شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة المتنوعة ------------الحج و العمرة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=299)
-   -   مناقشة وجوب الحج على التراخي (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=197795)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 09-16-2015 02:24 AM

مناقشة وجوب الحج على التراخي
 
مناقشة وجوب الحج على التراخي


الشيخ طارق عاطف حجازي



هناك قولٌ بأن الحجَّ يجبُ على التراخي، وهو قولُ محمد بنِ الحسن[1] من الحنفية، وقول الشافعية[2]، وبه قال الأَوزاعيُّ، والثَّوريُّ[3].

وأدلةُ هذا القول:
قالوا بأن الحجَّ فُرِضَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سنة ستٍّ من الهجرةِ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا في السنة العاشرة، فدل ذلك على التراخي، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ [البقرة: 196] فقد نزلت عامَ ستٍّ من الهجرة [4] في شأنِ ما وقع في الحُديبية من إِحْصارِ الـمشركين رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابَه كما في حديث كعب بنِ عُجرة، وما حصل له من الأذى في رأسه[5].

واعتُرض على وجه استدلالهم بالآية: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ بأنها نزلت سنة ستٍّ عامَ الحُديبية، وليس فيها فريضةُ الحجِّ، وإنما فيها الأمرُ بإتمامِه، وإتمامُ العُمْرَةِ بعد الشروع فيهما، وذلك لا يقتضي وجوبَ الابتداء[6].

واستدلوا أيضًا بحديث أنس رضي الله عنه قَالَ: نُهِينَا فِي الْقُرْآنِ أَنْ نَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ الْعَاقِلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلَهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتَانَا رَسُولُكَ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ، قَالَ: «صَدَقَ»... إلى قوله: قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا الْحَجَّ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، قَالَ: «صَدَقَ»، قَالَ: فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدَنَّ عَلَيْهِنَّ شَيْئًا وَلَا أَنْقُصُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ»[7].

وجه الدلالة: أن هذا الحديثَ صريحٌ بوجوبِ الحجِّ، وهذا الرجلُ هو ضمام بن ثعلبة، وكان قدومُه سنة خمس، وقيل: سنة سبع، وقد أخر النبيُّ صلى الله عليه وسلم الحج إلى سنة عشر، فكان دليلًا على أنه على التراخي[8] واعتُرض على ذلك بأن قصة ضمام كانت سنة تسع من الهجرةِ، على الصحيح[9]، والحجُّ إنما فُرض سنة تسع؛ لأن آية وجوب الحج: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97] كانت صدرُ سورةِ آل عمران، وصدر هذه السورة نزل عام الوفود [10]، وهي السنةُ التاسعة، ورجَّحه ابنُ حجر في «الإصابةِ»[11].

وقد أخَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم الحج إلى السنةِ العاشرة لأسباب منها:
1- لعل الوقتَ كان لا يتسعُ[12].

2- أن عام تسع لم يتمكن النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيه من منع المشركين من الطواف بِالْبَيْتِ وهم عراة، فكَرِهَ أن يحج ويرى المشركين حول البيت عُراةً[13].

3- أن تأخيرَه كان بوحيٍ من الله تعالى[14].

واستدلوا أيضًا بقولهم: إنه أخر الحج من سنةٍ إلى سنةٍ أو أكثر، ثم فعله، فإنه يُسمى مؤديًا للحجِّ لا قاضيًا[15].

واعتُرض على ذلك بأن القضاء لا يكونُ إلا في العبادة الـمؤقتة بوقتٍ معين، ثم يخرج ذلك الوقت المعين، والحج من الواجب الـموسع؛ لأن العمر كله وقت له[16]، فلا يلزم من الوجوب على الفور تسمية الـمتأخر قضاء، فإن الزَّكَاةَ تجب على الفور، ولو أخرها لا تسمى قضاء[17].


[1] «بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» الكاساني (2/ 119).

[2]«المجموع شرح المهذب» (7/ 103) للنووي، و«الأم» (2/ 129)، و«العزيز» (3/ 495)، و«مغني المحتاج» (1/ 619)، «تفسير القرطبي» (4/ 144)، «البحر الرائق» (2/ 333)، «حاشية القليوبي على شرح المنهاج» (2/ 84)، و«روض الطالب» (1/ 456)، «المسلك المتقسط في المنسك المتوسط» لعلي القاري، شرح رسالة ابن زيد القيرواني (ص 451)، «الحاوي» (5/ 29)، و«الروضة» (3/ 33)، و«التحقيق» لابن الجوزي (5/ 275)، وغيرُهُم.

[3] «الـمجموع شرح الـمهذب» للنووي (7/ 103)، وما تقدم من مصادر.

[4] تفسير الطَّبريِّ (1/ 530) ط مؤسسة الرسالة، ط الأولى.

[5] صحيح: أَخْرجَهُ البُخاريُّ (1814) وله أطراف، ومُسلِمٌ (1201) (81، 82، 83، 84، 8/ 5، 86)، وأحمد (4/ 241، 242، 243، 244)، والنَّسائِيُّ في «تفسيره» (51،3341)، وفي «المجتبى» (5/ 194، 195)، وفي «الكبرى» (4110، 4111، 4112، 4113، 11030، 11031)، والتِّرمِذِيُّ (953، 3973، 2974) وأبو داود (1856، 1857، 1858، 1860، 1861) وابن ماجه (3079، 3080) وغيرُهُم الكثير.
انظر كتابي «الجامع العام لصحيح أسباب نزول آي القرآن» (ص 45، 46)، والله أعلم.

[6] «زاد المعاد في هدى خير العباد» لابن القيم (2/ 101) ط مؤسسة الرسالة.

[7] صحيح: تقدم تخريجه في باب فرض الحج على من استطاع إليه سبيلًا.

[8] «المجموع شرح المهذب» للنووي (7/ 106)، و«نيل الأوطار» (5/ 8، 9)، و«الطبقات» لابن سعد (3/ 181، 221، 225)

[9] انظر «البداية والنهاية» ابن كثير، (حوادث سنة تسعٍ 5/ 55) الطبعة الثانية 1408هـ، و«السنن الكبرى» للبيهقي (4/ 341).

[10] «شرح العمدة» ابن تيمية (1/ 219)، و«زاد المعاد» (2/ 101).

[11] «الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 396)، و«الطبقات» لابن سعد (3/ 181، 221، 225).

[12] « الذخيرة»، القرافي (3/ 181).

[13] «المغني والشرح الكبير»، ابن قدامة (3/ 197)، و«نيل الأوطار» (5/ 9).

[14] المرجع السابق.


[15] «المجموع شرح المهذب»، النووي (7/ 106).

[16] «الذخيرة»، القرافي (3/ 181).

[17] «المغني والشرح الكبير» (3/ 197، 198).







المصدر...


الساعة الآن 06:52 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM