شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى العقيدة
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد احمد شبيب - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد احمد بسيوني - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد الطاروطي - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ شعبان الصياد - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ علي محمود شميس - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ احمد الشحات لاشين - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ صالح العليمي - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة مبكية - تلاوة ل الشيخ راغب مصطفى غلوش - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: البنا مصحف 35 حفلات و تلاوات خاشعة مجودة المصحف المجود صوتي برابط واحد mp3 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ منصف بن شقرون - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 05-02-2015, 05:30 PM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي الفرق بين النصارى الضالَّين واليهود المضلِّين

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ كلا اليهود والنصارى جاهلونَ بحق عبادة الله عزوجل عليهما بعدما جاءهم العلمُ بأنَّ الله عزوجل حقٌ وأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم حقٌ وأنَّ دينَ الإسلامِ حقٌ؛ ولكنهم اختلفوا بغيًا بينهم، فذلك قوله تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران: 19). فاليهود يعلمون الحقَّ ورغم ذلكَ يُعرضون عنه ويصدون عنه بغيًا بينهم على الدنيا طلبًا لسلطانها وملكها وخزائنها وزخرفها، فذلك قوله تعالى (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ * وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً ۚ قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ ۖ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (البقرة: 79-80)، وقوله تعالى (أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة:75).

أمَّا النصارى فقد جاءهم العلم بوحدانية الله عزوجل لقوله تعالى (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (المائدة:116-117)، وبنبوة نبي الله عيسى عليه السلام لقوله تعالى (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) (الصف:6). ولكنهم ضلَّوا بعد ذلك وحرَّفوا وبدَّلوا بما ليس لهم به من علمٍ، قال تعالى (وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ) (الكهف: 4-5)، وقال تعالى (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (الكهف:104)، وليس كاليهود الذين بدَّلوا وغيَّروا عن علمٍ. فلو كانوا على علمٍ بكفرهم لما وصفهم اللهُ عزَّوجل بالضلال ولما ظنوا أنهم يحسنون صنعًا، فالضالُ يظنُ أنه مهتدي، أمَّا اليهود فإنَّ الشيطان الغرور اللعين غرَّر بهم ومنَّاهم بمغفرة الله عزَّوجل لهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا، لقوله تعالى (وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً ۚ قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ ۖ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة:80).

أمَّا النصارى فهم في ضلالهم فريقان: الأول: من اختلفوا بغيًا بينهم وتعديًا من بعضهم على بعض بسبب اختلاف أهوائهم وليس طلبًا للرياسات والملك والسلطان لأنَّ كثيرًا من هؤلاء دخلوا في الإسلام، فلو كانوا طلابًا للدنيا وسلطانها لما دخلوا في الإسلام لأنَّ الإسلامَ يدعو إلى الآخرة وليس إلى الدنيا مع عدم نسيانها. وكذلك جمعٌ من هؤلاء سالم وهادن ووادع المسلمين على دفع الجزية كي يبقى على دينه، فلو كانوا طلابًا للدنيا وسلطانها لمَا فضلوا العبادة على الرياسة والمال. أمَّا الفريق الثاني: وهم من أصروا على معاداة الإسلام والمسلمين لحقدهم على رسالة الإسلام السماوية؛ فيرفضون الدخول في الإسلام أو دفع الجزية لأنَّهم يصرون على ضلالهم الذي لا علم لهم به ويفضلون الرياسة والملك والسلطان والمال على النزول على حكم اللهِ والخضوع له.

فكلا الفريقين ضلوا لأنهم اتبعوا المتشابه كما في قوله تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا) (النساء:171) فالتبس عليهم معنى " كلمته " و" روح منه " ونسوا المُحكم كما في قوله تعالى ( مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )(المائدة:117). ولكنهما مختلفين في القصد مما زعموه من ضلالٍ وزيغٍ عن الحق إلى الباطل.

فالفريق الأول: ضلَّ بقصد تأويل ما اشتبه عليهم من صلب المسيح عليه السلام فذلك قوله تعالى
(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا) (النساء: 157). فمن ضلَّ من النصارى صدق اليهود في زعمهم قتلَ نبي الله عيسى عليه السلام وصلبه فذلك قوله تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ) (المائدة:77) ينهى الله تعالى النصارى عن اتباع أهواء اليهود في الطعن في مريم الصديقة رضي الله عنها وفي زعم قتل المسيح عليه السلام وصلبه. فأوَّل الفريق الأول قتلَ المسيح عليه السلام وصلبه على تأويلِ الخلاص كما هو في المعتقد المسيحي.

أمَّا الفريق الثاني: ضلَّ بقصد الفتنة أي فتنة الناس عن دينهم كي يتبعوهم وينقادوا إليهم فتتحقق لهم الرياسة والملكُ والسلطانُ والمالُ ولذلك رسالة الإسلام السماوية جاءت لتخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد كما قالها الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه : ( جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ).

فالله عزَّوجل وصف كلا الفريقين في قوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (آل عمران: 7). وقد يقول قائلٌ أنَّ الآياتِ المحكمةُ والمتشابهةُ التي أخبرت عن شريعة النصارى واليهود هي في القرآن وليست في الإنجيل ولا في التوراة. الجواب هو من طريقين: الطريق الأول: أنَّ قصة مولد نبي الله عيسى بن مريمَ ونبوته ورفعه إلى السماء ذكرت في القرآن الكريم، فذكر ما هو متشابه منها كما في قوله تعالى " كلمته " و" روح منه " ونسوا المُحكم كما في قوله تعالى " أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ ". ما يعني أنَّ الآياتِ المُحكمةُ والمتشابهةُ كما ذُكرت في القرآن الكريم فإنها حتمًا ذُكرت في الإنجيل لأنَّه إذا ذكرت في القرآن الكريم الذي هو بعد الإنجيل فإنها حتمًا ذُكرت في الإنجيل الذي هو قبل القرآن لأنَّ القرآن الكريم يخبر عن الإنجيل الذي سبقه. أمَّا الطريق الثاني: إن الإنجيل جاء مُصدقًا للتوراة لقوله تعالى (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) (الصف:6). والقرآن جاء مصدقًا للإنجيل لأنَّ الإنجيلَ بشر ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى " وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ "، وكذا القرآن الكريم جاء مُصدقًا للتوراة كما في قوله تعالى ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (البقرة:101). ما يعني أن التوراة والإنجيل والقرآن الكريم كلٌ منها يُصدق بعضه البعض، وإذا كان ذلك كذلك فهذا يفيد بأنَّ الآيات المحكمة والمتشابهة، التي تخبر عن شريعة اليهود و النصارى، كما هي موجودة في القرآن الكريم فإنها موجودة في الإنجيل والتوراة. ومثلُ ذلكَ اشتباه اليهود أنَّ عزير ابن الله واشتباه النصارى أنَّ المسيح عليه السلام هو الله أو ابن الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا مع فارق أنَّ اليهودَ لا يعبدون العزير كما يعبد النصارى المسيح. أمَّا الراسخون في العلم فهم النصارى الذين لم يكفروا بعيسى عليه السلام ومن هؤلاء الحواريون وليس القساوسة والرهبان الذين ضلوا من بعده عليه الصلاة و السلام.

فالنصارى الضالُّون نسوا ما جاءهم من العلمِ من وحدانية الله عزَّوجل ومن نبوة عيسى عليه السلام ومن بشارة بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، وزاغوا عن الحق إلى الباطل إمَّا اتباعًا لأهوائهم وإمَّا ابتغاء الفتنة، ولكن النصارى لا عذر لهم في ضلالهم لأنَّ اللهَ عزوجل أتاهم العلم بوحدانيته وبنبوة عيسى عليه السلام وببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وما زال القرآن الكريم يُذكرهم بذلك فلا حجة لهم بعد ذلك ولذلك قال تعالى (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة:14) يعني تعالى أن بعض النصارى ضلوا فذلك قوله تعالى " وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ " وليس جميعهم لأنَّ منهم من آمن بنبي الله عيسى عليه السلام ولم يكفر به ومنهم من آمن بعيسى عليه السلام وبأخيه وحبيبه الرسول صلى الله عليه وسلم. فكان ضلالهم بنسيانهم بعض ما جاءهم من العلم بوحدانية الله عزَّوجل ونبوة عيسى عليه السلام وبشارة بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله تعالى " فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ " فوصفُ اللهِ تعالى في غاية الدقة أي لم ينسوا كل ما جاءهم من العلم فذلك قوله تعالى " مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ " إنَّما نسوا حظًا منه أي مما فيه خيرٌ لهم وهو الإيمان بوحدانية الله وهو أعظم ركن ثم ما يليه وهو الإيمان بنبوة عيسى عليه السلام وبرسالة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي رسالة الإسلام إذا شهد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك وصفه الله تعالى ب" حظًا " كما في قوله تعالى (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:35).

فلمَّا ضلوا أغرى الله بينهم العداوة والبغضاء جزاءًا وعدلاً، لا لأنَّ الله سبحانه و تعالى يريد لهم الضلال فحاشى اللهَ ذلك لقوله تعالى (مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا) (النساء:147)، ولقوله تعالى (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (الزمر:7)، وإنَّما لأنَّهم اتبعوا أهواءهم فضلوا فظهرت بينهم العداوة والبغضاء. لأنَّه كما هو معلوم أن الطريق المستقيم هو طريق واحد والضلالة طرق شتى، وأنَّ اتباع الأهواء يؤدي إلى التنازع والتناحر فالمقصود بقوله تعالى " فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ " أي كتبنا عليهم العداوة والبغضاء لقوله عليه الصلاة والسلام : ( ما منكمْ من أحدٍ ، إلا وقدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ من النارِ ومقْعَدُهُ من الجنةِ ) . قالوا : يا رسولَ اللهِ ، أفلا نَتَّكِلُ على كتَابِنَا ونَدَعُ العملَ ؟ قالَ : ( اعمَلوا فكلٌ مُيَسَّرٌ لمَا خُلِقَ لهُ ، أمَّا من كانَ من أهلِ السعادةِ فَيُيَسَّرُ لعملِ أهلِ السعادَةِ ، وأمَّا من كانَ من أهلِ الشقاءِ فَيُيَسَّرُ لعملِ أهلِ الشقاوَةِ . ثم قرأَ : {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى } ) . الآية . ( الراوي : علي بن أبي طالب المحدث : البخاري المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 4949 خلاصة حكم المحدث : صحيح ). فمن يختار الضلالة يكتب الله عليه الضلالة ومن يختار الإفساد يكتب الله عليه الفساد إلا من يتوب فإن الله عزوجل يتوب عليه ويطهر قلبه من وزر معاصيه وإلاَّ فإنه سبحانه وتعالى يختم على قلبه بما كُتبَ عليه من المعاصي. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الكاتب: أخوكم خالد صالح أبودياك.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 01:13 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات