صفة الحج
أ. د. عبدالله بن مبارك آل سيف
تقديم الطواف قبل وقته:
وفيه أيضاً تقديم الطواف قبل وقته الثابت بالكتاب والسنة والإجماع والمناسك قبل وقتها لا تجزئ[1].
وأما تقديم طواف الفرض على الوقوف: فلا يجزي مع العمد بلا نزاع[2].
ولكن أقرب من ذلك يقال: يجزيها طواف الإفاضة قبل الوقوف فيقال: إن أمكنها الطواف بعد التعريف وإلا طافت قبله، لكن هذا لا نعلم أحداً من الأئمة قال به في صورة من الصور، ولا قال بإجزائه[3].
وفيه أيضاً تقديم الطواف قبل وقته الثابت بالكتاب والسنة والإجماع، والمناسك قبل وقتها لا تجزئ[4].
القراءة في الطواف:
والقراءة فيه ليست واجبة باتفاق العلماء، بل في كراهتها قولان للعلماء[5].
الطواف لمن به حدث دائم:
ولأن المستحاضة ومن به سلس البول ونحوهما يطوف ويصلي باتفاق المسلمين[6].
كما لو كانت مستحاضة ولا يمكنها أن تطوف إلا مع النجاسة: نجاسة الدم فإنها تصلي وتطوف على هذه الحالة باتفاق المسلمين إذا توضأت وتطهرت وفعلت ما تقدر عليه[7].
فإنها لو كانت مستحاضة ولم يمكنها أن تطوف إلا مع الحدث الدائم طافت باتفاق العلماء[8].
مثل المستحاضة ومن به سلس البول، ونحوهما فإن عليه الحج بالإجماع، ويسقط عنه ما يعجز عنه من الطهارة[9].
من كان به نجاسة لا يمكنه إزالتها كالمستحاضة ومن به سلس البول فانه يطوف ولا شيء عليه باتفاق الأئمة[10].
طواف العريان:
وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عريانا فطاف بالليل كما لو لم يمكنه الصلاة إلا عريانا[11].
فإنه لو لم يمكنه أن يطوف إلا عرياناً لكان طوافه عرياناً أهون من صلاته عرياناً وهذا واجب بالاتفاق[12].
من كان به نجاسة لا يمكنه إزالتها كالمستحاضة ومن به سلس البول فانه يطوف ولا شيء عليه باتفاق الأئمة وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عريانا فطاف بالليل كما لو يمكنه الصلاة إلا عريانا[13].
الطواف بين الصفا والمروة:
والطواف بين الصفا والمروة هو السعي المشروع باتفاق المسلمين[14].
والطواف بينهما مأمور به باتفاق المسلمين[15].
حكم طواف الإفاضة:
لابد من طواف الإفاضة باتفاق المسلمين[16].
وتخلل الإحلال لا يمنع أن يكون الجميع بمنزلة العبادة الواحدة كطواف الفرض، فإنه من تمام الحج باتفاق المسلمين ولا يفعل إلا بعد التحلل الأول ورمي الجمار أيام منى من تمام الحج[17].
لا بد بعد الوقوف من طواف الإفاضة، وإن لم يطف بالبيت لم يتم حجه باتفاق الأمة[18].
حكم رمي الجمار:
وعليه أيضاً رمي الجمار أيام منى باتفاق المسلمين[19].
استلام الركنين اليمانيين، تقبيل الحجر الأسود:
فأجاب رضي الله عنه: الحمد لله رب العالمين لم يأمر الله ولا رسوله ولا أئمة المسلمين بتقبيل شيء من قبور الأنبياء والصالحين ولا التمسح به لا قبر نبينا - صلى الله عليه وسلم - ولا قبر الخليل - صلى الله عليه وسلم - ولا قبر غيرهما؛ بل ولا بالتقبيل والاستلام لصخرة بيت المقدس ولا الركنين الشاميين من البيت العتيق بل إنما يستلم الركنان اليمانيان فقط؛ اتباعا لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لم يستلم إلا اليمانيين " ولم يقبل إلا الحجر الأسود. واتفقوا على أن الشاميين لا يستلمان ولا يقبلان. واتفقوا على أن اليمانيين يستلمان[20].
وكذلك اتفق المسلمون على أنه لا يشرع الاستلام ولا التقبيل إلا للركنين اليمانيين[21].
بل لم يأمر الله أن يتخذ مقام نبي من الأنبياء مصلى إلا مقام إبراهيم بقوله: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة: 125] كما أنه لم يأمر بالاستلام والتقبيل لحجر من الحجارة إلا الحجر الأسود ولا بالصلاة إلى بيت إلا البيت الحرام ولا يجوز أن يقاس غير ذلك عليه باتفاق المسلمين بل ذلك بمنزلة من جعل للناس حجا إلى غير البيت العتيق أو صيام شهر مفروض غير صيام شهر رمضان وأمثال ذلك. فصخرة بيت المقدس لا يسن استلامها ولا تقبيلها باتفاق المسلمين[22].
وأما سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء والصالحين كحجرة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ومغارة إبراهيم ومقام نبينا - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يصلي فيه وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين وصخرة بيت المقدس فلا تستلم ولا تقبل باتفاق الأئمة[23].
وأما الركن اليماني فلا يقبل على القول الصحيح، وأما سائر جوانب البيت والركنان الشاميان ومقام إبراهيم فلا يقبل ولا يتمسح به باتفاق المسلمين المتبعين للسنة المتواترة عن النبي - صلى اللّه عليه وسلم -[24].
إذا قدم بهديه في العشر فلا يحل حتى ينحر:
ولا يجوز له أن يحل حتى ينحر هديه كما قال تعالى: (حتى يبلغ الهدى محله) وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في حجة الوداع أن يحلوا إلا من ساق الهدى، فلا يحل حتى ينحره وهذا إذا قدم به العشر بلا نزاع[25].
وقت التكبير في الأضحى:
ولهذا كان الصحيح من أقوال العلماء أن أهل الأمصار يكبرون من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق لهذا الحديث ولحديث آخر رواه الدارقطنى عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأنه إجماع من أكابر الصحابة، والله أعلم[26].
الفرق بين الطواف والصلاة:
ومن جعل حكم الطواف مثل حكم الصلاة فيما يجب ويحرم فقد خالف النص والإجماع[27].
وقد اتفق العلماء على أنه لا يجب للطواف ما يجب للصلاة من تحريم وتحليل وقراءة وغير ذلك، ولا يبطله ما يبطلها من الأكل والشرب والكلام وغير ذلك[28].
وجوب الهدي على المتمتع:
فهذا التمتع العام يدخل فيه القران، ولذلك وجب عليه الهدي عند عامة الفقهاء[29].
الذكر والدعاء في الطواف:
وكذلك الذكر والدعاء في الطواف مشروع بالاتفاق[30].
صفة نسك الصحابة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -:
ثم قد يغلط طوائف من متأخريهم فيظنون أنه اعتمر مع ذلك من مكة ولهذا لم ينقله أحد ممن له قول معتبر ولم يتنازعوا في أنه أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي بالتمتع بالعمرة إلى الحج[31].
وقد اختلفوا في الصحابة المتمتعين مع النبي - صلى اللّه عليه وسلم - مع اتفاق الناس على أنهم طافوا أولا بالبيت وبين الصفا والمروة لما رجعوا من عرفة[32].
التحلل لعمرة التمتع لمن لم يسق الهدي:
وإن لم يحرم بالحج إلا بعد الطواف والسعي مع بقائه على إحرامه فهو متمتع، وبقاؤه على إحرامه واجب عليه عند أبي حنيفة وأحمد إذا كان قد ساق الهدي، وعند مالك والشافعي إنما يتحلل إن لم يسق الهدي فإنه يتحلل من عمرته باتفاقهم[33].
مشروعية الحلق في الحج:
حلق الرأس على أربعة أنواع: أحدها: حلقه في الحج و العمرة فهذا مما أمر الله به ورسوله، وهو مشروع ثابت بالكتاب و السنة و إجماع الأمة[34].
حكم من ترك واجباً:
ولكن مع هذا اتفقت الأئمة على أن من ترك واجبا في الحج ليس بركن ولم يجبره بالدم الذي عليه لم يبطل حجة ولا تجب إعادته[35].
المرور بالميقات بدون إحرام وحكم ترك المبيت بمزدلفة أو ترك طواف الإفاضة:
ومن هؤلاء قوم فيهم عبادة ودين مع نوع جهل يحمل أحدهم فيوقف بعرفات مع الحجاج من غير أن يحرم إذا حاذى المواقيت، ولا يبيت بمزدلفة، ولا يطوف طواف الإفاضة، ويظن أنه حصل له بذلك عمل صالح وكرامة عظيمة من كرامات الأولياء، ولا يعلم أن هذا من تلاعب الشيطان به. فإن مثل هذا الحج ليس مشروعا، ولا يجوز باتفاق علماء المسلمين، ومن ظن أن هذا عبادة وكرامة لأولياء الله فهو ضال جاهل. ولهذا لم يكن أحد من الأنبياء والصحابة يفعل بهم مثل هذا، فإنهم أجل قدرا من ذلك [36].
الحرم لا يؤمن العاصي من عذاب الآخرة:
ومن ظن أن من دخل الحرم كان آمنا من عذاب الآخرة مع ترك الفرائض من الصلاة وغيرها ومع ارتكاب المحارم فقد خالف إجماع المسلمين، فقد دخل البيت من الكفار والمنافقين والفاسقين من هو من أهل النار بإجماع المسلمين، والله أعلم[37].
يتبع
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك