07-24-2015, 05:20 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 349,423
|
|
خطبة جمعة الحسد مرض اجتماعي خطير
المقدمة
أمابعد فيا أيها المسلمون عباد الله,أخي المسلم أختي المسلمة,موضوع خطبتنا لهذا اليوم المبارك الكريم ،حول مرض من أمراض القلوب الخطيرة,ألا وهو الحسد,فالحسد مرض اجتماعي خطير،نسأل الله العظيم رب العرش العظيم,في هذا اليوم العظيم ,بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يطهرقلوبنا من النفاق والحسد والشحناء ,والحقد والبغضاء ,وأعيننا من الخيانة ،وألسنتنا من الكذب،وأسماعنا من اللغو وأعمالنا من الرياء،انه ولي ذلك والقادر عليه،كما أسأله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه ,أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه،آمين,
اخوة الإسلام ،
يقول الحق تبارك وتعالى (وتل عليهم نبأ بني آدم بالحق اذ قربا قربآنا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر....) أول جريمة وقعت في الأرض كان سببها الحسد اذ أن بني آدم يوم أن قربا قربانا ،فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر دفعه الحسد الى أن يقتله ويتخلص منه ،لكن أخاه الصالح هابل قال له (لأن بسط الي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي ... ) ولكن أخاه الحسود أبى الا أن ينتقم من أخيه حسدا وبغيا فطوعت له نفسه قتل اخيه فقتله ،وهذه الجريمة النكراء التي لازلنا نعاني من شرارتها الى يومنا هذا ، كان سببها الحسد،فالقتل عدوان على الحياة ،عدوان على النفس ولذلك أوجب الله فيه القصاص ،وقد عبر الحق تبارك وتعالى عن هذه الجريمة بلفظ النبأ الذي لايستعمل الا في الأمور العظيمة والخطيرة ليدل على فظاعة الأمر وفداحته وخطورته، وقد جاء هذا الأسلوب في مواطن معدودة في القرآن الكريم ،
في يوم القيامة (عم يتساءلون )
في قصة بني آدم هذه (واتل عليهم نبأ بني آدم)
في قصة الهدهد مع سليمان (فقال مالي لاأرى الهدهد )
وفي قصة نبي الله داود مع الخصمين،(وهل أتاك نبأ الخصم اذ تسور المحراب )
وفي قصة الرجل الذي رزق العلم واتل عيهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها
الاخوة الإسلام ,
الحسد أصل كل شر،ومصدر كل بلاء،ومنبع كل عداء،وسبب كل عداوة ,ومفسد كل مودة،وسبب كل خيانة،وعلة كل غدر،ووسيلة كل فتنة،الحسد مفرق الأصدقاء ،ومشتت الأحبة،الحسد علامة النفاق،ودليل الخسة،ومفتاح الشقاء،الحسد داء عضال ،ومرض قلبي فتاك ،ما فشى في أمة الا وكان نذير هلاكها،وما دب وانتشر في صفوف جماعة الا وكان سبب شقائها ،الحسد سلاح مضاء، وسيف بتار ،يضرب به الشيطان القلوب فتتمزق ، والجماعات فتتفرق ،الحسد يفسد المودة، ويقطع حبال المحبة، ويهدم أوآصرالقربى ، يغرس الضغينة والبغضاء، ويزرع الكرآهية والشحناء، وينبت العداوة واللأواء، ويقضي على بواعث الخير بين المومنين، ومظاهر الحب والتراحم بين المسلمين، والحسد يهلك صاحبه في الدنيا ويسوقه في الأخرة الى النار،وكفى بجهنم سعيرا،
اخوة الإسلام،
لو بحثتم عما يحدث بين الأقارب من الخصومات، لوجدتم أن السبب هو الحسد،ولو تأملتم ما يجري بين الإخوة والجيران من النزاعات والقطيعة والإعتداء لوجدتم أن السبب هو الحسد، وما يحدث بين كل جماعة من التفرق سببه الحسد، ولذلك كان الحسد والحسود عامل هدم، وأداة افساد وتخريب وتمزيق وتفريق، وكثرا ما يتولد الحسد من الحقد ، فالحسد وليد الحقد، فاذا حقد عليك انسان ، فلاتهدئ نفسه حتى ينتقم منك، ويدمر حياتك ،ويقضي عليك، ولذلك أمرنا الله سبحانه أن نستعيذ به (ومن شر حاسد اذا حسد) ولاحسد الا على نعمة ، فاذا أنعم الله عليك نعمة ، ونعم الله كثيرة، كصلاح الذرية،أو صلاح الزوجة، أو العافية في البدن والعيش الكريم، أو النجاح في التجارة، أوآتاك الله علما، وما الى ذلك ، فمن كره تلك النعمة وأحب أن تزول عنك فقد حسدك، اذالحسد هو أن تكره النعمة التي أنعم الله بها على غيرك، وتحب زوالها ، ولو مكنت أنت من ازالتها لأزلتها، فهذا هو الحسد، لذا وجب على كل مسلم ومسلمة الإبتعاد عن الحسد، لما له من الأثر السيئ والضرر الخطير، يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، (لاتحاسدوا ولاتباغضوا ولاتدابروا وكونوا عباد الله اخوانا ،المسلم أخو المسلم لايظلمه ولايحسده ولايخذله ولايسلمه )
اخوة الإسلام،
الحسود انسان خبيث ، الحسود قلبه مريض وعقله قاصر، وايمانه ضعيف ، وأخلاقه سيئة ، ونفسه شريرة، وكرامته منحطه ، وطبعه لئيم ، ومن هنا كان الحسود أشقى الناس في الحياة ،لأنه يكره كل نعمة يرآها عند الناس ، والمسلم الصادق ، يجب عليه أن يترفع عن الحسد، ويتوقاه ويتنزه عنه، اذ الحسد من صفات الكافرين، (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند أنفسدهم)،وقال تعالى حاكيا عنهم ( ان تمسسكم حسنة تسؤهم وان تصبكم سيئة يفرحوا بها )، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( دب اليكم داء الأمم قبلكم ، الحسد والبغضاء ،والبغضاء هي الحالقة ،لاأقول تحلق الشعر ولــكــن تحق الدين)، ويقول أيضا محذرا (اياكم والحسد ،فان الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب،أو قال العشب)،
اخوة الإسلام،
ان أول معصية سجلت في السماء بين أبينا آدم وابليس كان سببها الحسد، يوم أن قال الله للملائكة، اسجدوا لآدم فسجدوا الا ابليس، أبى أن يسجد حسدا له (قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) فكان الحسد سببا في طرده من حضيرة الملائكة، وابعاده من الرحمة واشقائه الى يوم القيامة، وأول جريمة وقعت في الأرض ، كان سببها الحسد، الحسود أشقى الناس في الحياة ،لأنه يكره كل نعمة رأها عند محسوده، فالحسود كلما رأى نعمة على محسوده تقطع قلبه وتفكك كبده،وتمزق صدره،
اخوة الإسلام،
الحسد فيه اعتراض على قسمة الإــــه ،فكأن الحسود يقول بلسان حاله ،ما أحسنت يارب حين أعطيت فلانا كذا وكذا،
عباد الله
ان الذي يقرأ قصة يوسف عليه السلام مع اخوته ،يعرف كيف يفعل الحسد بصاحبه،كيف يعمي بصره وبصيرته،وكيف يسود قلبه،ويعرف كيف يدفع الحسد صاحبه الى الإنتقام ،فيوم أن قال يوسف لبيه (يا أبت اني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) وكانت هذه الرؤيا بشارة ليوسف عليه السلام بنبوته ورسالته،فازدادت محبته في قلب أبيه ،فحسده اخوته، فدفعهم الحسد الى عقوق والدهم، والغدروالإنتقام بأخيهم، (اذقالوا ليوسف وأخوه أحب الى أبينا منا ونحن عصبة ،ان أبانا لفي ضلال، مبين اقتلوا يوسف ....)، لما ذا تقتلون يوسف لماذ؟ لأنه أحب الى أبيهم،الله أكبر،هذه هي جريمته ،هذه هي الجريمة التي يستحق عليها القتل،لأنه أحب الى أبيه، سبحانك هذا بهتان عظيم، لم يراعوا براءة الطفولة ،ولم يراعوا مشاعر أبيهم، ولاحرمة أخيهم، ولافجاعة أبيهم فيه، انه الحسد ياعباد الله، (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين)، ان هذا لشيئ عجاب، انظروا ماذا يقولون ؟ انها أفعال المجانين، وتكونوا من بعده قوما صالحين، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،وفي احاديث سيد المرسلين ،وجعلني واياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى ،
أما بعد، اخوة الإسلام.
تلكم هي ثمرة الحسد ونتيجته ،فكم من أخوة مزقها الحسد، وكم من صلة قطعها الحسد، وكم من دم معصوم سفكه الحسد، وكم من جماعة شتتها الحسد، وكم من سنة حاربها الحسد، وكم من بدعة وضلالة نشرها ورسخها الحسد، وكم من دعوة اصلاحية حاربها الحسد، وهكذا فما وقعت جريمة ولاجهزت مؤامرة، ولادبرت مكيدة الا وكان سببها الحسد، ولاقتل بريئ ،ولاحرم مستحق، ولاظلم مظلوم، الا وكان الحسد من وراء ذلك كله، فالحسود اذا علم منك حسنة أخفاها واذارأى منك سيئة أذاعها ، واذا بلغه أن فيك خصلة حميدة كتمها واذا علم أن فيك خصلة سئة أفشاها، فالحسود يتتبع المساوئ والعثرات، فتراه يشوه سمعتك ويحطم شخصيتك، ويحرف كلامك، ومن لوازم الحسد وآثار الحقد ياعباد الله ،سوء الظن بالإخوان ، وتتبع العورات ، والنفخ في الهنات، وتضخيم الزلات، ونشر السقطات، وتصيد العثرات، وان الحاسدين ليجدون في ذلك متنفسا لأحقادهم المدفونة، وخبياهم المكنونة، فلايستريحون الا اذا نشروا المعايب، ولايتلذذون الاباشاعة الأخطاء واذاعة المثالب ، وأيم الله ، ان ذلك لدليل دناءة النية ، وسوء الطوية، رحم الله القائل
كل عداوة قد ترجى ازالتها ÷ الا عداوة من عاداك بالحسد
وداريت كل الناس الا حواسدي ÷ مداراتهم عزت وعز زوالها
وكيف تداري عنك حاسد نعمة ÷ اذا كان لايرضيه الا زوالها
اصبرعلى حسد الحسود فان صبرك قاتله ÷ النار تأكل نفسها ان لم تجد ماتأكله
ألا فلنطهر قلوبنا من الحسد والحقد والبغضاء،والنعلم أن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، ومن الدعاء الذي علمنا الله اياه أن نقوله، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ....اللهم طهر قلوبنا من الحسد والحقد والبغضاء والشحناء،
اللهم لاتواخذنا بما فعل السفهاء منا
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا
اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك
اللهم استرنا فوق الأرض ...
اللهم اشفنا واشف مرضانا ..
اللهم احفظ أولادنا ...
اللهم احفظ شبابنا من مضلات الفتن .. واهدهم سبل السلام
اللهم انصر الإسلام ...
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|