شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 3 > الموسوعة الضخمة ------- علوم القران و التفسير
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: يوسف الشويعي مصحف كامل 114 سورة جودة رهيبة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ياسر القرشي برواية حفص و شعبة 2 مصحف كامل 114 سورة جودة رهيبة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ياسر المزروعي بجمع رواية روح و رويس عن يعقوب مصحف كامل 114 سورة جودة رهيبة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ياسر الدوسري مصحف كامل 114 سورة جودة رهيبة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ابراهيم البارقي تلاوة خاشعة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: EBRAHEEM-----alhozifi------IS---REEDING-----QURAN---MP3----TELAWAT-RECITATION (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: EBRAHEEM-----alkhawalany----IS---REEDING-----QURAN---MP3----TELAWAT-RECITATION (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: EBRAHEEM-----aldowaish------IS---REEDING-----QURAN---MP3----TELAWAT-RECITATION (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: EBRAHEEM----alzobidy-----IS---REEDING-----QURAN---MP3----TELAWAT-RECITATION (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: EBRAHEEM-----alzahrany-----IS---REEDING-----QURAN---MP3----TELAWAT-RECITATION (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 08-05-2014, 01:10 AM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي وقضينا إلى بني إسرائيل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

www.odabasham.net/show.php?sid=76542

لقد إحتار المفسرون سواء السابقون منهم أو اللاحقون في تفسير الآيات من سورة الإسراء التي تتنبأ بحوادث عصيبة ستحدث لبني إسرائيل في الأرض المقدسة:

(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)) سورة الإسراء.

الذي جعل مفهوم هذه الآيات غير واضح هو افتراض خاطئ، لقد افترض المفسرون أن المقصود ببني إسرائيل هم اليهود فقط، وأن نص تلك الآيات يتكلم عن اليهود فقط عبر التاريخ. وهنا كانت المشكلة في تفسير هذه الآيات، فما بني على خطأ، فإن نتائجه ستكون خاطئة.

الحقيقة الأولى في تلك الآيات، إن المقصود ببني إسرائيل هم ذرية النبي إسرائيل فقط، فأي إنسان دخلت فيه مورثات النبي إسرائيل يعتبر من بني إسرائيل، بغض النظر عن معتقده سواء كان يهودياً أم مسيحياً أم مسلماً أم ملحداً. فقبل أن يُبعث النبي موسى، كان هناك بني إسرائيل ولم يكن هناك يهوداً، فالنبي موسى هو الذي أتى بالديانة اليهودية، وعن طريقه كان خلاص بني إسرائيل من العذاب الأليم من قبل فرعون، فلقد طلب من فرعون أن يرسل معه بني إسرائيل أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الشعراء:17. فبعد بعثته عليه السلام اعتنق أكثر بني إسرائيل الديانة اليهودية، وهذه هي الفترة الوحيدة التي يعتبر فيها اليهود أنهم بني إسرائيل. وبسبب وجود بني إسرائيل في مصر في زمن الفراعنة، فهناك احتمال أنه دخلت مورثات النبي إسرائيل في أبناء مصر، سواء عن طريق الزواج الشرعي أم غيره. فلقد كان بنو إسرائيل عبيداً هناك، والعبيد يَفعل بهم أسيادهم ما يشاؤون. ومع رجوع بني إسرائيل إلى الأرض المقدسة انتشر نسلهم بين الناس في تلك الأرض. وبسبب تشتت بني إسرائيل في بقاع الأرض، انتشرت مورثات النبي إسرائيل في بعض الناس في المناطق التي سكنوها. ومع مجيء الديانة المسيحية، اعتنق بعض بني إسرائيل الديانة المسيحية وانتشرت مورثات النبي إسرائيل في مسيحي المنطقة. فمريم ابنة عمران كانت من بني إسرائيل وابنها عيسى من بني إسرائيل، رغم أنه كان مسيحياً. ونفس الشيء حصل عندما أتى المسلمون إلى فلسطين وانتشرت معهم الديانة الإسلامية في الأرض المقدسة، واعتنق قسم من بني إسرائيل الإسلام. ولقد كانت زوجة الرسول صفية بنت حيي اليهودي، من ذرية بني إسرائيل. وهناك من اعتنق اليهودية في مناطق بعيدة عن الشرق الأوسط ليسوا من بني إسرائيل. وذلك فإننا نجد أن القرآن لم يقل (وقالت بنو إسرائيل ليست النصارى على شيء)، بل قال وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ البقرة:113، لأن اليهود والنصارى في الأرض المقدسة هم من بني إسرائيل. وهكذا انتشرت مورثات نبي الله إسرائيل في أكثر سكان الشرق الأوسط بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. فكلمة بني إسرائيل المذكورة في القرآن لا تعني اليهود فقط، بل تعني أي إنسان أو قوم دخلتهم مورثات النبي إسرائيل عليه السلام. وبنفس الوقت فإن ليس كل اليهود في العالم من بني إسرائيل.

الحقيقة الثانية في تلك الآيات، أنها تتكلم عن أحداث لبني إسرائيل ستحدث في منطقة واحدة فقط، وهي الأرض المقدسة التي تعتبر ديار بني إسرائيل بغض النظر عن معتقدات أهلها الدينية، وهذا يمكن استنتاجه من الآية فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ، فأي ديار تتكلم الآية عنها إذا كان بنو إسرائيل اليهود قد تشتت أكثرهم في بقاع الأرض بعد حادثة غرق فرعون؟ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) سورة الإسراء. فلا بد وأن الديار التي تكلم عنها القرآن في هذه الآيات هي الأرض المقدسة فلسطين وما حولها، ففيها أكبر تجمع لبني إسرائيل في منطقة محدودة. وحتى ولو هاجر إليها أناس ليسوا من ذرية بني إسرائيل وقطنوا فيها، فإنهم مع الزمن سيتزاوجون من أهل تلك الأرض وستدخل فيهم مورثات النبي إسرائيل، فالغالبية العظمى من سكان فلسطين وما حولها هم بني إسرائيل إن لم يكونوا كلهم.

الحقيقة الثالثة في تلك الآيات، أن القرآن يتحدث عن أحداث ستحدث في الديار المقدسة وفي فترة زمنية محددة ما بين نُزول القرآن إلى أن يحدث العلو الكبير لبني إسرائيل في آخر الزمان، بغض النظر عن معتقدات الغالبية العظمى لبني إسرائيل في تلك الديار. فأي تفسير لحوادث تلك الآيات قبل نزول القرآن أو بعد علو بني إسرائيل فإنه يعتبر اجتهاداً خاطئاً، فالقرآن قال لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ بصيغة التوكيد في المستقبل وليس في الماضي، أي لتعصنّ الله ولتخالفن أمره. ثم يقول في الآية التالية فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا أي أن الحادثة الأولى ستأتي فيما بعد، أي بعد نزول القرآن.

الحقيقة الرابعة في تلك الآيات، أن العباد الذين سيبعثهم الله على بني إسرائيل في المرة الأولى والثانية، سيدخلون المسجد في كلتا المرتين وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ.

الحقيقة الخامسة في تلك الآيات، أن العباد الذين سيبعثهم الله على بني إسرائيل في المرة الأولى أولي باس شديد يدخلون المسجد ويجوسون خلال الديار، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا، أي حاسوا وجاسوا وترددوا ذهابا وإيابا في كل بقعة داخل الديار. وهذا لم يحدث أبدا في تاريخ فلسطين لبني إسرائيل قبل أن ينزل القرآن. والقول بأن دخول المسجد للمرة الأولى حدث في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، هذا اجتهاد خاطئ، لأن المسلمين لم يجوسوا خلال الديار، بل أعطى عمر رضي الله عنه الأمان لأهلها من خلال معاهدة.

الحقيقة السادسة في تلك الآيات، تؤكد على أن عباد الله أولي البأس الشديد، الذين سيأتون إلى الأرض المقدسة في المرة الأولى، بعد فساد بني إسرائيل فيها، هم من نفس جنس العباد الذين سيأتون إلى الأرض المقدسة في المرة الثانية بعد فساد بني إسرائيل فيها. وهذه الحقيقة لم يبينها المفسرون، سواء السابقين منهم أو اللاحقين، في أقوالهم لمعنى تلك الآيات.

الحقيقة السابعة في تلك الآيات، إن القرآن تنبأ بأن بني إسرائيل سيفسدون في الأرض مرتين، ثم سيعلون في الأرض وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا، وبما أن علو بني إسرائيل يحصل حاليا، فهذا معناه أن فسادهم في الديار المقدسة ومجيء عباد الله للديار في المرة الأولى والثانية قد حصل وانتهى.

الحقيقة الثامنة في تلك الآيات، إن حادثة مجيء عباد الله أولي البأس الشديد في المرة الثانية إلى الديار المقدسة ودخولهم المسجد ستحدث في وقت اقتراب الساعة، كما هو في حالة رجوع بني إسرائيل المشتتين فإنهم سيرجعون إلى الديار المقدسة في وقت اقتراب الساعة فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا. فدخول القومَين إلى الديار المقدسة سيحدثان في فترة زمنية متقاربة.

الحقيقة التاسعة في تلك الآيات، أن القرآن يقول عن بني إسرائيل في آخر الزمان وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا، ثم يقول في القوم الذين يأتون إلى الأرض المقدسة في المرة الثانية وَلِيُتَبِّرُوا۟ مَا عَلَوْا۟ تَتْبِيرًا. فكلمة العلو ذكرت في الحالتين، هذا يدل على أن هناك رابطة وثيقة ما بين وعد الله لبني إسرائيل بأنهم سيعلون في آخر الزمان، وبين علو القوم الذين سيأتون في المرة الثانية ويتبروا مع علوهم تتبيرا، أي يخربون مع علوهم تخريبا، فما هي هذه الرابطة؟ وهل رجوع اليهود إلى الديار هو مقرون مع رجوع عباد الله في المرة الثانية؟

هاتين الحادثتين اللتين حصلتا في الأرض المقدسة ما بين نزول القرآن إلى رجوع اليهود إلى أرض فلسطين، لا بد وانه كان لهما اثر وضجيج في تاريخ تلك الأرض، ومن الصعب ألا يلاحظهما قارئ التاريخ.

والعلم عند الله، أن المرة الأولى هي الحروب الصليبية المتعاقبة التي أتى فيها الغزاة من أوربا من خلال هجمات متعددة خلال مائتي سنة تقريبا، ما بين عام (1096 -1291) ميلادي. جاس فيها الصليبيون خلال الديار، أي في الأرض المقدسة التي يقطن فيها بنو إسرائيل، وكان ما كان من أحداث شنيعة سُفكت فيها الدماء. قبل الحروب الصليبية، كان هناك تعصباً وكراهية بين فرق الأديان، وتعصباً بين المسلمين ضد مذاهبهم. هناك أسباب وعوامل كثيرة للحروب الصليبية، من أحد أسبابها هو الخطأ الفاحش الذي ارتكب بحق المسيحيين في عام 1009 عندما أمر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله بتدمير كنيسة القيامة، مع العلم أن الدين الإسلامي يمنع تدمير الكنائس. ثم سُمح في عام 1039 للإمبراطورية البيزنطية بإعادة بناء كنيسة القيامة. وحصل كذلك في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، اضطهاد لكل من يخالف مذهبه الشافعي. لقد كان ذلك الخليفة ظالماً فاحشاً جباراً سفاكا للدماء، وقد ادعى الألوهية في الأرض، وقد ذكر ابن الجوزي عنه: (زاد ظلم الحاكم، وعن له أن يدعي الربوبية، فصار قوم من الجهال إذا رأوه يقولون: يا واحد، يا أحد، يا محيي يا مميت). لقد كان بنو إسرائيل في ديار الأرض المقدسة قبل الحروب الصليبية في شقاق وفساد وظلم وضعف وجهل وتعصب ديني. فأتى المسيحيون الأوربيون إلى الأرض المقدسة بحجة استرجاعها. وتحول بيت المقدس لمحرقة كبيرة قتل فيها المسلمون واليهود وخوارج النصارى، وارتكب الصليبيون مجازر شنيعة حتى ضد الأطفال والنساء والشيوخ. إلى أن جاء صلاح الدين بجيش قوي منظم، واسترد القدس في معركة حطين عام 1187 بعد أن أتى بإمكانيات اقتصادية وعسكرية ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا.

أما في المرة الثانية فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا، فالآية تشير أن المرة الثانية ستحدث عند اقتراب وعد الآخرة أي وقت الساعة. وفي هذه المرة جاء الأوربيون مرة أخرى على شكل مستعمرين ليسيطروا على البلاد العربية بما فيها الشرق الأوسط وفلسطين، وبدخولهم لفلسطين جاء معهم اليهود المشتتون في بقاع الأرض لفيفاً، أي دفعة وراء دفعة من خلال وعد بلفور. وعَلا بنو إسرائيل بعد ذلك علوا كبيرا، فإننا نشاهد آثاره حتى وقتنا الحاضر.

في عام 1917 احتلت القوات البريطانية المتجهة من مصر جنوب بلاد الشام التي تحوي الأرض المقدسة من الدولة العثمانية، وفرضت عليها حكماً عسكرياً. وفي 9 ديسمبر 1917 دخل قائد القوات البريطانية الجنرال أدموند أللنبي مدينة القدس، مما أثار مشاعر الابتهاج في أوروبا إذ وقعت القدس تحت السيطرة المسيحية لأول مرة منذ أكتوبر 1187. كانت فلسطين قبل الاحتلال البريطاني جزء من الإمبراطورية العثمانية، شأنها شأن باقي الدول العربية. وفي نهاية الإمبراطورية العثمانية حدث ضعف وتمزق وحزازية وظلم وفساد في أجزائها. أزيلت الدولة العثمانية كلياً في نوفمبر عام 1922، ورسخ العالم العربي تحت الاحتلال الأوربي، وتقسم إلى دويلات. وبدأ تهجير اليهود من أوربا إلى فلسطين على دفعات، وبذلك رجع بنو إسرائيل المشتتون في بقاع الأرض إلى الأراضي المقدسة، ورجوعهم هو إشارة كبرى على اقتراب وقت الساعة، لأنه مذكور في القرآن فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا.

ففي المرة الأولى نجد أن القرآن قال عن عباد الله الذين سيأتون إلى الديار فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ، وحصل هذا عندما دخل الصليبيون الديار المقدسة، فلقد ترددوا عليها بهجماتهم مرات ومرات خلال فترة الحروب الصليبية، ويعتقد أنه كان هناك تسع هجمات متعاقبة من قبل للصليبين للأرض المقدسة، دامت لمدة مائتي عام. خلال هجمات الصليبين للديار المقدسة، قام جنودهم بالقتل والنهب والعبث في كل بقاعها، كانوا يترددون على البيوت ليل نهار ليتأكدوا أنه لم يبق فيها حي يرزق. لقد أبادوا جميع سكان القدس من المسلمين واليهود وخوارج النصارى، الذين كان عددهـم ستين ألفا، فأفنوهم عن بكرة أبيهم في ثمانية أيام، ولم يتركوا منهم امرأة ولا ولداً ولا شيخاً.

ففي معجم لسان العرب: فَجاسُوا خِلال الدِّيار؛ أَي تردّدوا بينها للغارة، وهو الجَوَسانُ، وقيل: قتلوكم بين بيوتكم، وجاسُوا وحاسُوا بمعنى واحد يذهبون ويجيثون؛ وقيل: فجاسوا خلال الديار أَي فطافوا في خلال الديار ينظرون هل بقي أَحد لم يقتلوه؛ وفي معجم الصحاح: جاسوا خلال الديار أَي تخللوها فطلبوا ما فيها، كما يَجُوس الرجلُ الأَخبار أَي يطلبها، وكذلك الاجْتِياسُ. والجَوَسان، بالتحريك: الطوفان بالليل. وفي تفسير ابن كثير فجاسوا خلال الديار: أي تملكوا بلادكم وسلكوا خلال بيوتكم أي بينها ووسطها وانصرفوا ذاهبين وجائين لا يخافون أحدا.

وصف ستيفن رنسيمان في كتابه " تاريخ الحروب الصليبية " ما حدث في القدس يوم دخلهـا الصليبيون فقال: (في الصباح الباكر من اليوم التالي اقتحم باب المسجد ثلة من الصليبيين، فأجهزت على جميع اللاجئين إليه، وحينما توجه قائد القوة ريموند أجيل في الضحى لزيارة ساحة المعبد أخذ يتلمس طريقه بين الجثث والدماء التي بلغت ركبتيه، وتركت مذبحة بيت المقدس أثرا عميقا في جميع العالم، وليس معروفا بالضبط عدد ضحاياها، غير أنها أدت إلى خلو المدينة من سكانها المسلمين واليهود؛ بل إن كثيراً من المسيحيين اشتد جزعهم لما حدث).

ذكر "غوستاف لوبون" في كتابه "الحضارة العربية" - نقلا عن روايات رهبان ومؤرخين رافقوا الحملة الصليبية الحاقدة على القدس - ما حدث حين دخل الصليبيون للمدينة المقدسة من مجازر دموية لا تدل إلا على حقد أسود متأصل في نفوس ووجدان الصليبيين. قال الراهب "روبرت" أحد الصليبيين المتعصبين وهو شاهد عيان لما حدث في بيت المقدس، واصفاً سلوك قومه: (كان قومنا يجوبون الشوارع والميادين وسطوح البيوت ليرووا غليلهم من التقتيل، وذلك كاللبؤات التي خطفت صغـارها، كانوا يذبحـون الأولاد والشباب، ويقطعونهم إرباً إربا، وكانوا يشنقون أناساً كثيرين بحبل واحد بغيـة السرعة، وكانت الدماء تسيل كالأنهار في طرق المدينة المغطاة بالجثث).

أما في المرة الثانية فإن القرآن لم يذكر كلمة جاسوا، لأن المستعمرين الأوربيين احتلوا مواقع معينة ليثبتوا سيطرتهم على البلاد، ولم يعثوا في الأرض المقدسة قتلاً وتدميراً للصغير والكبير وبشكل عشوائي كما حصل في المرة الأولى، فكان دخولهم مجرد سيطرة على البلاد لاستعمارها ما لم يعارضهم أحد. فدخولهم في المرة الثانية للأرض المقدسة وللمسجد هو بمثابة إهانة لأهل الديار بسبب ضعفهم لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ. وجزء من الأوربيين الذين أتوا في المرة الثانية كانوا يهوداً من بني إسرائيل، فبعد أن سيطر الأوربيون على البلاد، ساعدوا في ترحيل اليهود الأوربيين إلى الأرض المقدسة. ثم سلمت الأرض المقدسة لليهود من قبل البريطانيين ليقيموا فيها دولتهم إسرائيل في عام 1948، وبذلك بدأ الخراب والدمار والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وتهجير سكانها من قبل اليهود المهاجرين. فلقد مكن الله اليهود المهاجرين من بني إسرائيل على سكان الأرض المقدسة الأصليين من بني إسرائيل، ولله في خلقه شؤون. وكلما علا بنو إسرائيل من اليهود في الأرض وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا كلما ازداد الخراب والدمار على أهل سكان البلاد الأصليين من بني إسرائيل حتى وقتنا الحاضر، وذلك بسبب الأسلحة الثقيلة والحديثة التي يمتلكها اليهود المهاجرون وَلِيُتَبِّرُوا۟ مَا عَلَوْا۟ تَتْبِيرًا، أي ليخربوا ما علوا تخريبا.

إن الله جلا وعلا ليس بينه وبين أحد من مخلوقاته نسب، الناس كلهم عباد الله بغض النظر عن معتقداتهم (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) مريم:93. فبغض النظر عن اتجاهات الناس الديبة، فإذا كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر ويعملون الصالحات، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ البقرة:62. وعندما ينتشر الظلم والفساد بين أي طرف من عباد الله، فإنه تعالى قد ينتقم منهم سواء بعذاب من عنده أو بتسليط عباد أخرين عليهم، سنة الله في خلقه، وفي الحديث: {والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله عز وجل أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم}. وعن أبي بكر الصديق قال، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله تعالى بعذاب منه}. وفي الحديث أن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: {نعم، إذا كثر الخبث}. وفي قول لابن تيميه: "إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة". فجوهر الدين هو العدل، فإن الله يأمر بالعدل والإحسان.

اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يخشاك ولا يرحمنا

لقد علا اليهود من بني إسرائيل في الأرض بسبب جهدهم وعرقهم وليس بسبب المورثات التي فيهم من نبي الله إسرائيل، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. فالكثير من يحمل مورثات نبي الله إسرائيل، ولكن لا فائدة لها إن لم تتبع بالجهد والعلم والعمل. فمن جد وجد، ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 12:12 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات