شرح حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين
الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
متن الحديث:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: الفطر والنحر. وعن الصَّمَّاء، وأن يحتبي الرجل في الثوب الواحد، وعن الصلاة بعد الصبح والعصر». أخرجه مسلم بتمامه، وأخرج البخاري الصوم فقط.
الشرح:
هذا الحديث السادس والعشرون من أحاديث الصيام من عمدة الأحكام، والحديث رواه الشيخان. وقول المصنف: أخرجه مسلم بتمامه، وأخرج البخاري الصوم فقط، هذا غير دقيق، وفيه قلب، فالصواب أنه أخرجه البخاري بتمامه، وأما مسلم فأخرجه مختصراً.
وموضوع هذا الحديث:
حكم صوم العيدين.
من ألفاظ الحديث التي وردت الاحتباء، والاحتباء: أن يقعد الرجل على أليتيه وينصب ساقيه، ويدير عليهما ثوباً واحداً، هذه تسمى الحبوة، فيربطهما بحبل أو بثوب أو يفعلهما أحياناً بيديه.
وأما اشتمال الصماء: فهي اللبسة الصماء، وهي عند العرب أن يلف جسده بالثوب، ولا يجعل منه منافذ، فيلف جسده بالثوب الذي ليس له منافذ، ولا يجعل منه جانباً لإخراج يديه.
وفي هذا الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن يومين، وعن لبستين، وعن صلاتين.
فأما اليومان المحرم صومهما: فالفطر والأضحى كما تقدم.
وأما اللبستان: فاشتمال الثوب الأصم الذي ليس له منافذ، فإذا لبسه الإنسان أضّر به وبصحته، لأنه لا يوجد منافذ تهوية، ولأنه عنوان الكسل والبطالة، فلبس هذا الثوب يؤثر على حركة الإنسان، وعلى عمله، وأما الاحتباء بثوب واحد: فلأنه يُخشى منه انكشاف العورة.
وأما الصلاتان: فالصلاة بعد صلاة الصبح، والصلاة بعد صلاة العصر، فإن هذين الوقتين هما وقتا عبادة للكفار، فهذه من أوقات العبادة بالنسبة للكفار.
فالنبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن صوم يومين، وعن لبستين، وعن الصلاة في وقتين.
ومن فوائد هذا الحديث الشريف ما يلي:
التأكيد على النهي عن صيام يومي عيد الفطر والأضحى، وهو للتحريم كما سبق وتقدم القول فيه، وأن صيامهما محرم بالإجماع.
ومن فوائد الحديث: النهي عن اشتمال الصماء، والاحتباء بالثوب الوحد، لأن هاتين اللبستين يُعرضان الإنسان لانكشاف العورة، والنهي عنهما هو للتحريم إن بدت العورة، وإلا فهو للكراهة.
ومن فوائد هذا الحديث: النهي عن التطوع بالصلاة بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة العصر، فنهى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس، هذان وقتان نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيهما، فإذا صلى الناس الفجر نُهي عن الصلاة حتى تطلع الشمس قيد رمح، وهكذا بعد طلوع الفجر، لا يصلي الإنسان إلا ركعتي الفجر، ثم الفريضة يصليها، وكذلك بعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس، فهذا مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
ويُستثنى من هذا النهي: ذوات الأسباب، مثل: تحية المسجد، وصلاة الجنازة وصلاة الكسوف، والصلاة التي تكون بعد الطواف، وركعتي الوضوء وما إلى ذلك، هذا تصلى ولو كانت في وقت النهي، كل هذه تسمى ذوات أسباب، وهي مستثناة من النهي.
ومن فوائد هذا الحديث: الحرص على ستر العورات، والحذر من بدوها وانكشافها.
ومن الفوائد: حرص النبي صلى الله عليه وسلم عن البعد عن مشابهة الكفار، فإن النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر سداً لذريعة التشبه بالكفار الذين يسجدون للشمس عند طلوعها، وعند غروبها، هذه بعض الفوائد المتعلقة بهذا الحديث.
نسأل الله للجميع العلم النافع، والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك