سلسلة كيف نفهم القرآن؟[*]
تفسير الربع السادس من سورة البقرة
رامي حنفي محمود
الآية 93: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا ﴾ وأطيعوا، وإلا أسقطنا عليكم الجبل،﴿ قَالُوا سَمِعْنَا ﴾ قولك ﴿ وَعَصَيْنَا ﴾ أمرك، ﴿ وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ﴾: أي وذلك العِصيان؛ لأنَّ عبادة العِجل قد امتزجت بقلوبهم بسبب تماديهم في الكفر، ﴿ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ ﴾: أي قَبُحَ ما يَأمُرُكُم به إيمانُكُم مِن الكُفر والضلال، ﴿ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ حقًّا بما أنزلَ اللهُ عليكم).
الآية 95: (﴿ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾: أي ولن يتمنى اليهودُ الموتَ أبدًا؛ لِما يعرفونه مِن صِدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومِن كذبهم وافترائِهم، وبسبب ما ارتكبوه مِن الكُفر والعِصيان، ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ وسيُجازيهم على ذلك)، "وفي الآيةِ دليلٌ على إعجاز القرآن الكريم، وأنه كلامُ اللهِ تعالى الذي بيدِهِ كلُّ شيء، والذي يعلمُ كلَّ شيء، فقد طلب اللهُ تعالى منهم تَمَنِّيَ الموت، حينَ زعموا أنَّ الجنة خاصة بهم مِن دون الناس، وأنهم إذا ماتوا دخلوها، فلم يتمنَّوا الموت، رغمَ قدرتِهم على تمَنِّيهِ ولو كذبًا، ورغمَ توبيخِ اللهِ لهم بأنهم لن يتمنوه".
الآية 96: (﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾: أي وأَحْرَصَ مِن الذين أشركوا، يعني تزيد رغبتهم في طول الحياة على رغبات المشركين، أيًّا كانت هذه الحياة من الذِّلَّة والمَهانة، ﴿ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ ﴾: يعني وما تعميرُهُ في الدنيا بمُزَحْزحِهِ من عذابِ الله، ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ ).
الآية 97: (﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾: أي فإنَّ جبريل نزَّل القرآن على قلبك ﴿ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾).
الآية 98: ( ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ ﴾: أي وخاصةً المَلَكين جبريل ومِيكال؛ لأن اليهود زعموا أنَّ جبريل عدوهم، وأنَّ مِيكال وليُّهم، فأعلمَهُم اللهُ تعالى أنه مَن عادى واحدًا منهما فقد عادى الآخر وعادى اللهَ أيضًا، ومَن عادى اللهَ ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ﴾ ).
الآية 100: (﴿ وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾: أي آياتٍ واضحاتٍ تدلُّ على أنَّك رسولٌ مِن اللهِ صِدقًا وحقًّا، ﴿ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ ﴾).
الآية 102: (﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ﴾: أي واتَّبعَ اليهودُ ما تُحَدِّث الشياطينُ به السَّحَرةَ على عهد مُلك سليمان، ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ﴾ وما تَعَلَّم السِّحر، ﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا ﴾ حين ﴿ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾ إفسادًا لدينهم، ﴿ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ﴾: أي وكذلك اتبع اليهودُ السِّحرَ الذي أُنزلَ على الملَكَين (هاروت وماروت) بأرض "بابل" في "العراق" امتحانًا وابتلاءً مِن اللهِ لعباده، ﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ ﴾ - أي المَلَكَان - ﴿ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ﴾ بتعلم السِّحر وطاعة الشياطين، ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾: أي ما يُحْدِثون به الكراهية بين الزوجين حتى يتفرَّقا، ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا ﴾ - أي اليهود - ﴿ لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ﴾: أي أنَّ مَن اختار السِّحر وترك الحق ما له في الآخرة مِن نصيبٍ في الجنة، بل هو مُوجِبٌ للعقوبة، ﴿ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ ﴾: أي باعوا بهِ ﴿ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾).
الآية 103: (﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ ﴾: أي لأيقَنوا أن ثوابَ الله خيرٌ لهم مِن السِّحر، ومما اكتسبوه به ﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾).
الآية 104: (﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا ﴾: أي راعِنا سَمْعَك، فافهَم عنا وأفهِمْنا؛ لأن اليهود كانوا يقولون هذه الكلمة للنبي صلى الله عليه وسلم - يلوون ألسنتهم بها - يقصدون سَبَّهُ ونِسبَتَهُ إلى الرُّعُونة، ﴿ وَقُولُوا انْظُرْنَا ﴾: أي انظر إلينا وتعهَّدْنا، وهي تؤدي المعنى المطلوب، ﴿ وَاسْمَعُوا ﴾ ما يُتلَى عليكم مِن كتابِ ربكم وافهموه، ﴿ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾).
الآية 105: ( ﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾: سواء كانَ هذا الخير قرآنًا أو عِلمًا، أو نَصرًا أو بشارَة، ﴿ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ ﴾: أي بالنبُوَّة والهداية إلى أكمل الشرائع ﴿ مَنْ يَشَاءُ ﴾ مِن عِباده، ﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾: أي ذو العطاء الكثير الواسع).
[*] وهي سلسلة تفسير للآيات التي يَصعُبُ فهمُها في القرآن الكريم (وليس كل الآيات)، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من كتاب: التفسير المُيَسَّر (بإشراف التركي)، وأيضًا من تفسير السعدي (بتصرف)، عِلمًا بأنَّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو شرحُ الكلمة الصعبة في الآية.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك