أبشري يا صاحبة الداء
نبض إيمانك يتسارع..ضربات قلبك تعلو خوفًا من الوعيد وشوقًا إلى الحبيب..
دموع خشيتك تغسلك..آيات قرآنك تطهِّرك..
السعادة تغمرك.حلاوة الدواء ومتعة الاستشفاء في متناول يديك.
وما هذا إلا بركة الاستمرار وصدق الإصرار على مواصلة المشوار.
وأخيرًا مالم تقع إصابتك في مقتل فالعلاج يسير والشفاء ممكن.
وإذا استمر العبد على الطاعة في شوال أحبه الله، وثمرات محبة الله لك لا تُحصى ..
هل حرم الله عبدًا,,أحبه من شيء؟
* هل يعذِّب الحبيب حبيبه؟!* هل يؤثر غيره عليه؟
* هل يشغله إلا فيما فيه نفعه وربحه؟* هل يريد منه غير صلاح دنياه وأخراه؟!
احذري شماتة الشيطان فيك!!
وكأني بالشيطان يهتف آخر ليلة من ليالي رمضان:
لا بأس أن تخرجوا من سلطاني شهرًا في العام ما دمتم ترجعون إليَّ في النهاية !
لست خائفًا من نور عما قليل ينطفئ .. من همة فائرة لأنها يومًا تموت!!
أيها المتراجعون الهاربون ..
يا من لا يثبتون على العهد وينكثون .. غفر الله لكم ..
أدخلتم السرور على قلب عدوكم، وملأتم بالحسرة قلب نبيكم !!
هنيئًا لكم .. الصفقة الخاسرة!!
كــــــــــوني عاقلة.
قال تعالى وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا [النحل: 92]
قال قتادة: فلو سمعتم بامرأة نقضت غزلها من بعد إبرامه لقلتم: ما أحمق هذه!
وهذا مثل ضربه الله لمن نكث عهده.
والنكث حقيقته نقض المفتول من حبل أو غَزْل، واستعير النكث لعدم الوفاء بالعهد،
كما استعير الحبل للعهد.
فمثل من ينقض العهد مثل امرأة حمقاء ضعيفة العزم والرأي، تفتل غزلها ثم تنقضه،
وهو تشبيه يفيض بالتحقير والترذيل والتعجب، ويشوِّه الأمر في النفوس ويقبِّحه إلى القلوب، وهو مراد الله في هذه الآية،
ليردع عباده عن هدم ما بنوه وإلا ضاعت أعمارهم في مالا فائدة فيه!
أخيتي
.. إذا ذكرت ظمأ هواجرك.. وتعبك.. وكظم غيظك.. وترتيل آياتك آناء الليل وأطراف النهار طوال شهر كامل،
فلا بد
أنه سيشقُّ عليك أن تبدِّديه، فأنتِ أعقل من أن تسكبي اللبن على التراب، أو تنثري الجوهر في أكوام الطين!!
« عليكِ بالبداية بالقليل بل باليسير..وعدم الاندفاع..مهما رأيت من نفسك قبولا..ففي البدايات ..
لا حكم لما تجديه في نفسك من محبة للعمل أو حبا في الزيادة ..
فقد يكون من مداخل الشيطان..وخفايا النفس المخادعة..فكوني على حذر بل أشد الحذر..
فهذا قاصمة الظهر ..!
وهذا بداية الانحدار ..!
واصبري على القليل ..ما دمتي في البدايات..وما دامت قدمك لم تثبت على العمل..
مره تعمل العمل ومرة تزيد ومرة لا تعمله ومره تؤجل..!
فكوني على حذر..وأجلي مسألة الزيادة..وحتى فيما بعد..تكون الزيادة بتدرج
ومن الثــوابــت
التي سنثبُت عليها
بعد رمضـان إن شـاء الله تعالى ..
1) إصلاح الفرائـــض .. بشدة المحافظة على الصلوات الخمس في أول وقتها، ولاسيما صلاة الفجر ..
يقول الله تعالى في الحديث القدسي ".. وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه" [رواه البخاري]
والمحافظة على ركعتين قبل الفجر والدعـــاء وقت السحر .. ثمَّ الجلوس من بعد الفجر إلى الشروق وقول أذكـــار الصبـــاح، فتكون قد أصلحت نهارك وحصلَّت رصيد إيماني عال مع بداية يومك.
2) إصلاح الحـــال مع القرآن .. قال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82] ..
فالقرآن يُطهِّر قلبك من أثر الذنوب التي تقف حائلاً بينك وبين ربك جلَّ وعلا، وبه تتنزل الرحمة التي لن تتمكن من العمل إلا بها ..
لذا عليك أن تهتمي بإصلاح الجوانب الخمسة التي يحدث بها هجر للقرآن، وهي:
أ) إصلاح التلاوة .. فلا يقل وردك بحال من الأحوال عن جزء يوميًا .. وإن فاتك وردك يومًا، تعوضيه بقراءة ثلاثة أجزاء في اليوم الذي يليه .. وتُقسِّمي على نفسك ألا يمر عليك شهر إلا وقد ختمتِ تلاوة القرآن.
ب) سمـــاع القرآن .. فتتأملي وتُسمِّعي قلبك الآيات التي تُتلى، بالأخص في الصلوات الجهرية .. وتُخصصي وقت لسماع القرآن بتدبُّر
ج) التدبُّر .. قال تعالى { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] ..
فالتدبُّر هو الذي سيفتح الأقفال التي على قلبك، فعليك أن تُدوِّني الآيات التي أستوقفتك وتقرأي تفسيرها بعد ذلك
وأنزِلي نفسك منزلة المُخاطب .. يقول ابن القيم في الفوائد "إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وأَلْقِ سمعك، وأحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه وإليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله،
قال تعالى { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] "
د) التحــاكم إلى القرآن .. يقول تعالى {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] ..
فلابد أن تخضعي لحكم الله عز وجلَّ، في كل صغيرة وكبيرة في حياتك
هـ) الاستشفـــاء بالقرآن .. فترقي بدنك وقلبك بالقرآن.
3) الذكر .. قال تعالى { تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: 44] ..
فخُتمت الآية باسمي الله تعالى: الحليم والغفور، وهذا يدُل على أن من لا يذكر الله تعالى مُستحقٌ للعقوبة ..
فالله عز وجلَّ حليمٌ على من لا يُسبِّح، وغفورٌ لمن يُسبِّح.
لذا لابد أن يكون لك ورد ثابت للذكر .. من تسبيح واستغفــار وصلاة على النبي وتهليل وتحميد وحوقلة والباقيات الصالحات وأذكار الصباح والمساء، بالأخص في تحركاتك وتنقلاتك ..
والذكر من أسباب الثبـــات،
كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45]
4) الصُحبـــــة الصـــالحة .. يقول تعالى {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28] ..
فالغربة ثقيلة، والإنسان بحاجة إلى التواجد داخل جو إيماني يُنشطه على فعل الطاعات