شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى الفقه
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: يوسف الشويعي مصحف كامل 114 سورة جودة رهيبة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ياسر القرشي برواية حفص و شعبة 2 مصحف كامل 114 سورة جودة رهيبة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ياسر المزروعي بجمع رواية روح و رويس عن يعقوب مصحف كامل 114 سورة جودة رهيبة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ياسر الدوسري مصحف كامل 114 سورة جودة رهيبة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ابراهيم البارقي تلاوة خاشعة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: EBRAHEEM-----alhozifi------IS---REEDING-----QURAN---MP3----TELAWAT-RECITATION (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: EBRAHEEM-----alkhawalany----IS---REEDING-----QURAN---MP3----TELAWAT-RECITATION (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: EBRAHEEM-----aldowaish------IS---REEDING-----QURAN---MP3----TELAWAT-RECITATION (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: EBRAHEEM----alzobidy-----IS---REEDING-----QURAN---MP3----TELAWAT-RECITATION (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: EBRAHEEM-----alzahrany-----IS---REEDING-----QURAN---MP3----TELAWAT-RECITATION (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 02-24-2015, 10:37 AM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي (070)الجهاد في سبيل الله-التصنيع الحربي-صرخات لا تسمع


واستمع أيها المسلم لصرخة أحد إخوانك الذين لا يملكون إلا النداء، وقل بعد سماعك: هل من مجيب؟

"وأما هؤلاء الذين نعتمد عليهم في دراسة أراضينا فإن مصالحهم – مما لا شك فيه – هي المقدمة ولا غرابة في ذلك، فكل إنسان يسعى وراء مصلحته، وليس هناك من يفتش على مصلحة الآخرين ويدع شأنه الذي فيه صلاح أمره.

إنهم ينقبون خارج أراضيهم عن المعادن والثروات التي لا تتوفر في بلادهم، ولا يهتمون بما عدا ذلك. فالبترول الذي تذخر أراضينا فيه، تتنافس الشركات في سبيل الحصول على امتيازات للتنقيب عنه وتسرع لحفر الآبار واستثمارها، بل إن السياسة الدولية لا يمكن فهمها جيداً، إلا إذا وضعنا بعين الاعتبار مصالح الدول البترولية وحركة شركاتها من خلال تلك المصالح، وكثير من الانقلابات العسكرية كانت الشركات البترولية من ورائها تخطط لها وتحركها، لتحقق غايتها وتؤمن أرباحها، وتحصل على أوسع منطقة لامتيازاتها وبالتالي تؤمن الفوائد لدولها.

أما الثروات المعدنية الدفينة الأخرى ومصادر الطاقة الثانية التي تزخر فيها أراضيهم، فلا ينقب عنها خارج حدودهم، ولا يهتمون فيها إلا من خلال مصالحهم وما يرون من ذلك من فائدة لهم، كأن يأخذوا المعلومات الكاملة عنها ويتركوها، وتبقى تلك الدراسات سرية للغاية وبيد الدارسين فقط، حتى إن هذه المعلومات لتجهلها الدولة صاحبة الأرض بالذات.

فالرصاص والكروم والمنغنيز والقصدير والأورانيوم، لا تزال ثروات منها كبيرة مدفونة في جوف أرضنا ولا يهتم بها أحد، بل لا نعرف الاحتياطي منها، لأنهالم تدرس بعد، ما دام الأجانب يؤمنون هذه الثروات من بلادهم وتزخر أراضيهم بها، فيكتفون بما يستخرجون منها وتقنع صناعتهم بما يحصلون عليه، إذ الحاجة غير ملحة لهم بالذي في أرضنا، وتبقى ذخراً يمكنهم التنقيب عنه في الوقت الذي يرون فيه ضرورة لهم ولصناعتهم، إذ يرون الآن أنهم ليسوا بحاجة إلى استخراجه حتى لا تزداد ثروتنا أو تقوم لنا صناعة.

وقد تكون الظروف السياسية غير مناسبة لهم لاستثمار الثروات الباطنية من منطقة من المناطق، كان يكون الوضع السياسي في غير مصلحتهم، أو حتى لا تلفت المنطقة نظر بقية المؤسسات الاستعمارية والشركات الاستعمارية و...

وقد يستخرجون بعض الثروات ليبقى ما في بلادهم احتياطياً لهم، ما دام مضموناً في أيديهم، كما يعلمون أن نهوضنا سيبقى متأخرا ما دامت رقابنا في أيديهم أو نتبع إشارتهم، وهذا ما يخططون له ليبقى الوضع على حاله، فيتخذون من الحراس صوراً ظاهرة وهم في الواقع من القش وسيوفهم من خشب عليهم، ولكنها علينا بتارة ولتظهر كذلك على غيرنا". [اقتصاديات العالم الإسلامي ص 153-154].

فقد إرادة القتال لرد عدوان الأعداء

إن المتأمل في تصرف غالب زعماء المسلمين بالنسبة للصناعة - وغيرها كذلك من مصالح شعوبهم - يتضح له أنهم لا يريدون القتال، بل يودون من قرارة نفوسهم أن يتركوا وشأنهم، وليكن ما يكون بعد ذلك، من احتلال الأعداء للأراضي الإسلامية وتشريد شعوبها وقتلهم وتعذيبهم وانتهاك حرماتهم، والسيطرة على بلادهم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وعسكرياً.

كل ذلك لا يعنيهم في شيء ما بقوا زعماء ولو صورة، والموجه الحقيقي في تصرفاتهم هو العدو الكافر، ولا يغرنك تحرك كثير من الزعماء ونداءاتهم بين حين وآخر للصمود والتصدي كما يقولون، فإن ذلك صمود وتصد لشعوبهم لا لعدو شعوبهم وإنما هو من ذر الرماد في العيون.

وإلا فلو أرادوا القتال حقاً لأعدوا له عدته، ومنها إنشاء المصانع الجهادية، وقضوا على الترف والاسترخاء اللذين فرضوهما على شعوبهم فرضاً، بتبديد الأموال في متع الدنيا وأثاثها وشهواتها، فأماتوا بذلك الجندية والرجولة في نفوس المسلمين.

وإرادة القتال - كما حددها بعض المختصين، هي -: "الرغبة الأكيدة في الصمود والثبات في ميدان القتال، من أجل مثل عليا وأهداف سامية وإيمان لا يتزعزع بهذه المثل والأهداف، وثقة بأنها أحب وأعز وأغلى من كل شيء في الحياة، وتحمل أعباء الحرب ببذل الأموال والأنفس، واستهانة بالأضرار والشدائد وصبراً في البأساء والضراء وحين البأس، حتى يتم تحقيق تلك المثل العليا والأهداف السامية، مهما طال الأمد وبعد الشوط وكثر العناء وازدادت المصاعب وتضاعفت التضحيات". [إرادة القتال، لمحمود شبت خطاب ص16].

تحذير أعداء الإسلام من النهوض الصناعي لأهله

ولقد أخاف أعداءَ الله أن تتمكن إرادةُ القتال من نفوس المسلمين، فذهبوا يتخذون كل الوسائل الممكنة للحوْل بين المسلمين وبين هذا التمكن، وأخذوا يحذر بعضهم بعضاً، ويتناصحون بما يمكن أن يبعد المسلمين عن مجال التفكير في إرادة القتال، التي هي أساس الجهاد الصناعي القائم على إعلاء كلمة الله في الأرض.

وتأمل هذه التحذيرات والنصائح التي وجهها أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية في منتصف هذا القرن من تمكن المسلمين من التصنيع أيا كان، ومنه التصنيع الحربي: [القرن العشرون الميلادي].

قال: "ليست الشيوعية خطراً على أوروبا فيما يبدو لي، فهي حلقة لاحقة لحلقات سابقة، وإذا كان هناك خطر فهو خطر سياسي عسكري فقط، ولكنه ليس خطراً حضارياً تتعرض معه مقومات وجودنا الفكري والإنساني للزوال والفناء.

إن الخطر الحقيقي الذي يهددنا تهديداً مباشراً عنيفاً هو الخطر الإسلامي، فالمسلمون عالَمٌ مستقل كل الاستقلال عن عالمنا الغربي، فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص، ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة، فهم جديرون أن يقيموا بها قواعد عالم جديد، دون حاجة إلى الاستغراب، أي دون حاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية بصورة خاصة في الشخصية الحضارية الغربية.

فرصتهم في تحقيق أحلامهم، هي في اكتساب التقدم الصناعي الذي أحرزه الغرب، فإذا أصبح لهم علمهم، وإذا تهيأت لهم أسباب الإنتاج الصناعي في نطاقه الواسع، انطلقوا في العالم يحملون تراثهم الحضاري الغني، وانتشروا في الأرض يزيلون منها قواعد الروح الغربية، ويقذفون رسالتها الى متاحف التاريخ.

وقد حاولنا خلال حكمنا الطويل في الجزائر، أن نتغلب على الشخصية التاريخية لشعب هذا البلد، فلم نألوا جهداً في صوغ شخصية غربية له، فكان الإخفاق الكامل نتاج مجهودنا الضخم الكبير.

إن العالم الإسلامي يقعد اليوم فوق ثروة خيالية من الذهب الأسود والمواد الأولية الضرورية للصناعة الحديثة، ولكنه في حاجة إلى الاستقلال في استغلال هذه الإمكانيات الضخمة الكامنة في بطون سهوله وجباله وصحاريه.

إنه في عين التاريخ عملاق مقيد، عملاق لم يكتشف نفسه بعد اكتشافاً تاماً، فهو حائر، وهو قلق كاره لماضيه في عصر الانحطاط، راغب رغبة يخالطها شيء من الكسل أو بعبارة أخرى من الفوضى في مستقبل أحسن وحرية أوفر.

فلنعط هذا العالم ما يشاء، ولنقو في نفسه عدم الرغبة في الإنتاج الصناعي والفني، فإذا عجزنا عن تحقيق هذه الخطة وتحرر العملاق من قيود جهله وعقدة الشعور بعجزه عن مجاراة الغرب في الإنتاج، فقد بؤنا بالإخفاق الذريع، وأصبح خطر العالم العربي وما وراءه من الطاقات الإسلامية الضخمة، خطراً داهما يتعرض به التراث الحضاري الغربي لكارثة تاريخية ينتهي بها الغرب وتنتهي معه وظيفته القيادية". [جند الله ثقافة وأخلاقاً، لسعيد حوا ص20ـ21].

وللباحث - هنا - تنبيهات:

التنبيه الأول: أن الخطر الذي يخيف الغرب هو الإسلام والمسلمون، وأن كل خطر غير الإسلام هين، ومعنى هذا أن المسلم عندما يترك إسلامه ويتحول إلى دين آخر، أو مذهب غير مذهب الإسلام، لا خطر منه يخافه الأعداء مهما كانت قوته المادية.

التنبيه الثاني: أن الخطر الحقيقي على الغرب، إنما هو من المسلمين الملتزمين بإسلامهم المستقلين عن الأمم الأخرى، أما المدعون للإسلام الذين تذوب شخصيتهم في غيرهم، فإنهم غير خطرين على الغرب وحضارته.

التنبيه الثالث: أن سبب خطر الإسلام والمسلمين على الغرب، ما يملكه المسلمون من عقيدة إسلامية صادقة وحضارة تاريخية أصيلة، ليست تقليدية للغرب أو غيره.

التنبيه الرابع: أن المسلمين الذين يخافهم الغرب، هم المسلمون الأقوياء في إيمانهم وأخلاقهم، وفي اقتصادهم وصناعاتهم، وليسوا الخاملين الكسالى الذين كدسوا وسائل الترف في بلدانهم وأخلدوا إلى الأرض.

التنبيه الخامس: أن المسلم الذي لم تنحرف فطرته عن الصراط السوي، يصعب على العدو إذابة شخصيته، على الرغم من المحاولات الكافرة الجادة في ذلك، لا سيما المسلم الذي يقف وجهاً لوجه في حرب سافرة مع ذلك العدو الماكر.

وبهذا يظهر وجوب سعي المسلمين إلى امتلاك التصنيع المغني لهم عن الأعداء، ومنه التصنيع الحربي للحصول على السلاح الكافي، من صنع أنفسهم، وأن القادرين على توفير ذلك آثمون إذا لم يسعوا في تحقيقه.

فإن لم يقدروا على إنشاء المصانع الكافية، كان عليهم أن يسعوا إلى حصول ما يكفي عن طريق شراء السلاح الذي يمكنهم من تحقيق أهدافهم، وأن يستغلوا كل إمكاناتهم في الحصول على أجود أنواع الأسلحة، وأن يبقى سعيهم متواصلاً لإقامة المصانع التي تغنيهم عن أعدائهم الذين لا يؤمن مكرهم وكيدهم، ولا يجوز الركون إليهم.

اكتفاء الجيش الذاتي شرط في صموده أمام العدو

"إن الأمة التي تستورد اللحوم التي تأكلها، وقطع الغيار لسياراتها، والأسلحة الخفيفة والثقيلة، فضلاً عن سائر ما تركبه ومعظم ما تشتريه أو تلبسه، إن مقومات جسمها مستورد، وإن مكونات عقلها مستورد، وإنها تكاد تكون عالة على حضارة أعدائها في كل صغيرة من عالم الأشياء، وفي كل كبير من عالم الفكر، فهل تكون مثل هذه الأمة قد عرفت الجهاد؟ وأي جهاد ذلك الذي سرى في كيان هذه الأمة؟ "مجلة الدعوة السعودية، عدد743، الاثنين 14/5/1400هـ".

نعم لم يقم الرسول صَلى الله عليه وسلم وأصحابه في أول الإسلام مصانع للسلاح، لأنه لم يكن ممكناً آنذاك، ولأنهم جاهدوا الكفار بما استطاعوا إعداده فغنموا سلاحهم، وعندما توسعت الفتوحات الإسلامية، أصبحت أسلحة أهل البلاد المفتوحة أسلحة لعامة المسلمين، وهكذا المصانع وغيرها.

أما الآن فالضرورة تحتم على المسلمين إنشاء مصانع تغنيهم عن عدوهم، وتحقق لهم الاستقلال والسيادة على شئونهم، والإمكانات متوافرة، ولا تنقص المسلمين إلا الإرادة الجازمة المبنية على الإيمان الراسخ والطاعة الكاملة لله سبحانه. للاستقلال عن أعدائهم في ضرورات حياتهم، ويصعب عليهم أن يحاربوا العدو -كاليهود المغتصبين لأرضهم- ليغنموا السلاح منه، للفرق البعيد بين ما يملكه العدو من الأسلحة الفتاكة وما يملكه المسلمون، إضافة إلى الضعف الإيماني في النفوس، الذي بسببه ضعفت عندهم إرادة قتال الأعداء لدفع خطرهم عليهم.

ويحسن هنا أن ننقل فقرات عن قائد عسكري من قادة المسلمين في هذا العصر، حيث قال اللواء الركن محمود شيت خطاب رحمه الله: "إن الجيش الذي لا يكتفي ذاتيا بما يصنعه في معامله الوطنية من سلاح وذخيرة وتجهيزات، لا يستطيع أن يصمد طويلاً في الحرب، وبمعنى آخر إنه لا يستطيع أن يخوض حرباً طويلة الأمد، لأن الحرب تأكل السلاح أكلاً، وتبتلع الذخيرة ابتلاعاً، وتحطم الدروع والطائرات والعجلات تحطيما، وتستهلك التجهيزات استهلاكاً. فإذا نفد سلاح الجيش فبماذا يقاتل؟

وإذا نفدت ذخيرة جيش فبماذا يحارب؟ وما يقال عن السلاح والذخيرة، يقال عن الدروع والطائرات والعجلات والتجهيزات العسكرية والوقود، والقضايا الإدارية الأخرى والأجهزة السلكية واللاسلكية، والمواد الاحتياطية للعجلات والطائرات والبواخر، وكل وسائط النقل البرية والبحرية والجوية.

إن للتسليح والتجهيز أثراً حاسماً من الناحيتين المادية والمعنوية في الجيوش، إذ أن التسليح الجيد بالإضافة إلى كونه قوة مادية للجيش، فهو في الوقت ذاته يزيد في معنويات ذلك الجيش، لأنه لا معنويات لجيش قليل السلاح أو فاسده أو رديئه، ولا معنويات لجيش لا يثق بسلاحه ولا يعتمد عليه، ولا معنويات لجيش يعتقد أن سلاحه محدود إذا لم ينفد اليوم فسينفد غدا.... إن لاستيراد السلاح والذخيرة والتجهيزات العسكرية والأجهزة العسكرية والمواد العسكرية الأخرى من الخارج، محاذير كثيرة يدركها العسكريون ويدركون أخطارها على نتيجة الحرب، وقد لا تغيب عن المدنيين أيضاً.

ومن أهم هذه المحاذير: أن سياسة الدول تتبدل من حين إلى آخر، خضوعاً لمصالحها أولاً، ورضوخها لتيارات خارجية قد لا تكون في الحسبان، فإذا كانت الدولة أو الدول الأجنبية التي تستورد منها السلاح والذخيرة والتجهيزات العسكرية اليوم معك لسبب أو لآخر، فقد تصبح غداً مع عدوك، كما حدث ذلك في كثير من الأحيان". [انتهى كلامه من كتاب: الوحدة العسكرية العربية، 46-47].

ثم قال - بعد ذلك -: "والدول التي تصدر السلاح والذخيرة والتجهيزات العسكرية، تستأثر لنفسها بالجيد منها، إذ لا يمكن وليس من المعقول أن تُؤْثِر غيرها من الدول بالأنواع المتميزة منها، وتفضل غيرها من الجيوش على جيشها الوطني. كما أن السلاح والذخيرة والتجهيزات العسكرية المصدرة تكون - اعتياديا – من الأنواع المكشوف أمرها لا من الأنواع السرية. أما الأنواع غير المعروفة والسرية والمخترعات الجديدة، فلا تعرض في الأسواق ولا تصدر إلى الخارج حتى لا ينكشف أمرها". [المرجع السابق، ص150].

ثم قال - مبينا فوائد التنسيق العسكري للعرب: "يهدف هذا التنسيق إلى عدم إقامة معامل متشابهة تنتج سلاحاً أو ذخيرة أو تجهيزات عسكرية متشابهة دون جدوى، فإذا كان هناك مصنع ينتج سلاحاً خفيفاً، وكان بمقدور هذا المصنع تسليح الجيوش العربية بهذا السلاح، فليس من الاقتصاد أن يتكرر مثل هذا المصنع في بلد عربي آخر، بل يمكن إنشاء مصنع في ذلك البلد العربي ينتج سلاحاً آخر تحتاج إليه الجيوش العربية، وبذلك يتم للعرب إنتاج سلاحين مختلفين بدلاً من سلاح واحد... وهذا التنسيق يهدف إلى زيادة التعاون بين البلاد العربية في ناحية التسليح والتجهيز، فتكون متطلبات الجيوش العربية من السلاح والذخيرة والتجهيزات معروفة، ويكون معروفاً من أين يمكن تأمين تلك المتطلبات...

ويهدف التنسيق إلى عمل مخطط عربي دقيق لإنشاء المصانع الحربية، بحيث تؤمن في المدى القريب والبعيد على مراحل، كل حاجات العرب إلى السلاح والذخائر والتجهيزات...

ويهدف هذا التنسيق إلى الإفادة من المصانع غير الحربية للأغراض الحربية، مثلاً المصانع الحربية التي تنتج الأجهزة اللاسلكية كالمرسلات والمستقبلات لسلاح الإشارة، يمكن أن تنتج المذياعات من الأنواع التي تعمل بالكهرباء، ومن الأنواع التي تعمل بالنضائد. ويهدف التنسيق إلى توزيع المصانع الحربية على البلاد العربية واختيار المواضع المناسبة لها". [المرجع السابق، ص152 وما بعدها..].

ثم عقب في نهاية هذا المبحث قائلا: "وقد بذلت الجامعة العربية من جهة، وبذل قسم من الدول العربية من جهة أخرى، وبذلت القيادة العربية الموحدة من جهة ثالثة، جهوداً لتنسيق الصناعات العسكرية العربية، ولكن تلك الجهود لم تثمر الثمرة اليانعة في هذا المجال، لأن الوحدة العسكرية العربية لم تصبح حقيقة ملموسة وعملاً ملموساً وواقعاً ظاهراً للعيان". [المرجع السابق ص155].

وكيف تصبح الوحدة العسكرية العربية حقيقة ملموسة وعملاً ملموساً وواقعاً ظاهراً للعيان، والعالم العربي منقسم في ولاءاته هذا يتبع الغرب، وهذا يتبع الشرق، هذا ملحد، وهذا علماني هذا يدعو للقومية العربية، وذاك يدعو للحضارة الفرعونية، وهذا يبعث الوثنية الآشورية وذاك يمجد الفينيقية. وكلهم لا هم لهم إلا التربع على كراسي الحكم بأي وسيلة من الوسائل، يجمعهم ذلك ليقف غالبهم ضد الإسلام الذي لا يمكن أن يتحدوا على أي مبدأ سواه.

ولقد مضى على اتفاقية الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي، التي وقع عليه أعضاء الجامعة العربية آنذاك، مضى عليها اثنان وخمسون عاما، إذ وضعت سنة 1950م [مضى عليه إلى الآن 65 عاما] ولم يظهر منها شيء في الواقع، بل كلما مضى عام على هذه الجامعة، اشتد الخلاف والنزاع بين أعضائها، حتى أصبحت مثلا يضرب للمؤسسات الفاشلة.

والمصانع القتالية شاملة لكل ما يحتاج إليه المجاهدون في سبيل الله، لخوض المعركة ضد العدو في أي وقت من الأوقات: السلاح الجوي والسلاح البري والسلاح البحري، بل والسلاح النووي، ووسائل النقل، والخبرات اللازمة كالأطباء والممرضين والمرشدين والخدم، وقطع الغيار، والملابس والأحذية، والغذاء وغير ذلك مما قد لا يخطر بالبال، مما تدعو إليه الحاجة، يجب أن يوفر توفيراً كاملاً، أو ما يستطاع منه.

وجوب حفظ السلاح وحمايته.

ويجب على المجاهدين - ولا سيما القادة المسؤولين - حفظ السلاح ولوازمه وعدم بعثرته هنا وهناك، فلا يخرج منه شيء إلا لحاجة تدريب المقاتلين عليه، أو لفرق حماية أمن المسلمين، أو المجاهدين الذين يباشرون قتال العدو، لأن التبذير في السلاح يعتبر سفها غير لائق بالمسلم، وإذا حصل التبذير فيه وقت السلم، ندم على تبذيره المجاهدون وقت الحرب، التي قد تطول وتظهر عندئذ الحاجة إلى أنواع السلاح كلها الخفيف والثقيل، فلا يجدونه، وقد يجدونه ولكن الإمداد به يأتي متأخراً، لذلك يجب أن يحفظ المجاهدون السلاح لوقته، ومن حفظه صيانته ليبقى صالحا للاستعمال المطلوب.

بل ينبغي حفظه وعدم الإسراع في استعماله في بدء المعركة مع العدو، إذا لم تدع الحاجة لذلك، لا سيما إذا كان سلاح المجاهدين قليلاً، وسلاح العدو كثيرا، وها هو رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ينصح أصحابه باستبقاء سلاحهم وعدم العجلة في استعماله، حتى يلتحم الصفان - في معركة بدر، كما في حديث أبي أسيد رضِي الله عنه قال: "قال لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم بدر: (إذا أكثبوكم فارموهم و اسْتَبْقُوا نبلكم). [البخاري رقم 3984، فتح الباري (7/306)].

قال الحافظ بن حجر رحمه الله: "فالمعنى استبقوا نبلكم في الحالة التي إذا رميتم لا يصيب غالباً، وإذا صاروا إلى الحالة التي يمكن فيها الإصابة غالباً فارموا". [فتح الباري (7/307)].

قلت: وإذا كان الرسول صلّى الله عليه وسلم، ينصح المسلمين ألا يرموا بسلاحهم عدوهم إلا إذا أصاب غالباً، بحيث لو كانوا بعيدين عنهم يغلب على ظنهم ألا يصيبوهم به، فإن التفريط في السلاح وتبذيره في غير حالة الحرب أولى بالندم. وفي هذا دليل واضح على عدم جواز بيع السلاح للعدو المحارب من الكفار ولمن يعينهم به منهم أو ممن ينتسب إلى الإسلام، وقد نص الفقهاء على ذلك: (ولا ينبغي أن يباع السلاح من أهل الحرب ولا يجهز إليهم) قال الشارح: (وكذلك الحديد لأنه أصل السلاح). [شرح فتح القدير في الفقه الحنفي (5/460)].

ويظهر من هذا خيانة من يبيع السلاح أو أصله، كالحديد، وكذا البترول للعدو المحارب، كما يظهر أنه يجب على المسلمين أن يحفظوا طاقتهم ومعادنهم، ولا يبيعوا منها إلا ما دعت إليه الضرورة، مما يجلب لهم نفعاً ومصلحة واضحة تنفعهم في حالة الحرب أكثر مما تنفعهم في حالة السلم.

وإلا فإن الأعداء سيستنزفون طاقة المسلمين ومعادنهم بأرخص الأثمان، ويستعيدون أضعاف تلك الأثمان، مما يصنعونه من تلك الطاقة وتلك المعادن ويعيدونه ليباع من أهله بأغلى الأثمان.

وسيأتي يوم من الأيام تنفد فيه طاقة المسلمين ومعادنهم التي يبذرونها الآن، ويكون كثير منها مخزونا عند الأعداء بالإضافة إلى مخزون أرضهم، وهنا يصبح المسلمون أسرى للأعداء لعدم وجود طاقة ومعادن عندهم، ووجود ذلك عند أعدائهم، وهذا ما يتمناه أعداء الإسلام والمسلمين ويسعون جاهدين لتحقيقه.

وإذا كان المسلمون آثمين في تفريطهم في صناعة الأسلحة لإرهاب المعتدين عليهم من الكفار ولرفع كلمة الله، فإن صانع السلاح يدخل به الجنة، كما يدخل المقاتل به، وكذلك ناقله ومناوله إذا قصدوا جميعاً بذلك الجهاد في سبيل الله. كما في حديث عقبة بن عامر رضِي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: (إن الله عـز وجل يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومُنِبله. وارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا. ليس من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه ونبله. ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها) أو قال: (كفرها). [أبو داود (3/28) ومعنى قوله: "ليس من اللهو إلا ثلاث…" أنه لا يوجد لهو حق إلا هذه الثلاث، وما عداها فباطل كما فسر ذلك في حديث آخر: "كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته امرأته، فإنهن من الحق" راجع حاشية (1) من أبي داود (3/28) بتعليق عزت الدعاس].

وصناعة أسلحة الجهاد في سبيل الله من خير الأعمال وأفضلها، كما قال ابن تيمية رحمه الله: في سياق كلامه عن الجهاد وصناعة السلاح: "وتَعَلُّم هذه الصناعات هو من الأعمال الصالحة لمن يبتغي بذلك وجه الله عز وجل، فمن عَلَّم غيره ذلك كان شريكاً له في كل جهاد يجاهد به، لا ينقص أحدهما من الأجر شيئا، كالذي يقرأ القرآن ويعلم العلم". [الفتاوى (28/13)].

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 07:47 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات