تحذير الإمام ابن باز من وصية احمد خادم الحجرة النبوية
 

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فقد اطلعت على كلمة منسوبة للشيخ أحمد خادم الحرم النبوي الشريف بعنوان:(هذه وصية من المدينة المنورة عن الشيخ أحمد خادم الحرم النبوي الشريف) وقد سمعنا هذه الوصية المكذوبة على رسول الله  مرات كثيرة منذ سنوات متعددة، وقد زعم المفتري في هذه الوصية أشياء كثيرة هي من أوضح الكذب وأبين الباطل وقد سألت بعض أقارب الشيخ أحمد المنسوبة إليه هذه الفرية عن هذه الوصية فأجابني بأنها مكذوبة على الشيخ أحمد وأنه لم يقلها أصلاً، ولو فرضنا أن الشيخ أحمد المذكور أو من هو أكبر منه زعم أنه رأى النبي  في النوم أو في اليقظة، وأوصاه بهذه الوصية لعلمنا يقيناً كذبه أو أن الذي قال له ذلك شيطان لوجوه كثيرة منها:
1- أن الرسول  لا يُرى في اليقظة بعد وفاته، ومن قال خلاف ذلك فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم.
2- أن الرسول  لا يقول خلاف الحق. وهذه الوصية تخالف شريعته مخالفة ظاهرة، من وجوه كثيرة كما يأتي، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين وأتم عليهم النعمة ببعث رسوله محمد  وما أوحى إليه من الشرع الكامل، ولم يقبضه إليه إلا بعد الإكمال والتبيين، ومفتري هذه الوصية قد جاء في القرن الرابع عشر يريد أن يلبس على الناس دينهم، يترتب عليه دخول الجنة لمن أخذ بتشريعه، وحرمان الجنة ودخول النار لمن لم يأخذ بتشريعه، بل وجعلها أعظم من القرآن الكريم لأن من كتب القرآن الكريم وأرسله من بلد إلى بلد، أو من محل إلى محل، لم يحصل له هذا الفضل إذا لم يعمل بالقرآن الكريم، فكيف يحصل لكاتب الفرية وناقلها من بلد إلى بلد، ومن لم يكتب القرآن ولم يرسله من بلد إلى بلد لم يحرم شفاعة النبي  إذا كان مؤمناً به تابعاً لشريعته. وهذه الفرية الواحدة في هذه الوصية، تكفي للدلالة على بطلانها وكذب ناشرها، ولو أقسم مفتريها ألف قسم أو أكثر على صحتها، ولو دعا على نفسه بأعظـم العذاب وأشد النكال، فقد حلف إبليس اللعين لأبويكم آدم وحواء على أنه لهما من الناصحين وهو أعظم الخائنين.
ويدل على كذبها وبطلانها أمور كثيرة:
الأول: قوله فيها:(لأن من الجمعة إلى الجمعة مات مائة وستون ألفاً على غير دين الإسلام) لأن هذا من علم الغيب، والرسول  قد انقطع عنه الوحي بعد وفاته، وهو في حياته لا يعلم الغيب فكيف بعد وفاته:قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ]الأنعام:50[.
الثاني: قوله فيها:(من كتبها وكان فقيراً أغناه الله، أو مديوناً قضى الله دينه، أو عليه ذنب غفر الله له ولوالديه ببركة هذه الوصية) إلى آخره، وهذا من أوضح الدلائل على كذب مفتريها وقلة حيائه من الله لأن هذه الأمور الثلاثة لا تحصل بمجرد كتابة القرآن الكريم، فكيف تحصل لمن كتب هذه الوصية الباطلة؟
الثالث: قوله فيها:(ومن لم يكتبها من عباد الله اسود وجهه في الدنيا والآخرة) وهذا أيضاً من أقبح الكذب، فهؤلاء أمم كثيرة لم يكتبوها فلم تسود وجوههم، وههنا جمع غفير لا يحصيهم إلا الله قد كتبوها مرات كثيرة فلم يقض دينهم ولم يزل فقرهم.
الرابع: قوله فيها:(ومن يصدق بها ينجو من عذاب النار، ومن كذب بها كفر) لقد أعظم والله هذا الكذاب على الله الفرية، وقال والله غير الحق إن من صدّقها هو الذي يستحق أن يكون كافراً لا من كذّب بها، لأنها كذب لا أساس له من الصحة، ونحن نشهد الله على أنها كذب، وأن مفتريها كذاب يريد أن يشرع للناس ما لم يأذن به الله، ويدخل في دينهم ما ليس منه، والله قد أكمل الدين وأتمه لهذه الأمة قبل هذه الفرية بأربعة عشر قرناً. فانتبهوا أيها القراء، وإياكم والتصديق بأمثال هذه المفتريات، أو أن يكون لها رواج بينكم، فإن الحق عليه نور لا يلتبس على طالبه فاطلبوا الحق بدليله، واسألوا أهل العلم عما أشكل عليكم، وأما ما ذكره هذا المفتري من ظهـور المنكرات، فهذا أمر واقع، والقرآن والسنة قد حذرا منه غاية التحذير وفيهما الهداية والكفاية، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يَمُنَّ عليهم بإتباع الحق والاستقامة عليه والتوبة إلى الله سبحانه من سائر الذنوب فإنه التواب الرحيم القادر على كل شيء.



المصدر...