شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   العلوم و التكنولوجيا --- كل جديد ---- في كل المجالات (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=313)
-   -   حتى لا تملأ نفسك إحباطا (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=191620)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 09-07-2015 07:27 PM

حتى لا تملأ نفسك إحباطا
 
حتى لا تملأ نفسك إحباطا
أ. حسام الحفناوي



فَطَر اللهُ تعالى نفوسَ البشر على الاقتداء، فما من إنسان إلا ويتَأَسَّى بمن يراه أهلًا لذلك، ويُكِنُّ له مشاعر الحب والتوقير، سواء كان ذلك بما عرفه عنه مباشرة من جميل الصفات، ومُسْتَحْسَن الشَّمائل، أو بما تَنَاهى إلى مَسامعه مما يَتَناقله الناسُ، ويَفْشُو بين الخاص والعام منهم.


وقد نَصَب اللهُ تعالى للبشرية رُسُلَه عليهم الصلاة والسلام مَنارات يُهْتَدي بها، مما يُلَبِّي تلك الحاجة الفِطْرية إلى تَقَفِّي آثار القُدُوات، وتَتَبُّع سِيَر الأُسَا[1]، قال الله تعالى بعد أن ذكر العديد من الرسل والأنبياء الكرام عليهم السلام: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام:90]، وقال سبحانه عن خاتم رسله محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام:﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب:21].


وقد جعل اللهُ تعالى أصحابَ سيد المرسلين في المرتبة التالية للرسل الكرام في الاقتداء؛ فقد اختارهم لصُحْبة خيرِ الرسل، وحَمَّلهم أمانةَ تبليغ آخر الرسالات السماوية المُنَزَّلة، ثم يليهم في المرتبة مَنْ اتَّبَعهم بإحسان من التابعين، ممن تَلَقَّى عنهم الشرع قولًا وعملًا، ثم أتباع التابعين ممن أخذ عن هؤلاء، وسار على مِنْوالهم.


قال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذلك الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة:100].


وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ".[2]

وكلما اقترب العبدُ في التَّأَسِّي من خير القُدُوات، كلما صار أهلًا لأن يُقْتَدى به، بقَدْر اقْتِفائه لآثارهم، وتَبْقى القدوةُ البشرية المطلقة مُتَمَثِّلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يُقْتَدى بمن دونه إلا بقَدْر الاهتداء بهَدْيِه عليه الصلاة والسلام، فإن خالَفه في قليل أو كثير، رُدَّت عليه مخالفتُه.


وكثيرًا ما يُفْرِطُ الناس في تعظيم القُدُوات المشاهير من المعاصرين لهم، ويرسمون صورًا خيالية مُوْغِلةً في المِثاليَّة والملائكيَّة عن صفاتهم، وطبائع نفوسهم، ويَحْلُمون بيوم يرونهم فيه عن قُرْب، ويتَشَوَّقون إلى مُشافَهتهم كِفاحًا[3]، ومُصافَحتهم دونما حائل، ويَعُدُّون مُعايَشَتَهم، ومُرافَقَتَهم من أَسْمى الأَمْانِي، وأَجَلِّ المَطامِح.


فإذا قَدَّر الله تعالى لهم مُخالَطَتَهم، أو عرفوهم عن كَثَب، فإما أن يجدوهم على النحو الذي تَصَوَّروه في مُخَيِّلتهم - وربما أَمْثَل منه - فتُسَرُّ نُفوسُهم المُتَلَهِّفة للقُدوات العاملة، وتَسْعَد أَفْئِدتُهم المُتَشَوِّفة للأُسَا الرَّبانِيَّة، وإما أن يُصْدَموا باتساع الفرق بين الصورة الذِّهْنِيَّة المُتَخَيَّلة، والواقع الحقيقي المُعَاش، ويُفْجَعوا بما يرونه من الخِلال والسِّمات، التي لم يَجُل بخاطرهم يومًا أن يَتَّصِف بها من أَفْرَطوا في محبتهم، وأَوْغَلوا في رفع قَدْرهم.


فمن نماذج الأول: أن عليَّ بن حُجْر قد الْتَقَى عليَّ بن خَشْرَم - وكلاهما من كبار حُفَّاظ الحديث وشيوخ الإمام مسلم وبعض أصحاب السنن والأول من شيوخ البخاري أيضًا - فقال علي بن حُجْر لعلي بن خَشْرَم:
وُصِفْتَ فأَحْببناك من غير خِبْرةٍ فلما اخْتَبَرْنا حُزْتَ ما كنتَ تُوصَفُ


فقال علي بن خَشْرَم له:
ووافيتُ مُشتاقًا على بعد شُقَّةٍ فلما التقينا صَغَّر الخَبَرَ الخُبْرُ[4]

ومن أمثلة سُمُو الخُبْر عن الخَبَر: ما رواه ابن إسحاق في سِيْرَته عمن لا يَتَّهِمه من رجال طَيِّئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما قَدِم عليه وَفْدُهم، وفيهم سَيِّدُهم زَيْدُ الخَيْل: "ما ذُكِرَ لي رجلٌ من العَرَبِ بفَضْلٍ، ثُمَّ جَاءَنِي، إلَّا رَأَيْتُهُ دُونَ مَا يُقَالُ فِيهِ، إلَّا زَيْدَ الْخَيْلِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ كُلَّ مَا كَانَ فِيهِ"، ثم سَمَّاه رسولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم زَيْدَ الْخَيْرِ.[5]

وفي نفس المعنى قول الشاعر العربي القديم:
كانت مُساءلةُ الرُّكْبانِ تُخْبِرُنِى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
عن أحمدَ بن سعيدٍ أَطْيَبَ الخبَرِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

حتى التقَيْنا فلا والله ما سَمِعَتْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أُذْني بأَحْسَن مما قد رأى بَصَرِي[6] http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




ومن نماذج الثاني: المَثَلُ العربي القديم: تَسْمَعُ بالمُعَيِديِّ خَيْرٌ مِنْ أنْ تَرَاهُ[7]، وكانت العرب تضرب بذلك المَثَلَ فيمن لم يوافق خُبْرُه خَبَرَه في الظاهر، ويَنْدَرِج فيه من باب أولى مَنْ خالَفت سيرتُه الفِعْلِيَّة صورتَه المُتَوَهَّمة في عقول الناس وقلوبهم.


دخل كُثَيِّر عَزَّة على عبد الملك بن مروان يومًا - وكان قصيرًا دَمِيْمًا تزدريه العَيْن - فاستشهد عبد الملك بذلك المثل العربي، فقال كُثَيِّر: إنما المَرْءُ بأَصْغَرَيه، قلبه ولسانه، ثم أنشد يقول:
تَرى الرجلَ النَّحيفَ فتَزْدَريهِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وفي أثْوابِهِ أسَدٌ هَصورُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ويُعْجِبُك الطَّريرُ فتَبْتَليهِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فَيُخْلِفُ ظنَّكَ الرجلُ الطَّريرُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

بُغاثُ الطيرِ أطولُها رِقابًا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولَمْ تَطُلِ البُزاةُ ولا الصُّقورُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

خَشاشُ الطيرِ أكْثرُها فِراخًا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأمُّ الصَّقْرِ مِقْلاتٌ نَزورُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ضِعافُ الأسْدِ أكْثرُها زَئيرًا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأَصْرمُها اللَّواتي لا تَزيرُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وقَدْ عَظُمَ البعيرُ بِغيرِ لُبًّ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلَمْ يَسْتَغْنِ بالعِظَمِ البَعيرُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

يُنَوَّخُ ثُمّ يُضْربُ بالهَراوى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلا عُرْفٌ لَدَيْهِ ولا نَكيرُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

يُقَوِّدُه الصَّبِيُّ بكلِّ أرْضٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ويَنْحَرُه على التُّرْبِ الصَّغيرُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فما عِظَمُ الرِّجالِ لَهُمْ بِزَيْنٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولكِنْ زَيْنُهُمْ كَرَمٌ وخَيْرُ[8] http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



وقد لا يَسْلم من الصدمة الناشئة عن البَوْن الشاسع بين الصورتين - المُتَخَيَّلَة والواقعية - كبارُ العقلاء، وأَساطين العلم والدين؛ فقد كان الإمام الجليل عبد اللَّه بن المُبارَك يقول: لو خُيِّرْتُ بين أن أدخل الجنة، وبين أن أَلْقَى عبدَ اللَّه بن مُحَرَّر، لاخْتَرْتُ أن ألقاه، ثم أدخل الجنة، فلما رأيتُه، كانت بَعْرَةٌ أحب إليَّ منه.[9]

وقد رُوِي عن أبي الدرداء رضي الله عنه موقوفًا عليه، ومرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اخْبُرْ تَقْلُه"[10].


قال ابن الأثير: القِلَى: البُغْض، يُقال: قَلَاه، يَقْلِيه، قِلًى، وقَلًى، إذا أبْغَضَه، يقول: جَرِّب الناسَ، فإنك إذا جَرَّبْتَهم، قَلَيْتَهم، وتركتَهم؛ لما يظهر لك من بَواطِن سَرائرهم، ولَفْظُه لفظُ الأمر، ومعناه الخبر: أي مَنْ جَرَّبَهم، وخَبَرهم، أبْغَضهم، وتركهم، انتهى بتصرف يسير.[11]

وقال الزمخشري: أي امتحن كلَ من تُحِبُّه، يَظهر لك ما يُوْجِب بُغْضَه، يُضْرَب فِي قِلَّة تَوَقُّع الخَيْر عند الناس.[12]

فباختبار الناس، تظهر مَعادِنُهم، ولربما ظننت الخير فيمن لا يَحْويه، أو حَسِبْتَ خُلُوَ الرجل منه في الظاهر، فتَبَيَّن لك بالمخالطة عكس ما تظنه؛ فما كل بيضاء شَحْمة، ولا كل سوداء تمرة.


قال ابن عَمَّار عن شيخ الأئمة الحُفَّاظ يحيى بن سعيد القطان: كنت إذا نظرتَ إلى يحيى بن سعيد ظننت أنه رجل لا يُحْسِن شيئًا، فإذا تكلم، أَنْصَت له الفقهاء.[13]

وبعض الناس قد يُشْبِه الأشجار التي يُدْهِشُك جمالُها، لكنك لا تُحِصِّل منها أي ثَمَرة، فمناظرهُم مُسْتَحْسَنة، ومَخابِرهم مُسْتَقْبَحة، كما قال الشاعر:
لا تُعْجِبَنَّك الثيابُ والصورُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تْسِعةَ أَعْشار مَنْ ترى بَقَرُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

في شَجَر السَّرْو منهم مَثَلُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
له رُواءٌ وَمَاله ثَمَرُ[14] http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



وقد شَهِد رجلٌ عند عمر بن الخطَّاب رضي اللَّه تعالى عنه بشهادة, فقال له عمر: لستُ أَعرفُك, ولا يَضُرُّك أَلَّا أَعْرِفَك, ائْتِ بمَنْ يَعْرِفُك, فقال له رجلٌ من القوم: أنا أعرفُه, قال: فبأيِّ شيء تعرفُه؟ قال: بالعَدالَة والفضل, قال: فهو جارُك الأَدْنَى الذي تعرف ليلَه ونهارَه ومُدْخَلَه ومُخْرَجَه؟ قال: لا, قال: فمُعامِلُك بِالدِّينار والدِّرْهم اللَّذَيْن بهما يُسْتَدَلُّ على الوَرَع؟ قال: لا, قال: فرَفِيقُك في السَّفَر الذي يُسْتَدَلُّ به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا, قال: لستَ تَعْرفُه, ثم قال للرجل: ائْتِ بمَنْ يَعْرِفُك.[15]

فلا تَعْجَل في تَقييم الناس قبل وَزْنهم، ولا تُفْرط في رسم صورة ذِهْنِيَّة - سَلْبِيَّةٍ كانت أو إيجابية - قبل مُعاشَرتهم؛ فإنك إن عَجِلْتَ أو أَفْرَطْتَ، أَفْجَعْتَ نفسَك لا مَحالة، وجعلتَها عُرْضَةً لتوالي الصَّدَمات، مما يَمْلأ نفسَك إحْباطًا، ويُفْقِدُك الثقةَ بالناس جُمْلَةً، ويُشْعِرُك بخُلُو زمانك ممن يَصْلُح أن يرتقي لمَرْتبة الاقْتِداء والتَّأَسِّي.


[1] هي جمع أُسْوة، قال حريث بن زيد الخيل:
ولولا الأُسا ما عِشْتُ في الناس ساعةً ولكن إذا ما شئتُ جاوَبَنِي مِثْلي
ويجوز الكسر فيها، فيُقال: إسوة، وتُجمع على إِسًا. انظر: تاج العروس للزبيدي (37 / 76،75).

[2] أخرجه البخاري، كتاب: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب: فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (برقم3651)، ومسلم، كتاب: فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم (برقم 2533) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

[3] أي وجهًا لوجه.

[4] رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (11/ 415)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 306)، وانظر: تهذيب الكمال للمزي (20/ 359)، والبيتان قالهما أبو الطيب المتنبي في قصيدة له في مدح علي ابن أحمد بن عامر الأنطاكي، مع اختلاف في الشطر الأول في البيت الأول، فلعله اقتبسهما إن صحت رواية الخطيب إلى الإمامين؛ لكونهما متقدمان عليه زمنيًا، وقد ذكر عدد من الأدباء أنه اقتبس معنى البيت الثاني من البيتين المنسوبين لأبي تمام الواردين بعده أعلاه، وذكر العميدي أن المتنبي أخذ معنى البيتين من قول عبيد الله بن طاهر:
قد بَلْوناه مرة بعد أخرى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فوجدناه صالحَ الآثار http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

واختبرنا منه خَلائقَ زُهْرًا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
صَغَّرَت ما أتى على الأخبار http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وقول بشار بن برد:
وإني لقادتني إليه محبتي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ورغبته في الشكر يحويه والحمدِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فما جئتُه حتى رأيتُ خَلائقًا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يُداوى بها المرضى ألذَّ من الشَّهْد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وصَغَّر في عيني اختبارُ خِصاله http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
محاسنَ أخبار أتتني على البُعْد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فكم نِعْمةٍ أُلْبِسْتُها بعد نِعْمةٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكم نَفْحَةٍ في جُوْده حَصُلَت عندي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


انظر: الوساطة بين المتنبي وخصومه لأبي الحسن الجرجاني (ص133)، والمثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لضياء الدين ابن الأثير (3/ 261،260)، وصبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي (2/ 336)، والصبح المُنْبِي عن حيثية المتنبي ليوسف البديعي الدمشقي (1/ 306)، والإبانة عن سرقات المتنبي لفظًا ومعنى لأبي سعد العميدي (ص135).

[5] رواه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (2/ 577)، ومن طريق ابن إسحاق رواه الطبري في تاريخه (3/ 145)، والبيهقي في دلائل النبوة (5/ 337)، وفي الإسناد جهالة وإرسال إن لكن إعضال. ورواه ابن سعد في الطبقات (1/ 243) عن شيخه الواقدي ـ وهو متروك الحديث ـ بإسنادين، في أحدهما هشام الكلبي ـ وهو متروك أيضًا ـ وكلا الإسنادان مُعْضَلٌ أيضًا. وإنما أوردت الخبر لتوضيح المعنى المراد، لا ليُنسب للنبي عليه الصلاة والسلام؛ لما في أسانيده من ضعف شديد.

[6] روي البيتان بألفاظ أخرى، وهما منسوبان لأبي تمام، قال ابن خلكان في وفيات الأعيان (1/ 362): والناس يروون هذين البيتين لأبي تمام في القاضي أحمد بن أبي دواد، وهو غلط، لأن البيتين ليسا لأبي تمام، وهم يروونهما عن أحمد بن دواد، وهو ليس بابن دواد، بل ابن أبي دواد، ولو قال ذلك، لما استقام الوزن. وقد اقتبس ابن هانئ الأندلسي هذين البيتين، وقالهما في جعفر بن رباح الكتامي، أحد قادة المعز لدين الله العبيدي، انظر: شرح ديوان المتنبي لأبي البقاء العكبري (2/ 155)، وتاريخ دمشق لابن عساكر (72/ 143)، والمثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لضياء الدين ابن الأثير (3/ 261،260)، وصبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي (2/ 336).

[7] مثل مشهور عند العرب، يُضْرَبُ لمن له ذِكْرٌ في الناس كبير، ولكن ليس له جسمٌ يملأ عينَ الناظر إليه، فلا يوحي مظهره الذي قد يُزْدَرَى بخبره ذائع الصيت، وقد يسبق المثل بأن، أو بلأن، ويروى أيضًا: تسمع بالمعيدي، لا أن تراه، والمعيدي تصغير معدي، نسبة إلى معد بن عدنان، وأصله بتشديد الدال، ثم خُفِّفت عند التصغير، كراهية اجتماع الساكنين، ويقال: بتشديد الدال. وقد اشتهر أن قائله النعمان بن المنذر، أو المنذر بن ماء السماء، وهما من ملوك العرب بالحيرة في الجاهلية، قاله في شقة بن ضمرة التميمي، وكان فاتكًا، يُغِيْر على مال النعمان بن المنذر، فيأخذه، ولا يقدرون، فأُعجب به النعمان لشجاعته وإقدامه، فأَمَّنَه، فلما حضر بين يديه، ورآه، استزرى مرآته؛ لأنه كان دميم الخِلْقة، فلما قال ما قال، مُستنكرًا أن توافق هيئتُه شهرتَه، رد عليه شقة بعبارة أخرى، طارت مثلًا في العرب، وهي قوله: إنما المرء بأَصْغَريه، قلبه، ولسانه، قال: إن نطق، نطق ببيان، وإن قاتل، قاتل بجنان، فقال: صدقت، لله درك، وكان بينهما محاورة، ثم جعله النعمان من خواصه. وقيل: إنه قاله في الصقعب بن عمرو النهدي، وكان رجلًا قصيرًا دميمًا، تقتحمه العين، ولكنه كان شريفًا. انظر: جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري (1/ 267،266)، ومجمع الأمثال للميداني (1/ 130،129)، والمستقصى في أمثال العرب (1/ 371،370)، وربيع الأبرار (2/ 201،200)، وكلاهما للزمخشري، وزهر الأكم في الأمثال والحكم لليوسي (3/ 176-178).

[8] الأبيات من قصيدة لكُثَيِّر عزة. انظر: أمالي القالي (1/ 47،46)، وزهر الآداب وثمر الألباب للحصري القيرواني (2/ 411،410)، والبداية والنهاية (9/ 279)، وزهر الأكم في الأمثال والحكم لليوسي (3/ 107).

[9] انظر: تهذيب الكمال للمزي (16/ 32)، والبعرة هي ما يخرج من بطون الإبل، والشاء، والبقر الوحشي، والأرانب، وغيرها. انظر: تاج العروس للزبيدي (10/ 218).

[10] أخرجه البزار في مسنده كما في البحر الزخار (10/ 40)، والطبراني في مسند الشاميين (2/ 358)، وأبو الشيخ الأصبهاني في أمثال الحديث (ص155)، وغيرهم مرفوعًا، قال البزار: والحديث منكر مرفوع، وأخرجه ابن المبارك في الزهد (ص61) موقوفًا بإسناد منقطع، والحديث كل طرقه ضعيفة، انظر: المقاصد الحسنة للسخاوي (ص69،68)، والسلسلة الضعيفة للألباني (5/ 129،128).

[11] انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدين ابن الأثير (4/ 106،105).

[12] انظر: المستقصى من أمثال العرب (1/ 93). وانظر للمزيد: جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري (1/ 106،105)، ومجمع الأمثال لأبي الفضل الميداني (2/ 363).

[13] انظر: تهذيب الكمال للمزي (31/ 339).

[14] البيت الثاني للشاعر ابن لنكك، وقد ذكر البيتين معًا المؤيد بالله يحيى بن حمزة في الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز (1/ 219). وانظر: ثمار القلوب في المضاف والمنسوب لعبد الملك الثعالبي (ص592)، وأسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني (ص116).


[15] أخرجه الخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية (ص83)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (14/ 237).







المصدر...


الساعة الآن 04:22 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM