شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   منتدى العقيدة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=450)
-   -   براءة نبي اللهِ يوسف من الهمِّ بزوجة العزيز (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=271962)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 06-06-2016 06:46 PM

براءة نبي اللهِ يوسف من الهمِّ بزوجة العزيز
 
بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) (يوسف: 24)، فهذه الآية الكريمة تُشير إلى أن زوجة العزيز قصدت وعمدت إجباره على فعل الفاحشة معها وذلك ظاهر في لفظ (ولقد همت به) بينما سيدنا يوسف عليه السلام لم يعزم أو يقصد فعل الفاحشة معها إطلاقا ففي الآية الكريمة جاء جواب حرف الشرط لولا وهو قوله تعالى " وَهَمَّ بِهَا " متقدمًا، فتقدير الكلام (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ ولَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ هَمَّ بِهَا أو لهَمَّ بِهَا كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) لأنَّه يجوز أن يأتي في جواب لولا اللام أي "لهَمَّ بِهَا" أو عدم مجيء اللام أي "هَمَّ بِهَا".ولأنَّ حرف لولا هو حرف امتناع لوجود يدخل على جملتين اسمية ففعلية فتمتنع الجملة الثانية الفعلية (هَمَّ بِهَا أو لهَمَّ بِهَا) بسبب وجود الجملة الإسمية الأولى (أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّه) والمصدر المؤول من (أن رَّأى) هو بمنزلة الإسم (رؤية)، فيكون معنى الآية أنه بسبب رؤيته برهان ربه امتنع عن الهمِّ بها. والدليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى ( كذلك لنصرف عنه السوء ) أي أنّ الله عزوجل حفظه وعصمه عليه السلام من الفحشاء بجعله يرى البرهان كي يصرف ويدفع وسوسة الشيطان اللعين عن قلب وروح سيدنا يوسف عليه السلام وليس ليصرف قلبه وروحه عن عمل الفاحشة لأنه لو عزم عليه السلام في قلبه وفي روحه فعل الفاحشة أي لو أن روحه أمرت وطلبت من جوارحه فعل الفاحشة أي لو أن نفسه عليه السلام رغبت في عمل الفاحشة فعندئذ سوف يريه الله عزوجل البرهان من أجل أن يصرفه عن السوء ولقال تعالى (كذلك لنصرفه عن السوء) ولكنه عزوجل قال في كتابه الكريم (كذلك لنصرف عنه السوء). وعند تدبر قوله تعالى (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ) (يوسف: 33)، نجد أن سيدنا يوسف عليه السلام يرجو ويسأل الله أن يدفع عنه شرهن ويعصمه منهن كي لا يميل إليهن بمقتضى الطبيعة البشرية فيجيبهن على ما يردن من الفاحشة والسوء وبالتالي يصبح من الجاهلين إذا ما تعمد وقصد فعل الفاحشة لأنه من يتعمد ويقصد معصية الله عزوجل فإنه جاهل في عواقب ذلك من حساب وغضب الله عليه وعقابه وعذابه في نار جهنّم، قال تعالى (وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (الزلزلة: 8) وفي ذلك إشارة واضحة لا لُبس فيها بأن جميع الأنبياء عندما أخطؤوا كان خطؤهم غيرَ مقصودٍ, لأنهم لم يوصفوا بالجهل كما في قوله تعالى عن نوح عليه السلام (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ) (هود: 45-47) وإنما وصفوا أنفسهم بالظلم وذلك لنقاء أرواحهم وطهارتها وشدة ورعهم وتقواهم وخشيتهم من الله عزوجل كما في قوله تعالى عن آدم وزوجه حواء عليهما السلام ( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (الأعراف:23). وكما في قوله تعالى عن يونس عليه السلام (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) (الأنبياء: 87-88). وكما في قوله تعالى عن موسى عليه السلام قال تعالى (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (القصص: 15-16). ولذلك كانوا لا يقرون على هذه الأخطاء غير المقصودة وكانوا يُسارعون إلى الإستغفار والتوبة إلى خالقهم وملكهم وحبييهم سبحانه و تعالى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الكاتب : أخوكم خالد صالح أبودياك


المصدر...


الساعة الآن 01:08 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM