لن تنجح.. سوف تسقط!
عبدالله حازم المنسي
أحيانًا تمرُّ علينا لحظاتٌ صعبة، لا نعرفُ ماذا نفعل أو ماذا نقول، نشعر بكثيرٍ من الألمِ والظلم وقلة الإيثار من المجتمع ومن الأهالي على وجه الخصوص، وبالرَّغمِ من أنَّ قلوبَنا مليئةٌ بالكلمات التي لا تجدُ من يسمعها، أو من يصغى إليها، لذا فالبعضُ منَّا يفضِّلُ الصمتَ في هذه الحالات، ويذهب ليبحثَ عن مكانٍ هادئ يراجع فيه حساباتِه وأخطاءه، قد يذهبُ إلى أصدقائه أو أحدِ أقاربه المخلصين له، والاحتمالُ الأكبر أنه سيذهب إلى "المتنزَّه"؛ لكي يجلس في صمتٍ وسكون، يراجعُ أخطاءه ويحاسبُ نفسَه، والبعض الآخرُ يفضِّلُ أن يكون قريبًا من الله - سبحانه وتعالى - فيذهب ليقرأ كتاب الله - عزَّ وجلَّ - لكي يستريح؛ لأنَّه لا يجدُ سوى كتاب الله؛ فهو الذي يعطيه بعضَ الأملِ والاستمرار في الحياة، بالرَّغمِ من كافَّةِ الصعوبات والمعوِّقات التي توجد في طريقه.
جميعنا يعلمُ أنَّ النجاح له معوقاتٌ كثيرة وجمة، وأصحاب الخير أقلُّ بكثيرٍ من أصحاب السوء، ولا أخفي عليكم أنَّ أصحاب السوء أصبحوا يمثلون أصحابَ الخير في كثيرٍ من المواقفِ لهدفٍ معين وحاجة ملحَّة جدًّا عليه، ويجب أن يفعلَها، لكن يشترطُ عليه أن يكونَ من أصحابِ الخير أو المدعين أنَّه من أصحابِ الخير، وقد يكونون من الذين يصلُّون ويصومون ويعبدون اللهَ في أواخرِ الليل، ليس لرضا الله ونيل الهدى والمغفرة؛ وإنَّما لكي يتكلم النَّاسُ عن أمره، ويصبح ذا صيتٍ وسمعة في المجتمعِ أو الحي الذي يعيشُ فيه؛ بأنه صاحبُ أخلاقٍ حميدة وطاهرة، ورجل مؤدَّب وخلوق، والعكس صحيح في قلبِ ذلك الإنسان!
هناك مثَلٌ متداوَل بكثرةٍ بين الشعوب العربية؛ وهو: "من شابه أباه فما ظلم" نعم، كثيرًا ما يتشابه الأبناءُ مع الآباءِ؛ في المأكلِ والملبس وطريقة الكلام وطريقة الجلوس والتسليم علي الآخرين أيضًا؛ لأنَّ هناك من يرى والدَه رجلاً عظيمًا، ويتمنى أن يكونَ مثلَه، أو يصل لمرتبته سواء أكان في العملِ أو في البيت، وهناك أبناء لا تتشابه أفعالُهم مع أفعال آبائهم أبدًا، ويختلفون عنهم اختلافًا كبيرًا وشديدًا جدًّا، سواء في الأمورِ التي ذكرناها أو في غيرِها، قد يكون والدُه رجلَ عصاباتٍ أو تاجرًا كبيرًا في الممنوعاتِ والمحرَّمات التي يعاقبُ عليها والإسلام قبلَ القانون.
نعم الوالد يتأثر بهذا والأبناء والبنات أيضًا يتأثرون بهذا، ويتأثرون كثيرًا، لكن النَّاسَ لا تعرفُ سوى أنَّه سيشبهُ أباه حتَّى لو كان مختلفًا عنه اختلافًا كبيرًا جدًّا، ولسان حالهم يقول: لن ينجح، وكيف ينجح وقد فشل أبوه من قبل؟ لابد أن يشبه أباه، هذا ما يردده الحاقدون وكارهو الخير، عندما يرون وردةً بيضاء صغيرة تخرجُ من بين الأشواكِ؛ وهي مليئة بالأملِ والطُّموح والأخلاق.
لماذا فُرِضَ على ذلك الشَّابِّ أن يشبهَ أباه، وأنه فاشلٌ ولن يصبحَ ذا قيمة؟ لأنَّه ناجحٌ في حياتِه، ويختلف عن أبيه، ولأنَّ له طموحًا وأحلامًا، يريد أن يحقِّقَها ويثبتَ للعالم أجمع الفرقَ بينه وبين أبيه؟ لماذا نحطِّمُه بدلاً من الوقوفِ بجانبِه ورعايته ومساعدته في تحقيق أحلامِه وطموحاته، حتَّى يخرجَ جيلٌ متعلِّمٌ وصابر وقادرٌ على القيادةِ والاستمرار؛ ليعيد للإسلامِ والمسلمين مجدَهم وعزتهم، هل كان هذا الشَّابُّ يُعامل بهذه الطريقة نفسها في عهد الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ هل هذا ما أوصانا به الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم؟!
أصبح المنافقون الآن يراقبون وينتظرون سقوطَ هذا الفتى صاحب الأخلاق الحميدة والطيبة، حتى تسوء صورتُه ويظل النَّاسُ يتكلمون عنه بسوء، فيتقوَّلون عليه أبشعَ الكلام، وإذا سقطَ الشاب في يومٍ من الأيام، ليس من شدةِ كلامهم، بل لأنه يسمع ويطيع كلامَ أبيه وأمه، فلن يرحموه ولن يعطوه فرصةً أخرى، بل سيحطِّمون أمالَه وطموحاته، ويتفننون في ذلك ويجعلون منه عبرة؛ فهو لم يظنَّ يومًا أنه سيخالفُ أباه، وأنه سيصبح رجلاً طيبًا صاحبَ خلق ودين، سوف تتحطمُ آماله وطموحاتُه بكلِّ تأكيد بمجرد سقوطِه، وسوف يفشلُ فشلاً ذريعًا، لماذا هذا كله؟ لأنَّ كرهَ الخير للمسلمين أصبحَ في ازدياد بينهم أنفسهم، لماذا أصبحنا نتفنَّنُ في قتلِ الأمل وطمس الطموح، هيا يا أمةَ الإسلامِ نساعد هؤلاء الشباب، ونجعلهم يحبُّون حياتهم، لكي يخرجوا ورودًا بيضاء جميلة ونقية وصافية، بعيدًا عن الكُرهِ والفساد والنِّفاق، وبعيدًا عن حياة آبائهم الذين ذاقوا فيها أشدَّ أنواعِ العذاب والظلم.
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك