مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 142)
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 139 - 141)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=362158 ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فِيهَا خَلَعَ عُيَيْنَةُ بْنُ مُوسَى بْنِ كَعْبٍ نَائِبُ السِّنْدِ ( باكستان ) الْخَلِيفَةَ فَجَهَّزَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ الْعَسَاكِرَ صُحْبَةَ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، وَوَلَّاهُ السِّنْدَ وَالْهِنْدَ فَحَارَبَهُ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ ، وَقَهَرَهُ عَلَى الْأَرْضِ ، وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ . وَفِيهَا نَكَثَ أَصْبَهْبَذُ طَبَرِسْتَانَ الْعَهْدَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَتَلَ طَائِفَةً مِمَّنْ كَانَ بِطَبَرِسْتَانَ فَجَهَّزَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ الْجُيُوشَ صُحْبَةَ خَازِمِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَرَوْحِ بْنِ حَاتِمٍ، وَمَعَهُمْ مَرْزُوقٌ أَبُو الْخَصِيبِ ، مَوْلَى الْمَنْصُورِ فَحَاصَرُوهُ مُدَّةً طَوِيلَةً، فَلَمَّا أَعْيَاهُمْ فَتْحُ الْحِصْنِ الَّذِي هُوَ فِيهِ احْتَالُوا عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا الْخَصِيبِ قَالَ لَهُمُ : اضْرِبُونِي وَاحْلِقُوا رَأْسِي وَلِحْيَتِي . فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَذَهَبَ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ مُغَاضِبٌ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَدَخَلَ الْحِصْنَ فَفَرِحَ بِهِ الْأَصْبَهْبَذُ ، وَأَكْرَمَهُ وَقَرَّبَهُ وَجَعَلَ أَبُو الْخَصِيبِ يُظْهِرُ لَهُ مِنَ النُّصْحِ وَالْخِدْمَةِ حَتَّى خَدَعَهُ ، وَحَظِيَ عِنْدَهُ جِدًّا ، وَجَعَلَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَتَوَلَّى فَتْحَ الْحِصْنِ وَغَلْقَهُ فَلَمَّا تَمَكَّنَ عِنْدَهُ , كَاتَبَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ اللَّيْلَةَ الْفُلَانِيَّةَ فِي حَرَسِهِ , فَاقْتَرِبُوا مِنَ الْبَابِ حَتَّى أَفْتَحَهُ لَكُمْ. فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ , فَتَحَ لِلْمُسْلِمِينَ الْبَابَ وَدَخَلُوا فَقَتَلُوا مَنْ فِيهِ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ , وَسَبَوُا الذُّرِّيَّةَ وَامْتَصَّ الْأَصْبَهْبَذُ خَاتَمًا مَسْمُومًا فَمَاتَ. فَكَانَ مِمَّنْ أُسِرَ ( سُبِي ) يَوْمَئِذٍ : أُمُّ الْمَنْصُورِ بْنِ الْمَهْدِيِّ ، وَأُمُّ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ ، وَكَانَتَا مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ. وَفِيهَا عَزَلَ الْمَنْصُورُ نَوْفَلَ بْنَ الْفُرَاتِ عَنْ إِمْرَةِ مِصْرَ ، وَوَلَّى عَلَيْهَا حُمَيْدَ بْنَ قَحْطَبَةَ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ . وَفِيهَا تُوُفِّيَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَمُّ الْخَلِيفَةِ , وَنَائِبُ الْبَصْرَةِ ، وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَصَلَّى عَلَيْهِ أَخُوهُ عَبْدُ الصَّمَدِ. وَكَانَ كَرِيمًا جَوَادًا مُمَدَّحًا، كَانَ يَعْتِقُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَةَ نَسَمَةٍ، وَبَلَغَتْ صِلَاتُهُ لِبَنِي هَاشِمٍ وَسَائِرِ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ خَمْسَةَ آلَافِ أَلْفٍ. وَاطَّلَعَ يَوْمًا مِنْ قَصْرِهِ ، فَرَأَى نِسْوَةً يَغْزِلْنَ فِي دَارٍ مَنْ دُورِ الْبَصْرَةِ فَاتَّفَقَ أَنْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ : لَيْتَ الْأَمِيرَ اطَّلَعَ عَلَيْنَا ; فَأَغْنَانَا عَنِ الْغَزْلِ . فَنَهَضَ فَجَعَلَ يَدُورُ فِي قَصْرِهِ ، وَيَجْمَعُ مِنْ حُلِيِّ نِسَائِهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْجَوَاهِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا مَلَأَ بِهِ مِنْدِيلًا ، ثُمَّ دَلَّاهُ إِلَيْهِنَّ ، وَنَثَرَهُ عَلَيْهِنَّ فَمَاتَتْ إِحْدَاهُنَّ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ . وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا : عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ الْقَدَرِيُّ، مَوْلَاهُمْ، أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ ، شَيْخُ الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : لَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يُحَدَّثَ عَنْهُ . وَقَالَ عَلِيٌّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَزَادَ ابْنُ مَعِينٍ: وَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ ، كَانَ مِنَ الدَّهْرِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : إِنَّمَا النَّاسُ مِثْلُ الزَّرْعِ . ( لا يؤمن بوجود اليوم الآخِر ) وَأَثْنَى عَلَيْهِ آخَرُونَ فِي عِبَادَتِهِ وَزُهْدِهِ وَتَقَشُّفِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : هَذَا سَيِّدُ شَبَابِ الْقُرَى مَا لَمْ يُحْدِثْ ( يبتدع ) . قَالُوا : فَأَحْدَثَ وَاللَّهِ أَشَدَّ الْحَدَثِ . ( ابتدع القول بخلق القرآن ) قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرَعِ وَالْعِبَادَةِ إِلَى أَنْ أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ ، وَاعْتَزَلَ مَجْلِسَ الْحَسَنِ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ , فَسُمُّوا الْمُعْتَزِلَةَ ، وَكَانَ يَشْتُمُ الصَّحَابَةَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ , فَمَا لِلَّهِ عَلَى ابْنِ آدَمَ حُجَّةٌ. ( لا يؤمن بالقدر ) وَرُوِيَ لَهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ : حَدَّثَنَا الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: « إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ". حَتَّى قَالَ : " فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ; رِزْقُهُ وَأَجَلُهُ وَعَمَلُهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ». إِلَى آخِرِهِ فَقَالَ : لَوْ سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ يَرْوِيهِ لَكَذَّبْتُهُ ، وَلَوْ سَمِعْتُهُ مِنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ لَمَا أَحْبَبْتُهُ ، وَلَوْ سَمِعْتُهُ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ لَمَا قَبِلْتُهُ ، وَلَوْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَدَدْتُهُ ، وَلَوْ سَمِعَتُ اللَّهَ يَقُولُ هَذَا لَقُلْتُ : مَا عَلَى هَذَا أَخَذْتَ عَلَيْنَا الْمِيثَاقَ. وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الْكُفْرِ ، لَعَنَهُ اللَّهُ إِنْ كَانَ قَالَ هَذَا. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يَغُرُّ النَّاسَ بِتَقَشُّفِهِ ، وَهُوَ مَذْمُومٌ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ جِدًّا ، مُعْلِنٌ بِالْبِدَعِ . وَقَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: جَالَسَ الْحَسَنَ وَاشْتُهِرَ بِصُحْبَتِهِ ، ثُمَّ أَزَالَهُ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَقَالَ بِالْقَدَرِ وَدَعَا إِلَيْهِ ، وَاعْتَزَلَ أَصْحَابَ الْحَسَنِ ، وَكَانَ لَهُ سَمْتٌ وَإِظْهَارُ زُهْدٍ . وَكَانَ حَظِيًّا عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَفِدُ مَعَ الْقُرَّاءِ ، فَيُعْطِيهِمُ الْمَنْصُورُ , فَيَأْخُذُونَ ، وَلَا يَقْبَلُ عَمْرٌو مِنْهُ شَيْئًا ، فَكَانَ ذَلِكَ يُعْجِبُ الْمَنْصُورَ ; لِأَنَّ الْمَنْصُورَ كَانَ بَخِيلًا وَكَانَ الْمَنْصُورُ يَقُولُ : كُلُّكُمْ يَمْشِي رُوَيْدْ , كُلُّكُمْ يَطْلُبُ صَيْدْ , غَيْرَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدْ وَلَوْ تَبَصَّرَ الْمَنْصُورُ لَعَلِمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ الْقُرَّاءِ خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ ، وَالزُّهْدُ لَا يَدُلُّ عَلَى صَلَاحٍ ، فَإِنَّ بَعْضَ الرَّهَابِينَ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ مِنَ الزُّهْدِ مَا لَا يُطِيقُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي زَمَانِهِ . المصدر... |
الساعة الآن 04:25 AM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
mamnoa 2.0 By DAHOM