10-27-2014, 06:26 AM
|
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2013
المشاركات: 7,826
|
|
الولاية على الصغير
الولاية على الصغير
أ. د. عبدالله بن مبارك آل سيف
الولاية على الصغير ونحوه تثبت في الأصل عند الفقهاء للأب، ثم لوصيه، ثم للحاكم، لكن اختلف العلماء في دخول غيرهم في ثنايا هذا الترتيب ما بين مخالف وموافق، مثل دخول الجد والعصبة في ذلك.
اختيار ابن تيمية:
اختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن لسائر العصبة ولاية بشرط العدالة، خلافاً للمشهور من مذهب الحنابلة [1].
تحرير محل النزاع:
1- اتفق الأئمة الأربعة على ثبوت الولاية للأب والوصي والحاكم على هذا الترتيب.
2- ومحل الخلاف في دخول الجد وغير الجد، وفي ترتيب ولاية الجد مع الوصي [2].
أقوال العلماء في المسألة:
القول الأول:
أن الولاية تكون للأب، ثم وصيه ثم وصي وصيه، ثم الجد: أب الأب وإن علا، ثم وصيه، ثم وصي وصيه، ثم القاضي، ثم وصيه.
القول الثاني:
أن الولاية للأب ثم لوصيه ثم وصي وصيه ثم الحاكم.
وهذا مذهب المالكية [3] ومشهور مذهب الحنابلة [4].
القول الثالث:
أن الولاية للأب ثم الجد، ثم وصيهما، ثم القاضي.
وهذا مذهب الشافعية [5]، وقول عند الحنابلة [6].
القول الرابع:
أن الولاية تثبت لسائر العصبة أيضاً بشرط العدالة.
وهذا قول عند الحنابلة [7] اختاره ابن تيمية.
أدلة القول الأول:
1- أما دخول الجد في الولاية، فلأنه أب في الحقيقة شرعاً ولغة، كقوله تعالى: ﴿ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إبرَاهِيم ﴾[8].
2- القياس على الإرث حيث يقوم مقام الأب عند عدمه فرضاً أو تعصيباً.
3- أما تقديم وصي الأب على الجد، فلأن الأب أعلم بمصلحة ابنه، فلو علم الجد خيراً له لأوصى له، فلما لم يوص له علم أن الوصي خير من الجد وأصلح للصغير [9].
4- أما تقديم الجد على القاضي؛ فلأن شفقة الجد أكمل من شفقة القاضي؛ لأن شفقته تنشأ من القرابة؛ والقاضي أجنبي، وشفقة القريب أقوى بلا شك، وكذا وصي الجد؛ لأنه مرضي الجد وخلفه فكانت شفقته مثل شفقته، والحكم يرتب على حسب العلة فلذا اعتبر هذا الترتيب [10].
أدلة القول الثاني:
أن الجد لا يدلي بنفسه فلم يل مال الصغير قياساً على الأخ ونحوه [11].
ونوقش:
لا نسلم المقيس عليه، بل الأخ يتولى الولاية بشرط العدالة، وهذا القياس من موطن النزاع، ولا يصح الاستدلال بمورد النزاع.
أدلة القول الثالث:
وقد استدلوا بأدلة القول الأول على ولاية الجد، واحتجوا على تقديم الجد على الوصي بالقياس على ولاية النكاح حيث يقدم الجد على الوصي [12].
ونوقش:
أن هذا يلزم منه ثبوتها للعصبة بشرط العدالة، لأنهم يتولون ولاية النكاح عندكم.
وأجيب عن المناقشة:
بأن مذهب الحنابلة كذلك دون الشافعية، حيث لا تتولى العصبة ولاية النكاح.
أدلة القول الرابع:
1- القياس على ولاية النكاح حيث تثبت للعصبة فكذلك ولاية المال، ولا دليل على التفريق بينهما [13].
2- استدلوا بأدلة القول الأول على دخول الجد، وألزموا أصحاب القول الأول والثالث على إدخال غير الجد قياساً عليه، لعدم الفرق.
3- أن شفقة القرابة معتبرة ولذا قدم هذا السبب على الوصي والحاكم، ومراعاة المعنى يقتضي تعديته في سائر القرابة من الجد والأخ والابن ونحوهم.
الترجيح:
والراجح - والله أعلم - هو القول الرابع:
1- لقوة أدلته ووجاهتها.
2- كون أدلة المخالفين تشهد لهذا القول وتؤيده، وليس فيها ما يقتضي الحصر بما ذكروا.
3- سلامة هذا القول من التناقض والاضطراب، واطراده في أبواب الفقه كلها من غير انتقاض، والله أعلم.
[1] انظر: الفتاوى الكبرى: (5/ 398)، الاختيارات: (137)، الإنصاف: (5/ 324)، حاشية ابن قاسم: (5/ 190)، المستدرك: (4/ 30).
[2] انظر: مغني المحتاج: (2/ 236) وحكى الإجماع في الأب.
[3] انظر: منح الجليل: (6/ 104)، التاج والإكليل: (6/ 649-652)، حاشية الخرشي: (5/ 397 )، حاشية الدسوقي: (3/ 300)، مواهب الجليل: (5/ 71)، حاشية الصاوي: (3/ 389 - 390).
[4] انظر: المغني: (6/ 612)، الفروع: (4/ 316)، المبدع: (4/ 336)، الإنصاف: (5/ 324)، كشاف القناع: (3/ 447)، الروض المربع: (5/ 190)، شرح المنتهى: (2/ 291)، مطالب أولي النهى: (3/ 406).
[5] انظر: روضة الطالبين: (4/ 187)، أسنى المطالب: (2/ 211)، تحفة المحتاج: (5/ 161-177)، حاشية قليوبي وعميرة: (2/ 304)، شرح البهجة: (3/ 127)، نهاية المحتاج: (4/ 374)، مغني المحتاج: (2/ 236).
[6] انظر: الإنصاف: (5/ 324)، المبدع: (4/ 336).
[7] انظر: الإنصاف: (5/ 324).
[8] سورة الحج: من الآية: (78).
[9] انظر: بدائع الصنائع: (5/ 155).
[10] انظر: بدائع الصنائع: (5/ 155).
[11] انظر: المبدع: (4/ 336).
[12] انظر: أسنى المطالب: (2/ 211)، مغني المحتاج: (2/ 236).
[13] انظر: التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح: (2/ 955).
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|