مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 161 - 162)
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 160)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=363554 ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ فِيهَا غَزَا الصَّائِفَةَ ثُمَامَةُ بْنُ الْوَلِيدِ , فَنَزَلَ دَابِقَ , وَجَاشَتِ الرُّومُ عَلَيْهِ , فَلَمْ يَتَمَكَّنِ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الدُّخُولِ إِلَيْهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ . وَفِيهَا أَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِحَفْرِ الرَّكَايَا , وَعَمَلِ الْمَصَانِعِ , وَبِنَاءِ الْقُصُورِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ , وَوَلَّى عَلَى ذَلِكَ يَقْطِينَ بْنَ مُوسَى , فَلَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ , حَتَّى صَارَتْ طَرِيقُ الْحِجَازِ مِنْ أَرْفَقِ الطُّرُقَاتِ وَآمَنِهَا وَأَطْيَبِهَا . وَفِيهَا وَسَّعَ الْمَهْدِيُّ جَامِعَ الْبَصْرَةِ مِنْ قِبْلَتِهِ وَغَرْبِهِ . وَفِيهَا كَتَبَ الْمَهْدِيُّ إِلَى الْآفَاقِ أَنْ لَا تَبْقَى مَقْصُورَةٌ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ , وَأَنْ تُقَصَّرَ الْمَنَابِرُ إِلَى مِقْدَارِ مَا كَانَ مِنْبَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَفُعِلَ ذَلِكَ فِي الْمَدَائِنِ كُلِّهَا . وَفِيهَا اتَّضَعَتْ مَنْزِلَةُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ وَزِيرِ الْمَهْدِيِّ عِنْدَهُ , وَظَهَرَتْ عِنْدَهُ خِيَانَتُهُ فَضَمَّ إِلَيْهِ الْمَهْدِيُّ مَنْ يُشْرِفُ عَلَيْهِ , فَكَانَ مِمَّنْ ضُمَّ إِلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ , ثُمَّ أَبْعَدَهُ الْمَهْدِيُّ وَأَقْصَاهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ مُعَسْكَرِهِ . وَفِيهَا وَلِيَ الْقَضَاءَ عَافِيَةُ بْنُ يَزِيدَ الْأَزْدِيُّ , فَكَانَ يَحْكُمُ هُوَ وَابْنُ عُلَاثَةَ فِي عَسْكَرِ الْمَهْدِيِّ بِالرُّصَافَةِ . وَفِيهَا خَرَجَ بِخُرَاسَانَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى مَرْوَ , رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : الْمُقَنَّعُ . وَكَانَ يَقُولُ بِالتَّنَاسُخِ , وَاتَّبَعَهُ عَلَى ضَلَالَتِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَجَهَّزَ لَهُ الْمَهْدِيُّ عِدَّةً مِنْ أُمَرَائِهِ , وَأَنْفَذَ إِلَيْهِ جُيُوشًا كَثِيرَةً , مِنْهُمْ مُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ أَمِيرُ خُرَاسَانَ , فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِهِمْ مَا سَنَذْكُرُهُ . وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مُوسَى الْهَادِي بْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , وَهُوَ وَلِيُّ عَهْدِ أَبِيهِ , كَمَا قَدَّمْنَا . مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ : سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وهو سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ , أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ , وَعُبَّادِهِ , وَالْمُقْتَدَى بِهِمْ رَوَى عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ , وَرَوَى عَنْهُ خَلْقٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَغَيْرِهِمْ . قَالَ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو عَاصِمٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ : هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ . وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : كَتَبْتُ عَنْ أَلْفٍ وَمِائَةِ شَيْخٍ , هُوَ أَفْضَلُهُمْ . وَقَالَ أَيُّوبُ : مَا رَأَيْتُ كُوفِيًّا أُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ . وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ : مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْهُ . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ : مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنَ الثَّوْرِيِّ . وَقَالَ شُعْبَةُ : سَادَ فِي النَّاسِ بِالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ . وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : أَصْحَابُ الْحَدِيثِ ثَلَاثَةٌ : ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ , وَالشَّعْبِيُّ فِي زَمَانِهِ , وَالثَّوْرِيُّ فِي زَمَانِهِ . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : لَا يَتَقَدَّمُهُ فِي قَلْبِي أَحَدٌ . ثُمَّ قَالَ : أَتَدْرِي مَنِ الْإِمَامُ ؟ , الْإِمَامُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ . وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ : مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبِي شَيْئًا قَطُّ فَخَانَنِي . وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : لَأَنْ أَتْرُكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ يُحَاسِبُنِي اللَّهُ عَلَيْهَا , أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْتَاجَ إِلَى النَّاسِ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : أَجْمَعُوا أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ . وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ مَاتَ أَرْبَعًا وَسِتِّينَ سَنَةً . وَرَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ مِنْ نَخْلَةٍ إِلَى نَخْلَةٍ , وَهُوَ يَقْرَأُ : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } الزمر : 74 . أَبُو دُلَامَةَ , زَنْدُ بْنُ الْجَوْنِ الشَّاعِرُ الْمَاجِنُ , أَحَدُ الظُّرَفَاءِ , أَصْلُهُ مِنَ الْكُوفَةِ , وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ , وَحَظِيَ عِنْدَ أَبي جَعْفَرَ , لِأَنَّهُ كَانَ يُضْحِكُهُ , وَيُنْشِدُهُ وَيَمْدَحُهُ حَضَرَ يَوْمًا جِنَازَةَ امْرَأَةِ أَبي جَعْفَرَ , وَابْنَةِ عَمِّهِ , حَمَّادَةَ بِنْتِ عِيسَى - وَكَانَ أَبو جَعْفَرَ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهَا (حزن) - فَلَمَّا شَهِدَ الْقَبْرَ , نَظَرَ إِلَيْهِ أَبو جَعْفَرَ , ثُمَّ قَالَ لِأَبِي دُلَامَةَ : وَيْحَكَ يَا أَبَا دُلَامَةَ ! مَا أَعْدَدْتَ لِهَذَا ؟ فَقَالَ : ابْنَةَ عَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . فَضَحِكَ أَبو جَعْفَرَ حَتَّى اسْتَلْقَى , ثُمَّ قَالَ : وَيْحَكَ ! فَضَحْتَنَا بَيْنَ النَّاسِ . وَدَخَلَ يَوْمًا عَلَى الْمَهْدِيِّ يُهَنِّئُهُ بِقُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ وَأَنْشَدَهُ : إِنِّي حَلَفْتُ لَئِنْ رَأَيْتُكُ سَالِمًا . . . بِقُرَى الْعِرَاقِ وَأَنْتَ ذُو وَفْرِ لَتُصَلِّيَنَّ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ . . . وَلَتَمْلَأَنَّ دَرَاهِمًا حِجْرِي فَقَالَ الْمَهْدِيُّ : أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَعَمْ , وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا . فَقَالَ : هُمَا كَلِمَتَانِ , فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا . فَمَلَأَ حِجْرَهُ دَرَاهِمَ , ثُمَّ قَالَ لَهُ : قُمْ . فَقَالَ : إِذًا يَنْخَرِقُ قَمِيصِي . فَأُفْرِغَتْ فِي أَكْيَاسِهَا , ثُمَّ قَامَ وَأَخَذَهَا . وَذَكَرَ عَنْهُ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّهُ مَرِضَ ابْنُهُ , فَدَاوَاهُ طَبِيبٌ , فَلَمَّا عُوفِيَ قَالَ لَهُ : لَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ , وَلَكِنِ ادَّعِ عَلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ بِمَبْلَغِ مَا تَسْتَحِقُّهُ , حَتَّى أَشْهَدَ أَنَا وَوَلَدِي عَلَيْهِ . فَادَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ قَاضِي الْكُوفَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , وَقِيلَ : ابْنُ شُبْرُمَةَ فَأَنْكَرَ الْيَهُودِيُّ فَشَهِدَ عَلَيْهِ أَبُو دُلَامَةَ وَابْنُهُ فَلَمْ يَسْتَطِعِ الْقَاضِي أَنْ يَرُدَّ شَهَادَتَهُمَا , وَخَافَ مِنْ طَلَبِ التَّزْكِيَةِ ( لأن أبا دلامة من جماعة المهدي ) فَأَعْطَى الْقَاضِي الْمُدَّعِي الْمَالَ مِنْ عِنْدِهِ , وَأَطْلَقَ الْيَهُودِيَّ , وَجَمَعَ الْقَاضِي بَيْنَ الْمَصَالِحِ . المصدر... |
الساعة الآن 10:21 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
mamnoa 2.0 By DAHOM