سقط بين المصلين و...!!
عبدالله بن عيسى
رأيتُ رمضان قد مرَّ، وقد رأيتُه قد مرَّ سريعًا، ولم يمكُث، ولم يلبَث. ومحلُّ العِبرة في هذه المسألة: أن يعلم المرءُ أن عمره يمرُّ على هذه الحال التي لا يشعر بها؛ لأن عمره يمرُّ بهذه السرعة؛ فيومه يهدِم أسبوعه، وأسبوعه يهدِم شَهره، وشَهره يهدِم سَنته، وسَنته تهدِم عمره. يمرُّ يومه، ويمرُّ أسبوعه وشهره.
وهكذا انتهى عامه، وانتهى العام والعام، يوشِك أن يلاقي الله تعالى.
هذه الموعظة تبيِّن للمؤمنين سرعة انقضاء الدنيا، وسرعة إقبال الآخرة، وأنهم ينبغي أن يكونوا من أبناء الآخرة؛ فيستعدُّوا الاستعداد الكافي.
إن ربَّ رمضان هو ربُّ شوال، وربُّ شعبان، وربُّ بقية الأشهُر، وإن هذه الأشهر تمرُّ بهذه السرعة التي يمرُّ بها رمضان، وإن الحازم الحذِر، هو الذي يخاف أن يؤخذ بغتةً؛ فيوطِّن نفسه على الاجتهاد، وعلى الحذَر من أن ينقضي عمره على الغفلة أو المعصية.
وهذه الحال الأولى التي يتَّعظها المرء من هذه الموعظة: أن يعلم سرعة انقضاء عمره، وأنه إذا علم ذلك لم يسوِّف عملَ اليوم إلى الغد، ولم ينتظر ليقول: إن شاء الله... في العام القادم سوف أعتكف، وسوف أبدأ، وسوف كذا وكذا؛ لأنه لا يضمَن عمره، وأنه يوشِك أن ينتهي، وأن يرحل إلى الله تعالى، وهذا يوضِّح ما يكون المؤمنون عليه في كل أحوالهم من العمل الصالح.
وهو قول أنسٍ عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أَرَادَ اللَّهُ تعالى بعبدٍ خيرًا؛ اسْتَعْمَلَهُ)) قال: وما اسْتَعْمَلَهُ يا رسول اللَّه؟ قال: ((يُوَفِّقُهُ لعملٍ صالحٍ، ثمَّ يَقْبِضُهُ عليه)).
ومعنى ذلك: أنه لابد وأن يكون في كلِّ أحواله على أعمال صالحة؛ لأن هذه الدنيا توشِك أن تنتهي على هذا الحال الذي انتهى عليه رمضان، ويفرَّط كما فُرِّط في رمضان، خاب وخسر من أتى عليه رمضان.
خاب وخسر كذلك من أتى عليه عمره فمرَّ على هذا الحال، وهو يقول: غدًا، وهو في الغفلة، وهو في البُعْد، وهو في التَّقصير، وهو في الذُّنوب، وهو في المعاصي، حتى يفاجئه الموت.
أما المؤمنون المتقون - كما قال النبي صلى الله عليه وسلم - فهم الذين في محلِّ محبَّة الله تعالى كما قال: ((إذا أَرَادَ اللَّهُ تعالى بعبدٍ خيرًا اسْتَعْمَلَهُ قَالَ وَمَا اسْتَعْمَلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ)).
والمؤمن لا يدري متى يُخْتَم له.. متى يرحل.. متى ينتقل إلى الله تعالى؛ لذلك كان حذرًا، فيكون في أعمالٍ صالحةٍ في كلِّ أحواله.. حتى إذا انتقل؛ انتقل إلى الله تعالى على عملٍ صالحٍ... حتى إذا انتقل؛ دُلَّ على أن الله تعالى يحبه، وأنه في موضع رحمة الله تعالى به، وإرادة الخير له.
انتهى من كتاب/ حال المؤمنين في رمضان للشيخ محمد الدِّبيسي.
وإليكم هذا الخبر!!! أحبتي في ليلة من ليالي هذا الشهر المبارك وفي احد مساجد تبوك بحي (النهضة)..
كان المسلمون يصلون صلاة التراويح وبين الصفوف كان ذالك الشيخ الكبير ناصب قدميه بين يدي الله عز وجل وفي نفس اللحظة . سقط ذلك الشيخ بين المصلين وقد فارق الحياة في بيت من بيوت الله وفي صلاة فاضلة في شهر فاضل!!!
كان موعد نهاية المداومة على الأعمال الصالحة وكانت من أعظم المواعظ للمصلين ولكل من سمع القصة. رحمك الله أيها الشيخ ذهبت وتركت من خلفك درساً {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}.
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك