06-19-2015, 02:47 PM
|
عضو مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
|
|
يا قارئ القرآن في رمضان
(2) يا قارئ القرآن في رمضان
صالح الشناط (أبو عبد الرحمن)
مسكين من يشتكي الهمّ والغمّ والحزن، ونزل بساحته الابتلاء ومسته الضراء ثم لم يقبل على كتاب الله ليذهب عنه ما يجد، فإن فيه سلوى، وله حلاوة وعليه طلاوة، هو أنيس الروح، ومسعد القلب، تقرأه فترقى تهجره فتشقى، يأتي يوم القيامة لصاحبه شفيعاً، ويكرمه بالخيرية متعلماً ومعلماً، هو روح وحياة، موعظة وشفاء، رحمة وتبيان، صاحبه من أهل الله، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن لله أهلين من الناس"، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: هم أهل القرآن، أهل الله وخاصته".
وهو كلام رب العالمين، وحبل الله المتين، وصراطه المستقيم، والذكر المبارك والنور المبين، والذكر الحكيم، لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعب معه الأراء، لا يشبع منه العلماء، ولا يمله الأتقياء، ولا يخلَق على كثرة التِرداد، لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه، من علم به سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أُجر، ومن دعا إليه هدي، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى بغيره أضله الله.
وشهر رمضان هو شهر القرآن "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن"، وكان جبريل عليه السلام يلقى النبي صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من ليالي رمضان فيدارسه القرآن، وعلى ذلك كان السلف رضوان الله عليهم في رمضان، فكان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلة من رمضان، والنغعي يفعل ذلك في العشر الأواخر منه، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث وفي العشر الأواخر كل ليلة، وكان مالك رضي الله عنه إذا دخل رمضان يفرّ من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القران من المصحف، وقتادة يدرس القرآن في شهر رمضان، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك النوافل وأقبل على قراءة القران، والآثار في هذا الباب كثيرة.
وفي زماننا يقبل الناس بفضل الله وتيسيره ورحمته في رمضان على القرآن منهم من يكتفي بختمة ومنهم يتعدى إلى اثنتين وربما ثلاث وأربع وخمس وست وأكثر من ذلك؛ لذلك لا بدّ من التبيين أن للقراءة أموراً ملازمة لها حتى يحصل به النفع التام، ففي قوله سبحانه "وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً" بعض أهل العلم أن هجره يكون على أنواع خمسة:
1. هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.
2. هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه.
3. هجر تحكيمه والتحاكم إليه في كل أمر.
4. هجر تدبره وفهمه.
5. هجر التداوي به والاستشفاء به من جميع أمراض القلوب والأبدان.
فاحرص يا رعاك الله على تجنب هذه الأنواع الخمسة من الهجر، فكان السلف مع كثرة القراءة يراعون التدبر والعمل بالقرآن، فقد ورد عن عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما رضي الله عنهم أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها، حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، ويقولون: تعلمنا القران والعلم والعمل جميعاً. وكان محمد بن عبد الله القرضي يقول: لأن أقرأ في ليلة سورة الزلزلة والقارعة لا أزيد عليهما، وإنما أتأمل فيهما وأتدبر وأتفكر أحب إلي من قراءة القرآء كله في ليلة هذّاً.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، ورزقنا حسن تلاوته، وتدبره والعمل بما فيه والتحاكم إليه والتداوي به، في رمضان وسائر الأيام. ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|