه اللفظة في ما أنقله من تلك الكتب.
(2) ذكر ابن ناصر الدين في (توضيح المشتبه) (1/ 370) ولدًا خامسًا هو عبد الملك، ولم أعثر على ترجمة له، لذلك لم أُعرِّف به.

المصدر...


الساعة الآن 10:20 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM