الصلاة
حمزة حرب الرقب
بين زخم الحياة وكدرها، وتسلط الأهواء وصخبها، تأتي الصلاة، فتلقي الأحمال، وتضع الأثقال، فينتشي الأمل من جديد، فترقص الروح طالبةً المزيد.
في الصلاة تصطفُّ المتناقضات متلاصقة، يفوح منها عبق الإيمان، فذلك فقير يلجأ إلى ربه، وذلك غني يلجأ إلى ربه.
في الصلاة نسيج من بني الإسلام؛ فخيط لونه أسود، وآخر لونه أسمر، ومن بينهما أبيض وأصفر، جميعهم يصمُدون إلى الواحد الأحد، الفرد الصمد، مخلِّفين مِن ورائهم نَتْنَ الحياة وتعصُّبها، وانغلاق العقول وتجمُّدها.
في الصلاة يصطفُّ العامل والمسؤول، والطالب والمعلم، والظالم والمظلوم، والبارُّ بوالديه والعاق، والمحسن والمسيء، والمتكبر والمتواضع، و...، جميعهم يقصدون ربَّهم في مشهد أشْبهَ بمشهد مصغَّر ليوم القيامة، فلا فرق بين أحد، والكلمة للواحد الأحد.
لكن أعجب ما يُتعجب منه أن تقف بين يدي الله مصليًا وعقلك مُتخَم بسفاسف الدنيا، فلا تدري ماذا قال الإمام؟ أو ماذا تقول أنت؟ فتراك تصعد وتهبط، فتستقيم واقفًا ثم تجلس، ولا تدري ما الذي أنت فيه الآن؟! بل منهم لولا مَن هم حوله بالصلاة لبقي بمكانه متسمرًا إلى أن تُفرِج عنه الدنيا وتفُكَّ وَثاقه، فما يلبث إلا أن يقصدها مستسلمًا.
مؤلم حقًّا أن يسجد جسدُك وروحك ترقص لاهية في ملاهي الدنيا وثرثرتها!
أنت يا من تقول: الله أكبر، اعلم أن الله أكبر من تجارتك، وعملك، وزوجك، وولدك، وبيتك، وسيارتك، و...، بل هو الكبير المتعالي، لا شيء إلا هو سبحانه أكبر منه، كيف لنا أن نقِفَ بين يديه ونتصل بغيره؟
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك