خواطر الإمام الرافعي في سفر الحج
د. عبدالحكيم الأنيس
كان العلماء يُدوِّنون خواطرَهم في الحضر والسفر، وممَّن دَوَّن خواطرَه في رحلة الحج الإمامُ عبدالكريم بن محمد الرافعي القَزويني الشافعي (المتوفى سنة 623هـ)، فله: "الإيجاز في أخطار الحجاز".
وقد ذكره عددٌ من العلماء، منهم: السبكي في ترجمته، قال: (وله كتاب "الإيجاز في أخطار الحجاز" ذُكِرَ أنه أوراق يسيرة، ذكرَ فيها مباحثَ وفوائد خطرتْ له في سفره إلى الحج، وكان الصواب أن يقول: خطرات، أو خواطر الحجاز، ولعله قال ذلك، والخطأ من الناقل)[1]، والذي ذكره له هو الشيخ فرج الأردبيلي كما سيأتي، ويُؤخذ من سياق كلامه أنه لم يَقِفْ عليه.
وذكره ابنُ الملقِّن فقال: (صنَّفه في سفرته إلى الحج، أفاده بعضُ العجم من شيوخ العصر)[2].
وكأنه أفاد هذا من السبكي.
وذكره الحاج خليفة، ورياضي زاده، والبغدادي، والزركلي[3].
وقد وقفَ عليه في بلاد العجم الشيخُ نور الدين فرج بن محمد الأردبيلي الدمشقي الشافعي (ت: 749هـ).
قال الشيخ تاج الدين السبكي في ترجمته:
(وحكى لي أنَّه وقف في بلاد العجم على كتابٍ للرافعي صنَّفه في سفرته إلى الحج سماه "الإيجاز في أخطار الحجاز"، وأنَّ الرافعي قال فيه: خَطَر لي أنَّ مَنْ سمع المؤذِّن وأجابه، وصلى في جماعة، ثم سمع مؤذِّنًا ثانيًا لا يجيبُه؛ لأنه غير مدعوٍّ بهذا الأذان.
وهذا بحثٌ صحيحٌ، ومأخذٌ حسنٌ، ومنه يُؤخذ أنه لو لم يصلِّ استحبَّ له الإجابة لأنه مدعوٌّ به.
وهذا المأخذ أحسن من تخريج المسألة على أنَّ الأمر هل يقتضي التكرار؟)[4].
وهذا القول في هذه المسألة أشار إليه الإسنويُّ في كتابه "التمهيد" فقال: (ونَقَلَ بعضُهم عن تصنيفٍ للرافعي سماه "الإيجاز في أخطار الحجاز" أنه أشار إلى ذلك)[5].
وكأنه أفاد هذا من السبكي أيضًا.
وقد فات ابنَ رافع السلامي ذِكرُه في كتابه "ترجمة الإمام أبي القاسم الرافعي"، واستدركه محققُه الدكتور الشيخُ محمد عبدالرحيم سلطان العلماء معتمِدًا على السبكي، وقال: (ألَّفه أثناء سفره إلى الحج سنة ستٍّ وستِّمائة، وذكر فيه خواطرَه، ولم أتمكنْ من العثور عليه)[6].
والظاهرُ أن الكتاب لم يصل إلى البلاد العربية.
ولا ندري هل ذكرَ فيه شيئًا من الخواطر المتعلقة بالحجِّ أو لا، ولم أعثر على نقلٍ آخر منه سوى ما تقدَّم.
يسَّر اللهُ الوصولَ إليه.
[1] طبقات الشافعية الكبرى (8/ 281).
[2] البدر المنير (1/ 332).
[3] انظر: كشف الظنون (1/ 205)، وأسماء الكتب ص: 63، وهدية العارفين (1/ 610)، والأعلام (4/ 55).
وذكر الحاج خليفة وهو يعدِّد كتبَ التاريخ (1/ 275): "الإيجاز في الحجاز" ولم يذكر مؤلفه، فهل يقصده؟ الله أعلم.
[4] طبقات الشافعية الكبرى (10/ 380-381). وانظر: (7/ 254).
[5] التمهيد في تخريج الفروع على الأصول ص: 284 وانظر: 471.
[6] ترجمة الإمام أبي القاسم الرافعي ص: 37.
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك