07-24-2015, 05:20 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 355,137
|
|
فائدة: أدلة صحة قاعدة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)
فائدة: أدلة صحة قاعدة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب):
لقد ثبت في السّنّة المطهّرة ـــ على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التّسليم ـــ نصوص عديدة تدلّ لهذه القاعدة، وسأذكر بعضًا منها:
1/ ما رواه أحمد في " مسنده " (7705) والسّياق له، والبخاري في " صحيحه " (2350)، ومسلم في " صحيحه " (2492) عن الأعرج، قال : قال أبو هريرة: "إنكم تقولون : أكثر أبو هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، والله الموعد، إنّكم تقولون : ما بال المهاجرين لا يحدّثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الأحاديث ؟، وما بال الأنصار لا يحدّثون بهذه الأحاديث ؟ وإنّ أصحابي من المهاجرين كانت تشغلهم صفقاتهم في الأسواق ، وإنّ أصحابي من الأنصار كانت تشغلهم أرضوهم والقيام عليها، وإنّي كنت امرأً معتكفا، وكنت أكثر مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحضر إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا، وإنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حدّثنا يومًا، فقال : من يبسط ثوبه حتى أفرغ من حديثي ثم يقبضه إليه، فإنّه ليس ينسى شيئًا سمعه منّي أبدا، فبسطت ثوبي ، أو قال : نمرتي ، ثمّ قبضته إليّ ، فو الله ما نسيت شيئًا سمعته منه، وايم الله: لولا آية في كتاب الله ما حدّثتكم بشيء أبدًا، ثمّ تلا: { إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى } الآية كلّها ".
ولفظ البخاري: " قال : يقولون : إنّ أبا هريرة يكثر الحديث، والله الموعد، ويقولون : ما للمهاجرين والأنصار لا يحدّثون مثل أحاديثه، وإنّ إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصّفق بالأسواق ، وإنّ إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرأً مسكينا ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني ، فأحضر حين يغيبون ، وأعي حين ينسون ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم يوما: لن يبسط أحد منكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه، ثم يجمعه إلى صدره، فينسى من مقالتي شيئا أبدا، فبسطت نمرة ليس عليّ ثوب غيرها، حتى قضى النّبيّ صلى الله عليه وسلم مقالته، ثمّ جمعتها إلى صدري، فو الذي بعثه بالحقّ ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا، والله لولا آيتان في كتاب الله ما حدّثتكم شيئًا أبدًا {إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى ــ إلى قوله ــ الرّحيم}".
فأبو هريرة استدلّ بآية عامّة تحذّر من كتمان العلم، وهي نازلة في سبب خاصّ وقوم معيّنين، هم أهل الكتاب، حيث ذمّهم الباري تبارك وتعالى عن كتمانهم ما عرفوه من نبوّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، قال أبو العالية: "نزلت في أهل الكتاب، كتمُوا صفة محمد صلى الله عليه وسلم، ثمّ أخبر أنهم يلعنهم كلّ شيء على صنيعهم ذلك، فكما أنّ العالم يستغفر له كلّ شيء، حتى الحوت في الماء والطير في الهواء، فهؤلاء بخلاف العلماء الذين يكتمون ، فيلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ". ذكره ابن كثير في " تفسيره " (1/472).
قال أبو جعفر الطبري في " تفسيره " (3/249): " يعني بقوله: }إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات } علماء اليهود وأحبارها، وعلماء النصارى، لكتمانهم الناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وتركهم اتباعه وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ".
وعن قتادة: " }إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب{، أولئك أهل الكتاب، كتموا الإسلام وهو دين الله، وكتموا محمدا صلى الله عليه وسلم، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ".
وعن الربيع في قوله: "{إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} قال : كتموا محمّدا صلى الله عليه وسلم، وهم يجدونه مكتوبا عندهم، فكتموه حسدا وبغيا ".
وعن مجاهد في قول الله: "{إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} قال : هم أهل الكتاب ".
أخرج هذه الآثار كلّها ابن جرير الطبري في " تفسيره " (3/250).
2/ أخرج أحمد في " مسنده " (17812)، وأبو داود في " سننه " (334)، والدار قطني في " سننه " (12)عن عمرو بن العاص قال احتلمت فى ليلة باردة فى غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابى الصبح فذكروا ذلك للنبى -صلى الله عليه وسلم- فقال « يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ». فأخبرته بالذى منعنى من الاغتسال وقلت: إنى سمعت الله يقول (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئا ". وصححه الشيخ الألباني في " صحيح سنن أبي داود ".
فاستدلّ عمرو بن العاص بآية نزلت في سبب خاصّ، ففهم منها عموم النّهي عن القتل .
3/ عن علي بن حسين أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلة، فقال : ألا تصلّيان ؟فقلت: يا رسول الله: أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إلي شيئا، ثمّ سمعته وهو مُوَلٍّ يضرب فخذه، وهو يقول :{وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}". أخرجه البخاري في"صحيحه " (1127)، ومسلم في " صحيحه " (775). " فجعل عليًّا داخلاً فيها، مع أنّ سبب نزولها الكفّار الذين يجادلون في القرآن " قاله الشّيخ محمّد الأمين الشنقيطي ـــ رحمه الله ـــ في " مذكّرة أصول الفقه " (ص: 373).
4/ أخرج البخاري في " صحيحه " (أبواب المحصر ـــ باب الإطعام في الفدية نصف صاع. رقم: 1816) واللفظ له، ومسلم في " صحيحه " (كتاب الحج ــ 10 - باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى، ووجوب الفدية لحلقه، وبيان قدرها. رقم: 85) عن عبد الله بن معقل ، قال: جلست إلى كعب بن عجرة رضي الله عنه، فسألته عن الفدية، فقال: نزلت في خاصة، وهي لكم عامة، حملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال: «ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى - أو ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى - تجد شاة؟» فقلت: لا، فقال: «فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع». وأخرجه أيضا في (كتاب تفسير القرآن ـــ باب قوله {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه} [البقرة: 196]. رقم: 4517).
وفي رواية لمسلم في " صحيحه " (كتاب الحج ـــ باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى، ووجوب الفدية لحلقه، وبيان قدرها. رقم: 86) عن عبد الله بن معقل، حدثني كعب بن عجرة رضي الله عنه، أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم محرما، فقمل رأسه ولحيته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه فدعا الحلاق، فحلق رأسه، ثم قال له: «هل عندك نسك؟» قال: ما أقدر عليه، «فأمره أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين، لكل مسكينين صاع»، فأنزل الله عز وجل فيه خاصة: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه} [البقرة: 196] ثم كانت للمسلمين عامّة ".
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|