07-28-2015, 11:12 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 349,031
|
|
الرد على شبهة أن بني إسرائيل لم يكفروا بقولهم: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة
الرد على شبهة أن بني إسرائيل لم يكفروا بقولهم:
اجعل لنا إلها كما لهم آلهة
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
الشبهة العاشرة:
وهي خلاصة للتي قبلها، وتنويع في التمثيل: فالشبهة التي قبلها يقولون: كيف تكفِّرون من يقول: لا إله إلا الله؟ والتي قبلها يقولون: نحن نقول: لا إله إلا الله، كيف نكفر ونحن نتصدق ونصلي، والله جل وعلا إنما كفَّر من لم يقل لا إله إلا الله، ولم يصدق بالرسول؟
لكن على سبيل التفصيل، هذه التي مضت التاسعة، وهذه العاشرة؛ أن شبهتهم يقولون: إن بني إسرائيل لم يكفروا بقولهم: ﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ﴾ [الأعراف: 138]، وكذلك لما مرَّ مَن كان مع النبي صلى الله عليه وسلم على قرية لهم شجرة يقال لها: ذات أنواط، وأنهم كانوا حدثاءَ عهد بالإسلام لم يكفروا، لم يكفرهم النبي صلى الله عليه وسلم لما قالوا: "اجعل لنا ذاتَ أنواط"، هذه شبهة لهم، والجواب: أن هؤلاء قالوا هذا عن جهل وما تمادوا في كفرهم، فهم لم يفعلوه، ولو فعلوه كفروا، لكن لما نُهُوا انتهَوْا.
قال رحمه الله تعالى: (ولكن هذه القصة تفيد أن المسلم - بل العالم - قد يقع في أنواع من الشرك لا يدري عنها، فتفيد التعلم والتحرز، ومعرفة أن قول الجاهل: "التوحيد فهمناه" أن هذا من أكبر الجهل، ومكايد الشيطان.
وتفيد – أيضًا - أن المسلم إذا تكلَّم بكلام كفر وهو لا يدري، فنُبِّه على ذلك، فتاب من ساعته، أنه لا يكفر، كما فعل بنو إسرائيل والذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم).
يعني رحمه الله: قصةَ بني إسرائيل في طلبهم الشرك، وحدثاء العهد بالإيمان والإسلام بعد فتح مكة لما طلبوا ذاتَ أنواطٍ كما لأولئك ذاتُ أنواط، هاتان القصتان تجعل المؤمن على خطر، وعلى خوف، وعلى وَجَلٍ عظيم من أن يَقَعَ في الشرك وهو لا يشعر؛ لأن أولئك نبَّههم النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ونُبِّهوا بالقرآن، لكن في هذا الزمان إن لم تكن عارفًا بالتوحيد، فمن يُنبِّهُك؟ ومن يُحذِّرُك هذا الشرك؟
وقوله رحمه الله تعالى: "ومعرفة أن قول الجاهل: "التوحيد فهمناه" أن هذا من أكبر الجهل، ومكايد الشيطان" وما أكثر ما يقال هذا الآن؛ نحو قولهم: نحن مَلَلْنا التوحيد، وفهمنا التوحيد، وعرفناه، وما له حاجة! لنأخذ المعاملات، ولنأخذ الأخلاق، ولنأخذ السياسة، ولنأخذ الإستراتيجيات الدولية، فهذا وأمثاله ما عرف السياسة، ولا عرف توحيده، فهذا مثل "الغراب الذي ضيَّع مشيته ومشية الحمامة"، وهذا جهل، وتهوين، وتخذيل من هذا التوحيد، وتخذيل من العناية به.
وربما قالوا: الاهتمام بدعوة التوحيد فهمناه!
والجواب: لو فهمتَه حقَّقته، وأثَّر فيك، وأُشربه قلبُك؛ فإن كل إناء بالذي فيه ينضح ولا بد! ومَن أحبَّ شيئًا أكثرَ مِن ذِكْره.
فهؤلاء أولياء الله جل وعلا دائمًا على لسانهم تسبيحٌ، وتهليل، واستغفار؛ لأنهم يحبون ذكر الله تعالى.
قال رحمه الله تعالى: (وتفيد - أيضًا - أنه لو لم يَكْفُر، فإنه يُغلَّظ عليه الكلام تغليظًا شديدًا؛ كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم).
إذا لم يكفر لأجل جهله - كما حصل من أولئك حدثاء العهد بالإسلام لجهلهم - يُغلَظ له القول والإنكار، أما إذا تمادوا، فهنا عرفوا وزال الجهل عنهم، فعندئذٍ يَكفُرون؛ فدل على أن الجهل مانع عظيم من موانع تكفير المعين.
قال رحمه الله تعالى: (وللمشركين شبهة أخرى يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أسامة قَتْلَ مَن قال: لا إله إلا الله[1]، وقال له: ((أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟))، وكذلك قوله: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) [2]؟
وأحاديث أخرى في الكفِّ عمن قالها، ومراد هؤلاء الجهلة أن مَن قالها لا يكفر، ولا يقتل، ولو فعل ما فعل).
[1] أخرجه الإمام البخاري في كتاب المغازي، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحُرُقات من جهينة، وطرفه في كتاب الديات (6872) وانظر: فتح الباري كتاب الديات باب قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا... ﴾ [المائدة: 32].
[2] أخرجه الإمام البخاري في كتاب الاعتصام بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم (8/140 - 141) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|