شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة مواضيع اسلامية هامة جداااااااااااااااااااااااا (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=294)
-   -   فالله الله في السرائر !! (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=262119)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 03-30-2016 02:04 PM

فالله الله في السرائر !!
 
بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي (وفقه الله)، نفعنا الله وإياكم بها.

فالله الله في السرائر !!

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إنَّ من أهم الأعمال المرضيَّة التي يُحبها رب البريَّة والتي ينبغي على المسلم أن يحرص عليها في هذه الدنيا الدنيَّة أن تكون سريرته من الشوائب والأمراض صافية نقيَّة،يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله- :"والسرائر جمع سريرة،وهي سرائر الله التي بينه وبين عبده ".التبيان في أقسام القرآن(ص 66)
لأنَّ صلاح الظواهر لا يكون بعد عون العزيز القادر إلا بإصلاح السرائر، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -:" فإذا حسنت السرائر أصلح الله الظواهر ".مجموع الفتاوى ( 3/ 277)
فلا نجاح ولا فلاح في الدارين بما هو ظاهر إذا فسدت النيات والضمائر، يقول الإمام ابن الجوزي – رحمه الله- :"فمن أصلح سريرته فاح عبير فضله، وعقبت القلوب بنشر طيبه.
فالله الله في السرائر، فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح ظاهر".صيد الخاطر ( ص 68)
فالأعمال التي تظهر وتُرى على الجوارح أيها الأحبة الأفاضل هي نتاج ما في القلب وثمرة ما تُخفيه البواطن،يقول الإمام ابن القيم-رحمه الله-:"الأعمال نتائج السرائر الباطنة،فمن كانت سريرته صالحة كان عمله صالحا،فتبدو سريرته على وجهه نورا وإشراقا وحياء،ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعا لسريرته لا اعتبار بصورته،فتبدو سريرته على وجهه سوادا وظلمة وشينًا وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنما هو عمله لا سريرته، فيوم القيامة تبدو عليه سريرته ويكون الحكم والظهور لها ".التبيان في أقسام القرآن(ص 66)
فما في القلب لابد أن يظهر على الأعضاء! لأن صلاحها هو بسبب صلاحه !وفسادها بسبب فساده! فعن النعمان بن بشير – رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا وَإِنَّ في الْجَسَدِ مُضْغَةً إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وَهِيَ الْقَلْبُ". رواه البخاري (52) ومسلم (1599) واللفظ له.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-:" وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على عدمه أو ضعفه،ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه وهى تصديق لما في القلب ودليلٌ عليه، وشاهد له، وهي شعبة من مجموع الإيمان المطلق وبعضٌ له، لكن ما في القلب هو الأصل لِمَا على الجوارح". مجموع الفتاوى ( 7 /644)
فالعاقل في الحقيقة أيها الأحبة الكرام هو من يعطي لهذا الأمر الهام المزيد من الجهد و الحرص والاهتمام، يقول الإمام ابن حبان – رحمه الله- : "والواجب على العاقل الاهتمام بإصلاح سريرته والقيام بحراسة قلبه عند إقباله وإدباره وحركته وسكونه". روضة العقلاء (ص27)
و يسأل دائما العزيز العلام بما كان يدعوه به خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام أن يُطَّهر قلبه من كل الأوباء والأدواء والآثام، فعن زيد بن أرقم الأنصاري – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول :"اللهم آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أنت خَيْرُ من زَكَّاهَا أنت وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا ". رواه مسلم (2722
يقول الإمام النووي – رحمه الله- :" ومعنى (زَكِّهَا) طهرها ولفظة (خَيْرُ) ليست للتفضيل بل معناه لا مُزكِّي لها إلا أنت كما قال ( أنت وَلِيُّهَا ) ".الشرح على صحيح مسلم ( 17 /41)
ولما كان هذا الفعل الكريم بهذه المنزلة العالية والثمرة الجليلة الغالية ولاَّه من سبقنا من الصالحين الاهتمام الكبير والوقت الكثير، فكانوا رحمهم العزيز القدير يتواصون به عند الالتقاء والتذكير، يقول الإمام محمد بن عبيد الله بن سعيد ، أبو عون الكوفي – رحمه الله ( ت: 111هـ) : "كان أهل الخير إذا التقوا يوصي بعضهم بعضا بثلاث، وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض بثلاث : من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح فيما بينه وبين الله كفاه الله الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ". رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ( 7 /162)
فمن كان من أصحاب السريرة النقيَّة والبواطن المرضيَّة فليحمد الكريم العلام على هذا الجود والإنعام ، يقول الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله- :"فإذا كانت السريرة جيدة صحيحة فأبشر بالخير". شرح رياض الصالحين (1/62)
ومن كانت سريرته خبيثة وطَويته قبيحة ومع هذا يُظهِر للناس الصلاح و أنه من أصحاب الحرص على ما فيه خير وفلاح ونجاح! فليراجع نفسه وليُبادر بالتوبة والرجوع إلى العزيز القادر قبل أن يأتي يومٌ تنكشف فيه السرائر ويظهر ما خفي وكان مستورا في الضمائر، (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) [ الطارق :9].
يقول الإمام الطبري- رحمه الله- :" وعُني بقوله (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) يوم تُخْتَبَرُ سرائر العباد، فيظهر منها يومئذ ما كان في الدنيا مستخفيًا عن أعين العباد من الفرائض التي كان الله ألزمه إياها، وكلَّفه العمل بها". تفسير الطبري (30/146)
ويقول الشيخ السعدي – رحمه الله- :"{يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} أي: تختبر سرائر الصدور، ويظهر ما كان في القلوب من خير وشر على صفحات الوجوه قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} ففي الدنيا، تنكتم كثير من الأمور، ولا تظهر عيانًا للناس، وأما في القيامة، فيظهر بر الأبرار، وفجور الفجار، وتصير الأمور علانية". تفسير السعدي ( ص919)
ويقول الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله- :"أما ما في القلوب فموعده يوم القيامة، تنكشف السرائر، ويحصل ما في الضمائر، ولهذا علينا أيها الأخوة أن نطهر قلوبنا قبل كل شيء ثم جوارحنا". شرح رياض الصالحين (3/281)
فعلى المسلم أيها الإخوة والأخوات أن يتعاهد نفسه ويعالجها مما يصيبها من الأدواء والأوباء! وليحذر أشد الحذر أن يغفل عنها لأنها ميالة للشهوات وأمَّارة بما فيه سوء ومنكرات، يقول رب البريات:( إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) [يوسف: 53].
يقول الإمام الطبري-رحمه الله- :"نفوس العباد تأمرهم بما تهواه، وإن كان هواها في غير ما فيه رضا الله". تفسير الطبري (13/3)
ويقول الإمام ابن القيم-رحمه الله-:" تأمر صاحبها- أي النفس-بما تهواه من شهوات الغي واتباع الباطل، فهي مأوى كل سوء، وإن أطاعها –أي صاحبها- قادته إلى كل قبيح وكل مكروه". إغاثة اللهفان (ص77)
وهذا كان دأب العقلاء والصالحين وهو طريق أهل الفلاح الموَّفقين، يقول الإمام ابن حبان – رحمه الله- :" العاقل يفتش قلبه في ورود الأوقات ويكبح نفسه عَن جميع المزجورات ويأخذها بالقيام في أنواع المأمورات..". روضة العقلاء (ص29)
لأنهم يعلمون أنَّ الخسران والحرمان يوم الوقوف بين يدي العزيز الرحمن سيكون من نصيب أصحاب النفوس الخبيثة و السرائر القبيحة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- :"فالنفوس الخبيثة لا تصلح أن تكون في الجنة الطيبة التي ليس فيها من الخبث شيء فان ذلك موجب للفساد أو غير ممكن ".مجموع الفتاوى ( 14/ 344)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجعلنا وإياكم من أصحاب السرائر النقيَّة والضمائر المرضيَّة ، وأن يٌجنبنا جميعا سُوء وخُبث الطويّة فهو سبحانه وليُّ ذلك وربُّ البريَّة.

وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أبو عبد الله حمزة النايلي


المصدر...


الساعة الآن 09:01 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM