شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 3 > تفريغ المحاضرات و الدروس و الخطب ---------- مكتوبة
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: مصحف الحصري معلم بدون - من غير ترديد الأطفال مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف صلاح بوخاطر بو خاطر مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف علي عبد الله جابر مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحسيني العزازي معلم مع ترديد الأطفال حدر مسرع مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف هيثم الدخين مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف عبد الباسط مرتل نسخة الإذاعة السعودية مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف شهريار برهيزكار مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف فارس عباد مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الطبلاوي مرتل مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحصري معلم مع ترديد الأطفال مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 09-01-2014, 04:50 PM
منتدى فرسان الحق منتدى فرسان الحق غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2013
المشاركات: 7,826
افتراضي التحذير من عمل قوم لوط

التحذير من عمل قوم لوط



الشيخ الدكتور عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، هو الأوَّل فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء، له الحمد كله وبيده الخيرُ كله، وإليه يُرجع الأمر كله: علانيته وسرُّه، وكل شيء عنده بمقدار، خلَق فسوَّى، وقدَّر فهدى، خلَق الإنسان فسوَّاه، وعلى التوحيد والخُلق القويم فطَره وأوْصاه.

وأشهد أنْ لا إله إلا هو، وحده لا شريك له، ولا ندَّ ولا ظهيرَ، لا رادَّ لأمره، ولا مُعقِّب لحُكمه، وهو أحكم الحاكمين.

وأشهد أنَّ محمدًا عبد الله ورسوله، المبعوث رحمة للعالمين، وحُجَّة على الناس أجمعين، لا خيرَ إلا ودلَّ أُمَّته عليه وأمرَهم به، ولا شرَّ إلاَّ وحذَّرهم ونهاهم عنه، وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم، أمَر أُمَّته بمكارم الأخلاق وجميل الخِصال، ونهاهم عن كلِّ خُلق سافل وفِعل رذيلٍ، وحذَّرهم عن مخالفة أمر الله، وارتكاب معاصيه، وذكَّرهم بالبأس الشديد والوعد والوعيد، صلوات ربي وسلامه عليه عددَ ما خلَق الله تعالى وبرَا.

اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمد، واجْزِه عن أُمَّته خيرَ الجزاء، فلقد بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وترَك أُمَّته على المحجَّة البيضاء، وارضَ اللهمَّ عن الآل والأصحاب، ومَن تَبِعهم بإحسان إلى يوم المآب، وتُبْ يا ربَّنا على كلِّ مَن تاب، وإليك أنابَ، ومنك خافَ وفيك رجا الثواب.

أمَّا بعدُ:
فاحمدوا الله ربَّكم، واشكروه على نِعَمه، فأنتم تتقلَّبون في خير مدرارٍ، ونِعمٍ غِزار، لا يُحصيها مُحصٍ، ولا يَعدُّها عادٌّ ما تعاقَب الليل والنهار، واتَّقوه - سبحانه - فهو أهل التقوى وأهل المَغفرة، عزَّ جاهه وتبارَكت أسماؤه.

أيُّها المسلمون، إنَّ رأس المال الذي لا غِنى عنه لعبدٍ في كلِّ وقتٍ، تحقيق العبودية وتَمحيص التوحيد لله - سبحانه، فعلى ذلك فطَر الله الناس، وبذلك أمرَهم، ولأجْل ذلك بعَث المرسلين في كلِّ أُمة وُجِدت على وجه البسيطة؛ ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36].

ولذا كان كلُّ نبيٍّ يَبعثه الله إلى قوم، يُبادر إلى أمرهم بتوحيد الله وإخلاص العبادة له، قائلاً لهم: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59].

وبعد بيان ذلك وإقامة البراهين عليه، يُعرِّج كلُّ نبيٍّ على أبرز المعاصي والمخالفات التي يقع فيها قومه، فيُحذِّرهم منها، ويُبيِّن لهم عاقبتها وخطورة أمرها، فمَن تابَ وأنابَ، تابَ عليه ربُّه وأنجاه؛ ﴿ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [فصلت: 18].

ومن كفَر واستكبَر، وطغى وتجبَّر، وعصى المرسلين، واستمرَّ في غيِّه وعُدوانه، حاق به العذاب الأليم بصنوف وأشكال يُقدِّرها الله القوي العزيز، ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].

﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40].

وقد حكى الله تعالى لأُمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في القرآن الكريم قَصص أولئك الأقوام الذين عصوا ربَّهم واستكبَروا؛ لتَحذر ذلك المصير، وتأخذ العِظة والعِبرة، ومن أولئك الأقوام العُصاة، الذين نزَل بهم بأسُ الله الشديد، قومٌ كفروا بربِّهم، وزادُوا على الكفر ارتكابَ فاحشة لَم يُسبقوا إليها، خالفوا فيها الفطرة التي فطَر الله الخَلْق عليها، فوَقَعوا في تلك الفاحشة العظيمة والفَعلة القبيحة، التي تَأْنَف منها المخلوقات، حتى البهائم والعَجماوات، لَم تَصنع صَنيعهم، ولَم يَزَل نبيُّهم - عليه السلام - يُحذِّرهم ويُنذرهم، ويُذكِّرهم بربِّهم، ويُبيِّن لهم شناعة ما اقترَفوه ووَلَغوا فيه، فمرَّة يقول لهم: ﴿ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ [الأعراف: 80 - 81]، ومرَّة يقول: ﴿ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [النمل: 54 - 55].

ولكنَّهم لَم يَنتهوا، بل طَغوا واستكبَروا وتحدَّوا؛ ﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُون ﴾ [النمل: 56].

فلمَّا نكَصوا على أعقابهم، وأصرُّوا على كفرهم ومعصيتهم، جاء القدر المقدور، والأمر الذي لا يُرَدُّ من ربِّ العالمين، فعُذِّبوا وأُهلِكوا بعذاب لَم يَسبق مثله لأُمة من الأُمم؛ جزاءً لهم على كفرهم وفِعلهم هذه الفاحشة التي لَم يُسبقوا إليها؛ ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 82 - 83].

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: "يقول تعالى ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا ﴾ ﴿ جَعَلْنَا عَالِيَهَا ﴾ ﴿ سَافِلَهَا ﴾، وأمطَرنا عليها حجارة من طين معدَّة لذلك، قوية شديدة يَتبع بعضها بعضًا في نزولها عليهم، وفي رواية عن قتادة وغيره: بلَغنا أنَّ جبريل - عليه السلام - لَمَّا أصبَح، نشَر جَناحه، فانتسَف بها أرضَهم بما فيها؛ من قصورها، ودوابِّها، وحجارتها، وشجرها، وجميع ما فيها، فضمَّها في جناحه، فحواها وطواها في جوف جناحه، ثم صَعِد بها إلى السماء الدنيا، حتى سَمِع سُكَّان السماء أصوات الناس والكلاب، وكانوا أربعة آلاف ألفٍ، ثم قلَبها، فأرسَلها إلى الأرض منكوسة، ودَمْدَم بعضها على بعض، فجعَل عاليها سافلها، ثم أتبعَها حجارة من سجِّيل.

وذكَروا أنها نزَلت على أهل البلد وعلى المتفرِّقين في القرى مما حولها، فبينا أحدهم يكون عند الناس يتحدَّث؛ إذ جاءَه حجر من السماء، فسقَط عليه من بين الناس، فدمَّره، فتَتبعهم الحجارة من سائر البلاد، حتى أهلَكتهم عن آخرهم، فلم يَبقَ منهم أحدٌ "؛ انتهى كلامه باختصار.

وإن مما قدَّره الله تعالى أنَّ أُناسًا من هذه الأمة، يقعون في تلك الفَعلة العظيمة والفاحشة الشنيعة، ولَمَّا كان فِعل قوم لوط أعظمَ الفواحش وأضرَّها على الدين والمُروءة والأخلاق، فهو داءٌ عُضال، مُتناهٍ في القُبح والشناعة، وهو شذوذ عن الفطرة وانحراف عن الجادة، يَمُجُّه الذوق السليم، وتَأْبَاه الفطرة السويَّة، وتَرفضه وتَمقُته الشرائع السماوية؛ لِما له من عظيم الأضرار، وما يترتَّب عليه من جسيم الأخطار، فآثاره السيئة يَقصر دونها العَدُّ، وأضراره المدمِّرة لا تقف عند حدٍّ، فشأنه خطير، وشرُّه مستطير، يَفتك بالأفراد، ويُنهك المجتمعات، ويَمحق البركات والخيرات، ويتسبَّب في وقوع العقوبات وحلول النَّكبات، لَمَّا كان الأمر كذلك، فإنه ليس من بِدْع القول أن يتكلَّم فيه خطيب، أو يتحدَّث في خطره داعية، فنصوص القرآن والسُّنة جاءَت فيه مُحذِّرة، ومن عقوبته مُنذرةً، كما تكلَّم في ذلك السلف الصالح، وألَّف فيه العلماء مؤلَّفات وكتبًا، ويكفي من ذلك كله أن القرآن الكريم أشارَ إلى ذلك الفعل وذكَر عقوبة مَن وقَع فيه في آيات عدَّة، تُتلى إلى يوم القيامة.

ومن هنا أيها المسلمون، لا غَرْوَ ولا عجَبَ في طَرْح مثل هذا الموضوع بيانًا وتحذيرًا، والله تعالى أعلم وأحكم بما يَصلح لعباده.

أيها المسلمون، إن لذلك الفعل القبيح أضرارًا تعود إلى الدين وإلى النفس والخلق؛ يقول الإمام ابن القيِّم - رحمه الله -: "نجاسة الزنا واللواطة أغلظُ من غيرها من النجاسات، من جهة أنها تُفسد القلب، وتُضعف توحيده جدًّا؛ ولهذا كان أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شِركًا"؛ ا.هـ.

ومن الأضرار الخلقيَّة لتلك الفاحشة: قلة الحياء، وسوء الخُلق، وقسوة القلب، وقتل المُروءة والشهامة، وذَهاب الغَيرة والنَّخوة والكرامة، وإِلْف الجريمة والتساهُل فيها، وانتكاس الفطرة، وذَهاب الجاه وسقوط المنزلة، وسواد الوجه وظُلمته، حتى ليكاد يُعرف مَن يقوم بهذا الفعل؛ كما قال القائل:
وَعَلَى الْفَتَى لِطِبَاعِهِ
سِمَةٌ تَلُوحُ عَلَى جَبِينِهْ


ومن أضرارها على المجتمع: حلول العقاب إذا ظهَر هذا الأمر، ولَم يُنكر، وزوال الخيرات ومَحْق البركات، وشيوع الفوضى وتفسُّخ المجتمع، وتفكُّك الأُسر، وعزوف الرجال عن الزواج، وقلَّة النَّسْل، ومن أضراره أيضًا: ظهور الأمراض والأوجاع التي لَم تكن فيمَن سبَق؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لَم تظهر الفاحشة في قومٍ قطُّ، حتى يُعلنوا بها، إلاَّ فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لَم تكن مضَت في أسلافهم الذين مَضَوا))؛ أخرَجه ابن ماجه، وصحَّحه الألباني.

ولها أيضًا أضرار على النفس بملازمة الحزن والقلق، ووجود الوحشة والاضطراب، وخوف العقاب والفضيحة، إلى غير ذلك من الأضرار التي يُقدِّرها الله تعالى لِمَن ارتكسَت فِطرته، وزالَت غَيرته، واستهانَ بمعصية ربِّه.

وللوقوع في هذه الفاحشة أسباب تَجرُّ إليها، لا يسع المقام ولا يناسب في تفصيلها، ولكن الحُر العاقل تَكفيه الإشارة، فمن ذلك ضَعف الإيمان الذي يَعمر القلب ويَمنعه من المعصية، ومن ذلك تَرْك الصلاة أو التهاون فيها، فالله تعالى يقول: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر ﴾ [العنكبوت: 45].

وللفراغ دورٌ كبير يُكمِّله وجود الصُّحبة السيِّئة التي تُحسِّن القبيح وتُهَيِّئُه، ومن أسباب الوقوع في تلك الفاحشة: ضَعف الشخصية والإرادة، والطيبة الزائدة، ولا سيَّما من الأحداث ونحوهم، وكذا مبالغة الصغار في التجمُّل وإظهار المفاتن والتعرِّي، والتساهل في سَتْر العورة، ومن ذلك أيضًا: مشاهدة الأفلام والمشاهد، وسَماع الأغاني التي تُثير الغرائز، وتُذهب الغَيرة، وإطلاق النظر في الحرام، وكثرة المُزاح المُسفِّ، والتساهل في الحديث في مثل هذه الفواحش، فكم جرَّ الحديث فيها من بلاء، بل إنَّ ذلك من إشاعة الفحشاء المتوعَّد عليها؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ [النور: 19].

ومن ذلك اختلاط الكبار بالأحداث واجتماعهم على ما حرَّم الله تعالى، ولا سيَّما إذا كان في خلاء أو بين الجُدران، في شقة أو استراحة مَشبوهة، وكذا تبادُل الصور المُثيرة، والتفاخر بفِعل هذا العمل القبيح، وجَرُّ الأحداث إلى ذلك، عن طريق قيادة السيارة، أو بيع طيور الحَمَام، أو التهديد، أو الترغيب أحيانًا، فهل يُصدِّق عاقل أنَّ حدثًا يَنقاد إلى ذلك الفعل القبيح لأجْل سيجارة واحدة والعياذ بالله، ومن أكبر أسباب ذلك: إهمال الأولاد وتَرْكهم يَسرحون ويَمرحون مع مَن شاؤوا؛ كبارًا كانوا، أم صغارًا، صالحين أم طالحين.

ووالله، إنَّ العجب لا ينقضي من أبٍ ينام - مُطمئنَّ البال قريرَ العين - وابنه مع ثُلَّة فاسدة، أو يتسكَّع في الشوارع مع رُفقة تَلوح على وجوههم سِيَمُ الفساد ونظرات الرِّيبة، بل ويتغامَزون ويتهامَسون بما يَسُرُّ الشيطان ويُبغضه الرحمن، والمُشتكى إلى الله.

ومن أسباب الوقوع في تلك الفاحشة: تفكُّك البيوت، ووجود الطلاق أو الشِّقاق بين الوالدين، ومن ذلك غفلة الصالحين والمعلِّمين، وأئمَّة المساجد والدعاة - عن التنبيه على هذا المنكر العظيم بالأسلوب الحسن، وأعظم من ذلك التغاضي عن مثل تلك الممارسات، وتَرك الحَزْم في مواجهتها وَفْق المنهج الشرعي في علاجها.

عباد الله، هذه نُتَفٌ وإشارات علَّها تُذكِّر أو تُنبِّه، ويكفي من القِلادة ما أحاطَ بالعُنق، نسأل الله تعالى أن يطهِّر مجتمعات المسلمين من كلِّ فاحشة ومنكر، اللهمَّ اهدِنا لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلاَّ أنت، واصرِف عنَّا سيِّئَها، لا يَصرف عنَّا سيِّئَها إلاَّ أنت، سبحانك اللهمَّ ربَّنا وبحمدك، نستغفرك ونتوب إليك.

الخطبة الثانية
الحمد لله.
أمَّا بعدُ:
فهذه كلمة أهمسُ بها ووصيَّة أُلقِيها في آذان الآباء وأولياء الأمور، آمُل أن ينفعَ الله بها، فيا مَن حمَّلك الله تعالى أمانة الحِفظ والتربية لأولادك، اعلَم أنَّ الله تعالى سيسألك عمَّا قُمت به نحو أولادك من خير وتربية حسنة، أو ضد ذلك من إهمال وغفلة وتضييع، بِمَ ستُجيب ربَّك إن سألك عن ابنك الذي ينام الليالي في ثُلَّة فاسدة، تتعاطى الحرام وتُلَقِّنه لابنك؟ وما عسى أن تُجيب به إن سُئِلت عن ابنك الذي تمرُّ به الأيام لا تَطأ قدماه المسجد، أو ذاك الذي وفَّرتَ له كلَّ وسائل الهدم والتدمير من آلات ومالٍ، وسيارة وإهمالٍ، ثم ترجو بعد ذلك صلاحه، ولا تَزيد عن قولك: عسى الله أن يَهديه، فحسب؟

أَلْقَاهُ فِي الْيَمِّ مَكْتُوفًا وَقَالَ لَهُ:
إِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تَبْتَلَّ بِالْمَاءِ


أيها الأب العزيز، ليكُن حِرصك على دين ابنك وأخلاقه، أكثر من حِرصك على صحته وراحته ورفاهيته، و"إنَّك لا تَجني من الشوك العنب".

إنَّ ابنك أمانة في عُنقك، وقد حذَّرك ربُّك فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].

وكلمة أخرى أقرعُ بها مسامع أولئك النَّفر من البشر، الذين هم للذئاب أقربُ، وهم بالوحوش الضارية أشبه، أولئك الذين وَلَغوا في تلك المعصية الكبيرة والفاحشة الشنيعة، فغرَّروا بالسُّفهاء، وجرُّوا الأحداث إلى ذلك المستنقع الآسِن، عن طريق الترغيب والمال تارة، وبالقوة والتهديد تارة أخرى، فعَصوا الله، وظلَموا ذلك الحدث، وانتَهَكوا عِرضه وعرَّضوه للفتنة، وأساؤوا إلى أُسرته، ورُبَّما وقَع ما لا تُحمد عقباه من التعدي والانتقام، فالناس يَغارون على حُرُماتهم، ولا خيرَ فيمَن لا يَغار إذا انتُهِكت محارمه، ويا مَن وقَعت في ذلك المنكر، ولَم تَزَل عليه، أُذكِّرك بالله الذي يحب التوَّابين، ويحب المتطهِّرين، فتُب إلى ربِّك وانْتَهِ عن معصيته، تنَل الخير والأجر في الدنيا والآخرة، وإلاَّ فخَفِ العاقبة وخُذ حِذْرك، إن كنتَ من حزب الشيطان الذين لا يحبون التوبة، ولا تُحدِّثهم نفوسهم بها، ولا يحبون الطهارة والنظافة، بل يَعمدون إلى مواضع النجاسة والخَبَث، فيَلَغون فيها، فاللهمَّ لا شَماتة.

إنَّ ربَّك قد حذَّرك - أيها العبد الوالغ في الفاحشة - من الوقوع في معصية قوم لوط، وأنذَرك أن يَنزل بك ما نزَل بهم، فقال: ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيد ﴾ [هود: 82 - 83].

فاحذَر ذلك الصنيع يا عبد الله، واسْمَع ما قاله الإمام ابن كثير - رحمه الله - معلِّقاً: "وقوله ﴿ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيد ﴾؛ أي: وما هذه النِّقمة ممن تشبَّه بهم في ظُلمهم ببعيد عنه، وقد ورَد في الحديث المروي في السُّنن عن ابن عباس مرفوعًا: ((مَن وجَدتموه يعمل عملَ قوم لوط، فاقْتُلوا الفاعل والمفعول به))، وذهَب الإمام الشافعي في قولٍ عنه وجماعة من العلماء - إلى أنَّ اللائط يُقتل؛ سواء كان مُحصنًا، أو غير محصنٍ؛ عملاً بهذا الحديث، وذهَب الإمام أبو حنيفة إلى أنه يُلقى من شاهقٍ، ويُتبع بالحجارة؛ كما فعَل الله بقوم لوط، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب"؛ ا.هـ.

واعلَم أنَّ الصحابة - رضي الله عنهم - لَم يختلفوا في أنَّ حكم مَن فعَل تلك الفاحشة القتل، ولكن اختَلفوا في كيفيَّته، وإليك ما قاله الإمام الشوكاني - رحمه الله - حول عقوبة مَن فعَل ذلك: "وما أحقُّ مُرتكب هذه الجريمة، ومُقارف هذه الرذيلة الذميمة، بأن يُعاقب عقوبة يَصير بها عبرةً للمعتبرين، ويُعذَّب تعذيبًا يَكسِر شهرة الفَسَقة المتمردين، فحقيقٌ بمَن أتى بفاحشة قوم ما سبَقهم بها من أحدٍ من العالمين، أن يَصلَى بما يكون في الشدَّة والشناعة مشابهًا لعقوبتهم، وقد خسَف الله تعالى بهم، واستأصَل بذلك العذاب بِكرهم وثَيِّبَهم"؛ ا.هـ.

اللهمَّ إنَّا نعوذ بك من الفواحش والفتن؛ ما ظهَر منها، وما بطَن، اللهمَّ احفَظ علينا وعلى أهلينا وأولادنا وإخواننا - الدينَ والنفس والعِرض، وحُسن الأخلاق، يا رحيم يا كريم، اللهمَّ إنَّا نسألك بأنَّك أنت الله، لا إله إلا أنت المنَّان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كلِّ مكان، اللهم انصُر المجاهدين في سبيلك في كلِّ مكان، اللهمَّ انصُرهم نصرًا مؤزَّرًا، اللهمَّ اربِط على قلوبهم، وثبِّت أقدامهم، اللهمَّ أنجِ المستضعفين المسلمين في كل مكان، اللهمَّ احقِن دماءَهم وآمِن رَوعاتهم، واستُر عوراتهم واحفَظهم يا كريم يا منَّان.

اللهمَّ مُنزل الكتاب ومُجري السحاب، وهازم الأحزاب، اللهمَّ اهزِم اليهود والصليبيين، وردَّهم على أعقابهم خائبين خاسرين، اللهمَّ زَلْزِل الأرض من تحت أقدامهم، وصبَّ عليهم العذاب صبًّا، فإنهم لا يُعجزونك.

اللهمَّ عليك برأس الكفر وراعية الإرهاب ومُروِّعة المسلمين وقاصِفتهم، اللهمَّ أشْغِلهم في ديارهم، وخالِف بين قلوبهم، وشتِّتْ شملَهم، وردَّ كيدَهم في نحورهم، اللهمَّ إنَّ بطشَك شديد وأمرَك رشيد، وأنت الحليم العليم الحكيم، تُمهل ولا تُهمل، قد قلتَ يا ربَّنا - وأنت أصدق القائلين -: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ﴾ [إبراهيم: 42].

اللهمَّ إن الحال بالمسلمين شديد، والكرب عظيم، وإنَّ الكفر قد انتفَش وطغى وتجبَّر، اللهم إن كلمتك هي العُليا وكلمة الكفر هي السفلى، اللهمَّ هيِّئ للكفر يدًا مسلمة مُجاهدة، تردُّ كيده وتَهزم جنده، وتُذيقه الذلَّ والهوان، وترفع راية التوحيد في ربوع الأرض، اللهمَّ إن ذلك ليس عليك بعزيز، فأنت على كلِّ شيء قدير، اللهمَّ احفَظ لنا دينَنا وأَمْنَنا، وأصلِح وُلاة أمرنا، ووفِّقهم إلى ما تحبُّ وترضى، اللهمَّ أغِثنا، والحمد لله ربِّ العالمين.








ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

__________________
الاميل و الماسنجر

alfirdwsiy1433@ymail.com


شبكة ربيع الفردوس الاعلى
نحتاج مشرفين سباقين للخيرات


اقدم لكم 16 هدايا ذهبية



الاولى كيف تحفظ القران بخاصية التكرار مع برنامج الريال بلاير الرهيب وتوضيح مزاياه الرهيبة مع تحميل القران مقسم ل ايات و سور و ارباع و اجزاء و احزاب و اثمان و صفحات مصحف مرتل و معلم و مجود
مع توضيح كيف تبحث في موقع ارشيف عن كل ذالك


والثانية
خطا شائع عند كثير من الناس في قراءة حفص بل في كل القراءات العشر
تسكين الباء في كلمة السبع في قوله تعالى ( وما اكل السبع ) سورة المائدة الاية 3
والصحيح ضمها لان المراد بها هنا حيوان السيع بخلاف السبع المراد بها العدد سبعة فان الباء تسكن كما في سورة المؤمنون الاية 86
- قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم - ولا تنسى قراءاة كتاب اسمه الاخطاء الشائعة في قراءة حفص وهذا رابطه لتحميله
https://ia701207.us.archive.org/34/i...ng-of-hafs/pdf

واسمع اليها في تلاوة عندليب الاسكندرية الخاشع الشيخ شعبان محمود عبد الله السورة رقم 5 المائدة ورقم 23 المؤمنون
حيث يقف الشيخ على كلمة السبع في سورة المائدة لتوضيح ضم الباء
http://archive.org/details/sha3baan-mahmood-quran



والهدية الثالثة

لاول مرة من شرائي ومن رفعي
رابط ل صفحة ارشيف تجد في اعلاها
مصحف الحصري معلم
تسجيلات الاذاعة
نسخة صوت القاهرة
النسخة الاصلية الشرعية
لانا معنا اذن من شركة صوت القاهرة بنشر كل مصاحفها بعد شرائه وتجد في نفس الصفحة كيفية الحصول على مصاحف اخرى نسخة صوت القاهرة



وحين تفتح لك الصفحة اقرا فيها كيفية الحصول على كل مصاحف صوت القاهرةبجودة رهيبة لا تصدق سي دي اوديو معدل الجودة 1411 ك ب
وايضا بجودة رهيبة ام بي ثري معدل الجودة 128 كيلو بايت

ايضا تجد في نفس الصفحة
رابط ل ملف مضغوط zip فيه روابط ل 696 مصحف مقسمين الى روابط تورنت ومباشرة وجودة فلاك مع الشرح كيف تكفر عن ذنوبك وتكسب ملايين الحسنات عن طريق التورنت
مع برنامج تورنت سريع وشرح كيفية عمله
مع هدايا اخرى ومفاجات
مع صوت ابي العذب بالقران

تجد ايضا في الملف المضغوط zip مقطع صغير لصوت ابي العذب بالقران
من اراد ان ياخذ ثواب البر بابيه وامه حتى بعد موتهما فليسمع صوت ابي العذب بالقران لان الدال على الخير كفاعله بالاضافة الى ان صوته العذب بالقران يستحق السماع
وحاول ان تزور هذه الصفحة دائما لتجد فيها
الجديد من الملفات المضغوطة zip
فيها الجديد من روابط المصاحف
والتي ستصل الى الف مصحف باذن الله
********************************
ولا ننسى نشر موضوع المصاحف وموضوع صوت ابي في المنتديات المختلفة ولا يشترط ان تقولو منقول بل انقلوه باسمكم فالمهم هو نشر الخير والدال على الخير كفاعله وجزاكم الله خيرااااااااااااااااا
اكتب في خانة البحث ل موقع صفحة ارشيف او في جوجل او يوتيوب
عبارة ( مصحف كامل برابط واحد) لتجد مصاحف هامة ونادرة كاملة كل مصحف برابط واحد صاروخي يستكمل التحميل والمصاحف تزيد باستمرار باذن الله

او اكتب عبارة (صوت القاهرة ) لتجد مصاحف اصلية نسخة صوت القاهرة

والهدية الرابعة

اسطوانة المنشاوي المعلم صوت و صورة نسخة جديدة 2013 نسخة اصلية من شركة رؤية مع مجموعة قيمة جدا من الاسطوانات التي تزيد يوما بعد يوم على نفس الصفحة


والهدية الخامسة

مصحف المنشاوي المعلم فيديو من قناة سمسم الفضائية

والهدية السادسة


مصحف المنشاوي المعلم صوتي النسخة الاصلية بجودة رهيبة 128 ك ب

والهدية السابعة

مصحف القران صوتي لاجمل الاصوات مقسم الى ايات و صفحات و ارباع و اجزاء و اثمان و سور كل مصحف برابط واحد صاروخي يستكمل التحميل



الهدية الثامنة

من باب الدال على الخير كفاعله انقلوا كل المواضيع فقط الخاصة بالشبكة والتي هي كتبت باسم المدير ربيع الفردوس الاعلى ولا يشترط ان تقولومنقول بل انقلوه باسمائكم الطاهرة المباركة



والهدية التاسعة


جميع ختمات قناة المجد المرئية بجودة خيالية صوت و كتابة مصحف القران مقسم اجزاء و احزاب اون لاين مباشر


الهدية العاشرة

اون لاين مباشر جميع تلاوات القران الخاشعة المبكية فيديو

الهدية 11

اون لاين مباشر جميع تلاوات القران الخاشعة المبكية اوديو



الهدية 12

جميع مصاحف الموبايل الجوال - القران كاملا بحجم صغير جدا و صوت نقي

الهدية13

برنامج الموبايل و الجوال صوت و كتابة لكل الاجهزة الجيل الثاني و الثالث و الخامس


الهدية14

الموسوعة الصوتية لاجمل السلاسل والاناشيد والدروس و الخطب لمعظم العلماء


الهدية 15

الموسوعة المرئية لاجمل الدروس و الخطب

16

برامج هامة كمبيوتر و نت
رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 05:50 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات