عرض كتاب "موت الغرب:أثر شيخوخة السكان وموتهم وغزوات المهاجرين على الغرب"

[منتدى فرسان الحق]

عرض كتاب









"موت الغرب:أثر شيخوخة السكان وموتهم وغزوات المهاجرين على الغرب"


(1 - 2)


محمود ثروت أبو الفضل


• عنوان الكتاب: موت الغرب - أثر شيخوخة السكان وموتهم وغزوات المهاجرين على الغرب.

• تأليف: باتريك جيه. بوكانن.

• ترجمة: محمد محمود التوبة، مراجعة: محمد بن حامد الأميري.

• المقاس: 14*21.

• عدد الصفحات: 266.

• الناشر: مكتبة العبيكان.

• السنة: 1426هـ/ 2005م.





"الغرب يَموت، لقد توقَّفت أُمَمه عن التكاثر، وتوقَّف سكَّانه عن النُّمو، وبدؤوا في الانكماش، ولَم يَقُم - منذ الموت الأسود (الطَّاعون) الذي حصد أرواحَ ثلث سكَّان أوربا في القرن الرابع عشر - تهديدٌ لبقاء الحضارة الأوربية أخطر من هذا الخطر الماثِل اليوم؛ هناك سبعة عشر بلدًا أوربيًّا فيها جنازات دفن أكثر مِن احتفالات الولادة، وهناك أكفان أكثر من المُهود، والبلدان هي: بلجيكا، وبلغاريا، وكرواتيا، وجمهورية التِّشيك، والدانمارك، وإستونيا، وألمانيا، والمجر، وإيطاليا، ولاتافيا، وليتوانيا، والبرتغال، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، وإسبانيا، وروسيا، وجميع مِلَل النصرانية: الكاثوليك، والبروتستانت، والأرثوذكس، مُمثَّلون في المَسيرة العظيمة لِمَوت الغرب"؛ صـ27.



بِهذه الكلمات الرِّثائية يمهِّد الكاتبُ الشهير "جيه بوكانن" لشهادته القويَّة عن موت الغرب الأوربِّي والولايات المتحدة الأمريكية المنتظَر، في كتابه الأكثر أهميَّة "موت الغرب - أثر شيخوخة السكَّان وموتهم، وغزوات المهاجرين على الغَرْب"؛ وكل ذلك - كما يرى "بوكانن" - نتيجة انْخِفاض معدَّل النُّمو السُّكاني من ناحية، والتَّبايُن الهائل بين معدَّل الوفيات في بلدان القارَّة العجوز، ومعدل المواليد بِها من ناحيةٍ أخرى، إلى جانب جحافلِ غزوات المهاجرين من العالَمِ الثَّالث، وخطر التعدُّدية الثقافية، أو على وجه الدقَّة انهيار النِّظام الأخلاقي للمُواطن الغربي.



ويَقولها "بوكانن" صريحةً مدوِّية في مقدِّمة كتابه: "يبدو أنَّ مبدأ "اللذَّة" الجديد غيرُ قادرٍ على إعطاء الناس سببًا كافيًا ليستمرُّوا في الحياة، وثماره المبكِّرة تبدو سامَّة"؛ صـ 27.



فثقافة الغرب التي يباهي السَّاسةُ بها الجماهيرَ في العصر الحديث؛ والتي تعتمد على مبدأ التمتُّع "بالملذَّات الحسية"، هذه الثقافة الجديدة "المحرَّرة" يرى "بوكانن" أنَّها "عامِلٌ مُسَرطن أشد فتكًا منها كلها، وإذا كان الغرب في قبضة "ثقافة الموت" كما يُجادل "البابا"، وكما تُبيِّن الإحصاءات على ما يبدو، فهل توشك الحضارة الغربيَّة أن تلحق بإمبراطوريَّة "لينين" (الشيوعية) إلى النهاية المشينة نفسها؟" صـ28.



أو كما يقول "بوكانن" بلهجةٍ تحذيريَّة متنبِّئة بالنِّهاية المرتقبة لموت الغرب البطيء: "هذه الثورة الثقافية هي التي أدَّت بالضبط إلى مِثل هذا التعديل العميق في أفكار الناس، وهذه الأفكار جعلَت النُّخبة الغربيَّة غير مباليةٍ بِمَوت حضارتِهم، ويبدو أنَّهم لا يهتمُّون بِما إذا جاءت نهاية الغرب بزوال السُّكان، أو بِتَسليم القوميَّة، أو بالغرَق في أمواجٍ من المهاجرين من العالم الثالث، الآن بعد أن أُعفي الإنسان الغربيُّ مِن واجبه نحو تَمْدين البشريَّة، وهو مستغرق كلِّيةً في الرفاهية في عصرنا المتَّصِف بالإفراط في المُتَع الشَّخصية، يبدو أنه قد فقد إرادته ليعيش، وقَبِلَت نفسُه موتَه الوشيك، فهل نحن في وقتِ شفَقِ الغُروب في الغَرْب؟ هل موت الغرب لا رجعة فيه؟" صـ29.



مؤلِّف الكتاب "باتريك جيه. بوكانن" من الكتَّاب اللاَّمعين في الولايات المتَّحِدة الأمريكيَّة، وهو كاتبٌ لعمود صحفيٍّ يُنشَر في عدة صحف كبرى، وعضوٌ مؤسِّس لثلاثةٍ من أشهَرِ برامج التليفزيون العامَّة في محطَّة "إن. بي. سي"، وفي محطة "سي. إن. إن"، وتسبِّب كتبُه ومقالاته جدلاً ثقافيًّا منذ أكثرَ مِن عشرين عامًا، وقد ألَّف قرابة ستَّة كتب، من جملتها كتابان من أفضل الكتب مبيعًا هما: "محق منذ البداية"، و"جمهوريَّة لا إمبراطورية".



هذا إلى جانب أن "بوكانن" نفسه كان مستشارًا لثلاثة رؤساء أمريكيِّين، وخاض سباقَ تسمية المرشَّح لمنصب الرئيس عن "الجمهوريِّين" مرَّتين عام 1992، وعام 1996، ثم كان مرشَّحَ انتخابات الرِّئاسة عن حزب "الإصلاح" في عام 2000.



قسَّم "بوكانن" كتابَه المغلَّف بطابعٍ أدبي طريف يُجِيده الكاتب في أغلب كتاباته ولقاءاته، إلى مقدِّمة تمهيديَّة، وعشرة فصول، وعضَّد الكاتِبُ فصولَه بدراسات وإحصاءات موثَّقة؛ ليوثق شهاداته المهمَّة بشأن موضوع كتابِه، وجاءت عناوينُ فصول كتابِه على النَّحو التالي:

1- "الأنواع المعرَّضة للخطر".

2- "أين ذهب كلُّ هؤلاء الأطفال؟".

3- "كتاب تعاليم الثَّورة".

4- "الأربعة الذين صنعوا الثَّورة".

5- "الهجرات الكبيرة القادمة".

6- "الاسترداد".

7- "الحرب ضد الماضي".

8 - "اجتثاث النصرانية من أمريكا".

9- "الأكثرية المذعورة".

10- "البيت المنقسم".



ثم أتبع الكاتِبُ فصولَ كتابه بِثَبَتٍ للمصادر والمراجع التي اعتمد عليها في تأليف مادَّة كتابه، وصلَتْ قرابة السِّتمائة مرجعٍ، تنوَّعَت ما بين كتاباتٍ وأحاديث صحفيَّة، ولقاءات مرئيَّة وإذاعية.



الأنواع المعرَّضة للخطر:

يرى "بوكانن" أنَّ تناقُصَ السُّكان علامة على انحطاط الحضارة الغربيَّة على المستوى الإنسانيِّ، "فمِثلما كان تنامي عدد السُّكان طوال وقتٍ طويل علامةً على أنَّ الأمم تتمتَّع بالصِّحة، فإنَّ هبوط عدد السكان صار سِمَةً للأمم والحضارات التي تعيش حالةَ انْحِطاط، وإذا كان هذا صحيحًا فإنَّ الحضارة الغربيَّة تكون - مع وضع القوة والثروة جانبًا - في حالة حرجة"؛ صـ31.



ويرى "بوكانن" أنَّ إحصاءات السُّكان في الدول الأوربية مُفْزِعة بشكل كبير؛ ففي الوقت الذي تضاعف فيه عددُ سُكَّان العالَم إلى ستَّة بلايين نسمة في غضون أربعين عامًا، فقد "توقَّفَت الشُّعوب الأوربية عن التكاثر، وبدأ عدد السُّكان في التوقُّف، ومن بين الأمم الأوربيَّة السبع والأربعين هناك أمَّة واحدة فقط، وهي ألبانيا المسلِمة، كانت ما تزال تَحتفظ في العام 2000 بِمُعدَّل مواليد كافٍ لِيُبقيها حيَّةً إلى أجَلٍ غير محدَّد، أمَّا بقية أوربا فقد بدأَت تموت"؛ صـ32.



ويؤكِّد "بوكانن" أنَّ تلك الإحصاءات تشير إلى أننا نتحدَّث عن "جنسٍ يتلاشى" بالفعل؛ "ففي العام 1960 كان السُّكان المنحدرون من أصول أوربيَّة يشكِّلون ربع سُكَّان العالَم، وفي العام 2000 كانوا يشكِّلون السُّدس، وأما في العام 2050 فسوف يشكِّلون عُشْر سكَّان العالَم"؛ صـ33.



أوربا.. نحو الهاوية:

في إحصاءِ إدارة السكان في الأمم المتحدة لعام 2001، ذكرَتْ أنَّه في العام 2000 بلغ العدد الإجماليُّ لسكَّان أوربا من "أيسلندا" إلى "روسيا" 728 مليون نسمة، ولكن وفقًا لمعدلات الولادة الحاليَّة، وبدون هجرة جديدة، فسوف يهبط عدد سكَّانها إلى 600 مليون نسمة مع حلول عام 2050، وترى دراسةٌ أخرى أنَّه رُبَّما يهبط العدد إلى 556 مليون نسمة مع منتصف القرن، "وآخر مرَّة أظهر فيها عدد سكان أوربا هبوطًا بِمِثل هذه الضخامة كانت أثناء الموت الأسود (الطاعون) من 1347 - 1352"؛ صـ34.



وقد هبط بالفعل معدَّل الخصوبة المتوسِّطة عند المرأة الأوربيَّة إلى 1,4 أطفال؛ علمًا بأنَّ الحاجة تدعو إلى 2,1 أطفال؛ لِمُجرَّد تعويض عدد السُّكان الموجودين حاليًّا، "ويقول "بن واتينبرج" معلِّقًا على ذلك:!" هذا لا يعني أن معدل النمو صفر، بل يعني أن معدل السكان صفر؛ صـ34.



ويرى "بوكانن" "أنَّه إذا لَم يرتفع معدَّل خصوبة أوربا، فإنَّ عدد الأطفال الأوربِّيين تحت سنِّ الخامسة عشرة سوف يهبط بنسبة 40 % إلى 87 مليون نسمة بِحُلول عام 2050، وهذا في الوقت الذي يرتفع فيه عدد المسنِّين بنسبة 50 % إلى 169 مليون نسمة، وسيكون متوسِّط عمر الأوربي 50 عامًا، وهو الأعلى في التَّاريخ، وقد كتب عالِمُ السُّكان الفرنسيُّ "ألفريد سوفي" عن أوربا، قائلاً: إنَّها توشك أن تصير قارَّة تتكوَّن من (شعب مسنٍّ في بيوت قديمة وأفكار قديمة)"؛ صـ54، وهو ما يعني أنَّ موت الغرب أمرٌ لا مَناص منه، أو على وجه الأصَحِّ ليس تنبُّؤًا بما سيَحدث، ولكنه تصويرٌ لِما يَحدث الآن.



أمَّا لِماذا يحدث هذا؟! فيجيبنا عليه الدكتور "جون والاس" من جامعة "جونز هوبكنز" قائلاً:

"إذا كانت النِّساء قادِراتٍ على أن يَكسِبْن أكثرَ من كفايتِهنَّ لِيَكُنَّ مستقلاَّت ماديًّا؛ فإنَّ الزوج لا يبقى بعد ذلك أساسيًّا - في الأسرة - وإذا كانت تستطيع أن تُمارس الجنس أيضًا وبدون أطفال، ويصدق هذا الآن على إيطاليا الكاثوليكيَّة مثلما يصدق على بريطانيا العلمانيَّة.. فلماذا إذًا تتزوَّج؟!"؛ صـ35.



وهذه إطلالة سريعةٌ على أهمِّ البلدان الأوربيَّة التي تواجه انخفاضَ معدَّل نموٍّ سكَّاني يدعو للقلق:

1 - ألمانيا:

منذ الانتفاضة المجنونة لديكتاتور ألمانيا "هتلر"، ويبدو أنَّ الجنس الألمانيَّ بات يمثِّل "فزَّاعة"، أو مصدرَ قلَقٍ لباقي ساسة الدُّول الأوربية، وكما قال "جورج كليمنصو" السياسي الفرنسي الداهية، المسؤول عن "معاهدة فرساي" التي قصَّت أجنحة النسر الألمانيِّ العتيق: "هناك عشرون مليون ألماني، هذا كثير جدًّا!"، فقد كان لانتقام وكراهية أوربا من ألمانيا أثرٌ مفزع على مستقبل ألمانيا حتَّى الآن، فطوال عشر سنوات مضَت كان معدَّل الولادة في ألمانيا قد وقف عند 1,3 أطفال للمرأة الواحدة، وفيما يلي المستقبل القاسي الذي ينتظر الأمَّة الألمانية مع حلول عام 2050:

• سيكون ثلاثة وعشرون ألمانيًّا قد اختفوا.



• عدد سكَّان ألمانيا الذي يبلغ اثنين وثمانين مليون نسمة سوف يهبط إلى تسعةٍ وخمسين مليون نسمة.



• عدد الأطفال الألمان تحت سنِّ الخامسة عشرة سيكون قد نزل إلى 7,3 مليون نسمة فقط.



• ثلث سكَّان ألمانيا سيكون فوق الخامسة والسِّتين، وهؤلاء الشُّيوخ سيفوقون بعددهم الأطفالَ بنسبةٍ أكبر من اثنين إلى واحد.



• مجمل سكَّان ألمانيا سيشكِّل ثلثي واحدٍ بالمائة من سكَّان العالَم، وسيكون هناك ألمانيٌّ واحد فقط من كلِّ 150 نسمة على الأرض، وسيكون الألمان من بين أكثرِ شعوب العالَم شيخوخةً على وجه الأرض.



ويُورِد "بوكانن" أحد الأنماط البشريَّة المعتادة في ألمانيا؛ للدلالة على الاتِّجاه العام لأغلب نساء ألمانيا، فالألمانيَّة "غابريللي ثانهيسر" وعمرها 34 عامًا، وتعمل في بنك ببرلين، وتقضي غالبًا إجازتها في روما مع صديقها الذي تُساكنه وتعاشره، تقول: "السبب الذي من أجْلِه لا أُنجب أطفالاً هو أنَّني أحب أن أنام، وأحبُّ أن أقرأ كثيرًا، وأستطيع أن أنام طوال الليل!"، ويؤكد ذلك صديقُها "أندرياس غيرهمان"، وعمره 37 عامًا، ويقول: "نحن اثنان بِدَخل مزدوج بدون أطفال"، "وعلى المدى البعيد فإنَّ الانغماس في الملذَّات على طريقة هذين الاثنين وغيرهما قد يُبَرهن على أنَّه أشأم وأفتك بالشَّعب الألماني من الرايخ الثالث نفسه"؛ صـ39.
يتبع

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك