شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة المتنوعة ------------الحج و العمرة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=299)
-   -   تعريف الأضحية وحكمها وفضلها (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=202757)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 09-23-2015 07:38 AM

تعريف الأضحية وحكمها وفضلها
 
تعريف الأضحية وحكمها وفضلها


الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر



تعريف الأضحية:
الأُضحِية: واحدة الأضاحي؛ وهي: ما يُذبَح من بهيمة الأنعام (الإبل، والبقر، والغنم)، أيَّام عيد الأضحى في الأمصار؛ تقرُّبًا إلى الله تعالى.

والذبائح التي تُذبَح عِبادة لله تعالى؛ وتقرُّبًا إليه هي: الهدي - الأضاحي - العقيقة، والقُربان للخالق يَقوم مَقام الفِدية عن النفس المستحقَّة للتلف، فكأنَّ العبد يفتَدِي نفسَه بما يتقرَّب به إلى الله تعالى من هذه الذبائح عند مُناسَباتها.

ولم يزل ذبح المناسك وإراقة الدِّماء على اسم الله مَشرُوعًا في جميع الملل؛ قال تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34].

حكم الأضحية:
لا خِلافَ في مشروعيَّة الأُضحِيَّة؛ فإنها من شَرائِع الدِّين، ومن أعظم شعائر الملَّة، وهي النُّسك العام في جميع الأمصار، وهي من ملَّة إبراهيم الذي أُمِرنا باتِّباعه، والنُّسك مقرونٌ بالصلاة كما في قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163] ، وقال تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2].

قال أهل التفسير: المراد بالنَّحر: ذبْح الأُضحِيَّة بعد صَلاة عيد الأضحى.

ولا شكَّ أنَّ صلاة الأضحى داخِلة في عُموم قوله: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾، وأنَّ الأُضحِيَّة داخِلة في عموم قوله: وَانْحَرْ ، وروى الإمام أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يُضحِّي".

وروى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يُضحِّي بكبشَيْن، وقال: وأنا أُضحِّي بكبشين".

وفي الصحيحين عنه رضي الله عنه أيضًا، قال: "ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشَيْن أملحَيْن أقرنَيْن، ذبحهما وسَمَّى وكبَّر، ووضَع رِجلَه على صِفاحهما".

وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَر بكبش أقرن يَطَأُ في سَواد، ويبرك في سواد، ويَنظُر في سواد، فأتى به ليُضحِّي به، فقال لها: "يا عائشة! هَلُمِّي المُديَة - السكين -"، ثم قال: "اشحذيها بحجر"، ففعلَتْ، ثم أخَذَها وأخَذ الكبش فأضجَعَه، ثم ذبَحَه، ثم قال: "بسم الله، اللهمَّ تقبَّل من محمد وآل محمد، ومن أمَّة محمد"، ثم ضحى به.

والأحاديث في مشروعيَّة الأُضحِيَّة كثيرةٌ، وسبَق قول ابن عمر رضي الله عنهما: "أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعني: بالمدينة) عشر سنين يضحي".

وقد واظَب خُلَفاء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الأُضحِيَّة في حَياته صلى الله عليه وسلم وبعدَ وَفاته، وكذلك المسلمون من بعدهم في سائر الأعصار والأمصار؛ فدَلَّ على مشروعيَّتها الكتابُ والسنَّة والإجماع.

والجمهور على أنها سنَّة مؤكَّدة (غير واجبة) في حَقِّ كلِّ مَن قدر عليها من المسلمين المقيمين والمسافرين، إلاَّ الحجَّاج بمنى، فاختار أكثرُ أهل العلم أنهم لا أُضحِيَّة عليهم؛ فإنَّ الأُضحِيَّة لغير الحجاج، وأمَّا الحجاج فالمشروع في حقِّهم الهدي.

قال أحمد: يُكرَه تركُها مع القدرة.

قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: أكثر أهل العلم على أنها سنَّة مؤكَّدة غير واجبة.

وقال الطحاوي: وليس في الآثار ما يدلُّ على وجوبها.

وذهَب جماعةٌ من أهل العلم إلى وجوبها، فأوجَبَها الإمام أبو حنيفة رحمه الله على كُلِّ مسلم حرٍّ، مُقِيم بين المسلمين، مالِكٍ للنِّصاب.

