شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   منتدى الفقه (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=447)
-   -   الْفُتْيَا مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=204359)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 09-28-2015 09:51 AM

الْفُتْيَا مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ
 
تبسيط علوم السلف
الْفُتْيَا مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف من كتاب
اعلام الموقعين عن رب العالمين
للإمام محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين
ابن قيم الجوزية
(المتوفى: 751هـ)
1435هـ ــــ 2014م
(الطبعة الأولي)
إذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ الصَّحِيحَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ كِتَابٌ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْثُوقٌ بِمَا فِيهِ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِمَا يَجِدُهُ فِيهِ؟
قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُون مَنْسُوخًا، أَوْ لَهُ مُعَارِضٌ، أَوْ يَفْهَمُ مِنْ دَلَالَتِهِ خِلَافَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، أَوْ يَكُونُ أَمْرَ نَدْبٍ فَيَفْهَمُ مِنْهُ الْإِيجَابَ، أَوْ يَكُونُ عَامًّا لَهُ مُخَصِّصٌ، أَوْ مُطْلَقًا لَهُ مُقَيِّدٌ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ وَلَا الْفُتْيَا بِهِ حَتَّى يَسْأَلَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْفُتْيَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، وَيُفْتِيَ بِهِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَ، إذَا بَلَغَهُمْ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بَادَرُوا إلَى الْعَمَلِ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ وَلَا بَحْثٍ عَنْ مُعَارِضٍ، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطُّ: هَلْ عَمِلَ بِهَذَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ وَلَوْ رَأَوْا مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ لَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ أَشَدَّ الْإِنْكَارِ، وَكَذَلِكَ التَّابِعُونَ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ لِمَنْ لَهُ أَدْنَى خِبْرَةٍ بِحَالِ الْقَوْمِ وَسِيرَتِهِمْ.
لَوْ كَانَتْ سُنَنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسُوغُ الْعَمَلُ بِهَا بَعْدَ صِحَّتِهَا حَتَّى يَعْمَلَ بِهَا فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ لَكَانَ قَوْلُ فُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ عِيَارًا عَلَى السُّنَنِ، وَمُزَكِّيًا لَهَا، وَشَرْطًا فِي الْعَمَلِ بِهَا، وَهَذَا مِنْ أَبْطَلْ الْبَاطِلِ، وَقَدْ أَقَامَ اللَّهُ الْحُجَّةَ بِرَسُولِهِ دُونَ آحَادِ الْأُمَّةِ.
وَقَدْ أُمِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَبْلِيغِ سُنَّتِهِ، وَدَعَا لِمَنْ بَلَّغَهَا؛ فَلَوْ كَانَ مَنْ بَلَغَتْهُ لَا يَعْمَلُ بِهَا حَتَّى يَعْمَلَ بِهَا الْإِمَامُ فُلَانٌ، وَالْإِمَامُ فُلَانٌ لَمْ يَكُنْ فِي تَبْلِيغِهَا فَائِدَةٌ، وَحَصَلَ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ.
قيل:النَّسْخُ الْوَاقِعُ فِي الْأَحَادِيثِ الَّذِي أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ لَا يَبْلُغُ عَشْرَةَ أَحَادِيثَ أَلْبَتَّةَ بَلْ وَلَا شَطْرَهَا؛ فَتَقْدِيرُ وُقُوعِ الْخَطَأِ فِي الذَّهَابِ إلَى الْمَنْسُوخِ أَقَلُّ بِكَثِيرٍ مِنْ وُقُوعِ الْخَطَأِ فِي تَقْلِيدِ مَنْ يُصِيبُ وَيُخْطِئُ، وَيَجُوزُ عَلَيْهِ التَّنَاقُضُ َالِاخْتِلَافُ، وَيَقُولُ الْقَوْلَ وَيَرْجِعُ عَنْهُ، وَيَحْكِي عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ عِدَّةَ أَقْوَالٍ، وَوُقُوعُ الْخَطَأِ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْمَعْصُومِ عليه السلام أَقَلُّ بِكَثِيرٍ مِنْ وُقُوعِ الْخَطَأِ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْفَقِيهِ الْمُعَيَّنِ؛ فَلَا يُفْرَضُ احْتِمَالُ خَطَأٍ لِمَنْ عَمِلَ بِالْحَدِيثِ وَأَفْتَى بِهِ إلَّا وَأَضْعَافُ أَضْعَافِهِ حَاصِلٌ لِمَنْ أَفْتَى بِتَقْلِيدِ مَنْ لَا يُعْلَمُ خَطَؤُهُ مِنْ صَوَابِهِ.
وَالصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّفْصِيلُ:
فَإِنْ كَانَتْ دَلَالَةُ الْحَدِيثِ ظَاهِرَةً بَيِّنَةً لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْمُرَادِ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، وَيُفْتِيَ بِهِ، وَلَا يُطْلَبُ لَهُ التَّزْكِيَةُ مِنْ قَوْلِ فَقِيهٍ أَوْ إمَامٍ، بَلْ الْحُجَّةُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ خَالَفَهُ مَنْ خَالَفَهُ.
وَإِنْ كَانَتْ دَلَالَتُهُ خَفِيَّةً لَا يَتَبَيَّنُ الْمُرَادُ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ، وَلَا يُفْتِيَ بِمَا يَتَوَهَّمُهُ مُرَادًا حَتَّى يَسْأَلَ وَيَطْلُبَ بَيَانَ الْحَدِيثِ وَوَجْهَهُ.
وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ ثَمَّ نَوْعُ أَهْلِيَّةٍ وَلَكِنَّهُ قَاصِرٌ فِي مَعْرِفَةِ الْفُرُوعِ وَقَوَاعِدِ الْأُصُولِيِّينَ وَالْعَرَبِيَّةِ.
وَإِذَا لَمْ تَكُنْ ثَمَّةَ أَهْلِيَّةٌ قَطُّ فَفَرْضُهُ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا سَأَلُوا إذَا لَمْ يَعْلَمُوا، إنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ» [صحيح وضعيف سنن أبي داود تحقيق الألباني :حسن]
وَإِذَا جَازَ اعْتِمَادُ الْمُسْتَفْتِي عَلَى مَا يَكْتُبُهُ الْمُفْتِي مِنْ كَلَامِهِ أَوْ كَلَامِ شَيْخِهِ ؛ فَلَأَنْ يَجُوزَ اعْتِمَادُ الرَّجُلِ عَلَى مَا كَتَبَهُ الثِّقَاتُ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ.
وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ الْحَدِيثَ كَمَا لَوْ لَمْ يَفْهَمْ فَتْوَى الْمُفْتِي فَيَسْأَلُ مَنْ يُعَرِّفُهُ مَعْنَاهُ، كَمَا يَسْأَلُ مَنْ يُعَرِّفُهُ مَعْنَى جَوَابِ الْمُفْتِي، وَبِاَللَّهِ لتَّوْفِيقُ.

المصدر...


الساعة الآن 04:38 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM