شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   تفريغ المحاضرات و الدروس و الخطب ---------- مكتوبة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=350)
-   -   التحذير من عواقب الذنوب (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=266197)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 04-09-2016 06:54 PM

التحذير من عواقب الذنوب
 
التحذير من عواقب الذنوب


الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل






الحمدُ لله نحمَدُه، ونستَعِينه ونستَهدِيه، ونستَغفِره ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، دعا أمَّته لما فيه الخير، وحذَّرَها عمَّا فيه الشرُّ، صلَّى لله عليه وعلى آله وصَحابته، المهتدين بهديه والمقتفين لآثاره، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعدُ: فيا عباد الله:
اتَّقوا الله - تعالى - واحذَروا عُقوبته، ولا تغترُّوا بما أنتم فيه من نعمة، فإنَّ الله يُمهِل ولا يُهمِل، وإذا أخَذ فإنَّ أخْذه أليمٌ شديد، فقد انغَمَس الكثير في المعاصي، وانشغَل بالملذَّات، وتناسَى ثوابَ الله على الحسنات، وعِقابه على السيِّئات، ضعُف شأنُ الصلاة لدى الكثير؛ شيبًا وشبَّابًا، ذُكورًا وإناثًا، وشربوا المسكرات، وتعاطوا المخدرات، وأكَل الكثير الربا، وتحيَّلوا على أكْل الأموال بالباطل بأنواع الحِيَل، وتساكَت الناس وتداهنوا، وقلت الغيرة وضعف الإنكار، وأصبح العاقل لدى أكثر الناس هو مَن يُجارِي أهلَ زمانه ويُوافِقهم على ما لذَّ لهم، وإنْ كان باطلاً، وأصبح الناس في غفلةٍ عمَّا يُحِيط بهم، وكثُرت المواعظ ولكن قلَّ الاتِّعاظ؛ حروب، ودمار، وهتْك أعراض، وقتل نساء وأطفال، وسلب أموال، وخَراب دِيار، كلُّ ذلك يُحِيط بنا وكأنَّ شيئًا لم يكن، وكأنَّ ما يكون وقتيٌّ يَزُول بزوال الدنيا، وكأنَّه لم يكن هناك ثَواب وعقاب في الآخِرة، وجنَّه ونار، لقد غرق أكثر الناس في بحر الغفلة، وأصبح لا يحسُّ بما حوله وما يُراد به.

فيا عباد الله:
إنَّنا في حاجةٍ إلى التنبُّه، ومحاسبة النفوس، والرُّجوع إلى الله، فما نعيشُه اليوم ليس شيئًا مضمونًا لنا على كلِّ حال؛ فإنْ تمسَّكنا بتعاليم ربِّنا حَفِظنا النعمةَ التي نعيشُ فيها، وازددنا نعمةً عليها، وإنْ خالَفنا تعاليم ربِّنا وتساكَتْنا وأقرَرْنا المنكَر بين أظهُرِنا، فلا شكَّ أنَّنا على خطَر من أعمالنا السيِّئة، ولا ينبغي أنْ يغترَّ المنعَم عليه بما هو فيه من نعمة؛ فقد يكونُ ذلك ابتلاءً وامتحانًا واستدراجًا، فإذا تمادَى في غيِّه وضَلاله أُخِذَ على غرَّة، ولا شكَّ أنَّ ذلك من عُقوبات الذنوب والمعاصي؛ قال الحسن البصري: ((مَن وسَّع الله عليه فلم يرَ أنَّه يُمكَر به فلا رأي له)).

وقال - تعالى -: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 44].

وقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [آل عمران: 178].

فاحذَرُوا يا عباد الله أسبابَ العقوبات؛ فإنَّكم على خطَر، واعلَموا أنَّ دَوام النِّعَم مع الإصرار على المعاصي ليس دليلاً على الرضا، وإنما قد يكون ابتلاءً وامتحانًا ليتمادَى العاصي في عِصيانه؛ فيزداد عُقوبةً على عقوبته، فاشكُرُوا الله على نِعَمِه؛ بالعمل بأوامره، واجتناب نواهيه، فإنَّ نِعَمَ الله ما حُفِظَ موجودُها بمثل طاعته، ولا استُجلِب مفقودُها بمثل طاعته، فانتَبِهوا يا عباد الله لأنفسكم، واتَّعظوا بغيركم؛ فالسعيد مَن وُعِظَ بغيره، تناهوا فيما بينكم عن المنكرات، وخذوا على أيدي سفهائكم، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيته، وتحسَّسوا أمراضكم، وعالجوها بالداء الشافي قبل أنْ يستفحل الداء، ويصعب العلاج، ويتعذَّر الشفاء، انتَبِهوا ما دُمتُم في زمان المهلة، وقبل أنْ يحلَّ بكم ما حلَّ بغيركم ممَّن أضاعَ أوامر الله وارتكب محارمه، فإنَّكم ما حُفِظتم إلا بتمسُّككم بطاعة ربِّكم، فحافِظُوا عليها، وأقلِعوا عمَّا وقعتُم فيه من مَعاصٍ، وارجعوا إلى ربكم، فإنَّ سعادتكم وراحتكم واطمِئنانكم في المحافظة على ما يُرضِي ربكم، وإنَّ الشقاوة في الدُّنيا والآخِرة في البُعد عن منهج الله وصِراطه المستقيم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
قال الله العظيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18-20].

بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم، إنَّه هو التوَّاب الرحيم.

أقول هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

واعلَمُوا يا عباد الله أنَّكم على خطَر عظيم ممَّا وقعتُم فيه من ذنوب ومعاصٍ، وما تساكتُّم عليه ممَّا وقع فيه غيركم، وأنتم في بلادٍ حَفِظَها الله بالتمسُّك بتعاليم الدِّين، فلا تُغيِّروا ما أنتم فيه من نعمةٍ فيُغيِّر الله عليكم، إنَّ الله لا يُغيِّر ما بقوم حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم، فتعاونوا على البرِّ والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، وخُذُوا على أيدي السُّفهاء لتسلَمُوا جميعًا؛ فإنَّكم في سفينةٍ واحدة، واحذَرُوا من التخاذُل والمداهنة وإرضاء الخلق بما يُغضِب الخالق قبل أنْ يعمَّ البلاء الصالح والطالح، واعلَمُوا أنَّه لا نجاةَ لكم إلا بإصلاح ما فسَد من أُموركم، وإصلاح مَن تحت أيديكم من الأهل والأولاد، والتآمُر بالمعروف والتناهي عن المنكر فيما يُحِيطُ بكم، وعدم إرضاء الناس بما يُسخِط الرب - جلَّ وعلا - فمَن أرضى الناس بسخَط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومَن أرضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، فلا بُدَّ من مجاهدة النفس، والهوى، والشيطان، فالكلُّ أعداء، وترك الناس على المعاصي ضررٌ على الجميع، ومن آثارها منعُ القطر من السماء حتى عَمَّ الضرر الحيوانات، وتلك من معاصي بني آدم.


فاتَّقوا يا عباد الله وأتَمِروا بأوامره، وانتهوا بنواهيه.







المصدر...


الساعة الآن 11:06 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM