03-27-2016, 09:35 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,634
|
|
التعريف بقاعدة " تصرف الولاة على الرعية منوط بالمصلحة"
قبل أن نتكلم عن معنى القاعدة إجمالاً نشير إلى دلالة بعض ألفاظ القاعدة في اللغة والاصطلاح لأهميتها:
المراد من الولاة : كل من ولي أمراً من أمور العامة، عاماً كان كالسلطان الأعظم، أو خاصاً كمن دونه من العمال، فإن نفاذ تصرفات كل منهم على العامة مترتب على وجود المنفعة في ضمنها، لأنه مأمور من قبل الشارع صلى الله عليه وسلم أن يحوطهم بالنصح، ومتوعد من قبله على ترك ذلك بأعظم وعيد.
ولذلك من الألفاظ الأخرى لهذه القاعدة: منـزلة الإمام من الرعية منـزلة الولي من اليتيم.
المراد بالرعية: عموم الناس الذين هم تحت ولاية الوالي.
معنى منوط: اسم مفعول من الفعل نيط به مبنياً للمفعول، ومعنى نيط به أي ربط وعلق ومنه قولهم: ذات أنواط، فمنوط معناه، معلّق ومرتبط ومعهود به.
المراد بالمصلحة : المعتبرة شرعاً هي التي تتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية من حفظ ضرورات الناس وحاجاتهم وتحسيناتهم، فليس كل ما يسمى مصلحة في اللغة أو العرف، أو يراه الناس أو طوائف منهم مصلحة، يمكن أن يكون مصلحة مقصودة للشارع، تشرع لتحصيلها الأحكام، ويؤمر بها المكلفون. وكذلك الحال بالنسبة للمفسدة التي هي ضد المصلحة.
فالمراد بالمصالح والمفاسد : ما كانت كذلك في نظر الشرع، لا ما كان ملائماً أو منافراً للطبع. وهذا هو الذي أكده الغزالي في تعريفه للمصلحة، حيث قال: "أما المصلحة، فهي عبارة في الأصل عن جلب منفعة، أو دفع مضرة، ولسنا نعني به ذلك، فإن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق، وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم، لكنا نعني بالمصلحة: المحافظة على مقصود الشرع" .
إذاً فمعيار المصلحة والمفسدة هو الشرع، فما شهد له الشرع بالصلاح فهو المصلحة، وما شهد له بالفساد فهو المفسدة، والخروج عن هذا المعيار معناه اتباع الهوى، والهوى باطل لا يصلح لتمييز الصلاح من الفساد.
المعنى الاصطلاحي للقاعدة: إن تصرف الإمام وكل من ولي شيئاً من أمور المسلمين يجب أن يكون مبنياً ومعلقاً ومقصوداً به المصلحة العامة، أي بما فيه نفع لعموم من تحت يدهم، وما لم يكن كذلك لم يكن صحيحاً ولا نافذاً شرعاً.
وإن نفاذ تصرف الراعي على الرعية، ولزومه عليهم شاءوا أو أبوا معلق ومتوقف على وجود الثمرة والمنفعة في ضمن تصرفه، دينية كانت أو دنيوية، فإن تضمن منفعة ما وجب عليهم تنفيذه، وإلا ردّ، لأن الراعي ناظر، وتصرفه حينئذٍ متردد بين الضرر والعبث وكلاهما ليس من النظر في شيء.
والأصل أن المرء يملك حق التصرف في ما يملكه وتصرف ولي الأمر بتقييد هذا المباح إنما تجب طاعته فيه إذا تعينت فيه المصلحة أو غلبت، عملاً بالقاعدة الفقهية التي تقول: تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة. وعلى ذلك فإذا خلت هذه القوانين من مراعاة المصلحة العامة والخاصة، ولم يكن في مخالفتها ضرر ولا فتنة، وذلك بعلم السلطات فلا حرج في بناء ما يريده المالك في عقاره، مما لا يضر بالمصالح العامة.
قال الخادمي: " قال في الفتاوى وكل مأمور بإطاعة من له الأمر إن على الشرع فبها، فإن لم يكن على الشرع فإن أدى عصيانه إلى فساد عظيم فيطيع فيه أيضا؛ إذ الضرر الأخف يرتكب للخلاص من الضرر الأشد والأعظم والمفهوم من الفقهية أن كل مباح أمر به الإمام لمصلحة داعية لذلك فيجب على الرعية إتيانه " .
وجاء في تحفة المحتاج: " الذي يظهر أن ما أمر به يعني ولي الأمر مما ليس فيه مصلحة عامة لا يجب امتثاله إلا ظاهرا فقط، بخلاف ما فيه ذلك يجب باطنا أيضاً ".
وفيه أيضاً: " يتجه الوجوب في المباح حيث اقتضاه مصلحة عامة لا مطلقا، إلا ظاهرا لخوف الفتنة والضرر، فليتأمل إذا كان كون المصلحة وعمومها بحسب ظنه فظهر عدم ذلك، ويلوح الاكتفاء بالامتثال ظاهراً ".
وقال زكريا الأنصاري: " أقول: وكذا مما فيه مصلحة عامة أيضاً فيما يظهر إذا كانت تحصل مع الامتثال ظاهراً فقط، وظاهر أن المنهي كالمأمور فيجري فيه جميع ما قاله الشارح في المأمور .. ويكفي الانكفاف ظاهرا إذا لم تكن مصلحة عامة أو حصلت مع الانكفاف ظاهرا فقط ".
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|