شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة ------- علوم القران و التفسير (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=332)
-   -   براهين العليم الحكيم في خلقه البديع (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=182984)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 08-18-2015 04:14 PM

براهين العليم الحكيم في خلقه البديع
 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله المكرمين وعباده الصالحين



أهم خلاصة يمكن استنتاجها بعدما تقدمت
العلوم بكل أطوارها وأنساقها وتخصصاتها هي اقترابها من
العلم البرهاني القائم بعلم الله تعالى الذي أجلى لنا كل الحقائق العرفانية من خلال آياته المقروءة في صفحة هذا الكون بطريقة لا تضاهى فهي لا تخضع لأية نسقية أو نظم رياضية معروفة ومع ذلك بترابطاتها وأنساقها والتي أدت الى نظام هائل موزون ، فاذا كانت بعض جزئيات الذرة وما دونها
تتخذ مواصفات محكمة وغاية في العجب ، وهذا ما يجعلنا نتسائل عما يعني ذلك في مصطلح العلم المتعارف عليه ، ولعل هذا
السؤال يجعلنا ندرك بيقين أن العلم الالهي علم لا يضاهى وهو علم أبهى وأجل وما من سبيل لادراكه الا اذا تهذبت المدارك وسارت وفق سبيل سوي من الايمان واليقين ، وسينبهر العلم كلما اقترب من عالم النور والحقيقة ، فهذه الأجسام الهائلة في الصغر أي ما دون الذرة تختفي في أبعاد غير مكتشفة وهي حقا أخفى من السر ويبدو غريبا ومستحيلا على العقل ادراكه ، فالطبيعة المخلوقة لها تكافؤ الضدين مما يجعل الأشياء لها قدرا كبيرا من الحرية تجعلها قادرة على تحقيق تنوع هائل بعلم عظيم مكنون ، فالتفاعلات النووية أدت الى تكوين أزواج لا تحصى ونظائر مختلفة وهي خاضعة لغايات دقيقة مسطرة ، وهذه الطفرات هي التي جعلت هذا التنوع الحياتي وهذا الطيف العريض من المخلوقات والأشكال والألوان وهذا التباين الواسع في مكونات الوجود
وهذه الزوجية المتجلية في كل شيء، إنما هي صفة بثها الله بوحي منه سبحانه في كيان كل مخلوق حتى تشهد المخلوقات بإفراد الوحدانية للخالق ، فالله تعالى بعلمه وحكمته خلق من كل شيء زوجين حتى في أقصى تراكيب الذرة وما دونها وفي ذلك سر من الأسرار عاكس لنور المكوِّن في دلالة على تفرد الخالق سبحانه بإفراد الوحدانية وكمال الأحدية له وحده، وإضفاء صفة الزوجية على كل ما سواه، حتى يشكل الكون مرجعًا تجريبيًّا لتأسيس النماذج التفسيرية الموصلة إلى فهم حقيقة الوجود، فكان من أجل ذلك أن خُتمت الآية بقوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الذاريات:49) من قوله تعالى في محكم كتابه العزيز ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) الذاريات
ومن يتأمل طبيعة أنساق هذا الخلق المحكم البديع المتجلي في هذا الوجود والمتسم
بالكمال والجمال سيكتشف أن هذا الجمال يعد
أيضا معياراً في تناول العلوم وفلسفته ونظرياته بجمالية قوام مكنون الانسان ، والعالم الذي يعمى عن رؤية هذا الجمال لهو قليل الحظ من العلم ، لذلك فالنظرية مقنعة بفضل كمالها، وجمالها التجريدي ، ولهذا نجد أن الفيزياء الذرية المعاصرة قد نأت بالعلم عما كان يتسم به من اتجاه مادي
فالذرة وما دونها ألف الله تعالى بين جزئياتها المتماسكة بعلمه المحيط ، ومضاهاة هذا العلم الرهيب تتجلى حقائقه من أن هذه الجزيئات ليست في حاجة إلى أية إشارة أو ترابط من أجل التواصل مع بعضها ، وهذا ببساطة لأن الانفصال بينها هو مجرد وهم والانفصال الظاهر هو تصور من مستوى أعلى للحقيقة ولقد كشفت التجربة مدى سرعة تواصل الجزيئات الأصغر من الذرة مع بعضها البعض وفي الحقيقة أنه قد اكتُشف أن هذا الاتصال سريع للغاية، وأنه أسرع حتى من سرعة الضوء ، حيث كل شيء مرتبط ببعضه وتتصرف الجزيئة كما لو كانت تعرف مصير الجزيئة الأخرى وذلك لأن لديها المعلومات الخاصة بالجزيئة الأخرى داخلها ، اذن فالعلم اشار الى الترابط الحقيقي والى
الارتباط المطلق لكل شيء ببعضه بعضا ، فما فنيت اذن متعلقات علمه وحكمته
فكلمات الله لا تنقطع أبدا لأنها من عيون الحكمة ، ومن علم تام وكامل ومحيط كما أن ماء العين لا ينقطع عن عينه وكيف ينقطع وحكمة الحكيم تلقين من رب العالمين وفيض من خزائنه وخزائنه لا تنفذ فهو سبحانه عزيز لا يعجزه شئ وحكيم لا يخرج عن علمه وحكمته أمر
فلا علم من غير الاعتقاد بوجود تناسق وتناغم داخلي في الكون ، تناسق الأجزاء مع بعضها البعض ومع الكل الجامع
فعلمه تعالى بالاشياء هو عبارة عن حضور الأشياء بأسرها لديه تعالى ، و كل شيء هو رهن حضوره في محضر القدس تعالى ، ليس يعزب عنه شيء
فلم يكن هناك أبدا حجاب بينه تعالى و بين الأشياء ، و من ثَمَّ كان علمه تعالى حضورياً ، و كانت الأشياء بأسرها رهن حضورها في ساحة قدسه تعالى ، و حتى الزمان لا يصلح حاجزاً في هذا المجال .
إذن لا يختلف علمه بالأشياء بالنسبة إليه تعالى سواء قبل وجوداتها أم بعدها ، حيث صفحة الوجود ، في طولها و عرضها ، متساوية النسبة إلى ذاته المقدسة ، التي لا يحدّها زمان و لا مكان


المصدر...


الساعة الآن 11:41 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM