شروط المسح على الخفين
محمد رفيق مؤمن الشوبكي
أ - طهارة الخفين: وهذا أمر مفترض، فلا يصح أن يمسح على خفين نجسين.
ب - أن يلبَسَهما على طهارة: عن المغيرةِ بن شعبة رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأهويت لأنزع خفيه، فقال: ((دعهما؛ فإني أدخلتهما طاهرتين)) فمسح عليهما؛ (رواه البخاري ومسلم)، وهذا الحديث يدلل على أن الطهارة قبل لبس الخف شرط لجواز المسح.
مسألة: هل يشترط لجواز المسح على الخفين أن يُدخِل رِجليه فيهما بعد تمام الوضوء؟
من توضأ فغسل إحدى رِجليه وأدخلها الخف، ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف، فقال مالك والشافعي وأحمد في رواية: لا يجوز له إن أحدث أن يمسح عليهما؛ لأنه لبِس الخف قبل تمام الطهارة، فإن نزع الأول ثم لبسه جاز له المسح عندهم، وقد أخذ بهذا الرأي ابن حجر والنووي.
وقال أبو حنيفة وأحمد - في إحدى الروايتين - وابن حزم والثوري والمزني، واختاره ابن المنذر وشيخ الإسلام ابن تيمية: أنه يجوز له المسح عليهما؛ لصدق أنه أدخل كلًّا من رِجليه وهي طاهرة.
والأحوط إدخالهما في الخفين بعد تمام الوضوء، كما يقول الشيخ ابن باز رحمه الله.
مسألة: هل يجوز لمن تيمم ولبس خفيه أن يمسح عليهما عند وضوئه إن وجد الماء؟
إن من شروط المسح على الخفين عند جمهور الفقهاء أن يكون لبسهما بعد طهارة مائية لا ترابية؛ أي: بعد وضوء لا تيمم، فإذا تيمم المصلي ثم لبس خفيه وأراد الوضوء بالماء، فلا يجوز له أن يمسح على خفيه، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن ذلك، فأجاب: (لا يجوز له أن يمسح على الخفين إذا كانت الطهارة طهارة تيمم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فإني أدخلتُهما طاهرتين))، وطهارة التيمم لا تتعلق بالرِّجل، إنما هي في الوجه والكفَّين فقط).
ت - سترهما لمحل الفرض عند جماهير أهل العلم وأصحاب المذاهب الأربعة: أي المفروض غسله من الرِّجل؛ أي: أن يكون الخفَّان إلى الكعبين.
مسألة: هل يمسح على الخف المخرق؟
اشترط أكثر الفقهاء لجواز المسح على الخف أن يكون ساترًا للمحل المفروض غسله في الوضوء، فمنعوا المسح على الخف المخرق؛ لأنه يرى منه مواضع الوضوء التي فرضها الغسل، ولا يجتمع غسل ومسح، فغلب حكم الغسل، وهذا قول الشافعي وأحمد.
وقال مالك وأبو حنيفة: يجوز المسح على الخف المخرق ما دام المشي فيه ممكنًا، واسمه باقيًا، وهو قول الثوري وإسحاق وأبي ثور وابن حزم، واختاره ابن المنذر وشيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن عثيمين؛ لأن الإذن بالمسح على الخفين عام يدخل فيه كل ما وقع عليه اسم الخف على ظاهر الأخبار، ولا يستثنى خف دون خف إلا بدليل، ولو كان الخرق يمنع من المسح لبيَّنه صلى الله عليه وسلم، لا سيما مع كثرة فقراء الصحابة في عهده، والغالب أن لا تخلو خفافهم من الخروق.
قال الثوري: (كانت خِفاف المهاجرين والأنصار لا تسلم من الخروق، كخفاف الناس، فلو كان في ذلك حظر لورد ولنُقِل عنهم).
مسألة هامة: هل يشترط لمن أراد أن يمسح على خفيه أن ينوي عند لبسه الخفين نية المسح؟
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن ذلك فأجاب: (النية هنا غير واجبة؛ لأن هذا عمل علق الحكم على مجرد وجوده، فلا يحتاج إلى نية، كما لو لبس الثوب فإنه لا يشترط أن ينوي به ستر عورته في صلاته مثلًا، فلا يشترط في لبس الخفين أن ينوي أنه سيمسح عليهما، ولا كذلك نية المدة، فإذا كان مسافرًا فله ثلاثة أيام نواها أم لم يَنْوِها، وإن كان مقيمًا فله يوم وليلة نواها أم لم يَنْوِها).
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك