شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة مواضيع اسلامية هامة جداااااااااااااااااااااااا (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=294)
-   -   علاقة القرآن بالسنة في تراجم البخاري (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=250237)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 03-08-2016 11:25 PM

علاقة القرآن بالسنة في تراجم البخاري
 
علاقة القرآن بالسنة في تراجم البخاري


حازم جمعة



قال الشيخ الإمام الحافظ أبو عبدالله محمدُ بنُ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ بنِ المغيرةِ البخاريُّ رحمه الله تعالى، آمين:
كيف كان بَدْءُ الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

وقول الله جل ذكرُه: ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [النساء: 163].

لقد تضمَّنت الترجمة سؤالًا، أركانُه: الكَيْفُ، والبَدْءُ، والوحي، والرسولُ صلى الله عليه وسلم، وجاءت الآية لتُجيبَ عن هذه الأمور إجابةً مُجملةً يأتي تفصيلُها في وحي السنة:
1- فلو قسَّمْنا الوحي إلى إنذارٍ وبِشارة، فالمبتدَأُ به هو الأول؛ لأن الناس في حالة الشرك يناسبُهم الإنذارُ والتخويف؛ ولأنهم ما فعلوا شيئًا يستحقُّ البشارة بعد؛ لذلك فالبداية بالإنذار سنةُ الوحي مع الأنبياء من نوح عليه السلام إلى نبيِّنا صلوات ربي وسلامه عليه، فذِكرُ نوح في الآية يستدعي قولَه تعالى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [نوح: 1، 2].

وأول ما نزل على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعدَ صدر سورة العلق قولُه تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [المدثر: 1 - 5].

بدأ البخاريُّ رحمه الله بحديث الأعمال، واقتصر فيه على ما يدلُّ على الإنذار وما ينبغي أن يُهجَر، وحذَفَ ما يَدلُّ على البِشارة؛ فاقتصر على قوله: ((فمَن كانت هجرتُه إلى دنيا يُصيبُها، أو امرأةٍ يَنكحُها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه))، وهو ما يجبُ أن يحذرَ منه.

2- والوحيُ من حيث شدَّتُه على النبي صلى الله عليه وسلم ينقسمُ إلى قسمَيْنِ: أشد، وأقل شدةً، والأول هو ما يُبتدَأُ به، وجاء ذلك التقسيم مجمَلًا في الحديث الثاني؛ حديث "عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أن الحارثَ بنَ هشام رضي الله عنه سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ الله، كيف يأتيك الوحيُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحيانًا: يأتيني مثلَ صَلْصلةِ الجَرَس، وهو أشدُّه عليَّ، فيُفصَمُ عنِّي وقد وَعَيْتُ عنه ما قال، وأحيانًا يتمثَّل لي الملَك رجلًا، فيُكلِّمني فأعي ما يقولُ))، قالت عائشةُ رضي الله عنها: ولقد رأيتُه يَنزِلُ عليه الوحيُ في اليوم الشديدِ البردِ، فيَفْصِمُ عنه وإن جبينَه ليتفصَّدُ عرقًا".

وجاء تفصيلُ هذا الإجمال في حديثِ عائشةَ، وجابر، وابن عباس رضي الله عنهم:
أ- حديث عائشة: "حتى جاءه الحقُّ وهو في غار حراء، فجاءه المَلَك، فقال: اقرَأْ، قال: ((ما أنا بقارئٍ))، قال: ((فأخذَني، فغطَّني حتى بلَغ مني الجَهْدَ، ثم أرسلني، فقال: اقرَأْ، قلت: ما أنا بقارئٍ، فأخذني فغطَّني الثانية حتى بلغ مني الجَهْدَ، ثم أرسلني، فقال: اقرَأْ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطَّني الثالثة، ثم أرسلني، فقال: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [العلق: 1 - 3]))، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجفُ فؤادُه، فدخل على خديجةَ بنتِ خُوَيْلدٍ رضي الله عنها، فقال: ((زَمِّلوني زَمِّلوني))، فزمَّلوه حتى ذهب عنه الرَّوْع، فقال لخديجةَ وأخبرها الخبرَ: ((لقد خَشِيتُ على نفسي!)).

ب- جابر بن عبدالله الأنصاري، قال وهو يُحدِّث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: ((بينا أنا أمشي إذ سَمِعْتُ صوتًا من السماء، فرفعتُ بصري، فإذا المَلَكُ الذي جاءني بحراءَ جالسٌ على كرسيٍّ بين السماء والأرض، فرُعِبْتُ منه، فرَجَعْتُ، فقلت: زمِّلوني زمِّلوني)).

ج- عن ابن عباس في قولِه تعالى: ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾ [القيامة: 16] قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعالِجُ من التنزيل شدةً، وكان مما يُحرِّك شفتيه - فقال ابن عباس: فأنا أُحرِّكُهما لكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحرِّكُهما، وقال سعيدٌ: أنا أُحرِّكهما كما رأيتُ ابنَ عباس يحرِّكهما، فحرَّك شفتَيْه - فأنزل الله تعالى: ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 16، 17]، قال: جمعُه لك في صدرك ونقرأه: ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 18]، قال: فاستَمِعْ له وأَنْصِتْ: ﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [القيامة: 19]، ثم إن علينا أن تقرأَه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريلُ استمع، فإذا انطلق جبريلُ، قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه".

3- بدأ الوحي قليلًا، ثم فتَر الوحي، ثم حَمِي وتتابع:
أ- ففي حديث عائشة: "ثم لم يَنشَبْ ورقةُ أن تُوفِّي، وفتَر الوحي".

ب- وفي حديث جابر: "فحَمِي الوحي وتتابع".

ج- وفي حديث ابن عباس الثاني: "وكان أجود ما يكون في رمضانَ حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارِسُه القرآن".

4- الوحيُ كلامُ الله تكلَّم به حقيقةً؛ ففي الآية المُترجَم بها: ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [النساء: 163]، ثم قال: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: 164]، فالذي أوحاه الله لموسى ولمحمد صلى الله عليهما وسلم هو كلامُ الله؛ لذلك قال ورقةُ: "هذا النَّاموس الذي نزَّل الله على موسى"، وقال الله تبارك وتعالى بعد تلك الآيات: ﴿ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 166]، ثم قال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ ﴾ [النساء: 170].

5- تواترت الشهاداتُ على صدق النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما أخبر عن ربِّه وأنه نبيٌّ:
أ- قولُ ورقة: "هذا النَّامُوس الذي نَزَّل اللهُ على موسى".

ب- وكتب النبيُّ لهِرَقل بصفته رسولًا، فقال: ((مِن محمدٍ عبدِ اللهِ ورسوله)).

ج-في حديث هِرَقل: "ثم كتب هِرَقل إلى صاحبٍ له بروميَّة - وكان نظيرَه في العلم - فلم يَرِمْ حمصَ حتى أتاه كتاب من صاحبه يُوافِقُ رأيَ هِرَقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبيٌّ".

د - وقال هِرَقل لعظماء الروم: "هل لكم في الفلاح والرُّشْد، وأن يثبتَ مُلكُكم، فتبايعوا هذا النبيَّ؟".

6- المخاطبون بالوحي هم الناسُ بعامة، وأهل الكتاب بخاصَّة، فأمر الناس في الآية بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 170]، ثم قال لأهل الكتاب: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا * لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 171 - 175]؛ فكان أول ما يدعوهم إليه أن يعبدوا اللهَ وحدَه ولا يشركوا به شيئًا، ثم يأمرهم بما يجب عليهم:
أ- ففي حديث هِرَقل: "وسألتك: بما يأمرُكم؟ فذكرتَ أنه يأمرُكم أن تعبدوا اللهَ ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمرُكم بالصلاةِ والصدق والعفاف، فإن كان ما تقولُ حقًّا، فسيَملِكُ موضعَ قدميَّ هاتين، وقد كنت أعلمُ أنه خارجٌ، لم أكن أظنُّ أنه منكم، فلو أني أعلمُ أني أَخْلُصُ إليه لتجشَّمْتُ لقاءه، ولو كنت عنده لغسلْتُ عن قدمه، ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دِحْية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هِرَقل، فقرأه فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ عبدِ اللهِ ورسوله إلى هِرَقل عظيمِ الروم، سلامٌ على من اتَّبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلِمْ تَسْلَمْ؛ يُؤتِك الله أجرَك مرتين، فإن تولَّيْت، فإن عليك إثمَ الأريسيِّين، و﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64].

وأيضًا فإن الحقَّ الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم يشمل هدْيَه وطريقتَه، وأقوالَه وأفعالَه، وسيرتَه ودعوتَه، ويظهر ذلك من أسئلة هِرَقل وأجوبة أبي سفيانَ، وما استنبطه هِرَقل من تلك المناقشة، حتى إنه قال: "فإن كان ما تقولُ حقًّا، فسيملك موضعَ قدميَّ هاتين".

وذكر في الآيةِ البرهان، وهو الدليلُ، وقد استعمل هِرَقل النظرَ واستدلَّ على صدق النبي صلى الله عليه وسلم من سيرته، في إشارةٍ إلى صحة وحي السنة، وأن الناظر فيها والمستدلَّ بها يصل إلى فهم النور المبينِ الواضح الذي أنزله اللهُ عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم.

والحمد لله أولًا وآخرًا.






المصدر...


الساعة الآن 10:29 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM