كلمات مضيئة
من "جامع العلوم والحكم"
أ. محمد خير رمضان يوسف
"جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكَلِم": كتاب رأى النور منذ سبعة قرون، لما عزم مؤلفه "ابن رجب" المحدِّث والعالم الفذُّ، وشمَّر عن ساعد الجد، ليَقوم بتأليفه، تحت إلحاح جَماعة من طلاب العلم؛ كما ورَد في مقدمة الكتاب.
وهو شرح لاثنين وأربعين حديثًا من جوامع كَلِم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي جمَعها الإمام النووي، وزاد عليها ابن رجب ثمانية أحاديث أخرى، فانتظمَت خمسين حديثًا نبويًّا شريفًا.
وقد بهرني أُسلوب المؤلف في شرح هذه الأحاديث، وأُعجبتُ بعِلمه وتضلُّعه في الحديث وعلومه، وقدرتِه العجيبة على شرحِه بإيجاز دون إخلال بالمعنى، وإيرادِه لآراء العلماء وأئمَّة الحديث، وبيانِ رأيه مع الأدلة والحُجَج.
وقد وجدت الكتاب - بحقٍّ - جامعَ العلوم والحكم.
ولم أشأ أن أكون "سلبيًّا" بعد أن قرأت الكتاب كله، وعلمتُ قيمته، ويَعلمها غيري، فأحببتُ أن أنبِّه إليها ليَقتنيَه مَن أراد أن يُتحِف مكتبته بأروع كتب تراثنا الإسلامي، فكتبت عن الكتاب دراسة طويلة، بيَّنت فيها منهج المؤلف، وقيمة الكتاب العلمية.
وكنت قد أشرت أثناء مُطالعتي لهذا الكتاب إلى جُمل وكلمات مضيئة أثَّرت في نفسي، وخشع لها قلبي، فجمعتُها، وأحببت أن يطَّلع عليها غيري، فربَّ كلمة هدت قارئها، وسار عليها مدى حياته، والله أسأل أن ينفع بها.
وأذكُر هذه الحِكم بدون ترتيب، لئلا تملَّها النفس، وأُشير إلى الصفحة من الكتاب، طبعة دار المعرفة ببيروت، ومما يؤسَف له أن الكتاب لم يُحقَّق حتى الآن، وفيه أخطاء كثيرة!
قال بعض السلف: "مَن عرَّض نفسه للتُّهم فلا يلومنَّ مَن أساء الظن به" (ص: 68).
وقال بعضهم: "كفى بخشية الله عِلمًا، وكفى بالاغترار بالله جهلاً" (ص: 89).
قال عمر بن عبدالعزيز: "ليست التقوى قيام الليل وصيام النهار والتخليط فيما بين ذلك، ولكن التقوى أداء ما افترض الله، وترك ما حرَّم الله، فإن كان مع ذلك عمل فهو خير إلى خير" أو كما قال (ص: 91).
"يوجد كثيرًا من يجتهد في فعل الطاعات ولا يقوى على ترك المحرَّمات" (ص: 91).
"إذا فاق المرءَ أحدٌ في فضيلة دينية، اجتهد على لحاقِه، وحَزِن على تقصير نفسِه وتخلُّفه عن لِحاق السابقين؛ لا حسدًا لهم على ما أتاهم الله، بل منافسةً لهم وغبطة، وحزنًا على النفس بتقصيرها وتخلُّفها عن درجات السابقين" (ص: 114).
قيل لابن المبارك: اجمَع لنا حسْنَ الخلُق في كلمة، قال: "ترْك الغضب" (ص: 135).
سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أكثر ما يُدخل الناس الجنة؟ قال: ((تقوى الله وحسن الخلُق))؛ أخرجه الإمام أحمد، وابن ماجه، والترمذي، وصحَّحه ابن حبان (ص: 148).
• قال الحسن البصري: "ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرًا من الحلال مَخافة الحرام"، وقال الثوري: "إنما سمُّوا متَّقين لأنهم اتَّقوا ما لا يُتَّقى".
• كتب عمر بن عبدالعزيز إلى رجل:
"أوصيك بتقوى الله - عز وجل - التي لا يقبَل غيرها، ولا يَرحم إلا أهلَها، ولا يُثيب إلا عليها؛ فإن الواعِظين بها كثير، والعاملين بها قليل، جعَلنا الله وإياك مِن المتَّقين" (ص: 151).
يتبع
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك