شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى الفقه
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: مصحف الحصري معلم بدون - من غير ترديد الأطفال مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف صلاح بوخاطر بو خاطر مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف علي عبد الله جابر مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحسيني العزازي معلم مع ترديد الأطفال حدر مسرع مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف هيثم الدخين مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف عبد الباسط مرتل نسخة الإذاعة السعودية مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف شهريار برهيزكار مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف فارس عباد مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الطبلاوي مرتل مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحصري معلم مع ترديد الأطفال مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 06-14-2015, 08:09 AM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي (0122)الجهاد في سبيل الله-المبحث السابع:حزب الله هم الغالبون



إذا كان حزب الله المؤمنون معرضين للابتلاء والامتحان، وإذا كانوا يستعلون على الأعداء في أشد أوقات المحنة، معتزين بالله فإن الله عز وجل معهم يؤيدهم على عدوه وعدوهم، ويجعل العاقبة لهم ويدافع عنهم، وقد وعد بذلك وعداً لا يخلف.

قال تعالى: {أَلَم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:1-7].

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:38-41].

ولما طلب موسى عليه السلام من ربه أن يعززه بإرسال أخيه هارون معه، أجاب دعوته، ووعدهما بالنصر والغلب على عدوهما. كما قال تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} [القصص:34-35]

ووعد سبحانه حزبه بالنصر في الدنيا على الأعداء، بأن يثبتهم ويلقي الرعب في قلوب أعدائهم ويجعل العاقبة لهم، وفي الآخرة بالثواب الجزيل لهم، وبعقاب عدوهم بتخليدهم في النار التي وقودها الناس والحجارة. قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر:51].

ووعد سبحانه حزبه بأن أعداءه - وإن حصل منهم أذى لأوليائه - فإنهم مخذولون غير منصورين عليهم. كما قال تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} [آل عمران:111]. وقال: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: من الآية120].

وأكد سبحانه لجنده المؤمنين من المرسلين وأتباعهم، بأن سنته قد مضت بنصرهم وغلبتهم على عدوهم. فقال: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:171-173].

وأكد لعباده المؤمنين الذين أمرهم بقتال عدوهم الكافرين أنه معهم. فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:123].
وذكرهم سبحانه بأنهم يقاتلون في سبيله، وعدوهم يقاتل في سبيل الطاغوت، فهم أولياء الله، وعدوهم أولياء الشيطان وكيد الشيطان أمام نصر الله ضعيف. قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} [النساء:76].

ووعد سبحانه وعداً مؤكداً أن حزبه هم الغالبون.كما قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:55-56].

وقد سجل التاريخ تحقيق وعد الله لأوليائه بالنصر، فلم يلتق أولياء الله بأعدائه إلا كان النصر للمجاهدين في سبيله على أولياء الشيطان، يتضح ذلك من قصص الرسل مع أممهم وتاريخ المؤمنين المجاهدين في كل عصر من العصور، منهم من نصرهم الله بآياته الكونية كنوح وهود وصالح ولوط وموسى. ومنهم من نصرهم بالقتال واللقاء مع العدو، كالمؤمنين الحواريين من قوم عيسى وكمحمد صَلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم من المجاهدين. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف:14].

ونصر الله رسوله فأعمى أبصار عدوه الذين كانوا يجوبون الأرض للعثور عليه، عندما أذن له بالهجرة ورافقه صديقه أبو بكر رضي الله عنه. قال تعالى: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:40].

وهكذا نصره الله في غزواته ومعاركه وجهاده على عدوه في معركة بدر، وغيرها، كالخندق وخيبر وحنين، بل إن الله قد نصره على عدوه في غزوة أحد التي ظاهرها هزيمة المسلمين، لأن الله صرف عدوهم عنهم وقد كاد يستأصلهم، ثم عندما تبعه الرسول صَلى الله عليه وسلم وأصحابه جبن وولى الأدبار وهذا هو عين النصر.

ويكفي سياق هذه الآيات النازلة في غزوة الأحزاب وبني قريظة ليظهر منها نصر الله لرسوله صَلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهزيمته لأعدائهم.. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} [الأحزاب:9-11]، إلى قوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً * وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً * وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً} [الأحزاب:21-27].

أيان الله تعالى في الآيات السابقة فئات غزوة الأحزاب وهي أربع فئات:

1-المؤمنون المعتدى عليهم، 2-والمشركون من قريش ومن ناصرهم من قبائل العرب ومنهم غطفان. 3-اليهود الذين غدروا ونفضوا عهدهم مع الرسول صلّى الله عليه وسلم، 4-المنافقون الذين كانوا يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ويوالون المشركين واليهود في الباطن.

وذكر الله تعالى ما جرى لكل من الفئات الأربع: نصر تعالى الفئة المؤمنة بقيادة نبيها، وأنزل الهزيمة والخزي بالأعداء كلهم، فقال عزوَجل في المؤمنين: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ} هذه فئة المؤمنين.

{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً *} وهذه فئة المنافقين.

{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً * } وهذه فئة المشركين.

{وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا} وهذه فئة اليهود، وتفاصيل كل ما جرة مسجل في السيرة النبوية.

وقد وضحت سنة الرسول صَلى الله عليه وسلم أن نصر الله لأوليائه مستمر دائم إلى يوم القيامة. كما في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنْه، عن النبي صَلى الله عليه وسلم، قال: (لا يزال ناس من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون). وحديث معاوية رضي الله عنْه، قال: سمعت النبي صَلى الله عليه وسلم، يقول: (لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك) [البخاري رقم 3641 فتح الباري (6/632) ومسلم (3/1524) والحديثان في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (2/499)].

وإن المتأمل ليرى تحقيق وعد الله بنصر أوليائه على أعدائه هذه الأيام، التي تقف فيها أعداد من المسلمين في الشعوب الإسلامية، أمام حكومات كافرة تملك السلاح والمال والجيوش، ثم لا تقدر تلك الحكومات على الصمود ضد تلك الأعداد القليلة من المسلمين الذين لا يملكون سلاحاً ولا مالاً ولا نصيراً من البشر، فتضطر تلك الحكومات للاستغاثة بدول مادية كبيرة ذات سلاح كاسح وجيوش مدربة وأموال طائلة لتحميها من المجاهدين الذين لا سند لهم إلا الله..

فكان الله معهم إذ ثبت قلوبهم وأقدامهم، ورزقهم غنائم من عدوهم، وأهمها السلاح الذي يأخذونه من يد العدو ثم يقضون به مضاجعه قتلاً وجرحاً وأسراً.. ولعل خير مثال لهذا النصر المبين قتال مجاهدي أفغانستان للشيوعيين من بلادهم، وللجيوش الجرارة ذات الأسلحة الثقيلة الجوية والأرضية من روسيا وغيرها من دول المعسكر الشيوعي.. فإن وقوف هؤلاء المجاهدين وثباتهم، مع قلة عددهم وقلة مالديهم وسلاحهم، وكثرة عدد عدوهم وقوته من العتاد، إن ذلك لمن أعظم الدلائل على أن نصر الله لأوليائه أمر مقطوع به كما وعد الله به بشرطه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7].
بل إن الفرد الواحد من المجاهدين في سبيل الله، ينجيه الله من مكر أعدائه وقد كبلوه بالحديد وألهبوا جسده بسياطهم وأجاعوه، وسلطوا الكلاب عليه تنهشه في غرفته الضيقة التي لا يقدر على التمدد فيها وقد صمموا على قتله، فيخرجه الله من ظلمة السجن وظلم أهله إلى سعة الأرض، فيصبح قائداً للمجاهدين في سبيل الله يذيق عدوه العذاب ويصليه نار السلاح، أليس هذا من أعظم الأدلة أن الله مع عباده المجاهدين المتقين؟! [هذه قصة حصلت للشيخ عبد رب الرسول سياف قبل أن يحتل الشيوعيون أفغانستان]

ولقد سئل أحد المجاهدين الأفغان هذا السؤال: كيف استطاع الشعب الأفغاني حتى الآن أن يقهر أقوى دولة – روسيا -. علماً بأن هذا الشعب يعاني ما يعانيه من قلة المدد والعون من بلدان العالم؟! فأجاب: "{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال:17]. الثبات كله من عند الله، وأما إذا أردنا إجابة الماديين فإننا نقول: إن من يفر من الموت فإن الموت يطلبه، ومن يقف في وجه الموت فإن الموت يفر منه. إننا لا نملك أسلحة كافية، ولكننا والحمد لله نؤمن بأن الله هو الذي سينصرنا إن شاء الله، والمجاهد الذي يقف في وجه الأعداء لا يخاف من الموت بينما أعداؤنا يولون الأدبار خشية الموت.."

لذلك استطاع الأفغان المسلمون الثبات في وجه العدو الغاشم.. وهنا لا بد من الإهابة بجميع المسلمين للثبات في وجه أعدائهم، وسوف يكون لهم النصر إن شاء الله.. [هذا المجاهد هو الشيخ محمد يونس خالص رئيس الحزب الإسلامي الذي تأسس عام 1954م وكلامه منشور في مجلة المجتمع عدد 518 في 26/4/1401هـ]. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7]. {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].ولكن المجاهدين الأفغان، خذلوا أنفسهم عندما اختلفوا وتنازعوا، فحرموا من نصر الله، بعد أن نالوه وسلط عليهم عدوهم الغاشم: الأمريكان!

وإذا لم بنزل الله النصر على المسلمين، فيجب أن يفتشوا عن إيمانهم، هل هم مؤمنون حقا؟ أو يدعونه كما ادعاه من قبلهم وهم بعيدون عن ربهم وعن منهاجه؟ وهل أعدوا العدة لجهاد عدوهم؟ وهل هم قائمون بالجهاد في سبيل الله فعلا؟ والله تعالى، يقول في كتابه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (15)} [الحجرات]

وأنقل هنا جملا مناسبة للمقام، ذكرتها في كتاب الإيمان هو الأساسـ "فلا ينبغي اليوم أن يتجرأ بعض المسلمين على ربهم ويسألوا ذلك السؤال السيئ الأدب، الدال علي جهلهم بالإيمان الذي نزل به القرآن الكريم، ودعا إليه الرسول صَلى الله عليه وسلم، ووعد الله أهله بالنصر على عدوهم والتمكين لهم في الأرض، ذلك السؤال الذي يتكرر على ألسنة جهال المسلمين تعجباً، وعلى ألسنة أعداء الإسلام، حتى من المنتسبين إليه مكراً وتشكيكاً، فيقول الجميع: كيف ينصر الله غير المسلمين من اليهود والنصارى والشيوعيين والهندوس وغيرهم على المسلمين وقد وعدهم بالنصر على هؤلاء الأعداء، في القرآن الكريم، قي قوله: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ(47)}[ يونس ] ؟! وقوله: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ(173)}.

ونقول لهؤلاء: من هم المؤمنون الموعودون بنصر الله ومن هم جنده الموعودون بالغلب؟!
أهم الذين يوالون أعداءه من اليهود والنصارى ويعادون أولياءه من علماء المسلمين الدعاة إليه، وإلى الجهاد في سبيله وتحكيم شريعته؟! كيف يطلب النصر من يدعي الإسلام على من يزعم أنه عدوه وهو يواليه ويطيعه في معصية الله ومحاربة أوليائه؟! كيف ينصر الله من يُمكِّن لمعاصيه في الأرض ويهيئ كل الأسباب لترك طاعته؟! كيف ينصر الله من يحاربونه بإباحة المحرمات من الزنى والخمر والربا وإباحة كل الوسائل المؤدية إلى المنكر؟!

أينصر الله من يفرض على الأمة الإسلامية الحكم بالطاغوت ويحرمها من الحكم بكتاب ربها وسنة نبيها؟ من أحق بنصر الله أصحاب رسول الله الذين حصلت من بعضهم مخالفة لأمر رسول الله صَلى الله عليه وسلم، في غزوة أحد، لا تعد شيئاً يذكر بالإضافة إلى ما يجاهر به من يدعي الإسلام اليوم، أم هؤلاء الذين لم يتركوا شيئاً مما يغضب الله إلا ارتكبوه؟

إن الإيمان الذي وعد الله أهله بالنصر في القرآن هو الإيمان الذي بينه القرآن فليرجع إلى القرآن مَن يطمع في نصر الله، ليفهم منه الإيمان الذي أراده الله ويحققه في نفسه، وعندئذ سيكون من جند الله الغالبين. ومَن لم ينصره الله على عدوه ممن يدعي الإيمان فليفتش عن إيمانه فسيجد فيه خللاً لأن الله قد وعد - ووعده صدق - بنصر المؤمنين الذين ينصرون دينه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ(7 )}[محمد]"

إذا كان حزب الله المؤمنون معرضين للابتلاء والامتحان، وإذا كانوا يستعلون على الأعداء في أشد أوقات المحنة، معتزين بالله فإن الله عز وجل معهم يؤيدهم على عدوه وعدوهم، ويجعل العاقبة لهم ويدافع عنهم، وقد وعد بذلك وعداً لا يخلف.

قال تعالى: {أَلَم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:1-7].

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:38-41].

ولما طلب موسى عليه السلام من ربه أن يعززه بإرسال أخيه هارون معه، أجاب دعوته، ووعدهما بالنصر والغلب على عدوهما. كما قال تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} [القصص:34-35]

ووعد سبحانه حزبه بالنصر في الدنيا على الأعداء، بأن يثبتهم ويلقي الرعب في قلوب أعدائهم ويجعل العاقبة لهم، وفي الآخرة بالثواب الجزيل لهم، وبعقاب عدوهم بتخليدهم في النار التي وقودها الناس والحجارة. قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر:51].

ووعد سبحانه حزبه بأن أعداءه - وإن حصل منهم أذى لأوليائه - فإنهم مخذولون غير منصورين عليهم. كما قال تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} [آل عمران:111]. وقال: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: من الآية120].

وأكد سبحانه لجنده المؤمنين من المرسلين وأتباعهم، بأن سنته قد مضت بنصرهم وغلبتهم على عدوهم. فقال: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:171-173].

وأكد لعباده المؤمنين الذين أمرهم بقتال عدوهم الكافرين أنه معهم. فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:123].

وذكرهم سبحانه بأنهم يقاتلون في سبيله، وعدوهم يقاتل في سبيل الطاغوت، فهم أولياء الله، وعدوهم أولياء الشيطان وكيد الشيطان أمام نصر الله ضعيف. قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} [النساء:76].

ووعد سبحانه وعداً مؤكداً أن حزبه هم الغالبون.كما قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:55-56].

وقد سجل التاريخ تحقيق وعد الله لأوليائه بالنصر، فلم يلتق أولياء الله بأعدائه إلا كان النصر للمجاهدين في سبيله على أولياء الشيطان، يتضح ذلك من قصص الرسل مع أممهم وتاريخ المؤمنين المجاهدين في كل عصر من العصور، منهم من نصرهم الله بآياته الكونية كنوح وهود وصالح ولوط وموسى. ومنهم من نصرهم بالقتال واللقاء مع العدو، كالمؤمنين الحواريين من قوم عيسى وكمحمد صَلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم من المجاهدين. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف:14].

ونصر الله رسوله فأعمى أبصار عدوه الذين كانوا يجوبون الأرض للعثور عليه، عندما أذن له بالهجرة ورافقه صديقه أبو بكر رضي الله عنه. قال تعالى: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:40].

وهكذا نصره الله في غزواته ومعاركه وجهاده على عدوه في معركة بدر، وغيرها، كالخندق وخيبر وحنين، بل إن الله قد نصره على عدوه في غزوة أحد التي ظاهرها هزيمة المسلمين، لأن الله صرف عدوهم عنهم وقد كاد يستأصلهم، ثم عندما تبعه الرسول صَلى الله عليه وسلم وأصحابه جبن وولى الأدبار وهذا هو عين النصر.

ويكفي سياق هذه الآيات النازلة في غزوة الأحزاب وبني قريظة ليظهر منها نصر الله لرسوله صَلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهزيمته لأعدائهم.. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} [الأحزاب:9-11]، إلى قوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً * وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً * وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً} [الأحزاب:21-27].

أيان الله تعالى في الآيات السابقة فئات غزوة الأحزاب وهي أربع فئات:

1-المؤمنون المعتدى عليهم، 2-والمشركون من قريش ومن ناصرهم من قبائل العرب ومنهم غطفان. 3-اليهود الذين غدروا ونفضوا عهدهم مع الرسول صلّى الله عليه وسلم، 4-المنافقون الذين كانوا يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ويوالون المشركين واليهود في الباطن.

وذكر الله تعالى ما جرى لكل من الفئات الأربع: نصر تعالى الفئة المؤمنة بقيادة نبيها، وأنزل الهزيمة والخزي بالأعداء كلهم، فقال عزوَجل في المؤمنين: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ} هذه فئة المؤمنين.

{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً *} وهذه فئة المنافقين.

{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً * } وهذه فئة المشركين.

{وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا} وهذه فئة اليهود، وتفاصيل كل ما جرة مسجل في السيرة النبوية.

وقد وضحت سنة الرسول صَلى الله عليه وسلم أن نصر الله لأوليائه مستمر دائم إلى يوم القيامة. كما في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنْه، عن النبي صَلى الله عليه وسلم، قال: (لا يزال ناس من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون). وحديث معاوية رضي الله عنْه، قال: سمعت النبي صَلى الله عليه وسلم، يقول: (لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك) [البخاري رقم 3641 فتح الباري (6/632) ومسلم (3/1524) والحديثان في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (2/499)].

وإن المتأمل ليرى تحقيق وعد الله بنصر أوليائه على أعدائه هذه الأيام، التي تقف فيها أعداد من المسلمين في الشعوب الإسلامية، أمام حكومات كافرة تملك السلاح والمال والجيوش، ثم لا تقدر تلك الحكومات على الصمود ضد تلك الأعداد القليلة من المسلمين الذين لا يملكون سلاحاً ولا مالاً ولا نصيراً من البشر، فتضطر تلك الحكومات للاستغاثة بدول مادية كبيرة ذات سلاح كاسح وجيوش مدربة وأموال طائلة لتحميها من المجاهدين الذين لا سند لهم إلا الله..

فكان الله معهم إذ ثبت قلوبهم وأقدامهم، ورزقهم غنائم من عدوهم، وأهمها السلاح الذي يأخذونه من يد العدو ثم يقضون به مضاجعه قتلاً وجرحاً وأسراً.. ولعل خير مثال لهذا النصر المبين قتال مجاهدي أفغانستان للشيوعيين من بلادهم، وللجيوش الجرارة ذات الأسلحة الثقيلة الجوية والأرضية من روسيا وغيرها من دول المعسكر الشيوعي.. فإن وقوف هؤلاء المجاهدين وثباتهم، مع قلة عددهم وقلة مالديهم وسلاحهم، وكثرة عدد عدوهم وقوته من العتاد، إن ذلك لمن أعظم الدلائل على أن نصر الله لأوليائه أمر مقطوع به كما وعد الله به بشرطه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7].

بل إن الفرد الواحد من المجاهدين في سبيل الله، ينجيه الله من مكر أعدائه وقد كبلوه بالحديد وألهبوا جسده بسياطهم وأجاعوه، وسلطوا الكلاب عليه تنهشه في غرفته الضيقة التي لا يقدر على التمدد فيها وقد صمموا على قتله، فيخرجه الله من ظلمة السجن وظلم أهله إلى سعة الأرض، فيصبح قائداً للمجاهدين في سبيل الله يذيق عدوه العذاب ويصليه نار السلاح، أليس هذا من أعظم الأدلة أن الله مع عباده المجاهدين المتقين؟! [هذه قصة حصلت للشيخ عبد رب الرسول سياف قبل أن يحتل الشيوعيون أفغانستان]

ولقد سئل أحد المجاهدين الأفغان هذا السؤال: كيف استطاع الشعب الأفغاني حتى الآن أن يقهر أقوى دولة – روسيا -. علماً بأن هذا الشعب يعاني ما يعانيه من قلة المدد والعون من بلدان العالم؟! فأجاب: "{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال:17]. الثبات كله من عند الله، وأما إذا أردنا إجابة الماديين فإننا نقول: إن من يفر من الموت فإن الموت يطلبه، ومن يقف في وجه الموت فإن الموت يفر منه. إننا لا نملك أسلحة كافية، ولكننا والحمد لله نؤمن بأن الله هو الذي سينصرنا إن شاء الله، والمجاهد الذي يقف في وجه الأعداء لا يخاف من الموت بينما أعداؤنا يولون الأدبار خشية الموت.."

لذلك استطاع الأفغان المسلمون الثبات في وجه العدو الغاشم.. وهنا لا بد من الإهابة بجميع المسلمين للثبات في وجه أعدائهم، وسوف يكون لهم النصر إن شاء الله.. [هذا المجاهد هو الشيخ محمد يونس خالص رئيس الحزب الإسلامي الذي تأسس عام 1954م وكلامه منشور في مجلة المجتمع عدد 518 في 26/4/1401هـ]. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7]. {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].
ولكن المجاهدين الأفغان، خذلوا أنفسهم عندما اختلفوا وتنازعوا، فحرموا من نصر الله، بعد أن نالوه وسلط عليهم عدوهم الغاشم: الأمريكان!

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 05:59 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات