حسن التوكل على الله
نور برغوث
مضى بهما بأمر الله وقلبه ينبض باليقين مع أنه خائف عليهما، وحزين لأجلهما؛ فهو بشر وله قلب البشر الذي يضخُّ المشاعر ويحتويها، فلربما لم تتفهَّم هاجر أنه أمر الله، وأن الله الذي أمره بهذا متكفِّل بهما ومتوليهما قطعًا وبكل يقين، ثم ما لبث أن فُوجئ بأن زوجته الحكيمة المؤمنة الصابرة ستكون واثقةً بالله كل هذه الثقة، فأجابته بكل يقين: "إذًا لن يُضيعنا الله"، لقد اطمأنَّ قلبه إلى أن إيمانها بباريها سينقلها إلى ضفة التسليم، وأن يَقينها بحسن تكفُّله - جل وعلا - سيحملها على الصبر، ما دام هذا أمرًا من عند الله.
وحين انقطع الزاد والماء عنها، قامت تُهروِلُ و"تسعى" بين الصفا والمروة بحثًا عما يُبقيها ورضيعها على قيد الحياة، لم تستسلم لهذا الضعف، ولم تسلِّم نفسها فريسةً هيِّنةً لليأس؛ فهي تعلم أن الله معهما، فلم ترخص ثقتها بالله وأنَّه سبحانه لن يضيعهما، وأنَّه لن يتركها تهلِك ورضيعها، إنه حسن التوكل على الله في أبهى وأرفع صوره وأصدقها.
لذا؛ فإن السعي بين "الصفا والمروة" ليس عبثًا يكون بعد ذلك من مناسك العمرة، فلا يُتعبَّد الله إلا بالسعي والعملِ عبادةً وتقربًا إلى الله تعالى.
هي قلوب المؤمنين بحقٍّ، العاقلة لهُدى الله وحكمته، المسلِّمة لتدبيره وتقديره، هي القلوب التي تُضيء الكون بإيمانها فيُشرق ضياءً في الظلمات.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك