مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 85)
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 84)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=354183 ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ فِيهَا عَزَلَ الْحَجَّاجُ عَنْ إِمْرَةِ خُرَاسَانَ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ , وَوَلَّى عَلَيْهَا أَخَاهُ الْمُفَضَّلَ بْنَ الْمُهَلَّبِ وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ وَفَدَ مَرَّةً عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مَرَّ بِدَيْرٍ فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ فِيهِ شَيْخًا كَبِيرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ عَالِمًا . فَدُعِيَ لَهُ , فَقَالَ : يَا شَيْخُ , هَلْ تَجِدُونَ فِي كُتُبِكُمْ مَا أَنْتُمْ فِيهِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ لَهُ : فَمَا تَجِدُونَ صِفَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : نَجِدُهُ مَلِكًا أَقْرَعَ ، مَنْ يَقُمْ بِسَبِيلِهِ يُصْرَعُ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : الْوَلِيدُ . قَالَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ , قَالَ : ثُمَّ رَجُلٌ اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ , يُفْتَحُ بِهِ عَلَى النَّاسِ . قَالَ : أَفَتَعْرِفُنِي ؟ قَالَ : قَدْ أُخْبِرْتُ بِكَ . قَالَ : أَفَتَعْرِفُ مَا أَلِي ؟ ( هل تعرف ما أحكم من البلدان ؟ ) قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَمَنْ يَلِي الْعِرَاقَ بَعْدِي ؟ قَالَ : رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : يَزِيدُ . قَالَ : أَفِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِي ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي . قَالَ : أَفَتَعْرِفُ صِفَتَهُ ؟ قَالَ : يَغْدِرُ غَدْرَةً , لَا أَعْرِفُ غَيْرَهَا . قَالَ : فَوَقَعَ فِي نَفْسِ الْحَجَّاجِ أَنَّهُ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ , وَسَارَ سَبْعًا وَهُوَ وَجِلٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ , ثُمَّ بَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَسْتَعْفِيهِ مِنْ وِلَايَةِ الْعِرَاقِ ; لِيَعْلَمَ مَكَانَتَهُ عِنْدَهُ فَجَاءَ الْكِتَابُ بِالتَّقْرِيعِ وَالتَّأْنِيبِ وَالتَّوْبِيخِ , وَالْأَمْرِ بِالثَّبَاتِ , وَالِاسْتِمْرَارِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ ثُمَّ إِنَّ الْحَجَّاجَ جَلَسَ يَوْمًا مُفَكِّرًا , وَاسْتَدْعَى بِعُبَيْدِ بْنِ مَوْهَبٍ , فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ , فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ : وَيْحَكَ يَا عُبَيْدُ , إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَذْكُرُونَ أَنَّ مَا تَحْتَ يَدِي سَيَلِيهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : يَزِيدُ . وَقَدْ تَذَكَّرْتُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي كَبْشَةَ , وَيَزِيدَ بْنَ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ , وَيَزِيدَ بْنَ دِينَارٍ , فَلَيْسُوا هُنَاكَ , وَمَا هُوَ إِلَّا يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ فَقَالَ عُبَيْدٌ : لَقَدْ شَرَّفْتَهُ , وَعَظَّمْتَ وِلَايَتَهُ , وَإِنَّ لَهُ لَعَدَدًا وَجَلَدًا وَحَظًّا ، فَأَخْلِقْ بِهِ . ( أي : جدير بيزيد بن المهلب أن يكون هو من سَيَخْلُفُكَ على حُكم العراق ، وللعلم ، فإن يزيد بن المهلب هو أخو هند بنت المهلب زوجة الحجاج ، لكن المُلك عقيم ) فَأَجْمَعَ رَأْيُ الْحَجَّاجِ عَلَى عَزْلِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ , فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَذُمُّهُ وَيُخَوِّفُهُ غَدْرَهُ , وَيُخْبِرُهُ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْخُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ : قَدْ أَكْثَرْتَ فِي شَأْنِ يَزِيدَ ( أعطيتَه أكبر من حجمه ) فَسَمِّ رَجُلًا يَصْلُحُ لِخُرَاسَانَ فَوَقَعَ اخْتِيَارُ الْحَجَّاجِ عَلَى الْمُفَضَّلِ بْنِ الْمُهَلَّبِ , فَوَلَّاهُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَغَزَا الْمُفَضَّلُ بْن الْمُهَلَّبِ بَاذَغِيسَ وَغَيْرَهَا , وَغَنِمَ مَغَانِمَ كَثِيرَةً , وَامْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ ثُمَّ عَزَلَهُ الْحَجَّاجُ بِقُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ . وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ بِتِرْمِذَ . وسَبَبَ ذَلِكَ أَنَّهُ بَعْدَ مَقْتَلِ أَبِيهِ ، لَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ بَلَدٌ يَلْجَأُ إِلَيْهِ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَجَعَلَ كُلَّمَا اقْتَرَبَ مِنْ بَلْدَةٍ خَرَجَ إِلَيْهِ مَلِكُهَا فَقَاتَلَهُ , فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ تِرْمِذَ وَكَانَ مَلِكُهَا فِيهِ ضَعْفٌ , فَجَعَلَ يُهَادِنُهُ , وَيَبْعَثُ إِلَيْهِ بِالْأَلْطَافِ وَالتُّحَفِ , حَتَّى جَعَلَ يَتَصَيَّدُ هُوَ وَهُوَ , ثُمَّ عَنَّ لِلْمَلِكِ فَعَمِلَ لَهُ طَعَامًا , وَبَعَثَ إِلَى مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ : أَنِ ائْتِنِي فِي مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِكَ فَاخْتَارَ مُوسَى مِنْ جَيْشِهِ مِائَةً مِنْ شُجْعَانِهِمْ , ثُمَّ دَخَلَ الْبَلَدَ , فَأَكَلَ مِنْ طَعَامِ الْمَلِكِ , فَلَمَّا فَرَغَتِ الضِّيَافَةُ اضْطَجَعَ مُوسَى عَلَى جَنْبِهِ فِي دَارِ الْمَلِكِ , وَقَالَ : وَاللَّهِ لَا أَقْوَمُ مِنْ هُنَا حَتَّى يَكُونَ هَذَا الْمَنْزِلُ مَنْزِلِي , أَوْ يَكُونَ قَبْرِي فَثَارَ أَهْلُ الْقَصْرِ إِلَيْهِ فَحَاجَفَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ , ثُمَّ وَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ تِرْمِذَ , فَاقْتَتَلُوا , فَقُتِلَ مِنْ أَهْلِ تِرْمِذَ خَلْقٌ كَثِيرٌ , وَهَرَبَ بَقِيَّتُهُمْ وَاسْتَدْعَى مُوسَى بَقِيَّةَ جَيْشِهِ إِلَيْهِ , وَاسْتَحْوَذَ مُوسَى عَلَى الْبَلَدِ فَحَصَّنَهَا وَمَنَعَهَا مِنَ الْأَعْدَاءِ وَخَرَجَ مِنْهَا مَلِكُهَا هَارِبًا , فَلَجَأَ إِلَى إِخْوَانِهِ مِنَ الْأَتْرَاكِ فَاسْتَنْصَرَهُمْ فَقَالُوا لَهُ : هَؤُلَاءِ قَوْمٌ فِي نَحْوٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ بَلَدِكُمْ , لَا طَاقَةَ لَنَا بِقِتَالِ هَؤُلَاءِ . ثُمَّ ذَهَبَ مَلِكُ تِرْمِذَ إِلَى طَائِفَةٍ أُخْرَى مِنَ التُّرْكِ فَاسْتَصْرَخَهُمْ فَبَعَثُوا مَعَهُ قُصَّادًا نَحْوَ مُوسَى لِيَسْمَعُوا كَلَامَهُ فَلَمَّا أَحَسَّ بِقُدُومِهِمْ - وَكَانَ ذَلِكَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ - أَمْرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُؤَجِّجُوا نَارًا , وَيَلْبَسُوا ثِيَابَ الشِّتَاءِ , وَيُدْنُوا أَيْدِيَهُمْ مِنَ النَّارِ كَأَنَّهُمْ يَصْطَلُونَ بِهَا فَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَيْهِمُ الرُّسُلُ , رَأَوْا أَصْحَابَهُ وَمَا يَصْنَعُونَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ , فَقَالُوا لَهُمْ : مَا هَذَا الَّذِي تَفْعَلُونَهُ ؟ فَقَالُوا لَهُمْ : إِنَّا نَجِدُ الْبَرْدَ فِي الصَّيْفِ ، وَالْحَرَّ فِي الشِّتَاءِ فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا : مَا هَؤُلَاءِ بَشَرٌ , هَؤُلَاءِ جِنٌّ . ثُمَّ عَادُوا إِلَى مَلِكِهِمْ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا رَأَوْا فَقَالُوا : لَا طَاقَةَ لَنَا بِقِتَالِ هَؤُلَاءِ . ثُمَّ ذَهَبَ صَاحِبُ تِرْمِذَ فَاسْتَجَاشَ بِطَائِفَةٍ أُخْرَى فَجَاءُوا فَحَاصَرُوهُمْ بِتِرْمِذَ وَجَاءَ الْخُزَاعِيُّ فَحَاصَرَهُ أَيْضًا فَجَعَلَ مُوسَى يُقَاتِلُ الْخُزَاعِيَّ أَوَّلَ النَّهَارِ , وَيُقَاتِلُ آخِرَهُ الْعَجَمَ ثُمَّ إِنَّ مُوسَى بَيَّتَهُمْ , فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً وَأَفْزَعَ ذَلِكَ عُمَرَ الْخُزَاعِيَّ فَصَالَحَهُ وَكَانَ مَعَهُ ( حالفه ) فَدَخَلَ يَوْمًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ , وَلَيْسَ يَرَى مَعَهُ سِلَاحًا , فَقَالَ عَلَى وَجْهِ النُّصْحِ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ , إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِلَا سِلَاحٍ . فَقَالَ : إِنَّ عِنْدِي سِلَاحًا ، ثُمَّ رَفَعَ صَدْرَ فِرَاشِهِ ، فَإِذَا سَيْفُهُ مُنْتَضًى فَأَخَذَهُ عُمَرُ , فَضَرْبَ بِهِ مُوسَى حَتَّى بَرَدَ , وَخَرَجَ هَارِبًا ثُمَّ تَفَرَّقَ أَصْحَابُ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ . وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ أن الْحَجَّاجَ قَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يُزَيِّنُ لَهُ وِلَايَةَ الْوَلِيدِ مِنْ بَعْدِهِ , وَأَوْفَدَ إِلَيْهِ وَفَدًا فِي ذَلِكَ , عَلَيْهِمْ عِمْرَانُ بْنُ عِصَامٍ الْعَنْزِيُّ , فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَامَ عِمْرَانُ خَطِيبًا فَتَكَلَّمَ , وَتَكَلَّمَ الْوَفْدُ فِي ذَلِكَ , وَحَثُّوا عَبْدَ الْمَلِكِ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ أَبُوهُ مَرْوَانُ عَهِدَ بِالْأَمْرِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ , ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ فَهَاجَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ كَتَبَ لِأَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يَسْأَلُهُ أَنْ يَنْزِلَ عَنِ الْعَهْدِ الَّذِي لَهُ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ الْوَلِيدِ , أَوْ يَكُونَ وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ , فَإِنَّهُ أَعَزُّ الْخَلْقِ عَلَيَّ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ يَقُولُ : إِنِّي أَرَى فِي أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا تَرَى فِي الْوَلِيدِ . ( كما أنت تحب ابنك الوليد وتتمنى أن يكون خليفتك ، فأنا كذلك أتمنى أن يكون ابني هو خلفتي أيضا ، لأن عبد العزيز بن مروان ولي العهد ، ولو أصبح خليفة لكان ابنه أبو بكر هو ولي عهده ) فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَأْمُرُهُ بِحَمْلِ خَرَاجِ مِصْرَ ( واردات الخراج ) وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لَا يَحْمِلُ إِلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْخَرَاجِ وَلَا غَيْرِهِ , وَإِنَّمَا كَانَتْ بِلَادُ مِصْرَ بِكَمَالِهَا وَبِلَادُ الْمَغْرِبِ وَغَيْرُ ذَلِكَ كُلُّهَا لِعَبْدِ الْعَزِيزِ ; مَغَانِمُهَا وَخَرَاجُهَا وَحِمْلُهَا فَكَتَبَ عَبْدُ الْعَزِيزِ إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ : إِنِّي وَإِيَّاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ بَلَغْنَا سِنًّا لَمْ يَبْلُغْهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ إِلَّا كَانَ بَقَاؤُهُ قَلِيلًا , وَإِنِّي لَا أَدْرِي وَلَا تَدْرِي أَيُّنَا يَأْتِيهِ الْمَوْتُ أَوَّلًا ; فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ لَا تُغَثِّثَ عَلَيَّ بَقِيَّةَ عُمْرِي فَافْعَلْ . فَرَقَّ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ , وَقَالَ : لَعَمْرِي لَا أُغَثِّثُ عَلَيْكَ بَقِيَّةَ عُمْرِكَ . وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِابْنِهِ الْوَلِيدِ : إِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُعْطِيَكَهَا ، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنَ الْعِبَادِ عَلَى رَدِّ ذَلِكَ عَنْكَ . وَقَالَ لِابْنَيْهِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ : هَلْ قَارَفْتُمَا مُحَرَّمًا أَوْ حَرَامًا قَطُّ ؟ قَالَا : لَا وَاللَّهِ . فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ , نِلْتُمَاهَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ . فلما كانت هَذِهِ السَّنَةِ عَزَمَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى عَزْلِ أَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ إِمْرَةِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ , وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى إِرَادَةِ عَزْلِهِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَعْهَدَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ لِأَوْلَادِهِ : الْوَلِيدِ , ثُمَّ سُلَيْمَانَ , ثُمَّ يَزِيدَ , ثُمَّ هِشَامٍ , وأَنْ يَجْعَلَ الْأَمْرَ فِي أَوْلَادِهِ وَعَقِبِهِ , وَأَنْ تَكُونَ الْخِلَافَةُ بَاقِيَةً فِيهِمْ . وَذَلِكَ عَنْ رَأْيِ الْحَجَّاجِ وَتَرْتِيبِهِ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ . وَحَسَّنَ لَهُ ذَلِكَ أيضًا رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيُّ لكنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدَّرَ مَوْتَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَبَيْنَمَا هُمَا ( عبد الملك وروح بن زنباع ، يتشارون في الطريقة التي سيعزلون بها عبد العزيز ) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمَا قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ فِي اللَّيْلِ , وَكَانَ لَا يُحْجَبُ عَنْ عبد الملك أَيَّ سَاعَةٍ جَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ , فَعَزَّاهُ فِي أَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ . فَلَمَّا جَاءَهُ الْخَبَرُ بِمَوْتِ أَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيْلًا , نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الْعَزْمِ عَلَى عَزْلِهِ , وحَزِنَ وَبَكَى وَبَكَى أَهْلُهُ بُكَاءً كَثِيرًا عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَكِنْ سَرَّهُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ ابْنَيْهِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ ، فَإِنَّهُ نَالَ فِيهِمَا مَا كَانَ يُؤَمِّلُهُ لَهُمَا مِنْ وِلَايَتِهِ إِيَّاهُمَا الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ , فَتَمَكَّنَ حِينَئِذٍ مِمَّا أَرَادَ مِنْ بَيْعَةِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ . عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ , أَبُو الْأَصْبَغِ , الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ , ثُمَّ دَخَلَ الشَّامَ مَعَ أَبِيهِ مَرْوَانَ وَكَانَ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِ أَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ , وَوَلَّاهُ أَبُوهُ إِمْرَةَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ , فَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهَا إِلَى هَذِهِ السَّنَةِ وَشَهِدَ قَتْلَ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ كَمَا قَدَّمْنَا . وكَانَ يَلْحَنُ فِي كَلَامِهِ , ثُمَّ تَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ فَأَتْقَنَهَا وَأَحْسَنَهَا , فَكَانَ مِنْ أَفْصَحِ النَّاسِ , وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يَشْكُو خَتَنَهُ - وَهُوَ زَوْجُ ابْنَتِهِ - فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ مَنْ خَتَنَكَ ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ : خَتَنَنِي الْخَاتِنُ الَّذِي يَخْتِنُ النَّاسَ . فَقَالَ لِكَاتِبِهِ : وَيْحَكَ , بِمَاذَا أَجَابَنِي ؟ فَقَالَ الْكَاتِبُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَقُولَ مَنْ خَتَنُكَ ؟ فَآلَى عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى يَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ , فَمَكَثَ جُمُعَةً وَاحِدَةً فَتَعَلَّمَهَا , فَخَرَجَ وَهُوَ مِنْ أَفْصَحِ النَّاسِ , وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَجْزِلُ عَطَاءَ مَنْ يُعْرِبُ كَلَامَهُ , وَيَنْقُصُ عَطَاءَ مَنْ يَلْحَنُ فِيهِ فَتَسَارَعَ النَّاسُ فِي زَمَانِهِ إِلَى تَعَلُّمِ الْعَرَبِيَّةِ ( هذا يدلك على أن اللغة تزدهر بحسب اهتمام الدولة بها ، ويشهد التاريخ للأمويين أنهم أكثر الخلفاء اهتماما باللغة العربية ) قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ يَوْمًا لِرَجُلٍ : مِمَّنْ أَنْتَ ؟ , قَالَ مِنْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ . ( والمفروض أن يقول : من بني عبد الدار ) فَقَالَ : تَجِدُهَا فِي جَائِزَتِكَ ( ستجد نتيجة عدم تعلُّمك للغة في هديتك عندما تخرج ) فَنَقَصَهُ مِائَةَ دِينَارٍ . وَقَدْ تَرَكَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَثَاثِ وَالدَّوَابِّ ، مِنَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْإِبِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا يَعْجَزُ عَنْهُ الْوَصْفُ ، مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ : ثَلَاثُمِائَةِ مُدِّ ذَهَبٍ , غَيْرُ الْوَرِقِ ( الفضة ) وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أُحْضِرَ لَهُ الذهب فَقَالَ : وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُ بَعْرٌ حَائِلٌ بِنَجْدٍ . وَقَالَ : وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا , وَلَوَدِدْتُ أَنْ أَكُونَ هَذَا الْمَاءَ الْجَارِيَ , أَوْ نَبَاتَةً بِأَرْضِ الْحِجَازِ . وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ , كَرِيمًا جَوَادًا مُمَدَّحًا , فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَعْطَى النَّاسَ لِلْجَزِيلِ وَهُوَ وَالِدُ الْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , وَقَدِ اكْتَسَى عُمْرُ أَخْلَاقَ أَبِيهِ , وَزَادَ عَلَيْهِ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَكَانَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْأَوْلَادِ غَيْرُ عُمْرَ : عَاصِمٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَمُحَمَّدٌ وَالْأَصْبَغُ - مَاتَ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ , فَحَزِنَ عَلَيْهِ حُزْنًا كَثِيرًا , وَمَرِضَ بَعْدَهُ وَمَاتَ - وَسُهَيْلٌ , وَكَانَ لَهُ عِدَّةُ بَنَاتٍ : أُمُّ مُحَمَّدٍ , وَأُمُّ عُثْمَانَ , وَأُمُّ الْحَكَمِ , وَأُمُّ الْبَنِينَ , وَهُنَّ مِنْ أُمَّهَاتٍ شَتَّى , وَلَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ غَيْرُ هَؤُلَاءِ . كَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ ومَاتَ بعده أخوه عَبْدُ الْمَلِكِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ . ومَاتَ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي بَنَاهَا عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ مِصْرَ , وَحُمِلَ إِلَى مِصْرَ فِي النِّيلِ , وَدُفِنَ بِهَا . ذِكْرُ بَيْعَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ لِوَلَدِهِ الْوَلِيدِ , ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِأَخِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَانَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ , بُويِعَ لَهُ بِدِمَشْقَ , ثُمَّ فِي سَائِرِ الْأَقَالِيمِ , ثُمَّ لِسُلَيْمَانَ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ لَمَّا انْتَهَتِ الْبَيْعَةُ إِلَى الْمَدِينَةِ , امْتَنَعَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ فِي حَيَاةِ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَحَدٍ فَأَمَرَ بِهِ هِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ نَائِبَ الْمَدِينَةِ فَضُرِبَ سِتِّينَ سَوْطًا , وَأَلْبَسَهُ ثِيَابًا مِنْ شَعْرٍ , وَأَرْكَبَهُ جَمَلًا , وَطَافَ بِهِ فِي الْمَدِينَةِ , ثُمَّ أَمَرَ بِهِ , فَذَهَبُوا بِهِ إِلَى ثَنِيَّةِ ذُبَابٍ - وَهِيَ الثَّنِيَّةُ الَّتِي كَانُوا يَصْلُبُونَ عِنْدَهَا وَيَقْتُلُونَ - فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَيْهَا رَدُّوهُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَوْدَعُوهُ السَّجْنَ فَقَالَ لَهُمْ : وَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَا تَقْتُلُونَنِي لَمْ أَلْبَسْ هَذَا الْتُّبَّانَ . ثُمَّ كَتَبَ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يُعْلِمُهُ بِمُخَالَفَةِ سَعِيدٍ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يُعَنِّفُهُ فِي ذَلِكَ , وَيَأْمُرُهُ بِإِخْرَاجِهِ , وَيَقُولُ لَهُ : إِنَّ سَعِيدًا كَانَ أَحَقَّ مِنْكَ بِصِلَةِ الرَّحِمِ مِمَّا فَعَلْتَ بِهِ , وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ سَعِيدًا لَيْسَ عِنْدَهُ شِقَاقٌ وَلَا خِلَافٌ . ( وقد دفع هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثمن هذه الفعلة فيما بعد ) وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ سَعِيدًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا جَاءَتْ بَيْعَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ إِلَى الْمَدِينَةِ امْتَنَعَ مِنَ الْبَيْعَةِ فَضَرَبَهُ نَائِبُهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ - وَهُوَ جَابِرُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَوْفٍ - سِتِّينَ سَوْطًا أَيْضًا , وَسَجَنَهُ , فَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ نَائِبُ الْمَدِينَةِ وَكَانَ عَلَى الْعِرَاقِ وَالْمَشْرِقِ بِكَمَالِهِ الْحَجَّاجُ . وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ : أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ الْعَشَرَةِ . قَالَهُ يَحْيَى بْنُ الْقَطَّانِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : كَانَ ثِقَةً , وَكَانَ بِهِ صَمَمٌ , وَوَضَحٌ كَثِيرٌ ( برص ) وَأَصَابَهُ الْفَالِجُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ . وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ ررر أَسْلَمَ وَاثِلَةُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَجَهَّزُ إِلَى تَبُوكَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ . وكَانَ يَسْكُنُ الصُّفَّةَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ وَاثِلَةُ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «كَيْفَ أَنْتُمْ بَعْدِي إِذَا شَبِعْتُمْ مِنَ خُبْزِ الْبُرِّ وَالزَّيْتِ , فَأَكَلْتُمْ أَلْوَانَ الطَّعَامِ , وَلَبِسْتُمْ أَنْوَاعَ الثِّيَابِ , فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ أَمْ ذَلِكَ الْيَوْمُ ؟ » قَالَ : قُلْنَا : ذَلِكَ الْيَوْمُ . قَالَ : «بَلْ أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ » . قَالَ وَاثِلَةُ : فَمَا ذَهَبَتْ عَنَّا الْأَيَّامُ حَتَّى أَكَلْنَا أَلْوَانَ الطَّعَامِ , وَلَبِسْنَا أَنْوَاعَ الثِّيَابِ , وَرَكِبْنَا الْمَرَاكِبَ . شَهِدَ وَاثِلَةُ تَبُوكَ , ثُمَّ شَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ وَنَزَلَهَا . وَهُوَ آخِرُ مَنْ تُوَفِّيَ بِدِمَشْقَ مِنَ الصَّحَابَةِ , قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ . خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ كَانَ أَعْلَمَ قُرَيْشٍ بِفُنُونِ الْعِلْمِ , وَلَهُ يَدٌ طُولَى فِي الطِّبِّ وَكَانَ خَالِدٌ فَصِيحًا بَلِيغًا شَاعِرًا مُطْبِقًا كَأَبِيهِ , دَخَلَ يَوْمًا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِحَضْرَةِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ , فَشَكَا إِلَيْهِ أَنَّ ابْنَهُ الْوَلِيدَ يَحْتَقِرُ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : { إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً } فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : وَاللَّهِ لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ أَخُوكَ عَبْدُ اللَّهِ , فَإِذَا هُوَ لَا يُقِيمُ اللَّحْنَ . فَقَالَ خَالِدٌ : وَالْوَلِيدُ لَا يُقِيمُ اللَّحْنَ . فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : إِنَّ أَخَاهُ سُلَيْمَانَ لَا يَلْحَنُ . فَقَالَ خَالِدٌ : وَأَنَا أَخُو عَبْدِ اللَّهِ لَا أَلْحَنُ . فَقَالَ الْوَلِيدُ - وَكَانَ حَاضِرًا - لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ : اسْكُتْ , فَوَاللَّهِ مَا تُعَدُّ فِي الْعِيرِ وَلَا فِي النَّفِيرِ . فَقَالَ خَالِدٌ : اسْمَعْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ( اسمع ما يقوله ابنك ) ثُمَّ أَقْبَلَ خَالِدٌ عَلَى الْوَلِيدِ فَقَالَ : وَيْحَكَ , وَمَا هُوَ الْعِيرُ وَالنَّفِيرُ غَيْرُ جِدِّي أَبِي سُفْيَانَ صَاحِبِ الْعِيرِ , وَجَدِّي عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ صَاحِبِ النَّفِيرِ , وَلَكِنْ لَوْ قُلْتَ : غُنَيْمَاتٌ ، وَحُبَيْلَاتٌ ، وَالطَّائِفُ , وَرَحِمَ اللَّهُ عُثْمَانَ ، لَقُلْنَا : صَدَقْتَ . يَعْنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ الْحَكَمَ ( جد الوليد وأبو عبد الملك ) كَانَ مَنْفِيًّا بِالطَّائِفِ يَرْعَى غَنَمًا , وَيَأْوِي إِلَى حَبَلَةِ الْكَرَمِ , حَتَّى آوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ حِينَ وَلِيَ ( لأنه كان قريبه ) فَسَكَتَ الْوَلِيدُ وَأَبُوهُ , وَلَمْ يُحِيرَا جَوَابًا . المصدر... |
الساعة الآن 12:18 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
mamnoa 2.0 By DAHOM