وممَّا استدلُّوا به على ذلك حديثُ مخنف بن سليم رفَعَه: "على أهل كلِّ بيت أُضحِيَّة"؛ أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بسندٍ قوي كما قاله بعض أهل العلم، لكن قال أصحاب القول الأوَّل: إنَّ الحديث ضعيفٌ؛ لجهالة أبي رملة، أحد رجال سنده، ثم لو سَلَّمنا بقوَّته، فإنَّ الصِّيغة ليست صريحة في الوجوب المطلق.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن ذبَح قبل أنْ يُصلِّي فليُعد مكانها أخرى، ومَن لم يَذبَح فليَذبَح"، لكن قال الجمهور: ليس في هذا ما يدلُّ على الوجوب، وإنما فيه بَيان الأُضحِيَّة المشروعة لِمَن أراد أنْ يُضحِّي، فعليه أنْ يذبح بعد الصلاة حتى تقَع ذبيحته أُضحِيَّة، وبهذا يتبيَّن لك رجحان قول مَن قال: إنها سُنَّة مؤكَّدة.

وسُئِلَ ابن عمر رضي الله عنهما: أهي واجبة؟ فقال: ضحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بعده. وقال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم؛ أنَّ الأُضحِيَّة ليست بواجبة.

قلت: فابن عمر رضِي الله عنهما لم يثبت الوجوب ولم يَنفِه، بل أفادَ بأنها سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين بعده، وتقدَّم قولُه: أقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين يُضحِّي، وهذا يُفِيد آكديَّة هذه السنَّة، وأنَّه لا ينبَغِي لِمَن وسَّع الله عليه تركها.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: والأُضحِيَّة من النَّفقة بالمعروف، فتُضحِّي المرأة من مال زَوجِها عن أهل البيت بلا إذن، ومدين لم يُطالِبه ربُّ الدَّين. وقال في مَوضعٍ آخَر: إنْ كان له - يعني: المدين - وَفاء، فاستَدان ما يُضحِّي به، فحسن ولا يجب عليه ذلك، وقال: وكذا التضحية عن الميت أفضل من الصدقة بثمنها.

فضل الأضحية:
رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم: وسُئِل: ما هذه الأضاحي؟ قال: "سنة أبيكم إبراهيم صلى الله عليه وسلم "، قالوا: ما لنا فيها من أجر؟ قال: "بكلِّ قطرة حسنة"؛ رواه ابن ماجه عن زيد بن أرقم، ورُوِي عنه صلى الله عليه وسلم قال: "ما أُنفِقت الوَرِق في شيءٍ أفضل من نحيرةٍ يوم عيد"، رواه البيهقي عن ابن عباس، والحديثان ضعيفان عند أهل العلم، لكن يُستَأنس بهما مع الأدلَّة الأخرى.

وروى ابن ماجه والترمذي - وحسَّنه - عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما عمل ابنُ آدم يومَ النَّحر عملاً أحبَّ إلى الله من إراقة دمٍ، وإنها لتأتي يوم القِيامة بقُرُونها وأظلافها وأشعارها، وإنَّ الدم ليَقعُ عند الله بمكانٍ قبل أنْ يقع على الأرض، فطِيبُوا بها نفسًا".

وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيَّامٍ العملُ الصالح فيهنَّ أحبُّ إلَيَّ من هذه الأيَّام العشر؛ يعني: عشر ذي الحجة"، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلاَّ رجل خرَج بنفسه وماله ولم يَرجِع من ذلك بشيء".

قلت: والذبح قَرِينُ الصلاة في مواضع من كتاب الله؛ وذلك دليل على فضله وعظم التعبُّد لله به؛ قال تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أمَر الله أنْ يجمَعَ بين هاتين العبادتين، وهما: الصَّلاة والنُّسك الدالَّتان على القُرب والتَّواضُع والافتِقار إلى الله، وحُسن الظنِّ به، وقوَّة اليقين، وطمأنينة القلب إلى الله وعدته، عكس حال أهل الكبر والنُّفرة، وأهل الغِنَى عن الله الذين لا حاجة لهم في صَلاتهم إلى ربِّهم، ولا ينحَرُون له خَوْفًا من الفقر؛ ولهذا جمَع الله بينهما في قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام: 162].

والنسك: الذبيحة لله ابتِغاءَ وَجهِه، فإنهما أجلُّ ما يتقرَّب به إلى الله، فإنَّه أتى بهما بالفاء الدالَّة على السبب؛ لأنَّ فعل ذلك سببٌ للقِيام بشُكرِ الله على ما أعطاه الله من الكوثر.

وأجَلُّ العِبادات البدنيَّة الصَّلاةُ، وأجَلُّ العبادات المالية النَّحر، وما يجتَمِع للعبد في الصلاة لا يجتَمِع له في غيرها، كما عرفه أرباب القلوب الحيَّة، وما يجتَمِع له في النَّحر إذا قارَنَه الإيمانُ والإخلاصُ من قوَّة اليَقِين، وحُسن الظنِّ؛ أمرٌ عجيب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرَ الصَّلاة، كثيرَ النَّحر.







المصدر...


الساعة الآن 06:22 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM