02-01-2016, 03:34 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 349,658
|
|
آيات من سورة المعارج بتفسير الإمام الزركشي
آيات من سورة المعارج بتفسير الإمام الزركشي
د. جمال بن فرحان الريمي
﴿ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾ [المعارج: 1]
قوله تعالى: ﴿ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾ [المعارج: 1]، فإنه سبحانه ذكر أولاً عذاب الكفار، وأن لا دافع له من الله، ثم تخلّص إلى قوله: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ﴾ [المعارج: 4] بوصف ﴿ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾ [المعارج: 3] [1].
وأما قوله تعالى: ﴿ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾ [المعارج: 1]، فالمعنى: سأل سائل النبي صلى الله عليه وسلم أو المسلمين بعذاب واقع، فذكر المفعول الأول، وسؤالهم عن العذاب إنما هو استعجالهم له كاستبعادهم لوقوعه، ولردّهم ما يوعدون به منه[2].
﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [المعارج: 4]
قوله تعالى: ﴿ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [المعارج: 4]، وفي موضع ﴿ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [المعارج: 4] [3]، وأجيب بأنه باعتبار حال المؤمن والكافر بدليل: ﴿ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الفرقان: 26] [4].
﴿ وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا ﴾ [المعارج: 10]
قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا ﴾ [المعارج: 10]، أي عن حميمٍ لذهوله عنه[5].
﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ﴾ [المعارج: 11]
قوله تعالى: ﴿ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي ﴾ [المعارج: 11]، أي الافتداء[6].
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾ [المعارج: 19]
قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴾ [المعارج: 19 - 21]، أي خلق على هذه الصفة وهي مقدرة أو بالقوة ثم تخرج إلى الفعل[7].
وقال أبو العالية[8]: قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾ [المعارج: 19]، تفسيره: ﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴾ [المعارج: 20، 21] [9].
وقال ثعلب: سألني محمد بن طاهر[10]: ما الهلع؟ فقلت: قد فسَّره الله تعالى[11].
﴿ فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ﴾ [المعارج: 36]
قوله تعالى: ﴿ فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ﴾ [المعارج: 36]، هؤلاء الكفار تفرقوا جماعات مختلفات، كما يدل عليه: ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ ﴾ [المعارج: 37] [12]، قطعوا وصلهم في قلوبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم فقطع الله طمعهم في دخول الجنة، ولذلك قطعت اللام علامة عليه[13].
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ ﴾ [المعارج: 40]
قال رحمه الله: مما ورد في القرآن مجموعًا ومفردًا لفظ "المشرق والمغرب"[14]، وإنما جُمِعا في قوله تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴾ [المعارج: 40، 41] [15]؛ لأنه لمّا كان هذا القسم سَعة مشارق ربوبيته، وإحاطة قدرته، والمقسم عليه إذهابُ هؤلاء، والإتيان بخير منهم ذكَر المشارق والمغارب، لتضمُّنها انتقال الشمس التي في أحد آياته العظيمة، ونقله سبحانه لها، وتصريفها كل يوم في مشرق ومغرب، فمن فعل هذا كيف يُعجِزه إن يبدل هؤلاء، وينقل إلى أمكنتهم خيرًا منهم!
وأيضًا فإن تأثير مشارق الشمس ومغاربها في اختلاف أحوال النبات والحيوان أمرٌ مشهود، وقد جعله الله بحكمته سببًا لتبدل أجسام النبات وأحوال الحيوانات وانتقالها من حال إلى حال، ومن بَرْد إلى حرٍّ، وصيف وشتاء، وغير ذلك بسبب اختلاف مشارق الأرض ومغاربها، فكيف لا يَقْدر مع ما يشهدونه من ذلك على تبديل من هو خير! وأكّد هذا المعنى بقوله: ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴾ [المعارج: 41] [16]، فلا يليق بهذا الموضع سوى لفظ الجمع[17].
[1] سورة المعارج: 3 - 4. البرهان: معرفة المناسبات بين الآيات 1/ 46.
[2] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - سأل 4/ 105.
[3] سورة السجدة: 5.
[4] سورة الفرقان: 26. البرهان: معرفة موهم المختلف 2/ 41.
[5] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - سأل 4/ 105.
[6] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات - لو المصدرية 4/ 228.
[7] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة - أحكام لألفاظ يكثر دورانها في القرآن 4/ 80.
[8] هو رُفَيع بن مِهران، الإمام المقرئ الحافظ المفسِّر، أبو العالية الرياحي البصري، أحد الأعلام، كان مولى لامرأة من بني رياح بن يربوع، ثم من بني تميم، أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاب، وأسلم في خلافة أبي بكر الصديق، ودخل عليه، وسمع من عمر، وعلي، وأبي، وأبي ذر، وابن مسعود، وعائشة، وأبي موسى، وأبي أيوب، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وعدة، حفظ القرآن وقرأه على أُبي بن كعب، وتصدر لإفادة العلم، وبَعُد صيته، مات في شوال سنة تسعين، وقيل: ثلاث وتسعين. (تهذيب سير أعلام النبلاء 1/ 142، رقم الترجمة (466).
[9] سورة المعارج: 20 - 21.
[10] الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين الخُزَاعيُّ، نائب بغداد، كان جوادًا مُمَدَّحًا عالمًا، قوى المشاركة، جيد الشعر مات بالخوانيق سنة 253هـ. (شذرات الذهب 3/ 241).
[11] انظر: الدُّر المصون في علوم الكتاب المكنون لأحمد بن يوسف الحلبي، دار القلم - دمشق، ج/ 10 ص/ 459 وتكملة ما قاله ثعلب: "ولا يكون أَبْيَنَ مِنْ تفسيرِه، وهو الذي إذا نالَه شرٌ أظهرَ شِدَّةَ الجَزَعِ، وإذا ناله خيرٌ بَخِلَ به ومَنَعَه الناس". البرهان: معرفة تفسيره وتأويله - تقسيم القرآن إلى ما هو بين بنفسه وإلى ما ليس ببين في نفسه فيحتاج إلى بيان 2/ 119.
[12] سورة المعارج: 37.
[13] البرهان: علم مرسوم الخط - الفصل والوصل 1/ 290.
[14] راجع سورة الصافات الآية: 5.
[15] سورة المعارج: 40 - 41.
[16] سورة المعارج: 41.
[17] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - فيما ورد في القرآن مجموعًا ومفردًا والحكم في ذلك 4/ 12 - 14.
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|