مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 45)
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 44)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...80#post2148980 ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فِيهَا عَزَلَ مُعَاوِيَةُ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ عن الْبَصْرَة , بَعْدَ أن تَوَلَّاها بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ , وَوَلَّى عليها زِيَادَ بن أبيه , فَقَدِمَ زِيَادٌ الْكُوفَةَ وَعَلَيْهَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ ررر فَأَقَامَ بِهَا لِيَأْتِيَهُ رَسُولُ مُعَاوِيَةَ بِوِلَايَةِ الْبَصْرَةِ , فَظَنَّ الْمُغِيرَةُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَلَى إِمْرَةِ الْكُوفَةِ , فَبَعَثَ إِلَيْهِ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ ررر لِيَعْلَمَ لَهُ خَبَرَهُ , فَاجْتَمَعَ بِهِ , فَلَمْ يَقْدِرْ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ , فَجَاءَ الْبَرِيدُ إِلَى زِيَادٍ أَنَّ يَسِيرَ إِلَى الْبَصْرَةِ , وَاسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ أيضا عَلَى خُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ , ثُمَّ جَمَعَ لَهُ الْهِنْدَ وَالْبَحْرَيْنَ وَعُمَانَ . فدَخَلَ زِيَادٌ الْبَصْرَةَ فِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى , فَقَامَ فِي أَوَّلِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا , وَقَدْ وَجَدَ الْفِسْقَ ظَاهِرًا فِي الْبَصْرَةِ , فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ , كَأَنَّكُمْ لَمْ تُسْمِعُوا مَا أَعَدَّ اللَّهُ مِنَ الثَّوَابِ لِأَهْلِ الطَّاعَةِ , وَالْعَذَابِ لِأَهْلِ الْمَعْصِيَةِ , أَتَكُونُونَ كَمَنْ طَرَفَتْ عَيْنُهُ الدُّنْيَا , وَسَدَّتْ مَسَامِعَهَ الشَّهَوَاتُ , فَاخْتَارَ الْفَانِيَةَ عَلَى الْبَاقِيَةِ ؟ . ثُمَّ مَا زَالَ زِيَادٌ يُقِيمُ أَمْرَ السُّلْطَانِ , وَيُجَرِّدُ السَّيْفَ , حَتَّى خَافَهُ النَّاسُ خَوْفًا عَظِيمًا , وَتَرَكُوا مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْمَعَاصِي الظَّاهِرَةِ , وَاسْتَعَانَ زِيَادٌ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ , فَوَلَّى عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ ررر الْقَضَاءَ بِالْبَصْرَةِ , وَوَلَّى الْحَكَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ ررر نِيَابَةَ خُرَاسَانَ , وَوَلَّى سَمُرَةَ بْنَ جُنْدَبٍ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ , وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنهم . وَكَانَ زِيَادٌ حَازِمَ الرَّأْيِ , ذَا هَيْبَةَ , دَاهِيَةً , وَكَانَ مُفَوَّهًا فَصِيحًا بَلِيغًا ; قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا سَمِعْتُ مُتَكَلِّمًا قَطُّ تَكَلَّمَ فَأَحْسَنَ , إِلَّا أَحْبَبْتُ أَنْ يَسْكُتَ ; خَوْفًا مِنْ أَنْ يُسِيءَ , إِلَّا زِيَادًا ; فَإِنَّهُ كَانَ كُلَّمَا أَكْثَرَ , كَانَ أَجْوَدَ كَلَامًا. وَقَدْ كَانَتْ لَهُ وَجَاهَةٌ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو , نَائِبُ زِيَادٍ عَلَى خُرَاسَانَ جَبَلَ الْأَشَلِّ عَنْ أَمْرِ زِيَادٍ , فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا , وَغَنِمَ أَمْوَالًا جَمَّةً , فَكَتَبَ إِلَيْهِ زِيَادٌ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ جَاءَ كِتَابَهُ أَنَّ يُصْطَفَى لَهُ كُلُّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ ( يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) يُجْمَعُ كُلُّهُ مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ. فَكَتَبَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو إِلَيْهِ : إِنَّ كِتَابَ اللَّهِ مُقَدَّمٌ عَلَى كِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , وَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَوْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ عَلَى عَبْدٍ فَاتَّقَى اللَّهَ , لَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا . ثُمَّ نَادَى فِي النَّاسِ أَنِ اغْدُوَا عَلَى قَسْمِ غَنِيمَتِكُمْ , فَقَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ , وَخَالَفَ زِيَادًا فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ , وَعَزَلَ الْخُمُسَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ الْحَكَمُ : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لِي عِنْدَكَ خَيْرٌ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ . فَمَاتَ بِمَرْوَ مِنْ خُرَاسَانَ ررر . وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ , وَكَانَ نَائِبَ الْمَدِينَةَ. وَالْوُلَاةُ وَالْعُمَّالُ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ . وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ ررر أَحَدُ كُتَّابِ الْوَحْيِ , وَهُوَ الَّذِي كَتَبَ هَذَا الْمُصْحَفَ الْإِمَامَ الَّذِي بِالشَّامِ , عَنْ أَمْرِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , وَهُوَ خَطٌّ جَيِّدٌ قَوِّيٌّ جِدًّا فِيمَا رَأَيْتُهُ , وَقَدْ كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ ذَكَاءً , تَعَلَّمَ لِسَانَ يَهُودَ وَكِتَابَهُمْ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا . وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ : الْخَنْدَقُ , وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً . وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ : " وَأَعْلَمَهُمْ بِالْفَرَائِضِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ " . وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْقَضَاءِ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ : كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ررر أَنَّهُ أَخَذَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالرِّكَابِ فَقَالَ لَهُ : تَنَحَّ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ : لَا , هَكَذَا نَفْعَلُ بِعُلَمَائِنَا وَكُبَرَائِنَا . وَقَالَ الْأَعْمَشُ , عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ فِي بَيْتِهِ , وَمَنْ أَزْمَتِهِ إِذَا خَرَجَ إِلَى الرِّجَالِ. مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ , وَقَدْ قَارَبَ السِّتِّينَ , وَصَلَّى عَلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ نَائِبُ الْمَدِينَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ مَاتَ الْيَوْمَ عِلْمٌ كَثِيرٌ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَاتَ حَبْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَفِيهَا مَاتَ سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ ررر عَنْ سَبْعِينَ سَنَةً , وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا , وَلَا عَقِبَ لَهُ . وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ ررر وَقَدِ اسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ عَلَى قُبَاءَ وَأَهْلِ الْعَالِيَةِ , وَشَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا , تُوُفِّيَ عَنْ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ سنة . وَفِيهَا تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها وَكَانَتْ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ , وَهَاجَرَتْ مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَتُوُفِّيَ عَنْهَا بَعْدَ بَدْرٍ , فَلَمَّا انْقَضَتْ عُدَّتُهَا عَرَضَهَا أَبُوهَا عَلَى عُثْمَانَ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجَتِهِ رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَبَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا , فَعَرَضَهَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا , فَمَا كَانَ عَنْ قَرِيبٍ حَتَّى خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَهَا. وَقَدْ أَجْمَعَ الْجُمْهُورُ أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سِتِّينَ سَنَةً . |
الساعة الآن 08:01 AM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
mamnoa 2.0 By DAHOM