شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   العلوم و التكنولوجيا --- كل جديد ---- في كل المجالات (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=313)
-   -   جوانب الارتباط بين الإسلام وقضايا التنمية: البعد العقدي (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=186271)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 08-26-2015 10:58 AM

جوانب الارتباط بين الإسلام وقضايا التنمية: البعد العقدي
 


جوانب الارتباط بين الإسلام وقضايا التنمية: البعد الاجتماعي



عبدالكريم بن عبدالرحمن الصالح



يسعى الإسلام إلى القضاء على التبعية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمع المسلم، وهذا هو غاية التنمية الاقتصادية والاجتماعية كما تعالجها جميع الاتجاهات النظرية المتصارعة.

فالمبدأ الإسلامي الذي يذهب إلى أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب – والحياة الاقتصادية تتطلب ثلاثة أنشطة وهي الزراعة والصناعة والتجارة. ولهذا وجب تنمية هذه المجالات والتنسيق بينها بشكل يحقق النمو والاستقلال الاقتصادي وقد أوضح ابن تيمية في كتابه " الحسبة " أن واجب الدولة أن تتدخل بالتنظيم والإجبار لإيجاد حاجات الأمة من الصناعات والزراعات والمرافق المعاشية العامة، وإعداد من يصلحون لها ويقومون بها. ويشير ابن تيميه " إلى ضرورة تدخل الدولة في تحديد أجور العمال وتحديد أسعار السلع في حالة المغالاة " وهذا ما ذكره الشيخ محمود شلتوت في كتابه " الإسلام عقيدة وشريعة ". وهذا يشير إلى أن الإسلام سبق كل الاتجاهات الحديثة في الأخذ بمبدأ التوجيه الاقتصادي وتطبيق الاقتصاد الموجه تحقيقاً للتوازن بين الفردية والجماعية وتحقيقاً للنمو الاقتصادي والاجتماعي للإنسان والمجتمع في ضوء العدالة والمساواة والأخوة بمفهومها الإسلامي الصحيح وليس بالمفهوم الليبرالي أو الماركسي القاصر (نبيل السمالوطي، 1418، ص:336).


للإسلام أسلوبه المتميز في مواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، فمواجهة مشكلة الفقر تقوم على عدة أسس منها تمكين كل قادر على العمل أن يعمل وهذا واجب من واجبات الدولة، سواء أكان العمل يدوياً أو ذهنياً. وقد كرم الإسلام كلاً من العاملين حتى لا يكون هناك احتقار للعمل اليدوي وبالتالي لا يوجد تفاوت بين الناس مصدره طبيعة العمل فكل الأعمال مكرمة طالما أنها شريفة. والإسلام يتيح الفرصة لكل ذي موهبة وقدرة من الانتفاع بموهبته وقدرته، وفي هذا ما يحقق النمو للفرد وللمجتمع معاً. وبالنسبة للعاجزين عن الكسب بسبب الشيخوخة أو المرض أو الأنوثة أو الصغر أو اليتم فإن الإسلام يؤمن لهم حياة كريمة عزيزة عن طريق عدة مصادر منها الزكاة المفروضة، والنفقات الواجبة، والكفارات والصدقات، ثم هناك بيت مال المسلمين وللفقير حق في هذا المال يعطى منه بانتظام. ويواجه الإسلام مشكلة التمايز والصراع الطبقي حيث يوضح حقيقة أن الإنسان هو أكرم المخلوقات وأن الله كرمه ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ ﴾ [الإسراء- 70] وأن الناس كلهم يرجعون إلى أصل واحد وهو آدم، وآدم من تراب. وأن معيار التمايز بين البشر ليس هو اللون أو الثراء أو الجاه أو السلطان.. الخ لكنه هو التقوى ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13] فالفقر والغنى في نظر الإسلام حقيقتان من حقائق الوجود الإنساني ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [الزخرف]. أما المعيار الثاني للتمايز بين البشر فهو " العلم " ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة – 11]. وقد عمل الإسلام على معالجة الطبقية القائمة على أسس اقتصادية من خلال نظم الزكاة والنفقات وكفالة الدولة للفقراء والمحتاجين من العجزة الذين ليس لهم أقارب أغنياء، ومن خلال ضوابط الملكية الخاصة، ومن خلال الحيلولة دون تضخم الثروات عن طريق الميراث الشرعي. كما عالج مشكلة الطبقية النفسية (الغرور والكبر...) عن طريق العبادات حيث تسوي بين الفقير والغني وحيث يشعر الجميع بالخضوع لله سبحانه وتعالى.. والعبادات تهذب النفوس وتؤكد التضامن بين المسلمين. أما الطبقية القائمة على التفاوت المعرفي فإن الإسلام يستخدم مصطلح الدرجات ويوظف العلم في خدمة الدين والدنيا بشرط أن يكون ملتزماً بالأطر الإسلامية، فقد استعاذ رسولنا عليه السلام من شر علم لا ينفع وأفضل الناس من تعلم العلم وعلمه.

كذلك فالإسلام يواجه مشكلة البطالة والتسول بالدعوة إلى العمل لكل قادر عليه، بوصفه الأساس للتمايز بين الناس ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ [فصلت – 33]. وهو السبيل إلى تعمير الكون وتحقيق التقدم والتنمية. وقد وجه القرآن الكريم أنظار المسلمين إلى تسخير الله كل ما في الأرض والسماوات والبحار للإنسان وما على الناس بعد هذا إلا السعي والعمل لاستغلال هذه الموارد الاقتصادية والتمتع بزينة الحياة الدنيا وطيباتها في إطار ما رسمه الله من ضوابط. ويرى الفقهاء أن من واجب الحاكم الإسلامي تأمين العمل لكل قادر عليه، وعلى الدولة تأمين وسائل العمل للعمال بغض النظر عن درجة بساطتها وتعقيدها، وقد خول الإسلام للحاكم أن يلزم أصحاب العمل بتشغيل العمال إذا امتنعوا عن ذلك ظلماً، كما أجاز له إلزام العاملين الراغبين عن العمل الذي يجيدونه على ممارسة هذا العمل إذا اقتضت المصلحة ذلك وهذا ما ذكره ابن القيم الجوزية في كتابه " الطرق الحكيمة "، فبعض الأعمال قد تكون فرض عين على بعض الأشخاص القادرين عليها في حال الاحتياج إليها وعدم وجود غيرهم. وللفقهاء كلام دقيق في هذه الجوانب. وينبه الإسلام إلى خطورة البطالة لما يمكن أن تؤدي إليه من انحرافات فكرية وسلوكية فقد قال الإمام أحمد " إذا جلس الرجل ولم يحترف دعته نفسه إلى أن يأخذ ما في أيدي الناس ". والإسلام يحارب البطالة في كل أشكالها (بشرط القدرة على العمل) حتى لدى غير المسلمين داخل الدولة الإسلامية. وهذا من شأنه توجيه الطاقة البشرية داخل المجتمع نحو التنمية والعمل المنتج المثمر (نبيل السمالوطي، 1418، ص:334).











المصدر...


الساعة الآن 04:08 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM