شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة المتنوعة ------------الحج و العمرة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=299)
-   -   حلقات إذاعية "الحج والتزكية" (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=232534)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 02-09-2016 07:05 AM

حلقات إذاعية "الحج والتزكية"
 
حلقات إذاعية "الحج والتزكية": (1) فضل الحج والحرص على تحقيقه


أ. د. سليمان بن قاسم بن محمد العيد






الحج والتزكية _ حلقات إذاعية

الحلقة الأولى

فضل الحج والحرص على تحقيقه

أيها المستمعون الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم مع هذه الحلقة من برنامجكم (الحج وتزكية النفوس).

أخي المستمع الكريم:
إن تزكية النفس مما بعث الله به نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم، كما في قوله - سبحانه -: {كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون}[1].

وبالتزكية دعا إبراهيم عليه السلام لهذه الأمة، كما أخبر الله - سبحانه وتعالى - عنه بقوله: {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم }[2].

ومعنى يزكيهم: أي يطهرهم من رذائل الأخلاق، ودنس النفوس، وأفعال الجاهلية، ويخرجهم من الظلمات إلى النور.

كما أثنى الله - سبحانه وتعالى - على من زكى نفسه بقوله: {قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} قد أفلح من زكى نفسه؛ أي: طهرها من الذنوب، ونقاها من العيوب، ورقاها بطاعة الله، وعلاها بالعلم النافع والعمل الصالح[3].

كما أن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وهو خير البشر يدعو الله - سبحانه وتعالى - بزكاة النفس، كما ورد في (صحيح مسلم) من حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول، كان يقول: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَم،ِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا))[4].

أخي المستمع الكريم:
إذا كان الأمر كذلك فإن وسائل تزكية النفس كثيرة، ومن وسائل تزكية النفس ما فرضه الله - سبحانه وتعالى - على عباده من الفرائض كالحج مثلاً.

فالحج من أعظم الوسائل في تزكية النفس، فلو تأملت أخي المستمع الكريم ما قاله المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الفريضة، وأثرها في تزكية النفس وطهارتها، كما ورد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ))[5].

الرفث قال فيه ابن حجر في (الفتح): هو الجماع، وبطلق على التعريض به، وعلى الفحش في القول.

وقال الأزهري: الرفث اسم جامع لكل ما يريده الرجل من المرأة، وكان ابن عمر يخصه بما خوطب به النساء.
وقال عياض: هذا هو قول الله تعالى: {فلا رفث ولا فسوق}، والجمهور على أن المراد به في الآية: الجماع، والذي يظهر أن المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك، انتهى كلامه.

ولم يفسق : أي لم يأت بسيئة ولا معصية.

فمن خلا حجه من الرفث والفسوق حصل له من حجه أعظم زكاة لنفسه، وذلك بتنقيتها من ذنوبها، وكانت النتيجة أن يرجع من حجه كيوم ولدته أمه، أي بغير ذنوب، وقال ابن حجر في الفتح : ظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات.

وقال ابن العربي في شرحه على صحيح الترمذي: الطاعات إنما تكفر الصغائر، فأما الكبائر فلا تكفرها إلا الموازنة، لأن الصلاة لا تكفرها فكيف العمرة والحج، وقيام رمضان، ولكن هذه الطاعات ربما أثرت في القلب فأورثت توبة تكفر كل خطيئة.

أخي المستمع الكريم:
إن تأثير الحج من هذا الجانب في تكفير الذنوب من أعظم الأمور في تزكية النفوس، فالنفس الزكية هي التي تطهرت من ذنوبها، وهي التي تخلصت من أدرانها وعيوبها . فمن رام زكاة نفسه، وخلاصها، فليحرص على تطهير حجه من الرفث والفسوق.

ومما يؤكد هذا الأثر للحج: ما ورد في سنن الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ))[6]. فكما أن الكير ينقي الحديد مما علق به من الخبث، فإن الحج والعمرة فيهما زكاة للنفس ونقاء لها مما علق بها من الذنوب.

وفي هذا الجانب فإن الحاج يتهيأ له من الفرص في الخشوع والخضوع والانكسار بين يدي الله - سبحانه وتعالى - في طلب مغفرة ذنوبه، ما لا يتهيأ له في غيره، ومع هذا أيضاً فهو مسافر والمسافر مستجاب الدعوة، فربما دعا بما دعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزكاة نفسه: ((اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها))، ونحو ذلك من الأدعية التي تعود عليه بزكاة النفس وطهارتها، فوافقت تلك الدعوات باباُ مفتوحاً فكانت سبباً لسعادته في دنياه ونجاته في أخراه.

أيها المستمعون الكرام، حجاج بيت الله الحرام:
إنها ولله فرصة عظيمة لمن وفقه الله للحج، أن يُزكِّي نفسه مما تراكم عليها من الذنوب الكثيرة، التي ربما يعلمها الإنسان وربما لا يعلمها، فإنه معرض للخطايا بالليل والنهار، كما ورد في الحديث القدسي: ((يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم)).



ــــــــــــــــــــ
[1] سورة البقرة الآية 151.
[2] سورة البقرة، الآية 129.
[3] تفسير بن سعدي 7/633.
[4] كتاب الذكر والدعاء، حديث رقم 2722.
[5] كتاب الحج، حديث رقم 1820، 1521.
[6] كتاب الحج، حديث رقم 810.









المصدر...


الساعة الآن 11:03 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM